كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

سيد حسين كهنموئي رياضي تبريزي فخر الرثاء الحسيني في أذربيجان

المقدمة
نتكلم في هذا المقال عن علم من أعلام النهضة في مدينة تبريز، الشاعر الرثائي الثوري، والمفسر التربوي البليغ، والمربي الكبير، وأستاذ النحو والرياضيات:
إنه السيد الأستاذ حسين بن الحاج مير أحمد آغا التاجر، ويعرف أدبيًا بـ (كهنموئي) وكذلك يعرف بـ (رياضي تبريزي).
ولد سنة 1318هـ (1901م) في حي خيبان بمدينة تبريز، وكان والده تاجرًا معروفًا في تبريز.
السيد حسين كهنموئي كان منذ طفولته محبًا لطلب العلم والمعرفة، فتعلّم العلوم الأساسية في الكتاتيب، وكان يجيد اللغة الفارسية والفرنسية والإنجليزية والعربية، إضافة إلى لغته الأم التركية الأذربيجانية.
مكانته
كان يقيم جلسات لتفسير القرآن الكريم ونهج البلاغة والصحيفة السجادية، وكان أستاذًا بارعًا في الرياضيات، وأستاذ النحو والصرف والبلاغة.
كما كان أحد وجوه مدينة تبريز البارزين، ونظم الشعر باللغات التركية والفارسية وربما العربية أيضًا، وإن لم يصل إلينا حاليًا حيث لم يُطبع من شعره إلا القليل.
للشاعر رياضي كهنموئي مكانة كبيرة في أدب الرثاء الحسيني، ويُعد من أبرز شعرائه البارزين، بل يُعد في مصاف الشعراء الكبار مثل: صراف، راجي، دلريش، قمري، دلسوز.
كهنموئي تبريزي أثّر على جيل الشباب في عصره، كما أثر على الشعراء الذين أتوا من بعده، ومنهم الحاج صالح طائب.
وعلى الرغم من سمو مكانته وعلو منزلته، فقد انتشرت قصائده انتشارًا واسعًا في أرجاء أذربيجان وإيران وشمال العراق، حتى غدت على كل لسان، مع أن كثيرًا من الناس لم يكونوا يعرفون قائلها.
المفسر والأستاذ
الأستاذ كهنموئي درّس التفسير على مدى عقود، وقد ألّف كتب التفسير باللغتين الفارسية والعربية، أما الإنجليزية فلم يُكملها.
وقد جذب الشباب إلى دروسه، فقد كان يدرس نهج البلاغة والصحيفة السجادية، وكان إمام جمعة حيث أقام أول صلاة جمعة في جامعة تبريز سنة 1380هـ (1960م).
تعرض للمضايقات بسبب نفسه الثوري وذكره المشاكل الاجتماعية في تبريز آنذاك.
شعره
شعره سهل، واضح، غير متكلف.
وشعره الرثائي لم يقتصر على اللوعة والعاطفة فقط، بل فيه من العبر والحكم الكثير والبعد الإيماني والثوري.
كما ربط الشعر الحسيني بالواقع الاجتماعي، فكان يدعو الشباب إلى الاقتداء بالإمام الحسين (ع)، ورفض الظلم والاضطهاد، والسعي نحو إصلاح الواقع، وعدم السكوت عن الأوضاع السيئة التي كانت تمر بها تبريز أثناء حكم الدولة البهلوية.
حيث يقول في إحدى قصائده:
شایع اولدو خلق ایچینده رشوه و زور و خیانت
اولماسا اصلاح اوضاع، باغلانیر باب دیانت
حفظ دین لازمدی، خالق تاپشوروب دینی امانت
بذل مال و جاندی دینه، اهل دینون مدعاسی
وفي هذا المقطع الشعري يؤكد أن انتشار الرشوة والفساد يتطلب من أهل الدين والبصيرة ردعه والوقوف بوجهه، وإلا فما فائدة ادعاء التدين، والدين أمانة في أعناقنا، وأهل الدين الحقيقيون يبذلون أموالهم وأنفسهم في سبيله.
مؤلفاته
• مختصر الصرف والنحو.
• تفسير القرآن الكريم باللغة العربية.
• تفسير القرآن الكريم باللغة الفارسية.
• تفسير باللغة الإنجليزية ولكنه لم يُكمل.
• ديوان كهنموئي، جمعه الأستاذ محمد حسن عبد يزداني وطُبع سنة 1998م بمجلدين.
• مدرسة كربلا (مكتبي كربلا) طُبع في حياته.
قصائده
جاء في إحدى قصائده بكتاب مكتب كربلا:
اي حسينيلر حسينون آنليون منظوريني
گون کیمی باتدی اوزی آرتردی دینون نورینی
أيها الحسينيون، تمعنوا في أهداف الحسين (ع) ومقصده، فقد غاب كالشمس ليزيد نور الدين إشراقًا.
قتلگاه کربلا ده آچدی دانشگاه دین
فتح الامام الحسين (ع) بمقتله جامعةً للدين
هر كيم اسلامه ايده خدمت اولار منظور حق
(كل من أراد أن يخدم الإسلام فهو في رعاية الله تعالى)
دينه توهين ايلسه هر كس اودور منفور حق
(ومن أراد توهينًا بالدين فهو بعيد عن طريق الحق)
دين و قرآن و شریعت نور حق دور نور حق
اي حسينيلر حسينون آنليون منظوريني
وبعد أبيات حكمية ووعظية ورثائية يصل سيد كهنموئي إلى المقطع الأخير من هذه القصيدة فيقول:
كهنموئي قورتولور عمرون گیجه گوندوزلرون
اولماسا عبرت عبثدور آغلاسا قان گوزلرون
ياز بو اشعاری قالا سندن صورا بو سوزلرون
اي حسينيلر حسينون آنليون منظوريني
يا كهنموي، تنقضي ليالي عمرك وأيامك، فإن لم تأخذ العبرة، فبكاء العيون بالدماء عبث. اكتب هذه الأشعار، لتبقى كلماتك من بعدك. أيها الحسينيون، تمعنوا في أهداف الحسين.
ويقول في قصيدة أخرى بعد استشهاد أبي الفضل العباس (ع):
قارداشیم عباس ئولوبدور قامتیم خم دور باجی
بو مصیبت هامی پیش آمددن اعظم دور باجی
قد رحل أخي العباس، وانحنت قامتي يا أختاه، وهذه المصيبة أعظم من كل ما جرى يا أختاه.
قالوا فيه
• ذكر آية الله الشهيد السيد محمد علي قاضي طباطبائي في سيرته الذاتية:
«توفي الأستاذ السيد حسين كهنموئي في الخامس والعشرين من شوال المكرم سنة 1395هـ، يوم استشهاد الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، توفي ودُفن في مقبرة مرلان (البقيعة) بتبريز، وصليتُ عليه. كان رجلاً يقظًا، عالماً فاضلاً، ورعًا، صادق الصداقة والمعاشرة، واسع الاطلاع في التفسير، ذا محبة صادقة للقرآن والعترة».
• صحيفة همشهري:
«من شعراء آذربيجان العظماء وصاحب الأسلوب الأدبي الواسع الشاعر الراحل السيد حسين كاهنموي التبريزي، الملقب بـ"كاهنموي" و"الرياضي"، يُعتبر الراحل كاهنموي أبًا للأدب الثوري».
• المركز الوثائقي الإسلامي:
«وقد أعاد المرحوم حجة الإسلام الشيخ حسين لنكراني نشر بعض قصائده الثورية وتوزيعها في طهران».
• سيرة العلماء بالفارسية:
«في طفولتنا، كان هناك سيدٌ لامعٌ في تبريز يُدعى آغا السيد حسين كهنماوي؛ كان فاضلاً للغاية وغير معروف. كنتُ مراهقًا وحضرتُ مجلس شرح الصحيفة السجادية الخاص به. كان يتمتع بطبيعة شعرية، حيث كان يستخدم أحيانًا اسمًا مستعارًا مثل ماثاي وأحيانًا أخرى رجائي. كان يكتب قصائد لطيفة وصادقة سرعان ما انتشرت في مدن مختلفة، وكان صادقًا للغاية! هذه القصيدة الشهيرة، التي أصبحت لغة حضرة زينب الحالية بعد استشهاد حضرة أبي عبد الله (عليه السلام)، تنتمي إلى هذا السيد».
• كتابشناسي اختصاصي امام حسين (ع) للأستاذ حشمت الله جعفر علي بور:
«1255 – مكتب يا وقايع دهه عاشورا، تأليف السيد حسين كهنموئي. تبريز، 1380هـ ق. الجزء الأول، 251 صفحة، قطع جيبي، باللغتين التركية والفارسية. (انظر: مشار، فهرس الكتب الفارسية، ج 2، ص 3106)».
• في كتاب معجم ما كتب عن الرسول (ص) وأهل بيته (ع) للأستاذ عبدالجبار الرفاعي:
«19977 – مكتب يا وقائع دهه عاشورا. (تركي وفارسي). للسيّد حسين كهنموئي. تبريز: 1380هـ، مج 1، 251 ص، 17 سم. أنظر: فهرس مشار 4922».
•ذكرت احدى قصائده في كتاب" براوجليده تراثي سينه زنلار " مما يدل على انتشار شعره في شمال العراق وعند التركمان خصوصا
وفاته
توفي شاعرنا المبدع والأستاذ الموسوعي سيد حسين كهنموئي في 25 شوال 1395هـ (1975م)، ودُفن في مقبرة مرلان بمدينة تبريز في يوم استشهاد الإمام جعفر الصادق (ع).
في حين توفيت زوجته (رحمها الله) سنة 2002م.
وعلى الرغم من دوره الكبير في الأدب التركي والأذربيجاني إلا أن الدراسات الأدبية والتاريخية والاجتماعية بحقه قليلة جدًا وتكاد تكون معدومة.
فقامة علمية مثل السيد حسين كهنموئي يستحق منا الكثير والكثير ليكون قدوة للشعراء وللأجيال المقبلة.
تغمده الله بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!