الحقيقة المتعارف عليها وجود فارق كبير بين المثقف والمتعلم، المثقف هو الذي يبحث عن النضوج الفكري والعلمي، ولديه القدرة على توظيف ما لديه من المعارف في مختلف الميادين العلمية والأدبية والاجتماعية؛ لتصبح هذه القدرة سلوكية قادرة على التفاعل الايجابي مع كل موقف.
والحقيقة ليس كل شخص يحصل على شهادة جامعية يستحق كلمة مثقف، وهناك الكثير ممّن لا يحملون شهادة جامعية، ويتسلحون بالمعرفة العامة، ويستثمرونها إيجابياً هم الأقرب من صفة مثقف. وقد يكون المثقف متعلماً، وقد يكون المتعلم مثقفاً، فالثقافة تعني الوعي والتنوع المعرفي للمثقف، والقدرة على التأثير بالآخرين.
، لابد ان يحث المتعلم نفسه على الثقافة، وأن لا يكتفي بالوظيفة، عليه أن يتسلح بالمعرفة ويتمتع بالفكر. المثقف يكون صاحب نتاج فكري عليه أن يعمل لتثقيف نفسه، والكثير من الناس يملكون فكراً وثقافة تجاوزت الكثير من امكانيات المتعلمين. كل البشر على جميع مستوياتهم طلاب في مدرسة الحياة، ونحن نتعلم من الأشياء شيئاً، ومن كل شيء شيئاً بسيطاً، والانسان يخوض تجارب الاكتشاف، ويضيفها الى معطيات الادراك، والفارق بين المثقف والمتعلم هي خبرة الحياة، أغلب الأذكياء والعباقرة لا يمتلكون شهادات مثل: ابن رشد الزهراوي، وابن سينا، وأينشتاين، فالشهادة لا تعبر لزاماً عن العقل، بل تعبر عن التلقين، وسر العلم في الفكرة. لا المعارف ولا المعلومات الكثيرة ولا قراءة الكتب تصنع مثقفاً، انما المثقف الحقيقي هو كل من له تفكير علمي نقدي يكشف عن المسلمات والبديهيات السائدة في المجتمع، ويطرح الحلول، ويقارب مسائل وخفايا مجتمعه باعتماد العقل والمنطق، بعيداً عن التحيز والعواطف وقيود السائد، ويكون ذا نصيب واسع من المعارف والعلوم المرتبطة بالمجال الذي يقاربه، وتكون غاية أفكاره الاصلاح والتطور في المنفعة العامة للمجتمع، وهناك أيضاً أشباه المثقفين .و المثقف الحقيقي يتصف بشجاعة فكرية، ويقتحم الجوامد، ولا يعتمد على الأفكار الجاهزة، بل يعتمد على التمحيص والبحث والتحري ويراعي الموضوعية والنزاهة، ويعبر عن رأيه بعيداً عن التعصب والتحيز، يقرأ قراءة تمحيص ونقد.
يتفق الجميع أن المثقف أوسع وعياً، وأكثر إلماماً بالتنوع المعرفي، المثقف لديه قدرة أكبر للتعبير عن الذات، وحصيلة معرفية متنوعة، وعلى المعلم أن يطور ذاتيته الثقافية؛ ليكون مؤثراً، ولديه قدرة على التفاعل مع مجتمعه، والقدرة على الربط والتحليل والاستنتاج واحتواء الأفكار.


التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!