سأتكلم لكم هذه المرة عن مقتطفات من حياة أولادي، بعد أن أذكر لكم بضعة أشياء عن حياة زوجي الشهيد (شهيد الفتوى) أبو محمد..
قبل أن يلتحق بركب الصالحين المجاهدين سألني: هل تستطيعين أن تتحملي التحاقي بالحشد أم لا؟ أجبت وفي القلب حرقتان (حرقة ألم فراق هيبتي ورفعة رأسي زوجي وحرقة اغتصاب أرضنا من الأعداء).
:ـ نعم.. سأصبر وفي القلب شجى.. نعم.. توكل على الله تعالى.. سُرّ زوجي بهذه الاجابة، ولا يفوتني أن أخبركم بأن زوجي نجار، وكان ذا حال مادي حسن، وأغلق محله وتسلق لقمة الجهاد.
سأترنم بذكر ذكريات مرت عليها الأيام، ولكن كيف أنساها عندما يأتي في اجازة للبيت يأخذ الأطفال لمدينة الألعاب، ويشتري لهم كل ما يشتهونه.. فهو أب حريص وغير مهمل كبعض الآباء يشقى ويجتهد ليرسم الابتسامات على وجوه أولادي الثلاثة..
نعم.. وابنتي حوراء لها علقة خاصة بأبيها..
ولكن غيمة سواد مرت على داري أقعدتني بسبب ألم الفراق.. لقد استشهد أبو محمد زوجي الغالي.. فداء للوطن وللمقدسات.. نعم بسلامة مراقد سامراء المقدسة.
حتى أن روحه الشريفة يشعر بها الأولاد تحلق في سماء سامراء.. لكن الأصعب على قلبي أفعال أطفالي (ذرية الشهيد) وثمرة قلبه أن فرط شوق ابني مهدي ذي الست سنوات يجعله يئن ويتحسر ويتمنى أن يرى أباه.
أما ابنتي.. فقد أخفقت في الدراسة والتجأت للرسم؛ لكي ترسم بيدها لوحات الفراق.
- والغريب كلما ازداد شوقهم الى أبيهم يأخذون بالإلحاح عليّ بأن أصطحبهم معي الى سامراء حيث موضع قبض روح الشهيد، فهم أصبحوا يأنسون بسامراء ويشعرون أن أباهم هناك مع العلم أن جثمانه في كربلاء.
- ويوم عيدهم يوم نذهب الى مقبرته.. ماذا اتكلم فأصبحت الآن لا أقوى على الطبخ ولا العمل في البيت؛ لأن فراقه استلب مني الأنس والاستقرار فليس في حياتي طعم ولا هدف.. مرارة الفراق أصبحت تحيطني من كل جانب.
- والأنكى من ذلك أني أتمنى أن يزورني أحد أعمامه ليمسح على رؤوس أطفالي أو ليقبلهم ولو ببعض الأيام في الأشهر، أو لينشر عليهم كلمات الحنان، فلا حياة لمن تنادي..!!
في مجتمع تكثر فيه اساءة الظن، فأصبحت عازفة عن الدنيا ولهوهها أفكر في آخرتي
وأرى من الهي معونة، وآنس بقربه.. وأشعر أنه يتولاني ولا يخذلني سبحانه.. لكن الناس مأنوسة بالناس.
وأبقى أردد فداءك يا عراق.
فلقد أضحى لطعامي مر المذاق
فداك الأرواح والأعراق
فداك يا عراق..
أيتمت أطفالي ووسدت زوجي في ثوابك
هماما شجاعا.. وحملت هما لا يطاق
فداك يا دجلة والفرات فداك يا تربة العراق
فداك يا أبا المقدسات فقد ثوى فيك عزي..
فاقبله قربانا أتى باشتياق..
فداك الروح والأحباب والأعناق..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat