الطبيب  النفسي  الحسين بن علي عليهما السلام
دعاء حسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 هو الطبيب الروحي والنفسي  مبعث الراحة والطمأنينة والأمان الذي تسكن إليه قلوبنا مهما ضاقت بنا الدنيا. حين نذكر الحسين نذكر القوة والعزة والكرامة، الإنسان الذي ضحى بكل ما يملك في سبيل الله  ليرفع راية الحق ويبقى دين جده محمد صلى الله عليه وآله قائمًا لا تطفئه ظلمات الظالمين،
. ثلاثة أيام عاشها الحسين وأهل بيته بلا ماء ولا طعام، صابرين محتسبين، لم تهتز نفوسهم ولم تضعف إرادتهم لأنهم علموا أن رضا الله أغلى من الدنيا كلها.
معنى الطبيب الروحي  أنه يداوي قلوبنا وأرواحنا من الآلام والضعف والخوف والجزع، لأن سيرته وكلماته ومواقفه تمنحنا الصبر والقوة والسكينة. هو الذي يربينا على معنى الرضا بقضاء الله والتسليم له ويعلمنا كيف نتحمل الابتلاء بلا انهيار أو يأس. حين نذكره ونتأمل صبره وتضحيته وثباته أمام أعظم المصائب نجد في قلوبنا عزاء وراحة نفسية مهما كانت همومنا كبيرة، فهو الذي يعالج أمراض قلوبنا مثل حب الدنيا والخوف من الفقر أو الموت أو الناس، لأنه بدمه الطاهر علمنا أن رضا الله هو الحياة الحقيقية وأن الكرامة أغلى من البقاء الذليل.
قال الحسين عليه السلام هيهات منا الذلة هو درس من دروس العزة أن المؤمن لا يقبل بالهوان مهما اشتدت عليه الظروف، لأن العزة من صفات عباد الله الصالحين. وقال أيضًا ما خرجت أشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله، ليبين لنا أن الغاية من الثورة هي الإصلاح، وأن حياتنا كلها يجب أن تكون لإصلاح أنفسنا وأهلنا ومجتمعنا بصدق ونية خالصة لله تعالى.
الحسين علمنا أن لا ذل مع الإيمان وأن لا نخضع لباطل مهما كانت قوته وسلطانه، وأن العزة الحقيقية حين نسلم أمرنا لله بكل يقين واطمئنان. هو يستحق أن نضحي من أجله لأنه ضحى من أجل بقاء صلاتنا وديننا، ضحى ليعلمنا كيف نتهذب وكيف نقهر أهواء أنفسنا وكيف نترك الحرام ونختار رضا الله على راحتنا ولذتنا. هو وسيلتنا للتقرب إلى الله وباب استجابة الدعوات لأن من عرفه وعاش روحه صار قريبًا من الله ومن بكى عليه طهر الله قلبه من الذنوب والهموم.
الإمام الحسين ليس قصة حزن فقط بل قصة إنسانية عظيمة تبني فينا الصبر والقوة والكرامة، تعلمنا أن الدنيا فانية وأن رضا الله هو الباقي. هو الطبيب الذي يداوي جراح أرواحنا مهما كانت، وهو ملجأ القلب حين لا نجد أحدًا يفهم أوجاعنا، وهو النور الذي ينير لنا درب الهداية كلما ابتعدنا أو أظلمت الدنيا في عيوننا.
الإمام الحسين منحنا دروس الثبات أمام المحن، لأنه يوم عاشوراء لم يكن واقفًا في ساحة حرب عادية بل كان يواجه ظلمة اجتمعوا على قتله وظلم أهل بيته وأصحابه، لكنه وقف بكل يقين وقال إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني، ليبين أن الدين أغلى من الدم والروح. لم يكن ينظر إلى الدنيا بنظر الخائف من فقدانها بل بنظر المؤمن الذي يرى ما عند الله أعظم وأبقى.
حين نقرأ قصته ونتأمل مواقفه ندرك كيف نتعامل مع بلاءات الحياة ونتعلم أن الصبر لا يعني الاستسلام بل يعني القوة والرضا، وأن البلاء باب لرفعة الإنسان وتزكية روحه إذا قبله بيقين وسكينة، لأن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه ليصقل قلبه وينقيه من التعلق بالدنيا.
الحسين جعل من عاشوراء مدرسة تعلمنا كيف نعيش بعزة وكيف نكون أحرارًا حتى ونحن مظلومون أو محاربون، علمنا أن الحرية الحقيقية هي حرية الروح التي لا تقيدها شهوات ولا تذلها الدنيا مهما سلبتها، وأن الإنسان إذا ملك نفسه ملك كل شيء وإذا خاف الله لم يخف أحدًا بعده.
حين نذكره ونبكي عليه لا نبكيه ضعفًا بل نبكيه شوقًا ونبكي على أنفسنا لأننا بعيدون عن يقينه وتسليمه ورضاه، فنخرج من ذكراه بروح أقوى ونفس أطهر وقلب أكثر سلامًا. الإمام الحسين هو طبيب أرواحنا لأنه أعاد إلينا معنى الحياة الحقيقية التي تبدأ من رضا الله وتنتهي به، وهو الذي يزرع فينا حب الخير والعدل والتضحية لأجل القيم، ويجعلنا نؤمن أن الحق لا يموت وإن قتل أهله وأن الباطل لا يخلد مهما علا وتجبر. هكذا يبقى الحسين طيب روحي ونفسي الذي يحيينا كلما متنا تحت هموم الدنيا .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


دعاء حسن

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/07/29



كتابة تعليق لموضوع : الطبيب  النفسي  الحسين بن علي عليهما السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net