ماذا لو كان حاضراً..؟
سجاد طالب الحلو
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سجاد طالب الحلو

أتممت زيارتي، وخرجت في احد الشوارع المجاورة للحرم الطاهر, وقفت حينها عند دكان احدهم؛ كي اتبضع, وإذا بي أسمع صوت رجل طاعن بالسن، وعادة ما يكون كلام هذه الفئة العمرية لطيفاً ومميزاً؛ لأنهم يستعدون للرحيل عن هذه الدنيا الفانية, لكن وبكل أسف سمعته يتلفظ بألفاظ نابية، فراودني الفضول لأعرف ما الامر..؟
نظرت، وإذا بمجموعة تحيط بهذه الشيبة المباركة، وتسمعه بعض الكلمات التي تبدو مزعجة عنده, اطرقت برأسي قليلاً، وراحت قدماي تخطو نحوهم، واذا بي أقف متيقناً بأنهم لن يقبلوا مني اي كلام بخصوص الرجل الكبير، والذي بدا عندهم العوبة من اجل الضحك..!
ألم يعتصر قلبي، وأنا أتابع طريقي من اجل عيادة صديقي المريض، وقفت في منتصف الطريق ورحت انتظر باقي اصدقائي لنذهب سوية, واذا بصوت الشيبة يلاحقني مرة اخرى، ففرحت حينها؛ لأنه قد افلت من تلك المجموعة الشقية.. يا اللهي ظننت ان مسلسل الاستهزاء قد انتهى، واذا بشابين افترشا الرصيف، وراحا يعيدان الكلمات المزعجة على مسمع الحاج الكبير، فانزعج اكثر وراح يتحدث بتلك الكلمات السيئة من جديد, ولا ادري اكانت الآية المباركة قد انطبقت على الرجل، والتي يقول الله (جل وعلا) فيها: (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ) او انه مريض منذ ولادته.
أياً كان مرضه، لمَ هذا الكلام الجارح والمؤلم والذي كانت ملامحه تظهر على وجه الرجل المسن؟ ليبدأ بسلسلة الشتائم والكلام المسيء..! التفت الى الجهة المقابلة لأرى عظمة الضريح الطاهر, قلت في نفسي حينها: ماذا لو كان الامام الحسين (عليه السلام) هنا يمشي، هل كنت سأشاهد هذا المسلسل الموجع, ما الامر..؟ هل عميت قلوبهم...! حتماً وأبصارهم أيضاً..!.
انتهى يومي وعدت الى البيت؛ لأرى بعد ذلك مقطع فيديو على احد مواقع التواصل الاجتماعي، والذي سالت دمعتي من هول الموقف، فقررت ان اكتب هذه القصة عسى ان يقف البعض عن مشاكسة فئات المجتمع الفقيرة عقليا, والفيديو انتشر بشكل فظيع وهو لشاب اصيب بـ(متلازمة داون) ولن اتحدث عنه اكثر؛ لأن الكثير منكم قد شاهد ما رأيت.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat