بسم الله الرحمن الرحيم
في آخر كل ليلة..!
وفي الهزيع الأخير من ليلتي..!
وقبل انقضاء أجل الليل بقليل.. وحين يوشوش لي الصباح بموعده القدريّ ..استأذن بقايايَ المعتكفة بين عقيق مسبحتي وبيوت وحدتي..وأختم تراتيل التصوّف التي غدت ماء الروح وثريد البقاء...وأغادر صومعتي ميمّمة شطر صرخة صبحٍ جديد.. لأنعى يوما من عمر الفقد قد ولّى وانقضى.
افتح نافذتي الحزينة المطلّة على نرجسٍ وحيد ، وفلٍّ مترنّح الساق..وبنفسجٍ يتيم..لأتفقّد إن كان ما زال في الحياة بقيّة من نبض ،...فأسرح في غياهب لاوعيٍ يجرجرني لأتلهى بصور الكون المطموس المدلهمّ..فأبكي بقايا نجمات عزباواتٍ تفلّتن من جاذبية الليل بغية لقاءٍ في اللاثبات من ذاك الترامي الكونيّ المهيب الاتساع..وأسافر عبر الضباب العالق في سكك الوصال، أحاول مسح رذاذاتٍ تلبّست عنوة زجاج القلب الرقيق حدّ افتضاح لين الشرايين وهلوسة النبضات..ويرهقني تزلّج الدمع على مساحات الجليد المسترخية بردا على سفوح الروح إيذانا بالتبخّر والشتات وقت تستفيق الشمس اللعوب مبتلعة روح القمر ..
يستبيحني همس النسيم ..ويشعلني الضيّ المتسلل عبر شقوق السماء برقا وحديد..فأتذكّر صباحاتنا المتواريات المتدثّرات بعباءة النسيان..فأستلّ حبال الصوت من توابيتها، وأمدّد بوحي على شرائط الأثير العابثات بتماسكه وأناديه، أناديه وأناديه وأستنهض هممّ الخيال كي يجسّدني وجودا حيّا في قرى ذاكرته، ويحيي صوتي في زقاق مسامعه، ويرسمني وهما حتى أو سرابا عابرا في مدن عينيه ..
اناديه واتبع النداء بالنداء ولا شيء سوى التفاف الصدى حولي تحنانا وإشفاقا..يلملم بكفيه بقايا بحتي المنثورة هباءا في الدروب الممتدة خرابا بيننا..ثم يزفرها في جوف الأثير نتفا ممزقاتٍ تائهاتٍ هائمات في فضاءات الله.
فيا سامع النداء..!
أيها العابر في دروبنا، المستبيح أمكنتنا:
قل لليل، للصبح، للضباب للسراب للنرجس المقتول للسماء المكفهرّة لليمام المسافر في دربنا..
قل للأثير المغموس بدماء مقتلي ..المتقمّص شخوص الفقد فيّ سرابا خادعا..
قل لهم! أني سأبقى ما حييت اتبع النداء بالنداء حتى تأتيني السماء بفتواها وتسلمني للموت قربانا..سأبقى أناديه وأتبع النداء بالنداء حتى يرتّب الهزيع الأخير من ليلتي جنازتي وتواريني توابيت الخفاء..
سأبقى أناديه..سأبقى اشرع نافذتي الحزينة على ذكراه كلما تدانى آخر الليل من شطآن مأتمي واقترب الفجر المذبوح وأتبع النداء بالنداء.
سأبقى وحتى الرمق الأخير من هزيع عمري وليلتي أناديه وأتبع النداء بالنداء..علّ الصوت يسبق نبوءة التردّي والأفول والفناء..
سأبقى أتبع النداء بالنداء؛
لعلّ....
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat