إن مقياس كل مجتمع وتحديد درجة نموه يرتكز أساساً على الدخل الفردي، وعلى نسبة التعلم، وعلى مدى تجاوب السلطة، مع تفعيل مبادئ حقوق الإنسان، من أجل الشروع بالتنمية بصورة سليمة.
والمشاهد السلبية في حياة المجتمعات أفراداً وجماعات: كالفقر، والجهل، والأمية، والجوع تحول دون ضمان ترتيب مشرف بين بقية المجتمعات؛ فالفقر مثلاً أصبحت مسبباته ملقاة على عاتق الدولة بطرق غير مباشرة، من خلال عدم إيجاد معامل بالقدر الكافي، وعدم إحداث مراكز للتدريب المهني، وعدم التشجيع على الاستثمار، ومحاصرة السيولة النقدية، الشيء الذي يضرب في العمق أرزاق فئات عريضة عن طريق التجارة، وتقديم الخدمات الاجتماعية وكل هذا راجع إلى احتكار المناصب الادارية والمسؤوليات الحساسة في معظم دول العالم الثالث من طرف أشخاص أصبح وجودهم بالإدارة متجاوزاً.
والجهل كذلك يقف عائقاً في وجه التنمية عموماً؛ لما له من تأثير سلبي على جميع مناحي الحياة الاجتماعية: كالسهر على تربية الأبناء، ومسايرة منابر الاعلام السمعية والبصرية، وإدراك الفرد، لما له وما عليه من الحقوق والواجبات والتجاوب مع المحيط بما يلزم من متطلبات العصر.
أما الأمية الأبجدية، فما زالت تعاني منها معظم المجتمعات، والأمية السياسية هي أيضاً تشكل خطراً حتى عند أهل التخصص في مختلف ميادين العلم، وحتى عند الذين يحسبون كممثلين للناس في الجماعات والمجالس.
والجوع هو الآخر أصبحت النظرة التقليدية إليه متجاوزة بفعل حرص الدول على توفير الأمن الغذائي، ولكن الفقر المادي وضعف القدرة الشرائية أخذا يفرزان جوعاً عصرياً يتمثل في إغراق السوق بكل أنواع السلع الاستهلاكية من خضر ولحوم وملابس وكماليات لا تحظى منها الفئات المعوزة أي شيء، وكذلك بدأ مفهوم الصراع الطبقي بالظهور إلى السطح بحدة.
لذا على الدول في العالم الثالث أن تتجه أولاً إلى العوائق التي تقف أمام التنمية، ونحن في القرن الحادي والعشرين، وتفعل جهودها لتفعيل المفاهيم العلمية والاجتماعية والسياسية الحديثة لتخطو بعد ذلك الخطوات الأولى نحو تنمية حقيقية ومثمرة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat