صفحة الكاتب : د . حميد حسون المسعودي

من أصحاب الامام الحسن(عليه السلام): ميثم التمار(رضوان الله عليه)
د . حميد حسون المسعودي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هو ميثم بن يحيى التمّار الأسديّ الكوفيّ، لُقّب بالتمّار لأنه كان يبيع التمر في الكوفة. وهو من خواصّ أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومن المقرّبين إليه، لذلك فقد خصّه بعلم البلايا والمنايا. وكان من شرطة الخميس. كما أنّه من أصحاب الإمامين الحسن والحسين(عليهما السلام).
كان ميثم التمّار عبداً لامرأة من بني أسد، فاشتراه أمير المؤمنين (عليه السلام) منها، وأعتقه. وكان يكنى (أبا سالم).
قال له الامام(عليه السلام): (ما اسمك)؟
قال: (سالم).
قال: (أخبرني رسول الله - صلى الله عليه واله- أن اسمك الذي سمّاك به أبواك في العجم ميثم).
قال: (صدق الله ورسوله، وصدقتَ يا أمير المؤمنين، والله إنه لإسمي).
قال: (فارجع إلى اسمك الذي سماك به رسول الله، ودع سالماً). فرجع إلى ميثم واكتنى بأبي سالم.
أصبح أولاده عمران وصالح وشعيب وحمزة فيما بعد من أصحاب الأئمة (عليهم السلام)، وهناك أشخاص من ذريّته كانوا رواة للحديث عن الأئمة. كما كان بعضهم من أعلام الطائفة مثل علي بن اسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار الذي كان من وجوه المتكلمين ومن أصحاب الأئمة.
قال له أمير المؤمنين(عليه السلام) مرة: (كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعيُّ بني أمية عبيد الله بن زياد إلى البراءة مني)؟
فقال ميثم: (يا أمير المؤمنين، أنا والله لا أبرأ منك).
قال: (إذا والله يقتلك ويصلبك).
أجاب: (أصبرُ فذاك في الله قليل).
فقال الامام: (يا ميثم إذا تكون معي في درجتي).
وقد كان ميثم(رضوان الله عليه) لأمير المؤمنين كما كان سلمان الفارسي(رضوان الله عليه) لرسول الله (صلى الله عليه واله).
إخبار أمير المؤمنين(عليه السلام) له عن كيفية استشهاده:
قال الإمام علي (عليه السلام) لميثم: (إِنَّك تُؤخَذ بعدي، فَتُصلَب وتُطعَن بِحَربة، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر منخراك وفمك دماً، فيخضِّب لحيتك، فانتظر ذلك الخضاب، وتُصلب على باب دار عمرو بن حريث عاشر عشرة، أنت أقصرهم خشبة، وأقربهم من المطهِّرة، فامضِ حتَّى أريك النخلة التي تُصلَب على جذعها). ثم أراه إيَّاها. فكان ميثم يأتي تلك النخلة ويصلِّي عندها، ويقول: (بوركتِ من نخلة، لكِ خُلقتُ، ولي غُذِّيتِ). ولم يزل يتعهدها بالرعاية حتَّى قُطعت.
وكان كلما يلقى عمرو بن حريث، يقول له: (إنِّي مجاورك، فأحسن جواري). فيقول له ابن حريث: (أتريد أن تشتري دارَ ابن مسعود أو دار ابن حكيم)؟ وهو لا يعلم ما كان قصدُ ميثم بكلامه.
من آثاره: تفسير القرآن
التقى ميثم ذات يوم بعد خروجه من بيت أم سلمة(رضوان الله عليها) في المدينة المنورة بابن عباس. فطلب من ابن عباس أن يسأله عن أي شيء من تفسير القرآن ليجيبهُ بما علَّمَهُ الامام علي (عليه السلام) من تفسيره وتأويله. فطلب ابن عباس دواة وقرطاسا من جاريته. ثم أقبل يكتب. ثم أن ميثما أخبر ابن عباس عما سيجري عليه بإخبار أمير المؤمنين. فقال له ابن عباس: (أتكهن أيضا)؟ وخرق الكتاب. فقال ميثم: (مه احتفظ بما سمعتَ مني، فإن يكن ما أقول لك حقا أمسكتَه، وإن يكن باطلا، خرقتَه). قال ابن عباس: (هو ذلك).
أحاديث أهل البيت عليهم السلام عنه:
كان ميثم من حواريي الإمام علي (عليه السلام). ومما يشهد على قربه من أهل البيت(عليهم السلام) ما قالته أم سلمة(رضوان الله عليها) من أن الإمام الحسين (عليه السلام) كثيراً ما كان يذكر ميثما.
ودخل ميثم مرة على أمِّ سلمة (رضوان الله عليها)، فقالت له: (من أنت)؟
فقال: (عراقي). ثم سألته عن نسبه، فذكر لها أنه كان مولى للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام).
فقالت: (أنت هيثم)؟
قال: (بل أنا ميثم).
فقالت: (سبحان الله، والله لرُبَّما سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وآله- يوصي بك علياً في جوف الليل).
فسألها عن الإمام الحسين (عليه السلام)، فقالت: (هو في حائط -أي بستان- له).
فقال: (أخبريه أنِّي قد أحببت السلام عليه، ونحن ملتقون عند ربِّ العالمين إن شاء الله، ولا أقدِرُ اليوم على لقائه، وأريد الرجوع).
فدعت بطِيبٍ فطيَّبتْ لحيتَه، فقال لها: (أما إنَّها ستُخضَّب بدم).
فقالت: (من أنبأَك هذا)؟
فقال: (أنبأَني سيِّدي أمير المؤمنين-عليه السلام).
فبكَت أم سلمة وقالت له: (إنه ليس بسيِّدك وحدك، فهو سيِّدي وسيِّد المسلمين)، ثمَّ ودَّعته.
شهادته(رضوان الله عليه):
بعد أن خرج ميثم إلى مكة، أرسل الطاغية ابن زياد إلى عريف ميثم فطلبه منه، فأخبره أنه بمكة. فقال له: (لئن لم تأتني به لأقتلنَّك). وخرج العريف إلى القادسية ينتظر ميثما، فلما قدم ميثم، قال له ابن زياد: (تبرّأ من أبي تراب).
قال: (لا أعرف أبا تراب).
قال: (تبرّأ من علي بن أبي طالب).
فقال له: (فإن أنا لم أفعل)؟
قال: (إذا والله لأقتلنّك).
فقال ابن زياد: (لتبرأنَّ من علي ولتذكرنّ مساويه وتتولى عثمان، وتذكر محاسنه، أو لأقطعنّ يديك ورجليك، ولأصلبنّك).
فبكى ميثم. فقال له: (بكيتَ من القول دون الفعل)؟
قال: (واللهِ ما بكيتُ من القول ولا من الفعل، ولكنّي بكيتُ من شكٍ كان دخلني يوم خبّرني سيدي ومولاي).
فقال له: (وما قال لك مولاك)؟
قال: (أخبرني أنَّك تصلبني عاشر عشرة، أنا أقصرهم خشبة، وأقربهم من المطهِّرة).
قال: (لَنُخالفنَّه).
قال: (كيف تخالفه؟ فوَالله ما أخبرني إلا عن النبي - صلى الله عليه وآله- عن جبرائيل (عليه السلام) عن الله تعالى، فكيف تخالفُ هؤلاء؟! ولقد عرفتُ الموضعَ الذي أُصلَب عليه أين هو من الكوفة، وأنا أوَّل خلق الله ألجمُ في الإسلام).
وفي رواية، أن ابن زياد حبسه، وحبس معه المختار بن أبي عبيدة الثقفي، فأخبر ميثم المختار: (إنَّك تفلتُ، وتخرج ثائراً بدم الحسين -عليه السلام- فتَقتلُ هذا الذي يريد أن يقتلَنا).
ومر رجلٌ بميثم حينما أخذ ليُصلب فقال له وهو يلومه: (يا ميثم لقد كنتَ في غنىً عن هذا). فالتفت إليه ميثم، ثم قال: (والله ما نبتت هذه النخلة إلا لي، ولا اغتذيت إلا لها). فجعل يحدِّث بفضائل أمير المؤمنين وبني هاشم, ومخازي معاوية وبني أميَّة أثناء صلبه على الخشبة.
فقيل لابن زياد: (قد فضحَكُم هذا العبد).
فقال: (ألجموه).
فلما أرادوا قطع لسانه، قال له الحرسي: (يا ميثم)!
قال: (ما تريد)؟
قال: (أخرج لسانك فقد أمرني الأمير بقطعِه).
قال ميثم: (ألا زعمَ ابن الأمة أنه يكذّبني، ويكذّب مولاي؟ هاك لساني). فقطع لسانه.
وفي اليوم الثاني، فاض منخراه وفمُه دماً. وفي اليوم الثالث، طُعن بحربة، فكبَّر. ثم انتقلت روحه إلى بارئها. وكانت شهادته (رضوان الله عليه) في الثاني والعشرين من شهر ذي الحجَّة سنة 60 هـ، أي قبل قدوم الإمام الحسين (عليه السلام) إلى العراق بعشرة أيّام فقط. وهنالك عدة روايات في طريقة مقتله(رضوان الله عليه). ويقع قبره الشريف خارج مسجد الكوفة بقرب بيت الإمام علي(عليه السلام) في السّبخة.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حميد حسون المسعودي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/07/25


  أحدث مشاركات الكاتب :



كتابة تعليق لموضوع : من أصحاب الامام الحسن(عليه السلام): ميثم التمار(رضوان الله عليه)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net