صفحة الكاتب : حسام عبد الحسين

المنافسة مرض وليست فضيلة
حسام عبد الحسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 وفق التعريف فان المنافسة هي ظاهرة تنبع من جوهر النظام الاقتصادي السائد، الذي يدار من قبل النخبة الحاكمة، لتحقيق أقصى ربح لأفراد الطبقة الحاكمة في توزيع أموالهم بوسائل الإنتاج في السوق، ومن ثم التجار إلى العامل الكادح المُستغل والعاطلين عن العمل.

تقسم المنافسة إلى عدة أقسام نختصرها في قسمين هما: (التجارة والمجتمع).
 ⁃ المنافسة في التجارة:
تنشأ المنافسة بسبب تناقضات النظام الرأسمالي نفسه الذي تديره الطبقة الحاكمة، حيث يسعى كل رأسمالي إلى تعظيم أرباحه على حساب الآخرين، وتعد ضرورة مفروضة عليهم؛ فمن لا يندمج في السباق يفقد مكانته في التجارة ويستبعد.
تؤدي المنافسة بين الرأسماليين إلى الاحتكار وزيادة استغلال العمال (الموظف، طالب الجامعة، العاطل عن العمل، عمال القطاع الخاص)، حيث يتم خفض الأجور وزيادة ساعات العمل لخفض التكاليف وزيادة الربح. وبالتالي؛ إنشاء جيش احتياطي من العاطلين عن العمل، مما يضعف قدرة العمال على المطالبة بأجور أفضل وظروف عمل ملائمة.
 ⁃ المنافسة في المجتمع:
إن المنافسة الاجتماعية ليست مجرد سمة طبيعية أو نفسية للإنسان، بل هي بنية اجتماعية مخلوقة تُفرض من خلال النظام الاقتصادي السائد للنظام السياسي الحاكم، حيث يخلق هذا النظام الحاجة الدائمة للبشر (نقص في الوظائف الجيدة، السكن الجيد، التعليم الممتاز، الخ)، هذا يدفع الأفراد في المجتمع للتنافس على موارد محدودة بدلاً من التضامن ضد النظام الذي يخلق هذه الأزمة.
هنا يستغل النظام الحاكم هذا الصراع بتحويل الطبقات المتوسطة والمسحوقة ضد بعضهم البعض (المهاجر ضد المواطن، الموظف ضد موظف آخر على ترقية، الخ)، يتم إضعاف التضامن الطبقي وإبعادهم عن الإدارة الاقتصادية للنظام السياسي الحاكم، كما نراهُ واقعًا.
لذا تتحول العلاقات الاجتماعية بين البشر إلى علاقات بين الأشياء، ويصبح قيمة الفرد تُقاس بقيمته في السوق (راتبه، منصبه، ملكيته) وليس بإنسانيته أو تعاونه.
لذلك نرى إعلام السلطة الحاكمة يروج إلى الابتكار والى أن الناجح يستحق نجاحه بسبب كفاءته الفردية، والفاشل يستحق فشله. حيث يصبح الفرد في سباق شرس دائم مع جيرانه وزملائه لامتلاك أحدث السلع، كدليل على قيمته الاجتماعية. مع إلقاء اللوم على فشل الفرد نفسه وليس على النظام غير المتكافئ، مما يبرر استمرار هيمنة النخب الرأسمالية المرتبطة بالسلطة السياسية.
وتنعكس مباشرة على التعليم، حيث تتحول المدارس والجامعات إلى مصانع لإنتاج قوة عاملة، ويُدفع الطلاب للتنافس على الدرجات والفرص بدلاً من التعلم التعاوني من أجل المعرفة والتقدم المجتمعي. وفي العمل، حيث تخلق بيئات العمل الهرمية والتنافسية حالة من الخوف وعدم الاستقرار، حيث يتنافس الموظفون على البقاء والترقية، مما يمنعهم من المطالبة بحقوقهم والتعاون وانعدام حتى الصداقة بينهم، لذلك نرى الأحقاد والخيانة ونصب المكائد.
 إن الطريق إلى الإنسانية هو بالتضامن وليس المنافسة سواء (التجارة أو المجتمع)، وتوجه الأفراد نحو التعاون والإبداع الجماعي، لتحسين المجتمع بأكمله، حيث تصبح مصلحة الفرد حقيقية فقط عندما تتحقق مصلحة الجميع. لأن المنافسة ليست فضيلة بل مرض مدمر ينهي متعة الإنسان في الحياة، لذا الحل الجذري يبدأ من وعي الإنسان نفسه لربح حياته ومن ثم بتغيير النظام الاقتصادي للدولة الذي يولد هذه المنافسة.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسام عبد الحسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/31



كتابة تعليق لموضوع : المنافسة مرض وليست فضيلة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net