صفحة الكاتب : مهدي الصافي

مهنة الكتابة ...وصعوبة الحياة
مهدي الصافي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


ركزت الدراما والفن المصري عموما مسألة اهمية اقتناء الصحف اليومية,وعرضت عدة افلام ومسلسلات وبرامج ثقافية تتعلق بمهنة الصحافة والكتابة والاعلام,وحاولت بعض الدول العربية اتباع التقليد نفسه,لكنها اصطدمت بمسيرة وتراث جامد متراكم ,جعل من مهنة الكتابة وسيلة ترفيهية في مقاهي ورفوف الادباء والمثقفين.
اليوم بعد انتشار ظاهرة الشبكات العنكبوتية الالكترونية,ومحاولة تدوين ونشر الكتب وقراءتها الكترونيا,تزداد المخاوف من تراجع مهنة الصحافة والكتابة الورقية,واحتمالية انحسار ظاهرة اقتناء الكتب ومتابعة الصحف الورقية اليومية,
ولكن هل الكتابة مهنة لكسب المال والاستقرار  المادي?
بالطبع في اوربا تعد كذلك,ولكنها في الوطن العربي تعتبر من المهن الصعبة جدا(عدا بعض الدول كمصر لمسيرتها الطويلة في هذا المجال ولكثافتها السكانية,واهتمام دولة الامارات بهذه الامور التسويقية)
,حيث يعاني اغلب الكتاب والمثقفين والمفكرين من صعوبة الطباعة والنشر,بل ان البعض هو من يتكفل بطباعة افكاره واراءه واطروحاته الفكرية والمعرفية,
وبمقارنة بسيطة بين مهنة الكتابة في الغرب وفي الوطن العربي او العراق تحديدا,نجد ان الغرب وضع برامج سنوية حكومية رسمية, تشمل المكاتب الحكومية الكثيرة المفتوحة لعموم المواطنين,وكذلك المكتبات المدرسية والتربوية والتعليمية,اضافة الى برامج كثيرة تقام لدعم المبدعيين في بلادهم(مع وجود بعض المعاناة لعدد غير قليل من مبدعي الفكر والثقافة السياسية المعارضة للتوجهات الامبريالية),بينما تختلف الامور في بلادنا, وكأن معاناة شعوب تلك الدول لم تكن ثقافية تربوية معرفية,مما جعلها لقمة سائغة في افواه الارهابيين,لاشيء يدعم جهد الكتاب والمثقفين,دائما تبقى الامكانات والانجازات فردية وشخصية بحتة,مع وجود بعض الخطوات الخجولة لطباعة كتاب او اقامة معرض هنا وهناك,
ولكن هل يمكن ان يكون الكاتب موظفا او عاملا?
,في مثل تلك الظروف الكونية الغير مستقرة معاشيا, وصعوبة اقناع الباحثين عن رغيف الخبز ,ان المعرفة او الثقافة او الكتاب اهم من لقمة العيش,
ومع تطور عالم التكنولوجيا ,وانتشاره بين مختلف طبقات المجتمع ,بما فيها الفقيرة احيانا,اصبحت مهنة الكتابة مهنة معقدة ,يصعب اعتبارها وسيلة كافية لكسب الرزق (القصد من ذكر كسب الرزق,ان لايكتب الكاتب ليسترزق من كتابته,ولكنه يريد قوتا له ولعياله لكي يتفرغ للكتابة),ومن جهة اخرى نرى ان البعض يستسهل ثقافة الكتابة لنشر الوعي,ويعدها مهنة تحتاج الى افكار ومواد ووسائل استمرارية جاهزة ومعلبة سنويا(كمهنة كتابة السيناريوهات التلفزيونية او المسرحية),مما يتطلب منه ان ينجز سنويا على الاقل كتاب واحد,والبعض يذهب بعيدا فيعد رصيد رفوف كتبه وسيلة للتفاخر ,والتسابق مع المتنافسين  للتقدم في الصفوف الامامية لقائمة النخب الثقافية,متناسيا اسلوب التكرار والحشو واعادة صياغة الافكار بطرقه الفنية المختلفة المملة,وهذه الحالة وجدتها حتى عند بعض الكتاب العالميين فضلا عن المحليين.
مانود قوله ان كتاب واحد يختزل الفكر الشخصي لاي مثقف ,يشرح ويوضح تحليلاته ووجهات نظره ورؤاه المعرفية, لمجمل مسيرته الثقافية وعلاقتها بالواقع او المجتمعات وبيئاتها,يكفي لكي تتهافت الناس على اقتنائه والاحتفاظ به ,بل والاستشهاد به على مر العصور والازمنة, كما يفعل مثقفي الواقع والزمن الحالي(يستحي المثقفين ان يتكلموا بموضوع ثقافي معين دون الاستشهاد بمفكري القرون التنويرية السابقة),لكن نستغرب احيانا من ان يخرج كاتب مغمور او من الوسط الثقافي العادي ويذكر ان له عشرات المؤلفات التي يبدوا انها استهلاكية كقصص المجتمعات الاوربية الشخصية المنتشرة بكثرة حاليا,
مانود مرة اخرى قوله ان الكتابة يجب ان لاتكون مهنة
 (هذه الحالة لاتخص العاملين في حقلي الصحافة والاعلام)وانما وسيلة المثقفين المكتفين ماديا تبعا لوظائفهم الخاصة لنشر افكارهم واراءهم(وان لايستسلم المثقف لصعوبة الوضع المعاشي,ويحاول ايجاد اي فرصة عمل تعطيه وقتا كافيا للكتابة)
,مع ان الربح المادي الذي قد يأتي لدور النشر والكاتب ليست سبة او نقمة,وانما حق مشروع تماما,ولكن المعرفة يجب ان لاتلتصق بمفهوم الربح والخسارة,وانما بالحاجة اليها, وتبعا للظروف المطلوبة من اصحاب الوعي,الذين يجب ان ينزلوا الى الشارع او المجتمع بقوة مخزونهم الثقافي وتجاربهم الفكري,مع مراعاتهم الظروف الموضوعية المتغيرة لقدرة المجتمعات المالية,وصعوبة حياتهم اليومية,وهذه حالة بالضرورة لايمكن ان تستمر دون قيام الدول الديمقراطية بتخصيص ميزانية كافية لتمويل البرامج الثقافية والفنية,والشروع بتأسيس مراكز للطباعة والنشر الحكومي المفتوحة للجميع,واستخدام اساليب النشر الثقافي الدوري لتلك المراكز المفترضة,الى الان لاتوجد في بلادنا غير مسميات رسمية وظيفية برتوكولية  نقابة الفنانين...اتحاد  الادباء والكتاب..شبكة الاعلام العراقي...الخ.
مهدي الصافي
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مهدي الصافي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/12/16



كتابة تعليق لموضوع : مهنة الكتابة ...وصعوبة الحياة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net