صفحة الكاتب : محمد صالح الهنشير

تاويل في سورة محمد
محمد صالح الهنشير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمان الرحيم 

فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5)

  •  

بسم الله المانع الكافي الشافي محيي العظام وهي رميم , رب العزة والكلمة الفصل , رب محمد وال محمد , المؤمنون , والذين امنوا , - وامنوا بما نزل على محمد - , الايات الاولى من سورة محمد ( او الشهادة) , ايات في معظمها - منساة - وهي مماثلة , مماثلة جزئية داخلية وخارجية , تحسم مسالة الكفر من الايمان في مفهوم القتال والشهادة , ولا تؤخذ الاية الخامسة والسادسة مقتطعة من سياقها لانها - منساة - لا في ذاتها لكن في ترابطها بما هو لاحق وسابق .. فالسورة تبدا بالتاكيد على ان للكافرين ربما اعمالا خيرة لكن بموجب الكفر فالله يضل هذه الاعمال , وكما راينا فالضلال درجات , ولكن الله من منطلق كفرهم سيضل اعمالهم “” وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا “” وهذا تماثل جزئي خارجي , في الدلالة على ان لا فائدة من تلك الاعمال في ميزان حساب الله , لان العقيدة هي المستند , ويقابل هذه الصورة , صورة اخرى مباشرة بعد الاية الاولى , وكما تشمل الاية الاولى الذين كفروا على مختلف ضلالاتهم , فان الاية الثانية المقابلة , تشمل الذين امنوا على مستوى درجاتهم “” والذين امنوا وعملوا الصالحات وامنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم واصلح بالهم “” فالاية تفصل تلك الدرجات , من درجة الذين امنوا الى درجة الذين امنوا وعملوا الصالحات , والاولى مضمنة في الثانية الى درجة الذين امنوا بما نزل على محمد , ولم يذكر الله المؤمنين , لانهم بطبيعتهم معصومون وهم الهادون , والاية تاتي في سياق عدم تعود الذين امنوا مقارعة الكفر بالاقتال والاستشهاد , والله يبين الحد بين فئة الكفر والايمان حتى تتضح الصورة في عقيدة المقبلين على مقارعة الكفر , وبعد هذا التحديد يحثهم مباشرة على قطع الرقاب , لان المسالة مبدئيا حسمت في البال قبل ان تحسم على ارض الواقع , وهذا الشحن الالهي هي ثقافة الشهادة الربانية , ولكن مع ذلك فان الله يحثهم على اداب القتال وقوانينه , لانهم تعودوا سابفا على ممارسات جاهلية “” … فاما منا بعد واما فداءا حتى تضع الحرب اوزارها “” وتؤكد على ان الحرب يبقى حملا وهو ليس مجرد انتقام , ولكنه انتصار للحق وضرورة في حكمة الابتلاء , ويختم الاية بالتاكيد على اصلاح البال , ولكن على غرار الايات الاولى فهذا اصلاح من نوع اخر في مرحلة اخرى “” والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل اعمالهم “” .. وفيها تماثل جزئي خارجي مع الاية الكريمة “” ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون “” ونفس صبغة التماثل في الاية الكريمة “” اولئك الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين “”, ولكل هؤلاء اعتبار اعلى عند الله على درجاتهم , فحتى الذين هم قد امنوا فقط ولم يكتمل ايمانهم بما نزل على محمد عليه واله السلام , من احكام فالله بعد شهادتهم ومن خلال انفسهم الخالدة سيعرفهم تلك القيم وبذلك تصلح عقيدتهم في عالم الخلود لكي يؤهلهم , لذلك قال - سيصلح بالهم - وليس عقولهم لان العقل مرتبط بالفعل والتكليف , اما النفس المرسلة فهي مرتبطة بالبال , والبال هو طبيعة النفس , لا النفس في ذاتها “” سيهديهم ويصلح بالهم = ويدخلهم الجنة عرفها لهم “” .والهداية ان يوريهم الله حقيقة ارتباطهم وموالاتهم , وبعدها يصلح ما نقص في فهمهم وتصورهم, ويؤكد على دخولهم الجنة دون تفرق وانه سيريهم مقعدهم منها وانهم اهل لها قبل دخولها , فلا يدخل الجنة الا نقي على عقيدة سليمة ومنهج قويم, ومن نقص في ذلك ممن ارتضى له الله تلك المنزلة , فانه سيؤهله لها دون حاجة الى العمل لصدقه , واطاعته الامر وبذل نفسه في سبيل الحق , وذلك جزاء من الله فيه رحمة , وذلك مشروط وواضح .. “” يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم “” وهنا هذه الاية تطلق فعل النصرة لا في الاقتتال والشهادة فقط , بل هي اية خيرة منفتحة , فنصرة الله في النفس , ونصرة الله في الاهل , ونصرة الله في اتباع الحق .. والله يجعلنا من انصاره ما دمنا دائبين على قراءة كتابه القراءة المتانية المتدبرة التي تسال وتبحث عن التاويل في نهج محمد واله عليهم الصلاة والسلام .. وسلام الله على المتقين والحمد لله رب العالمين

  • مع تحياتي
  • الباحث والمفكر التونسي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد صالح الهنشير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/11



كتابة تعليق لموضوع : تاويل في سورة محمد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net