صفحة الكاتب : عبد الكاظم حسن الجابري

أنا وجسر الشطرة
عبد الكاظم حسن الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الشطرة تلك المدينة الجميلة التي تغفو على احد فروع نهر الغراف شمال مدينة الناصرية , المدينة الهادئة والنابضة بالحياة , مدينة تميزت بإرثها الحضاري من خلال المملكة الأكدية وحاضرها الزاهر المتألق والمتمثل بمثقفيها ومبدعيها الذين تميزوا محليا وعربيا وعالميا .

تمتاز الشطرة بنهرها الجميل الذي يشطرها نصفين ومنه جاءت التسمية يعلو هذا النهر عدة جسور للمركبات وللمشاة , ولكن اكثر الجسور عمقا تاريخيا هما جسر الحاج خيون وجسر السوق او الجسر الرئيسي .

كانت جسورها وخصوصا الجسر الرئيسي شهود على كثير من الاحداث التاريخية التي مرت على العراق من العهد الملكي الي يومنا هذا . وكان الجسر الرئيسي شاهد عملاق على احداث الانتفاضة الشعبانية .

هذا الجسر صار كالفسيفساء المتعددة التي تجمع كل فعاليات المدينة الدينية والثقافية والفنية وصار "سياجه الحديدي" كأنما لوحة اعلان لمن يريد ان يعلن عن فعالية او مناسبة او دعوة او حالة وفاة .

وبعد تميز هذا الجسر بالوان اللافتات الزاهية اثار استغرابي ان هذه الالوان تحولت الى لون السواد وصارت الجهة المعتادة للنشر لا تكفي وتضيق ذرعا باللافتات السوداء المعلنة عن احزان اهلنا التي هي تمثيل لأحزان العراق فصار المعلنون يستخدمون الجهة الاخرى ايضا ليعم السواد ويصبغ وجه هذا الجسر بالحزن .

راودني الفضول والحزن بنفس الوقت لأعرف واستقري اسباب الوفاة ولم هذا الموت الكثير وماهي اسبابه , فنحن اتذكر بصغرنا كنا نعرف نوعين من الموت وهو امأ "شهيد" كما يعبر عنه اي انه قُتَل في حرب العراق وايران او "موت الله" وهذا كان يطلق على من يموت حتف انفه بسبب كبر العمر وكان " موت الله " نادرا ؟

وخلال الاستقراء وجدنا ان السبب الاول للوفاة هو حوادث السيارات , هذا الوحش الكاسر بدأ يفتك بشبابنا فمعظم ضحاياه هم من الشباب 

إن ظاهرة حوادث السيارات تحتاج الى وقفة جدية ونقلة نوعيه في اعادة ضبط النظم المرورية على الطرق كذلك يجب ان تخضع السيارات لضوابط السيطرة النوعية وجهاز التقييس , فنستغرب للان ان كل من يريد ان يستورد سيارة من اي بلد يعجبه يمكن له ان يدخلها للعراق ويسجلها رسميا بدون التدقيق في مواصفاتها كما يحدث مع سيارات "الكامري" التي سٌحِبَتْ منها (20الف سيارة) من السوق العالمية لخلل في المكابح , اضافة الى هذا هو منح اجازات السوق بدون تدقيق او اختبارات حقيقية لمنح الاجازة كذلك غياب التوعية المرورية وغياب الرقابة الابوية .

الامر الاخر من اسباب كثرة الوفيات هو "الارهاب" فترى خيرة شبابنا من المنخرطين في الاجهزة الامنية سواء في الشرطة الوطنية ام الجيش قد تمزقت اشلائهم ولقوا حتوفهم بسبب الانفلات الامني وزجهم في محرقة المناطق الغربية تلك المحرقة التي وقفت للان حكومتنا عاجزة عن اطفائها ., كذلك من طلاب الجامعات وزوار المراقد الطاهرة والكسبة الذين يعملون في بغداد, ان التردي الامني الواضح والخلل الكبير في مؤسساتنا الامنية لازال يفتك بأرواح الابرياء والحكومة لا تتقدم خطوة في هذا المجال بل اصبح الارهاب هو صاحب المبادرة وصار قادرا على الضرب اين يشاء ومتى يشاء وكل هذا والحكومة لم تقم بإجراء اي تغيرات بالقيادات الامنية والسبب معروف اما بسبب الولاءات او بسبب الفساد المستشري في هذه المؤسسات .

السبب الاخر كان الامراض ومنها (السرطان , الجلطة , السكتة القلبية ) هذه الامراض تفتك بالعراقيين ولم نرى ان الحكومة تتقدم ايضا في هذا المجال فلا نرى انشاء مؤسسات صحية او معاهد ومراكز بحثية لدراسة وتوثيق هذه الحالات كما في باقي دول العالم , وحتى المريض الذي يصاب بالجلطة مثلا فلا يتلقى الإسعاف العاجل ولا تلك المؤسسات التي تقوم بواجبها على اكمل وجه .

اخيرا وكما قال وكيل المرجعية الدينية في خطبة الجمعة في كربلاء نرى معدل عمر الفرد العراقي اخذ بالتناقص وصار من يصل الستين محظوظا ولم نرى اي تحرك من الحكومة لدراسة اسباب هذه الظاهرة وبناء المؤسسات البحثية التي قد تسهم في انقاذ حياة الكثير من العراقيين .

21/7/2013


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الكاظم حسن الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/23



كتابة تعليق لموضوع : أنا وجسر الشطرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net