إستهلال :
.. اشراقات لسانية انبلجَ من وحيِّها مفردات لغوية، انحدرت مِن قِمَم معارف لايرقى إليها الطير، مشحونة بلغة ابصارية ولَجَت بقلب ظرفها الراهن لبيان وتبيان مدَى حِرص السيّدتَين الزَهرَاءَ وزَينَب عليهِنَّ السَّلام على واقع ومستقبل الأُمّة مِن خلال حدَثينِ هامَّين انفرَضا بكلّ وقاحَة على الساحةِ الإسلامية،
المُقدَّمَة :
مِن أبرَزِ أساليب ماوظفتهُ السيّدتَين ،هوَ إختيار مكان وزمان الحدَث فكانتا قصَب السَّبَق بتأثيث التأثير الزمكاني لبيان العلاقة الوظيفية مع مضمون الخطاب،
- اسلوب المكاني
-،مسجد المدينة، لِما يُمثِّلَهُ من علاقةٍ شرعية بقضيّة السيّدةِ الزهرَاء حينَ طالبت بفَدَك، ولتبيان خطورة المنع الظالم عمَدَت على بيان حجيتِها فيه،
-مجلس قصر يزيد،ولِما يُمَثِّلَهُ مِن علاقةٍ تنفيذية لإتخاذه قرارًا سياسيًا أوّصَل الأمّة للتشرذم والضياع بشروعهِ قتل الإمَام الحُسَين عليهِ السَّلام ،لذا وجَّهَت الأنظارَ إليه بإعتبار الطاغية يزيد رأس الأفعى، لذا تصدّت لتخرُّصاتهِ الباطِلة بكلِّ رباطة جأش ،
- اسلوب الزماني
ومَا يُمثِّلَهُ مِن أثَرٍ بالغ بطرحهِ سبقًا اعلاميًا يُغذّي حرَارَة الحدَث وَيشدّ الإنتباهِ اليه لتحقيق علاقة تواصلية مابينَ المُرسِل والمُرسَل اليه من غيرِ شرودٍ ذهني ؛ ليجعلا لاسلوبيهما المنتظم وقعًا في أذهان المتصدّين لأدبيات الخِطَاب .
الإسلوب الشمولي للخطبتين :
المُطاَلبة بحفظ العدالة والإصلاح وضمَان إرجاع نِصَاب الحقِّ لأهلِه والضامِن لأَمنِ المُجتَمعَات من الغبُنِ والإجحافِ والإقتِتال والداعيّه ضمنًا بتولي أولي الأمر مِن عبَادِ اللّٰهِ الصالحين لمنع أيّ ارهاصات ينتج عنها إنكساف شمس الحقيقة ولِئَلا تظهر آنفًا افرازات واقع ضلالي صنَمي يُغَيِّب مدارك وبصيرة وعي المُجتَمعات بفرض طاعة عمياء يصوغونها على مقاسات أهوائهم المُظلَّة والتي سوَّرَ حصنَها المنيع النَّبيُ الخَاتَم بوصيّهِ عليّ بن أبي طالب .
فعالية الإسلوب :
حرَصنَّ على قراءةِ واقع خئون ،بدأ يُحرِّك أدواتهِ المُمَوّهَةِ بالتدلييس على حِسَاب الحقّ،للإبقاء على أحكام قبَليِّة مازالوا متَمَسكين بجاهليتها وأدًا للذاتِ المُحتَرمَة ،فعملّنَ على اسعاف شريعة الأبٌ والجَدّ من خلال طرق الصدمة الإسلوبية فحرَّكنَ أدواتَهُن اللغوية بجماليةِِ حسٍّ تعبوي يمتشق لمستقبلهِ العصيب حروف منتجة تُغذّي المعنى؛ ليتشكَّلَ منها خطابًا إبصاريًا يتحرَّك على مسرح الحدَث بإمكاناتٍ ظليعةٍ واعدة تُميتُ بوحيِّها سفَاهَة الأحلام من خلال توظيف صدَى النبرة العابرة لحدود مدَيَات الوعي ،فصَالَت الكلمة بقبضات شفاه مفوّهة بخضَمِ ملاحمَ لسانية شحَنَت كناناتَها ببلاغةٍ علوّية فتمّكَنت بسيميولوجيتها خلق معاني حسِّيَّة أقضَّت الغافلين ؛ لتشحَذَ عقولَهُم بمضامين النبوّة ذي العهد القريب بعدم الأخذ بتفاسير فُصِّلَت طِبقَ عداواتهم السابقة ،وافتراءً زعموا أنَّها من إجماع وحُكم الجمهور.
مقاربات اسلوبية :
-الأنَّة ، اسلوب افتَتَحَت به السيّدة الزهراء مجلس خطبتها،تحصَّلَ منها علامة سيميولوجية
تحمِل الدمعة دالة عاطفية حزائنية تؤسِّس لأنين مجالسِ عزاء آل البيت، ناغت به عزاء السيّدة زينب .
-استهلال الحَمد ، اسلوب حسّي شرَعنَ بهِ كِلا السيّدَتين للإسترسال الغائي ؛ ليعود بالذاكرة لأبجديات صلاة تنهى عن الفحشَاءِ والمُنكَر.
-مُجابَهة الخَصم والرَّدِ علَيه بإسلوبٍ توبيخي، أبرزَ سمو الشجاعةِِ والإقدام لكِلتا السيِّدَتَين وأرسَى دعائِم القوَّة لمنهجيَّةِ طرح الإحتِجَاج المُنَادي بعدالة قضيَّتِهِن ،
السيِّدَةَ فاطِمَة :
،،أاُغلَبُ على ارثيَة يابن أبي قحافة،،
،،أفي كتاب اللّٰه أن ترِث أباكَ ،ولا أرِتَ أبي؟،،
،،لَقَد جئتَ شيئًا فريًّا،،
السيًِدَة زَينب :
،،فمهلًا مهلًا لاتطش جهلًا،،
-الملاسنة ، في كلتا الخطبتَين تضمَّنَتا توثيقا فضحَ واقع ضلالي يركن إليهِ الخصم، بوصفهِ اسلوبا وقِحًا أمام بضعة الرسول وحفيدته؛ ديدَنَهُ مَحوِ وجَاهَتِهِنَّ الرسالية أمَام العوَام .
-التصدّي للخطابة النسائيّة روح ثقافية صدَّرَها عصر الرسالة للأجيال القادمة، تقمَّصَت فيها السيّدَتين جزالة خُطب الوَصيّ بإعتمادِها مرجعية أدبية بلاغية .
- الوقفة الشرعيّة،بظهور السيّدَتَينِ كرَمزَينِ قيَاديَّينِ حِياَلَ تغييب وتغيير العقائد الصالحة لِلزمان والمكان، فنَّدَ زيف الخصم وأبطلَ مُحاولاتهِ بإنكسافِ شمسِ ولَايتِِهِن .
-قدَّمت لنا الخِطبتَين مشهَدًا عصريًا ساوى بينَ الحقوق والواجبات الشرعية للمرآة والرَجُل .
-التعريف بعنوان الشخصية لكِلتا السيّدَتين الجليلَتين، سرَى بالقوم لمعاني جحودٍ عظيم بينَ مدَى إنكارهِم لمظلومية أهل البيت :
،،أيُّها الناس اعلموَا إنّي فَاطِمَة،،
،،بلى تجلّى لكُم كالشمس الضاحية أنّي ابنَتُهُ،،
،،وصَلى اللّٰهُ على جَدّي مُحَمَّد،، .
-اندكاك المعنى في إبراز مظلوميّة أهل البيت أظهرَمحاسن قوّةَ الإسلوب اللغوي والمنتصر بتوأمتهِ للنص القرآني ،
السيّدة فَاطِمَة :
{افَحُكم الجاهليةَ تبغون ومن أحسن ُ من اللّٰهِ حُكمًا لقومٍ يوقنون}
السيّدة زَينَب :
،، وأنّى يُرتجَى مُراقَبةُ مَن لفظَ فُوهُ أكبادَ الشُّهَداء ونصبَ الحرب لسَيّد الأنبياء وجمعَ الأحزابَ وشهرَ الحِرابَ وَهَزَّ السِّيوفََ في وجهِ رسولِ اللّٰه أشدَّ العرَب للّٰهِ جحودا وأنكَرَهُم لهُ رسولا وأظهَرَهُم لَهُ عدوانًا وأعتاهُم على الرَبِّ كُفرًا وطُغيانا،، .
-التزييف التأريخي تكشَّفت أستاره ، من خلال تنهدات نبرة الوجع المسموع من داخل مونولوجيا نص الخِطبتَين ،
-ارادة الفعل المعنوي المُضّمَر والمشحون بصَوت الذات الثائِرة،ومِن توَّقُعِها للآتِ المنشود
حقَّقَ قهرًا طاقيًا بهُوية الخَصم،بتبيانهِ عدوًا مَاكرًا صانِعًا للتلاعُب اللفظي .
-اِفشال المَكر والخِداع بالعسكرة ضِد آلَ البيت ومُحَاولات تغرير العوام على طاعاتٍ عميَاء يصوغونَها على مقاسَات أهوائِهم المُظلَّة بعدَ وفَاة النّبي،سمَا بالخطبتين أن تتصدى لإسلوب إعلامٍ توّثيقي يوضِّح بالبيانِ والتبيين حقَّ المُطالَبَةِ المَشروع بِرَدِّ المظالم والخروج للإصلاح على مرآى ومسمَع الملأ .
اسلوب التذكير بنتاجات زمن الرسالة ،سِمَة إعلام منتج يطرح آثار الماضي ليُعرِّف خطورةَ القادم.
من خطبة السيِّدة فاطِمَة :
{وَكُنتُم على شفَا حُفرةٍ مِن النار} مُذقة الشارب ونُهرة الطامع وقُبسة العجلان،وموطئ الأقدام،، .
-امتدادات نسَقيّة لكِلا الخِطابين ،أمنت إحاطة إستباقيَّة لخطاب لسأتي منفتح على جُمَلِه، أوّهَنَ
الخَصم وأربكَه مِن أن يُزَيِّف بمراوغاتهِ حقائق طلاسِمَها المُستقاة مِن مشَاربَ وحيٍّ لاتظمأ على مر العصور.
-الإستشهاد بتنصيص الآي المحاكي للصورة البلاغية وظفَ لتوأمة احتجاج إبصاري كشفَ زيف إلتزامِهِم بأحكام نصوصه .
-السبك الصوتي (عسَل اللغة )،اسلوب ايقاعي تخلَّل الخِطبتَين برَويٌٍ مُنتظَِم شدَّ بسَجَعِهِ الأسماع .
-انتهاج اسلوب التكثيف، عالجَ خصوصيات زمكانية الحدَث المشحون بشجون هَول المنعِ والمصرَع بسرعةِ بديهيَّته،فاجتازَ بسياقاته وأنساقه الجمالية مديات جزالة الخطاب العربي.
-مفردات بلاغية تمظهرَت بإشارات حِـسٍّ سيَاسيٍّ توعَوي،تصدى ببلاغتهِ فأجزَلَ وأنضَجَ الغرَض، في زحمةِ تشويشٍ اعلاميٍ مغرض ،
جاءَ على لسان السيّدة فاطمة :
،،فلماأختارَ اللّٰه لنبِّيهِ دارَأنبيائه وَمَأوى أصفيائه ،ظهرَ فيكُم حسيكَةُ النقاقِ وسَمَلَ جلبابُ الدين، ونطقَ كاظِم الغاوين، ونبغَ خاملُ الأقلِّين وهَدَرَ فنيقُ المبطلين ،فخطرَ في عرصاتكم وأطلَعَ الشيطانُ رأسه من مَغرِزِه هاتفًا بكم ، فألفاكم لدعوتهِ مُستجيبين ،،
وجاءَ على لسان السيّدة زينب:
،،فتلكَ قلوبّ قاسية ونفوسٌ طاغية وأجسامٌ محشوَّةٌ بسخط اللّٰه ولعنة الرسول قد عشعشَ الشيطانُ فيه وَفَرَّخ ومَن هُناَكَ مِثلُكَ مادرجَ ونَهَضَ،،
-اذكت الخِطبتَين روح المعنى لمحصلات خطابٍ مُجَاهد ينتصر لوجودهِ؛ ليُطَوِّق الأَزمَة .
-اسلوب رشاقة الخِطابيَن ولباقته،عرَجَ لنهضةٍ ثقافيةٍ بقوّة الحجية أوّهَنَت غلَبَةِ الرأي الجاف على قيَم الفكر الخِِصب الحَصيف رُغم العاصفة.
-براعة السَبك التأريخي لكِلتا الخِطبتَين ،اسلوب خِطَابي أنشأَ مضامين ونِتَاجَات إرتقَت المدى الأبعدِ والأوسع ؛ لدِراستهِا ظاهرة ملحمية في مضمار البلاغة تؤثِّث لرؤى وأفكار ثقافية مُتَعدِدَة الأجناس انّبثقت مِن بُركَان الحدَث.
