صفحة الكاتب : عبد الحق عبد الله

حوار مع الموتى
عبد الحق عبد الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 خواء مرعب أن يتصدر المجموعة شاب لا يجيد سوى الاعتراض والأسئلة، وكأنه مكتشف أخطاء الدين وقائد ثورة الإلحاد، شعرت أن من واجبي محاورته والإجابة على جميع أسئلته الخاوية والمنفعلة، هل سبق لك أن حاورت الموتى؟

-لا تهتم أنا سأفعلها، الموضوع الذي طرحه كبير الموتى هو الموقف الرجعي بالدين من المرأة/ وحكاية تعدد الزوجات/ وبقاء المرأة في البيت/ والحجاب/ والطلاق في يد الرجل/ الضرب والهجر في المضاجع/ حكاية ما ملكت إيمانكم/ الرجال قوامون على النساء/ نصيب الرجل المضاعف في الميراث/ كل هذه الأمور هي رأس مال هذا الرجل، قبل أن أدخل إلى محاورته تذكرت قولا حكيما للإمام جعفر الصادق "عليه السلام" يقول فيه، (الامرأة الصالحة خير من ألف رجل صالح) ويعني أن الإنسانية في قدر الإسلام لها قيمة واحدة وميزان واحد للكرامة، الميزان الوحيد هو الصلاح والتقوى، وأنا أستجمع نفسي تلوح أمام عيني العناوين التي قراتها مثل (كتاب المرأة في منهج أمير المؤمنين "عليه السلام"/ وكتاب مكانة المرأة في الإسلام/ منزلة المرأة الصالحة عند الإمام الصادق "عليه السلام"/ كتاب الإسلام والمرأة/ وعشرات المصادر التي اشتق منها الدكتور مصطفى محمود حكاية الإسلام مع المرأة، جميع هذه الكتب تذهب نحو البداية،  بداية المرأة ما قبل الإسلام / الإسلام جاء على جاهلية مقيتة، تولد الفتاة فيكون نصيبها الوأد والدفن في الرمال، والرجل يتزوج العشرة والعشرين ويكره جواريه على البغاء، ما جاء به الإسلام من إباحة الزواج بأربع تقييد وإنقاذ للمرأة من العار والموت والاستعباد والمذلة.
سؤال هل المرأة الآن في أوروبا أسعد حالا، الانحلال الشائع هناك وتعدد العشيقات الذي أصبح وأقع الأمر في أغلب الزيجات، أليس أكرم للمرأة أن تكون الزوجة الثانية لمن تحب، لها كافة حقوق الزوجة واحترامها من أن تكون عشيقه السر تختلس المتعة من وراء الجدران، ومع ذلك جعل الإسلام من هذا التعدد إباحة شبه معطلة بوجود شرط صعب للتحقيق هو العدل بين النساء، ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ النساء 129، نفى قدرة العدل حتى عند الحريص، وجدت في تعقيب هذا صدى هو الصمت والذهول وربما شعر الموتى بأن هناك حياة تدب خارج عقولهم، ونشاط روحي وعقلي وقراءة واطلاع وثقافة فاتهم الكثير منها بالانزواء خلف تلك الأسئلة المحنطة، لهذا قال كبيرهم دفعا للحرج وكيف تعلل لي مسألة حبس المرأة في البيوت، قلت اقرأ الآية أولا ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ الأحزاب 23، الوضع الأمثل للمرأة أن تكون أمًا وربة بيت تتفرغ لبيتها ولأولادها، ويمكن أن تتصور حال أمة نسائها في الشوارع والمكاتب وأطفالها في دور الحضانة والملاجئ، أتكون أحسن حالا أو أمة فيها أمهات وبيوت وربات بيوت، والأطفال فيها يتربون في حضانة أمهاتهن، والأسرة فيها متكاملة الخدمات، ومع ذلك لم يمنع عمل المرأة، وكانت في الإسلام نساء مثقفات وشاعرات ويخرجن للحروب ويخرجن للعلم، الآية اختصت بنساء النبي، والخروج لمعونة الزوج في كفاح شريف هو أمر لا غبار عليه، هل أولئك الموتى من الذين كانوا حوله ويصغون إليه باعتباره حقيقة، هم لا يعلمون؟
لا أحد عرّفهم بهذه الأشياء التي هي جوهر الدين أم تراهم يقرأون لا حياة عندهم تنبض بالفكر والتأمل والشعور وكأن كبيرهم يحتضر، أضحك في سري هل يموت الميت مرتين؟
يسالني والحجاب؟
أعدت السؤال إليه بسؤال: ـ هل هو لصالح المرأة أو ضدها؟ 
صدقني ستر مواطن الفتنة يزيدها جاذبية...
على الشواطئ في الصيف ترى الأجساد العارية تفقد جاذبيتها وطرافتها وفتنتها وتصبح أمرا عاديا لا يثير الفضول.
وقبل أن يسأل أجيب عن سؤال توقعت أن يسأله، قلت الإسلام يعطي الزوجة حقوقا لا تحصل عليه الزوجة في أوروبا، الزوجة عندنا تأخذ مهرا وعندهم تدفع، والزوجة عندنا لها حق التصرف في أملاكها، وعندهم تفقد هذا الحق بمجرد الزواج، ويصبح الزوج هو القيم على أملاكها، أنا أدرك تماما عدم جدوى الحوار مع الموتى، لكن على الأقل أجعلهم يشعرون بعجزهم لا بفرادتهم وتعاليهم، أريد أن أقول لهم الإسلام أكبر منكم والدين أعمق من أفكاركم البسيطة، انبرى كبيرهم لي بشيء من الغضب وماذا تفسر لي الضرب والهجر في المضاجع؟
قلت لكبيرهم هل تعلم: إن الضرب والهجر من معجزات القران الكريم في فهم النشوز، لو تقرأ علم النفس العصري في فهم المسلك المرضي للمرأة، يقسم علم النفس المسلك المرضي إلى نوعين المسلك الخضوعي والاصطلاح العلمي (ماسيو شزم) حالة مرضية تلتذ فيها المرأة بأن تضرب وتعذب ويكون الطرف الخاضع، والنوع الثاني هو المسلك التحكمي وما يسمى في الاصطلاح العلمي (ساد زم) وهو تلك الحالة المرضية التي تلتذ بها المرأة بأن تتحكم وتسيطر وتتسلط وتوقع الأذى، ولا حل لها سوى انتزاع شوكتها، وكسر سلاحها وسلاح المرأة أنوثتها، ولذلك يهجرها في المضجع فلا يعود لها سلاح تتحكم به، أما المرأة، الأخرى التي لا تجد لذتها إلا في الخنوع علاجها الضرب (واهجروهن في المضاجع واضربوهن) النساء 34، وأكيد مثل هذه الأفكار التي يطوف بها من موقع لموقع ،هي كل ما يملكه من قوة لهذا نفش ريشه ليقول: 
- وماذا تقول في قضية دعوة الإسلام إلى الرق والعبودية؟
قلت هذا المرتكز أنا الذي أحتج به عليك وليس أنت من يعترض حسب مفهومك، دعني أوضح لك!
وحدث صمت وهدوء عالي ومراقبة مذهولة عرفت من خلالها أنهم فعلا يعيشون الفراغ، هذه المعلومات عندهم غريبة، فتراني كمن يبعث الروح لميت الإسلام، يا أخي هو الدين الوحيد الذي دعا الى تصفية الرق، دعنا نقرأ الإنجيل (أيها العبيد أطيعوا سادتكم بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما الرب) وفي التوراة هناك ما يؤكد الاسترقاق، والقران أول كتاب سماوي يتكلم عن عتق الرقاب، كان مصدر الرق هو استرقاق الأسرى في الحروب، والنبي "صلى الله عليه وآله وسلم" كان لا يأخذ الأسرى أرقاء، وكانت خطة تصفية الرق بالتدرج، الله سبحانه يقول
 ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ الحجرات 1
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ الأعراف 189 
﴿وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ﴾ آل عمران 64 
الله سبحانه وتعالى عهد إلى المرأة أعظم أمانة هي تنشئة الإنسان نفسه، فهل ظلم الإسلام النساء؟  اختفى كبير الموتى، ولم أسمع له صوتا بعد تلك المحاورة، ربما انتفض عن موته ليدرك الحياة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الحق عبد الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/10/21



كتابة تعليق لموضوع : حوار مع الموتى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net