كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

الأفكار المعلبة!!



بعض المجتمعات لها قدرات تعليب الأفكار ,  ولكن ليس وفقا لمعايير ومعالجات  التعليب , التي تعني  الحفاظ على المادة  المعلبة  صالحة للإستعمال عند الحاجة وقبل نفاذ الصلاحية.

فقدراتها التعليبية تقضي بالتعفن وبتغيير اللون والطعم , وتحويل الفكرة الصالحة للإستعمال إلى فكرة سامة وبائية التأثير وخطيرة المضاعفات.

فما يتحقق في عالمها الموجوع , أن أفكارها التي تحولت إلى مواد سامة  , راحت تعصف بأرجاء وجودها المعاصر , حتى أصابتها بالغثيان وإضطراب الرؤية , والمغص المعوي والمِعدي الشديد , فأخذت "تزحر" وتفرغ ما فيها من قيم ومعايير وطاقات  نافعة , فتحولت إلى موجودات فارغة , وهياكل تتحرك وفقا لإرادة المتحكم بها , لأن سُمّية الأفكار عالية جدا , وتأثيراتها  قاتلة ومعوقة  لقدرات التفاعل المعافى السليم.

فالتسمم بالأفكار كالتسمم بالسِيَنايد  الذي يمنع الخلايا من التنفس فيقتل الإنسان  في الحال , ذلك أن الأفكار السامة تمنع الأدمغة البشرية من إستنشاق هواء عصرها , وتعتقلها في زنزانة الإمتلاك والإستلاب حتى تصاب بالإختناق والغثيان والإنقراض الحضاري القاسي.

ولو تأملنا الأفكار  الفاعلة في تلك المجتمعات , لتبين لنا درجة سميتها وتأثيراتها القاتلة , التي حولت البشر إلى حالات معادية لوجودها  الذاتي والموضوعي , وأوجدت تفاعلات  مناهضة  للقوة والنماء  والرقاء , فاندحر الوجود القائم في زوايا حادة مسلوبة الأوكسجين  , وممنوعة من التفاعل الحر تحت أنوار الأيام الساطعة.

ولا يمكن لواقع مسموم بالأفكار أن يتقدم ويحل مشكلة واحدة , لأن المسموم لا يعرف إلا أن يحتار بنفسه , والمعاناة من التسمم الذي أصابه , فلا يمكن للمسمومين أن يتقدموا ويتواصلوا بعطاءات ذات أبعاد إيجابية في الحياة , وإنما يصيبهم الخسران بالإنحدار إلى مواقع الضياع والبهتان الأليم.

وهذه المجتمعات لكي تتعافى وتتواصل وتصنع وجودا معاصرا ,عليها إن تراجع الأفكار المتحكمة بسلوكها , والمقيدة لحرية تفاعلها مع الآخرين من حولها وفيها!!

فهل ستمتلك الجرأة والشجاعة لمواجهة نفسها وواقعها؟!

 

طباعة
2014/01/20
2,737
تعليق

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!