-إسلوب النقل الإستباقي ،
فضحَ هُويَّة الحُكم الأمَوي البَشِعَة التي تمتهن الغزوَات الوحشيّة ذراعَ قوّة بسوِّقهِ بناتَ الرِسَالة سبَايَا كالخوارج..
السيّدة زينب:
،،أمِنَ العَدلِ ياابنَ الطُّلقاء تخدِيرَكَ حَرَائِركَ وَسَوقُكَ بناتِ رَسُولِ اللّٰه سَبَايَا؟،،
وفضحَ هُويَّة الإقصاء لإبنةِ الرسول من بعد وفاته بإنها خرَجت تبحثُ عن إرثٍ دنيوي ..
السيِّدة فاطمة :
،،وزَعمتُم ألَّا حِظوَةَ لِي،وَلا إرثَ من أبي!!،،
أفشا النصَّينِ الخِطَابيَّين بإمكاناتِهِما الإسلوبية استهتارَ الخصوم الواضح بِقِيَم السَّمَاء وَبينَ بِحسِّيَتهِ المُبَاغِتَةَ أَسقاط أقنعَة التأريخ .
-اسلوب التقريع اللفظي
سمَا بكِلا الخِطَابين أن يسّحَبا بِسَاطَ الشَّرعيّة مِن تحتِ أقدام المتصدرينَ للمَشهَدِ السِّياسي وَكَسّرِ سطّوَتَهُم بأنظارِ العوَام، وبإسلوب التَهديد بزمنية الفراغِ والزوال قاَرَعنَّ الخصوم، مِن خِلال التلويح بعرَصَاتِ يومِ القيامَة أنَّ أهل البيت هُم سَادة المَحشَر، حقَّقنَّ بِهَا لمُجَابَهة اخرويّة بالِغة بالتحدي اليقيني ،
السيّدة فاطمة :
،،ونِعم الحكمُ اللّٰه والزعيمُ مُحَمَّد والموعد القيامة،،
السيّدة زينب :
،، لَتَتَّخِذَنَا وشيكًا مغرَمَا،، .
غائية نقل الصورة الخبرية :
-الإسلوب الوصفي للسيّدة فاطِمَة
أمَّنَ حضورًا إبصاريًا بِوَصفّ الحدَثِ السَّابق كاملًا؛ليُجَسِّدَهُ واقعًا احتجاجيًا يُبين من خلالهِ التحوُّلاتِ الجذريّة مابينَ زمَن الجاهليّة وعَصر الرِسالة المدني،فحَقَّقَ استدعاءً زمنيًا ذكَّرَ بمَاضيهِم؛ ليتَوضَّحَ لَهُم ضعفَهُم وهَمَجيَّة العَيشِ وَقذَارَتِه .
،،تشربونَ الطَرق وتقتاتون الورق، أذلَّةً خَاسئين تخَافونَ أن يتَخَطَفَكُم الناس مِن حوّلِكُم،، .
-الإسلوب الوصفي للسيِّدة زينب
نقَلَت لَنَا مشهَدًا مأسَاويًّا بشِجونِ حَدَثهِ كامِلًا،مِن خلال وَصفِ الفعل المؤلم باستهداف الطاغية يزيد للرأسِ الشريف مِمَا دعَاها أن تبِثَ حرَارَةَ لَهيبهِ عِبّرَ الأجيال ،
،، ثُمَّ تقول غيرَ مُتألمٍ ولا مستعظِم،،لأَهلُّوا وَاستهَلُّوا فَرَحًا وَلَقَالوَا يَايزيدُ لاتُشَل،،
مُنتَحيًا على ثنَايَا أبي عَبدِ اللّٰه سيِّدِ شبَابِ أهلِ الجَّنَة تنكِتَهَا بمخصَرَتِك،، .
الإتِّكَاء اليقيني على الدُعَاء :
التذكير بالرمز المظلوم النَّبيُّ وسِبطَهِ الإمَام الحُسَين،هيئا ظرف الخروج بالدُعَاء على الظالمين، جاءَ على لِسَان السيِّدَتين،
السيِّدَة فَاطِمَة :
،،اللّٰهُمَّ أنت أشدُّ قوَّةًوصَولا،وأَحَدُّ بأسًا وتنكيلا،،
السيِّدَة زَينَب:
،،اللّٰهُمَّ خُذ بحقِّنَا وانتقِم مِن ظالِمِنَا وأَحلِل غَضَبَكَ بِمَن سفَكَ دمَائِنَا،، .

التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!