استذكارات مقاتل.. القسم الأول
الرائد سعد الربيعي
الرائد سعد الربيعي
يومان على إعلان ساعة الصفر لتحرير أحد أقضية تكريت، ونتيجة لوصول جحافل قطعات القوات الأمنية وألوية الحشد الشعبي، شاع الأمر بين الناس على قرب المعركة... في هذه الأثناء اتصل ابو محمد من سكنة محافظة تكريت بصديقه احد قادة الصنوف في القضاء الذي استمر مرابطا ومدافعا عنها إلى أن وصلت ساعة التحرير.. اتصل به وقال له: لقد قدمت لكم تلك المعلومات القيمة عن تمركزات داعش ومقراته، وكانت ضرباتكم لداعش مؤثرة جداً، فضلاً على أني لزمت زمام الامور لعشيرتي وكنا ضدهم طيلة فترة اغتصابهم ارضنا..
واليوم أتمنى أن تفي بوعدك بمساعدتي واخراج عائلتي من القرية التي اسكن فيها وارسالهم الى بغداد، لكنني اعرف ان طلبي صعب للغاية؛ لأن داعش قد أغلق معظم المنافذ والطرق النيسمية؛ كي يجعلوا من العوائل دروعا بشرية..! عموما انا اطلب منك طلبي وانت في حلّ من الاجابة لظروف المعركة.
فأجابه صديقه الضابط: يا عزيزي.. نحن اذا قطعنا عهداً لا نخلفه مطلقاً، تعلمنا ذلك من مولانا العباس (عليه السلام)، ونحن في كربلاء كلما نظرنا الى ضريحه المقدس تذكرنا ذلك الوعد الذي قطعه العباس (عليه السلام) لعيال الحسين بإحضار الماء اليهم.. وعليه لا يمنعني تنفيذ وعدي لك سوى الموت.
وفعلاً.. قام هذا الضابط بأخذ عجلته الخاصة، وتغيير ملابسه وملابس بعض جنوده وأخذ معه أحد سكنة المنطقة ممن يثق بهم.. واتفق هو وصاحب العائلة على مكان محايد في منتصف الطريق الذي يمسكه داعش من جهة والحشد الشعبي من جهة أخرى.
توجهت سيارة العائلة والتي تحمل خمس نساء، وكثيراً من الاطفال؛ لأن الأب بقي في بيته.. وكان في كل دقيقة يتصل بصديقه الضابط الذي توغل في الارض الخاضعة لسيطرة داعش بسبب عدم قبول داعش بعبور سيارة العوائل، فوصلوا اليها ونزل الشخص الذي مع الضابط وهو من أهالي المنطقة، وتحدث مع عناصر داعش بخصوص اخراج العجلة؛ لأنها تخص احد شيوخ العشائر، وانه دليلهم للعبور الى مدينة تكريت ولم يخبرهم بحقيقة الأمر بأنهم متوجهون الى بغداد... وفي هذه اللحظات كان الضابط وعناصر حمايته ايديهم على اسلحتهم؛ حذراً من اي ردة فعل قد تواجههم.
وفعلاً تم السماح للسيارة بالخروج، وسارت العجلتان معا الى ان وصلوا بأمان الى سيطرات الحشد الشعبي الذي كانت لديها علم مسبق بالعملية.. وعند وصولهم الى طريق بغداد، نزل الضابط وسلم على العائلة وأعطاهم موبايله؛ كي يتصلوا بوالدهم؛ بسبب عدم امتلاكهم موبايل خوفاً من داعش.
وبعدها واصلوا المسير باتجاه بغداد الى ان وصلوا الى سيطرة كانت قد قطعت الطريق؛ بسبب قناص للعدو يطلق على السيارات المارة على الطريق، وتأخر الوقت فقام الضابط بجعل سيارته باتجاه القناص وسيارة العائلة في الاتجاه الآخر، وساروا بشكل متوازٍ للأخر الى ان عبروا منطقة الخطر، ووصلوا بعدها الى اطراف بغداد وسلم العائلة لأقارب كانوا ينتظرونهم.
وكانت دهشتهم كبيرة على ما فعله هذا الضابط وجنوده، وقالوا له بالحرف الواحد...
كنا نسمع عن شهامة اهل الجنوب، لكننا اليوم قد شاهدناها ولمسناها...
لذلك ندعو لكم ولأولئك الرجال الذين تركوا أهلهم ليحرروا ارضنا من دنس التكفيريين الذين شقوا وحدتنا، وعاثوا في الأرض الفساد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat