من عذب مائكِ قد رويتنا، والى بر الأمان قد نجيتنا..
سيدتي ومولاتي يا فاطمة..
وهنا أحببت أن أسبر أغوار بحارك العميقة؛ لأنهل من عذب مائها الرقراق الشافي..
فبعد استشهاد رسول الله(ص)، ورد في أحاديث كثيرة بأنّ الزهراء(عليها السلام) بكت على فراق أبيها ليلاً ونهاراً حتى أزعجت أهل المدينة، وطالبوا علياً(عليه السلام) بأن يبني لها بيتاً خارج المدينة..!
وقام أمير المؤمنين(عليه السلام) ببناء بيت الأحزان خارج المدينة، نزولاً إلى رغبتهم..
وهنا يأتي السؤال: ما السبب الذي أدى الى إبعاد الزهراء(عليها السلام)؟
هل هو البكاء مثل ما قالوا؟ وهل يصح بأن فاطمة تبكي بحيث يُسمع صوتها، وهي التي تعلم الأجيال المنهج التربوي الصحيح؟ ألم تسمع هذا الحديث في المناقب لابن شهر آشوب قال النبي(ص) لفاطمة(عليها السلام): أي شيء خير للمرأة؟
قالت: أن لا تری رجلاً ولا يراها رجل.. فضمها إليه وقال: ذرية بعضها من بعض.(انظر كذلك: بيت الأحزان- الشيخ عباس القمي: ج1/ ص30).
مثل هكذا معلمة جليلة لا تؤذي جارها بصوتها..
وأين كان بيتها.. ألم يكن المسجد؟
إذن.. هناك أسباب غير البكاء إن صح التعبير، أود بيانها بعدة نقاط:
أولاً: إن مسجد رسول الله(ص) نستطيع أن نعبر عليه هو الحوزة الشريفة التي يصدر منها كل شيء، وكانت فاطمة(عليها السلام) المعلمة في بيتها إلى نساء المدينة، ودور الدفاع عن الإمامة، وتوضيح ما أخفاه الأعداء عليهم اللعنة والعذاب..
وطبعاً هذه النسوة تنقل الخبر إلى ، والبعض الأخر إلى الآعداء، فعلموا بالخطر الذي يهدد عروشهم، ويقلب الموازين عليهم.
ثانياً: كان أعداء الله ورسوله يعلمون كل العلم أن بيت فاطمة(عليها السلام) أفضل البيوت، حيث قال تعالى: ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسمه)).
وهذا بطبيعة الحال لا يخدم الأعداء؛ لأنه ما دامت في هذا البيت الطاهر، فأن أنظار المسلمين إليه، وكل ما يصدر منه يؤخذ بعين الاعتبار.
ثالثاً: اتخذت البيت العلوي للمطالبة بجميع الحقوق التي تعود لأهل البيت(عليهم السلام).
ومن هنا نعلم أن الزهراء(عليها السلام) كانت تريد أن ترسل رسائلها الى العالم كله من هذا البيت الصغير؛ ليكون إشعاعاً إعلامياً بالبكاء والمطالبة بالحق.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat