كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

حوارية الهزيمة : نص مسرحي

 [الشخصيات : 

الرجل الأول 
الرجل الثاني

الزمان : 

بدءاً من عام 61 للهجرة 

المكان :
في بقاع المسلمين كافة 


اللوحة -1- 

( الاجواء في تاهب ...بعد مقتل مسلم بن عقيل ...الكل يتوقع وصول الحسين بن علي ( عليه السلام ) في اية لحظة .....) 

( يجتمع المسور بن محرمة – عبد الله بن جعفر-ابو بكر المخزومي – عبد الله بن جعده- جابر بن عبد الله – عبد الله بن مطيع – عبد الله بن الزبير- الطرماح بن الحكم ....وينادون وهم يشعرون سيوفهم نحو السماء)

- بايع ...واترك عنك هذا الامر .....( يكررون مرتين) 

( يأتي صوت من معسكر الحسين الذي فيه فقط عمامة وسيف وقران )

- لا محيص من يوم خط بالقلم ....( صدى لهذه العبارة في اجواء المسرح)

هدوء يلف المسرح ...بعد لحظات يرفع الاذان كاملا) 

(الرجل الاول  يرتدي نصف اسود ونصف ابيض حتى وجهه يظهر بنصف اسود وابيض )

الرجل الاول : ها ها ها ....( محمد ) يرفعون باسمه الشهادة ويقتلون ابن بنته ها ها ها ها 

( الرجل الثاني يرتدي كما يرتدي الاول يقول باسترخاء تام )

الرجل الثاني : لا دخل لنا بصراع السلطة .....!

الاول : لكنك كنت تجانب الرسول وهو يقول عن الحسين بانه منه وهو ريحانة اهل الجنة 

الثاني : اذن لماذا لا تذعن له وتحارب معه ؟

(الاول بتحير يصدر صوت دلالة على البحث عن اجابة )

- ما لنا وصراع السلطة ( يطلق ضحكة ملء شدقيه ) 

المجموعة تردد :

- الا من ناصر ينصر الحسين ( 3 مرات ) 

( الرجلان يصمان اذانهم ويبان عليهما الانزعاج من هذا الصوت فيرددا معا )

- كفى كفى كفى ما هذا الصوت المزعج ....؟!

تردد المجموعة :

( لعنه الله من سمع واعية الحسين ولم يجبه .....اكبه الله على منخريه بجهنم من لم يجبه...)

الرجل الاول : انا لدي اطفال اعيلهم...واب ضرير ...فما بالك انت ايها الاحمق ...تتخلف عن نصرة الحسين ابن بنت نبيك ...؟

( الثاني بتحير وكأنه يبحث عن سبب) 

- انا لدي زوجة قد قاربت على الولادة واما تحتضر ....؟

الاول يضحك :
- سبب وجيها لكي تترك العمل بالقران الذي تختمه كل شهر ....( يستمر بالضحك) 

المجموعة تردد : 

قد اقبل الحسين 
قد اقبل الحسين
قد اقبل النور 
الى العراق....
اين الذين كاتبوه...طلبا للغوث...اين الذين بايعوه على النصرة؟

( يظهر على المسرح رجل كهل – حبيب بن مظاهر الاسدي – يتجه نحو مجموعة اناس
( عشيرته ) وبصوت شجي يناديهم )

- يا جناحي الذي به اطير ...ها هو ابن بنت نبيكم قد اقبل...ويستصرخكم النصرة والإعانة ....

( بانتومايم – يجمعون إغراضهم ويرحلون بدون قول كلمة واحدة) 

(صوت من الخارج) 

- لا نقبل ان نكون طرفا في نزاع لا طائل منه .....( لن نقبل ) بصوت اعلى ....

المجموعة تردد : 

لا طائل لهم ...ماتت ارادتهم .....(مرتين )

يزيد يخنق موقفهم ...لا طائل لهم ..ماتت إرادتهم ...

( لا جدوى يا حبيب لا جدوى)

( الرجلان معا متوجهان الى معسكر الحسين )

- ان اهل الكوفة غدروا بابيك واخيك ...اذهب الى اليمن ...واترك عنك قتال هؤلاء فأنهم لا يملكون ذرة رحمة في قلوبهم ....!

( صوت من معسكر الحسين )

- اين الذين قالوا اقبل فان لك جند مجندة ...اين الذين وقعوا العهود ؟

المجموعة :

نكثوا العهود 
نكثوا العهود 
مع ابن عليا...!

( الرجلان معا)

- غدروك كما غدروا بابيك ....هذا ديدنهم ...ماتت إراداتهم ...

المجموعة :
الا من ناصر ينصر الحسين 

الرجل الاول : اواه هذا النداء يقض مضجعي ..متى يتوارى صاحب هذا الصوت لأستريح 
( يؤكد ........أستريح) 

الرجل الثاني : لكننا قلوبنا معه يا هذا ؟!
ولكن سيوفنا ( يؤكد ) سيوفنا مع ابن زياد ....!

الاول بهستيريا :

- نعم نعم فالفرد يحشر مع من يحب ...
( يستمر بالضحك) يرد عليه الثاني :
- الفرد يحشر من مع يحب...حجة لا تُرد ( يضحك بهستريا )

المجموعة : 
الحب بالافعال وليس الاقوال
الحب بالمواقف وليس التظاهر
حسب الرجال ان يقولوا نحب الحسين ونتولاه ثم لا يكون ذلك فعالاً

(صوت العلويات من معسكر الحسين )

- العطش العطش ....

( يبحث الرجلان عن مصدر الصوت في ارجاء المعسكر وكانهم يوهمون انفسهم بعدم معرفة مصدره)

( صوت لنساء من الخارج ) 

- لا شغل لنا مع السلاطين 

( ينسحب الجميع من المسرح )

(ظلام) 

اللوحة -2- 

( الرجل الاول يجلس على كرسي اسود...بعض ثواني يدخل عليه الثاني ..إضاءة من الأعلى على الاول ....وصوت من المجموعة )

- الا من ناصر ينصر الحسين 

الرجل الثاني : الم تعزم بعد على نصرة الحسين 

الاول : انا متحير بين المعسكرين 

(الثاني بهستريا )

- ها ها ها وهل ثمة اوجه مقارنة بين ( بهيبة يقولها ويرفع يده للأعلى ) الحسين بن علي حفيد نبيكم وبين ( باستهزاء ) يزيد الفاسق الفاجر اكفر الناس واخبثهم الذي يزني بالامهات ويذهب للصلاة مخمورا.....!

الرجل الاول : ولكن ؟
الثاني : ولكن ...

( بتسارع يكلما بعض)
الاول : هذه الدنيا جميلة لا يمكن لعاقل التفريط بها
الثاني : اولادي اهلي حلالي ...اواه ..........كم امقت وجهك يا هذا ....
ما الذي جاء بنا لهذه الارض الخبيثة ...

المجموعة : 
الدنيا تغويهم 
الاموال والزوجات تستعبدهم 
ماتت ارادتهم 

( الرجلان معا متوجهان الى الجوقة ) 

- ومن لا يحب زينة هذه الدنيا ....الاولاد ...الاهل ....الزوجة ...الهواء 

المجموعة : 
(إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) 

الاول : الحسين يرمي نفسه بالتهلكة ..الم يجلب له عبد الله بن جعفر كتاب الأمان من والي بني امية في مكة ...لماذا لم يذعن؟

المجموعة : 
التهلكة ان يتسلط حاكم فاجر باسم الاسلام !

الثاني : تبا يزيد يزني بالامهات ويصلي مخمورا لا يمكن ان يكون اماما للمسلمين لا يمكن 
(يصرخ ..........لا يمكن)

الاول : ولكن الا ترى ان معسكر الحسين قلة زائلة لا محال ...أيعقل ان تكون الالاف التي زحفت لمحاربته على خطا وهؤلاء القلة الفانية على صواب.....( باستفهام للثاني ....هل يعقل)

الثاني : حقا انت معتوه ضاعت مقاييس التفرقة لديك !

المجموعة :


واكثرهم للحق كارهون

واكثرهم لا يعلمون

واكثرهم لا يعقلون


الثاني : اني بدات ادرك تماما ان للحسين شاناً في السماء اعظم من الارض...ولكن ان يبايع يزيد خير من ان يقتل 

( صوت من معسكر الحسين) 

- الموت لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة
الاول : ولكن الجميع يطلب من الحسين عدم التسرع حتى الاحنف بن قيس الذي رافق عليا بعث له رسالة يقول له تريث يا بن عليا 

الثاني : ويدع الحكم لفاجر يام المسلمين مخموراً ...الحسين ادرك انه مقتول حتى لو تعلق باستار الكعبة ...لن يتركوه بني امية حتى يبايع ...


( الثاني للاول) 

- تصور حتى ان عبد الله بن الحر الجعفي لم يقدم للحسين سوى فرسا واجدا ....

الاول : فرسا واحدا ( بتعجب)

الثاني براحة وطمانينه :

- نعم نعم فلا تتصور ان التاريخ سيلعننا لو تخلفنا عن نصرة الحسين ..لان فقهاء الكوفة كشريح تركوه ....ثم لا تخف فالتاريخ سيدون من قبل الأمويين ...


الاول : ولكن هل تظن ان يزيدا سيرضى بموقفنا المحايد ...الم تسمع بوالي البصرة الذي اخذ رسول الحسين واعطاه الى عبيد الله بن زياد حفاظا على نفسه ...

الثاني بتحير :

- ها ...........

( صوت من معسكر الحسين للعلويات ...)
- العطش العطش 

الرجل الاول : هذا الصوت يقطع نياط قلبي ...يجبرني ان اصم اذني حتى لا اسمع صداه في احلامي...ويقظتي...

الثاني : متى ينتهي هذا الكابوس الذي جثم على صدورنا...متى ينتهى ( يصرخ) 

اللوحة -3- 

( صوت الفرسان تجعجع بمعسكر الحسين ..يختلط مع صراخ العلويات )
( لحظة سكون )
( صوت العلويات الصغار)

- الماء يا عماه ...القربة يا عماه ...

( صوت من معسكر الحسين )

- واغوثاه ...واقلة ناصراه ....

( صوت شمر بن ذي الجوشن)

- لا تشربوا ابدا حتى تشربوا الحميم 

( صوت من معسكر الحسين )

- الا من مغيث يغيثنا لوجه الله؟ الا من ذاب يذب عن حرم رسول الله )

( يظهر الرجل الاول على المسرح وكانه سمع النداء وفزع من نومه)

- الحسين ...الحسين ...الحسين ..الن يكفُ عنا بنو علياً...الا يكفي ما اخذه عليا منا ...

( يظهر الرجل الثاني وهو يحمل بعض المؤنة)

- ربما ( مستدركا) بل حتما سيقودنا هذا الصوت الى الموت سواء اجبناه ام لا!

الاول: ان قاتلنا معه فلا مناص من الموت ...وام لم نجبه ستحل علينا لعنة بنو الرسول..

الثاني : هذا يعني ان الموت قاسما مشتركا بين المعسكرين 

الاول : ربما ولكن ثمة فارق ان الحسين يوعد إتباعه بجنة الخلد ( المؤجلة) ويزيد أوكلهم الى جنة من الملذات والشهوات ...

الثاني : اواه انه اختبارً صعب ...!

المجموعة :
( احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتتنون ) 

الثاني : لم يخامرني شك ولو للحظة بان يزيدا فاسقا وان الحسين على حق ....ولكن محال ان ينتصر الحسين على هذا الحشد الكبير !

المجموعة : 


إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ


وتستمر المجموعة : 

الا من ذاب يذب عن حرم رسول الله


الاول : يا الهي هل علي ان اطيق هذا الصوت الشجي..انه يورقني انه يفطر قلبي...ولكن ما الجدوى ...سيسقط صريعا....اجل سيسقط الان او لاحقا...اوووه لقد ملئت نفسي ضيقا وحرجا


الثاني : يزيد جلاد لا يتورع عن سفك دماء المسلمين ...وهؤلاء المنقادون تحت لواءه عقول بليدة...لا شان لهم سوى الاكل والنوم ...!

الاول : مالي ارى الأجواء متعكرة غاضبة كئيبة وكانما الدنيا اقبلت على الفناء...وكانما تدير بظهرها لكل الفرقاء....

المجموعة :

فوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ...كالحجارة ...

الاول : ازعاجات ازعاجات ازعاجات ...ازعاجات مستمرة...( بهستريا) ازعاجات كثيرة ..وكان الدنيا على مفترق وكان لا طريق الا خوص حرب لا مكانة لنا فيها...

( الاول يجلس ويطاطا رأسه ارضا)

- ولكنه الحسين .....
( صمت .........ظلام ويعاد الضوء بعد برهة ) 

( الثاني بانبهار )

- سيسفر الصبح ومعسكر الحسين يتلألا نورا ويشع ضياءا وهؤلاء ( يؤشر الى الجانب الاخر)

- لا يطرقون اجفانهم الا بامر يزيد....(بغضب) دمى اصنام أحاسيسهم مشوهة ...عبيد مقيدون باغلال الدنيا والمال ...

الاول : ويحك الا تدري من في معسكر الحسين ....العباس علي الاكبر الحسين القاسم ..انهم البقية الباقية من ثقل النبوة ...
( الثاني للاول)
اذن ما الذي يكون حائلا بيننا وبين هذا المعسكر ...

الاول : اه اني حائر لا اعرف ما الذي ينبغي ان نفعله ..
( مع نفسه )

- حقا ان هذه الحرب اساس بلاءنا وشقائنا...( يضرب كفا بكف )


الثاني : الحسين يوشك ان ينهي هذه الوقفة ...


الاول : كيف ؟

الثاني: يقال انه استنفذ كل الحجج لهداية معسكر يزيد ..

الاول : وماذا يدور في خلد الحسين .....؟!


( صوت صهيل خيل يسبقها طبول ) 

(ظلام شيء فشيء يخيم على المسرح )


اللوحة -4- 

( صوت اذان ...ينقطع ) ( المسرح مظلم ) ( صوت من الخارج )

المجموعة : 
اتستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير ؟

( اضاءة يدخل الاول مسرعا وكانه خارج من نقاش مع الثاني ) 

الاول : لا تضع هذه المقارنات فاني اشمئز منها ...يزيد وما يملك لا يساوي شسع نعل الحسين ...
الثاني : كلام لا يتجاوز التراق..

الاول : بل اقرار ( بعصبية)

الثاني : بلا موقف 

الاول : اووه لا تكرر خبثك امامي ...قلت لك سابقا هناك ما يبرر وقوفي محايدا...
( يضحك ....لكن اسال نفسك يا هذا )

الثاني : هؤلاء يتبعون يزيدا كما اتبع قوم موسى عجل السامري ...فما فرق الاصنام عن بني امية ...الامر سيان ( يؤكد قائلا لا فرق) ...اوغاد ...يتلاعبون بمصائر المسلمين ...


الاول : لكننا ننتظر للامر بعيون اخرى ...


الثاني يضحك :


- قصدك العيون التي تخشى على مصالحها من الضرر...الذي سيسببه يزيد لو خضنا هذه الحرب مع الحسين ....؟!

الاول : تبا ...للوضع المزري الذي نحن فيه 


الثاني : انها دائرة ستدور بامثالنا عبر التاريخ


الاول : ياليتنا لم نمتلك هذا الوعي ...ياليتني لم اعرف الحسين كل هذه المعرفة ..

الثاني : هذا الوعي سيقودنا للجحيم ..

الاول : الجحيم ...( بتعجب ) (صمت ) ( بكاء) 


( صوت شجي من خلف المسرح ) 

- الا من ناصر ينصر الحسين ( يكرر)

الاول : الم تنتهي هذه الحرب بعد ...؟

الثاني : لن تنتهي الا بقتل الحسين ...

(صوت صدى في المسرح )

من يقتل مؤمنا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) 

( الاول يجثو على ركبتيه ) 

- قتل الحسين !!

الثاني : اشهد اني سمعت ذلك من جده وابيه واخيه 


الاول : اذن نحن سنكون من الذين قالوا سمعنا وعصينا ..

( صوت فرسان تجعجع بمعسكر الحسين ..صراخ وعويل الاطفال) 

الثاني : اني لأرى معسكر الحسين كسفينة نوح 

الاول : يا للهول سنوصم بالعار ما حيينا ..لنلتحق بفسطاط ابن فاطمة

الثاني : ( يصرخ ) 


- كيف كيف كيف ( يدور بإرجاء المسرح ) ( ظلام )


( اصوات طبول ..أبواق ..تثير الرعب في نفسيهما ) 

الثاني للاول  :


- انظر الى اصحاب الحسين ليس بينهم وبين الجنة الا ان يميل عليهم هؤلاء بسيوفهم ...

الاول : والعباس واخوته قد رفضوا طلب شمر بن ذو الجوشن الذي منحهم الامان ...

وعمرو بن الحجاج صار يمنع الماء عن أطفال العترة...وهو الذي رافق ابا الحسن دهرا ..


الثاني : اختلطت الاوراق!!


الاول : بهكذا مواقف لا يمكن ارجاء القرار ليوم اخر

الثاني : اذهب انت 

الاول : لن اخاطر وحيداً...

الثاني : ولكن 

الاول : ولكن ماذا ...الدنيا ...هل ستعمر الف عام 


( بتسارع)
الثاني : مالي 
الاول : يذهب هباءا منثورا ويترك للاحفاد والأولاد 
الثاني : البيت 
الاول : سكنت وتسكن 
الثاني : الزوجة : نكحت وتنكح ..

الاول : اية حياة هذه ليس فيها شرف الموقف 

( يطاطا رأسه للأرض ..صمت ..صوت الله اكبر عبر الأذان ) 


اللوحة -5- 

( موسيقى حزينة ) 


( الثاني يدخل على الاول الذي  يضع يده على رأسه ويجلس ارضا ) 

الثاني : اما زلت تابى الانصياع لنداء الحسين 


الاول : وارفض الانقياد ليزيد 

الثاني : وتتخذ من عجزك ذريعة للتخلف 

الاول : عجزي من عجزك 

الثاني ..الدنيا ..ذاقت ذرعا بي وصار يتملكني شعورا بالانهيار 


الاول : لن يعتريني شك ان هذا الشعور هو الهزيمة 


الثاني : كفاك يا ابله ...تتكلم وكانك الناصح الواعظ ..


الاول : حينما تسلم نفسك للدنيا يصبح كل شيء مباح
والدين خلافه الدنيا ( دنيا يزيد)  والدنيا نقيضا للدين معادلة لا هروب منها والحسين يمثل الدين ..


الثاني : ولكنها قسمة ضيزى ...ان نشترك كاحد طرفي المعادلة ..

الاول : كما ان هناك جنة ونار ..لا طريق ثالث يشاركهما...

( الثاني يركض بارجاء المسرح ويلتفت يمنة وشمالا) 


الثاني : الموت جائر قاسي


الاول : بل نتيجة حتمية 

الثاني : انت تغوص بالمستحيل..طريق لعين

الاول : بل يعبر بك الى العالم الاخر..هيا انطق قلها..واسترح 

( يصرخ الثاني )
- من انت ماذا تريد مني؟ 

( ضحكة من خارج المسرح ...ظلام ....يعود الثاني للحوار بعد عودة الاضواء) 

- وجوه متشحة بالظلام ...اوقعهم في حبائل شركه..يزيد فاجر اختزل كل طواغيت  الازمان بافعاله ...الفراعنة السلاطين الجبابرة ..الاباطرة...


( يسترسل ) 

- والحسين يستولى على افئدة الناس ويتملكهم حبه بلا مقدمات ...


المجموعة : 

- ماتت جذوة الامل لديهم ...غابت ارادتهم ...(تكرر )

الثاني : ولكننا تحول بينا وبين الحسين مثبطات عدة 

(يظهر الاول) 

( يبادره الثاني )

- انت تنغص عيشي يا هذا 

الاول : انا

الثاني : اصمت اصمت ..ويصرخ ( اصمت) 


( الاضاءة تتحول الى حمراء ..صرخة تلف المسرح مع صداها ..الله اكبر..اجواء رعب دمامات وصوت خيول) 

(صوت من معسكر الحسين )

- اين انت يا معينِ اين انت يا كافل اختك 
اين اصحاب الحمية..من يصدر عنا اذناب امية ؟

الثاني : انظر لن يجبها سوى افواه الشامتين الذين رضوا بذل يزيد 

المجموعة : 

- القدر يعصف بهم ...ماتت ارادتهم 


الثاني : خسارات تتلوها خسارات ..حرب طاحنة الداخل فيها ميت لا محال والخارج منها ملعون ملعون  ( صمت) 


( صوت خيول تجعجع بالحسين ..دمامات اجواء  مغبرة ..صراخ نسوة واطفال) 

( يدخل الضحاك بن عبد الله المشرفي) ( وينادي ) 

- الظليمة الظليمة ..قتلوا العترة ..ولوعوا النسوة) 

الظليمة الظليمة ...قتلوا العباس والقاسم والاكبر والرضيع ...وبقي الحسين وحيدا لا ناصر ولا معين ...


المجموعة : 

(قتلوا العترة ولوعوا النسوة)

الثاني بفزع وخوف :

- والله هو ذا اليوم الذي وعد به عليا 

يتوجه للاول : 

الثاني : لنودع العيال ونحفظ المال ونوصي بالزوجات والحلل ...فان مصائرنا ستذوق الفناء بصحبته ...وهذا ما مكتوب علينا ..

الاول : الخوف يعتريني ومفاصلي ترتعد 

الثاني : لنحزم امتعتنا فقد عزمت على نصرة الحسين 

(الاول يخرج سيفه لا يفصلنا عن الموت سوى سويعات  ) 
( يظهر انهما  يستعدان للرحيل ويخرجا من المسرح ) 

( ظلام باللون الاحمر ) ( صمت ) ( صوت الله اكبر) 

(يدخل المسرح الناعي ) 

- يا أهل يثرب لا مقام لكم بها, قُتل الحسين فأدمعي مدرارُ 

(يظهر الرجلان على المسرح وهما يبكيان ويطاطا الراس للارض) 

الثاني : ماذا ساقول لجدك يوم الحشر ( اه اه اه )

الاول : انت من جعلنا نتاخر عن نصرته !


الثاني : بل انت المرض الذي جعلني اتكاسل 

( كانما يتشاجران)

الاول : بل انت العوق الذي جعلني انهزم 
الثاني : بل انت من ضعف إرادتي وسوغ لي التبرير 
الاول : انت من جعلني اعيش الهزيمة ولا اخرج من شرنقتها 
الثاني : انت من اخرني على نصرة الحسين 
الاول : بل انت 

المجموعة :

ماتت ارادتهم ..يزيد يخنق موقفهم ....(تكرر)


( لحظات سكون وبعدها يفترقا ويعودا ) 


الاول للثاني :


الاول: من انت يا هذا ؟

الثاني : من انت يا هذا؟

الاول : الا تعرفني؟

الثاني بانكسار: 

- شكلك مألوفا على بصري
ولكن من انت ؟

الاول : انا مرضك ..وقد اعنتي على التغلب عليك ....


الثاني بجنون ورعب :

- انا موبوء انا مريض ( يلتفت لكل جسده) 

الاول : نعم انت مصاب بمرض يمسى ( فقدن الإرادة) 
الذي سيقودك للجحيم ( يضحك بصوت مرتفع )
( يركض  ليتوحد مع الثاني ) 

( يصرخ الثاني ) 

- اواه يا ويلي..

( يمسك  راسه بقوة بيديه ويجثو على ركبتيه )

المجموعة :
ماتت ارداتهم ...يزيد يخنق موقفهم ...


( ظلام شيء فشيء )


( ستارة )

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!