المصالحة الوطنية هي الخيار الامثل لانقاذ العراق من الارهاب ..
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الانهيار الأمني الذي تشهده بعض المحافظات العراقية، وجمود العملية السياسية ووجود إشكاليات مزمنة في مسيرتها، تعود إلى تداخل عميق بين الأزمة العراقية الداخلية والأزمة الإقليمية وانعكاساتها على الحالة العراقية .. لذلك فإن المشهد العراقي بكل أطرافه، سيبقى خاضعا لتأثيرات أزمات المنطقة، لأن العراق اليوم، أشبه ما يكون إلى ساحة أمنية وسياسية مكشوفة، يتم الصراع عليها من قبل اللاعبين الأساسيين في المنطقة ، ولا قدرة لدى العراقيين جميعا، لإنهاء هذه المآزق، إلا بوحدتهم وبناء واقعهم السياسي على توافقات سياسية عميقة بين جميع الأطراف، فالعراق وبعد هذه التجربة المريرة من الصراعات الداخلية والحروب المتنقلة، والقتل والقتل المضاد، والتفجير والتفجير المضاد، لا يحكم على نحو سليم بحيث يسود الاستقرار السياسي العميق، إلا بنظام الشراكة السياسية المتكافئة.. وأي طرف يسعى ويعمل من أجل الاستئثار وتركيز مصادر السلطة والثروة في يديه، فإنه يدشن لمرحلة جديدة من التوترات الأمنية والسياسية والطائفية ، لذلك فإن من ينشد الأمن والاستقرار في العراق، فعليه أن يساهم مساهمة إيجابية في تطوير نظام الشراكة السياسية بين جميع الأطراف والمكونات.. فالعراق بصرف النظر عن مفهوم الأكثرية والأقلية العددية، لا يحكم من قبل طائفة واحدة ، فالعراق لا يحكم من السنة وحدهم، وأي رهان من قبل بعض أطرافهم لتوظيف العمليات الإرهابية التي يقوم بها المتطرفون ضد الشعب العراقي في العملية السياسية، فإنه يقود العراق إلى المحرقة ، كما لا يحكم العراق من قبل الشيعة وحدهم استنادا إلى أكثريتهم العددية، وأي طرف منهم يسعى في هذا السياق، فإنه يؤسس لمرحلة جديدة من التدهور الأمني والسياسي في العراق .. فالعراق الجديد لا يحكم إلا بنظام الشراكة، بحيث لا يشعر أي طرف بالمظلومية ، وحتى يترسخ نظام الشراكة السياسية في التجربة العراقية، من الضروري الانتهاء من نظام المحاصصة الطائفية، الذي جمد العراق، وأدخله ويدخله باستمرار في أتون المكابدات والمناكفات، وهذا بطبيعة الحال يتطلب العمل على بناء كيانات سياسية وطنية، عابرة للمذاهب والقوميات والمحافظات في العراق ، وحدها الكتل السياسية الوطنية التي تضم مختلف الأطياف العراقية، هي القادرة على تفكيك نظام المحاصصة الطائفية، وإدخال العراق في مرحلة جديدة من العمل السياسي الوطني البعيد عن الاصطفافات الطائفية الحادة والبغيضة ،
ستبقى أوضاع العراق الأمنية والسياسية هشة ومخترقة من قبل العديد من القوى والأطراف الإقليمية والدولية التي تعبث باستمرار في أمن العراق واستقراره، إذا لم تتم المصالحة السياسية الكبرى بين جميع أطياف المشهد السياسي ، فلا سبيل لأمن العراق واستقراره، إلا ببناء مشروع وطني عراقي متكامل وتوافقي للمصالحة الوطنية، بحيث تشعر جميع الأطراف أنها ليست مضطهدة أو مستهدفة لأن هذه المصالحة العميقة، هي القادرة على تفكيك كل الحواضن التي ترعى الإرهاب والإرهابيين، كما أن هذه المصالحة، هي التي توفر المناخ الاجتماعي والسياسي لنظام المشاركة السياسية، بعيدا عن نزعات الاستئصال والإقصاء أو نزعات الانتصارات الكاسحة والمصالحة الوطنية الشاملة، هي التي ترفع الغطاء الأمني والسياسي والديني والاجتماعي، عن كل المنظمات التي تستهدف العراق في أمنه واستقراره ، وكل الخيرين يدعون إلى المصالحة الشاملة، وندرك حجم الصعوبات النفسية والاجتماعية والسياسية لهذا المشروع الوطني المهم والحيوي، إلا أن من يبحث عن مصلحة العراق واستقراره ، لا خيار أمامه إلا خيار المصالحة، مهما كانت الصعوبات، ومهما كان حجم التضحيات ،
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat