مجلس حسيني ــ الأدوار التي مرت على قبر الحسين{ع}
الشيخ عبد الحافظ البغدادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ عبد الحافظ البغدادي

هنا مولدُ العواطفِ والحب هذا/// مأتمُ الوجدِ والأسى والرثاءِ
وهنا معرضُ الشجونِ سماءً////// من شهيق ونُدبةٍ من بكاء
في كربلاء مصرعُ القلوبِ حنينا// نلتقي في مصارع الشهداء
هنا كربلاء موكبُ النبوةِ ضجَّت// / منه نجوى كرائم الزهراء
وتلقّاه جابرٌ ونحن بعده ////// نتلقاه بحزن وهوبكاء أشجى لقاء
حين نُوديَ فيه أجابرٌ هذا/////////// بلسانِ السجادِ أشجى نداء
قال يا جابرُ هاهنا قتلونا////////// واستباحوا محرماتِ الدماء
وبهذا المثوى أبي ذبحوه /////// وهو ظامي الحشا بغير رِواء
واستباحوا الرحالَ نهبا وسلبا ////حين غاروا على خيام النساء
هاهنا أيتموا الذراريَ بالقتل///// وهذه جنةُ ومصارعُ الشهداء
في هذا المجلس المبارك اتحدث عن الادوار التي مرت على قبر الحسين{ع} بعد شهادته. علما ان الشيعة لم تكن عندهم زيارة لقبور الائمة بشكل منتظم كما هو الان. كانوا يزورون قبر النبي{ص} حين يدخلون المسجد النبوي في المدينة , ولم تكن هناك زيارة لقبر النبي {ص} بمواعيد ثابتة طوال السنة. اما القبور التي مات اصحابها لابعد وفاة الارسول{ص} كان قبر الزهراء {ع} مخفيا والى الان . وتم اخفاء قبر الامام امير المؤمنين {ع}في نجف الكوفة طيلة عهد الاموين,وقبر الامام الحسن {ع} في بقيع الغرقد كان يزار من قبل الشيعة اثناء دخولهم البقيع ولحد الان لا توجد حملات منتظمة لقبر الامام الحسن{ع}.مع ملاحظة ان الائمة المعصومين{ع} المدفونين في العراق وايران والحجاز لا توجد لهم زيارات منتظمة الا في وفاياتهم فقط. ولامير المؤمنين {ع}يوم الغدير,
كيف تبرعمت الزيارات لقبر الحسين ثم انتقلت بعد مدة الى مراقد بقية الائمة وانتظمت بشكلها الحالي.؟ وهل هناك علاقة للحكام الطائفيين حين يريدون الانتقام من الشيعة يقومون بعدة اجراءات , اولها منع الوصول الى القبر الشريف, ولذلك اسس الائمة المعصومون {ع} الزيارة من بعد ليكون المؤمن بولايتهم على تواصل بزيارتهم . كذلك من لا يتمكن الوصول الى قبورهم ممن يعيشون في بلدان بعيدة عنهم .
بعد هذه المقدمة ما هي الادوار التي مرت على قبر الحسين{ع} وقبور شهداء كربلاء. ؟ وما دور الشيعة عامة وشيعة العراق خاصة في تثيبت هذه الشعيرة الولائية. الحوادث السياسية والامنية في المنطقة لم تكن بعيدة عن ثورة الحسين{ع} بل تأثرت بها بشكل كبير. بعد واقعة الطف عام 61 ه، اضطراب الوضع السياسي والامني في العراق ،وظهرت قوى مسلحة تنادي بالثار للقتيل الحسين{ع} واول حركة مسلحة عراقية ظهرت ضد السلطات الاموية كمعارضة مسلحة.
من هم التوابون.؟: أنصار الامام الحسن{ع} وشيعته كانوا من خيرة المسلمين، فلما انتقل الحسن إلى رحمة ربه انتقلت الوصاية إلى الحسين الذى التف حوله بعض الأنصار من شيعة ابيه من أهل العراق،غير ان الجيوش التي تم تعبئتها في عاشوراء التي وصل عددها الى اكثر من سبعين الفا . لنقف على اراء المصادر التي ذكرت عدد الجيوش التي وصلت من الكوفة وهم من الحزب الاموي والحمر الفرس واخرون. ومن الشام ومن مصر واليك الآراء.
توجد ثلاثة آراء: الأوّل: إنَّ عدد الذين خرجوا إلى حرب الإمام الحسين (ع) هو (ثلاثون ألفاً).وهؤلاء القوات المكلفة بحماية الكوفة والعراق باعتباره يمثل مشرق البلاد الاسلامية, فكانت فيها وحدات نظامية اضافة للحزب الاموي من العراقيين {الراي الثاني} َ عدد الذين خرجوا إلى حرب الحسين {ع}هو (سبعون ألفاً). هذا الرأي ذكره السيّد هاشم البحراني، فقال: «في كتب الأوّلين رُويَ أنَّه لمّا جمع ابن زياد قومه (لعً) لحرب الحسين (ع)، كانوا سبعين ألف فارس، فقال ابن زياد: أيّها الناس، مَن منكم يتولى قتل الحسين (ع) وله ولاية أي بلدٍ شاء...» وهم الكتائب التي وصلت من مصر والشام فاصبح العدد ليلة العاشر سبعين الفا. لان القتال كان مستمرا من اليوم الثاني من محرم.
الراي الثالث: إنَّ عدد الذين خرجوا إلى حرب الحسين (ع) هو (مليون راجل وستمائة ألف فارس).وهو ما ذكره الدربندي، قال: «إنَّ الجيش المُحارب للحسين (ع) يوم كربلاء بلغ مليوناً وستمائة ألف مليون راجل، وستمائة ألف فارس».لان الجيوش كانت تزحف نحو العراق واستمرت حتى بعد ان استشهد الحسين{ع} ..
جاءت وقائدها العمى /// الى حرب الحسين يقودها الجهل// بجحافل بالطف اولها // واخيرها بالشام متصل // ملأ القفار على ابن فاطمة جند // وكلأ قلوبهم ذحل. شاعر اخر يصور عدد الزاحفين نحو الحسين{ع}.
فـجـاءتـه يــركـب احدى اثنتين /// وقد سنت الحرب اسنانها // فاما ان يرى مذعنا// او تموت ابا العز اذعانها // بجحافل غطى الفروج وغيطانها // وطــا الـوحـشَ إذ لــم يـجد مـهرباً /// ولازمـت الـطيرُ أوكـارها ..
على اثر الموقف البطولي للحسين وال بيته واصحابه {ع} وما قام به الجيش الاموي ضد ال محمد{ص}من جرائم ووحشية. جاءت ردة الفعل فدبت الغيرة وتأججت نيران الحقد فى قلوب بعض المسلمين الذين رأوا فى ذلك امتهانا لبيت الرسول{ص} فاتسع نطاق التشيع لآل البيت، فنشأت في البصرة جماعة أطلقوا على أنفسهم اسم "التوابين" كونوا منظمة ضمت في البداية مائة رجل على رأسهم الصحابي سليمان بن صرد الخزاعى هؤلاء التوابون رأوا ان السلطة الغاشمة اجرمت بحق الحسين{قتلوه وحرقوا خيامه وحمل اسرته اسرى وقطعوا راسه وسبعة وثمانين راسا يطوفون بهم في البلدان, لذلك اطلقوا شعار: " يا لثارات الحسين". شعار يختلف شعار الرضا لآل محمد" وكان فى مقدمة التوابين رجل اسمه عبيد الله بن عبد الله المرى،كان يؤلب المسلمين على قاتلى الحسين، مصورا بشاعة الجريمة التى ارتكبت بقوله "ابن أول المسلمين إسلاما، وابن بنت رسول رب العالمين، قلت حمأته، وكثر اعداءه حوله،
فمن يريد ان يناصح الله فيجاهد بني امية القاتلين القاسطين، فعسى الله عند ذلك أن يقبل التوبة ويقيل العثرة. إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه، والطلب بدماء أهل بيته، وإلى جهاد المارقين، فإن قتلنا فما عند الله خير للأبرار، وإن ظهرنا رددنا هذا الأمر إلى آل بيت نبينا". فكانت الكلمات تلهف العواطف فتكاثر عدد التوابين وخرجوا من البصرة إلى قبر الحسين {ع} وهم اول حملة زيارة تنطلق من البصرة نحو كربلاء.
بكربلاء يعترفون بخطئهم حين تقاعسوا عن نصرته ويبكون ثم صعدوا إلى الشمال يريدون الإيقاع بالأمويين، ووقعت بينهم وبين الجيش الأموى معركة كبرى فى عين الوردة قرب الرقة أبلوا فيها بلاء حسنا، إلا أن النصر لم يكن من نصيبهم، فبالرغم من أنهم قاتلوا قتال الأسود إلا أن رمى النبال قضى على أكثرهم ولم ينج منهم إلا عدد قليل.
الذين نادوا بالانتقام من الرموز التي ساهمت بقتل الإمام {ع} وكذلك ظهور المختار المفاجئ، الذي استطاع أن يعلن حكومته الموالية لأهل البيت في الكوفة، والانتقام من القتلة، وبعدها تم القضاء على حملة عبيد الله بن زياد وقتله في معركة الخازر بقيادة إبراهيم بن مالك الأشتر، أصبحت الشيعة تنعم بنوع كبير من الحرية والطمأنينة، فسارعت بزيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام والشهداء من أهل بيته وأصحابه، فظهر القبر الشريف وأصبح محط أنظار الشيعة خاصة من الكوفة والمدائن والبصرة، وطبيعي أن هؤلاء الزوار الذين يقطعون المسافات البعيدة لزيارة القبر الشريف يحتاجون إلى ظل يستظلون به، وخصوصا إذا كان الزائر يبقى اليوم أو اليومين أو أكثر عند القبر، فمنذ ذلك الحين بني على القبر الشريف سقيفة، راي يقول" أن بني أسد الذين دفنوا الحسين عليه السلام هم أول من بنى هذه السقيفة على القبر، حيث أكد ابن طاووس بقوله: إنهم أقاموا رسما لقبر سيد الشهداء.
احوال الكوفة بعد معركة كربلاء: ینقسم الكوفيون إلى ثلاث فئات:
1-الفئة أالاولى قليلة العدد وهم من اخلص المخلصين عندما أقبل الحسين للكوفة التحقوا به مثلحبيب بن مظاهر الأسدي ونافع بن هلال الجملي...
2- فئة ثانية كانت على نقيض الفئة الأولى لا تحفل بعقيدة، كانت ترى في الحسين رجل الساعة الخليق بالتأييد والنصرة، فهي أيضا لم تر بأساً وقد مالت الكفة مع ابن زياد أن تميل معها وتقاتل الحسين وأصحابه.
3- فئة ثالثة كانت وسطاً بين الفئتين، فلا هي نصرت الحسين ولا هي نفرت لقتاله لكنها انكمشت على نفسها تنكر المنكر بقلبها، حتى إذا قتل الحسين ندمت على تركها نصرته وتلاومت فيما بينها، ورأت أنها قد أخطأت خطأ كبيراً. من هذه الفئة انبعثت فكرة الثورة التي عرف رجالها باسم «التوابين»، فأخذوا يجتمعون بعد مقتل الحسين بن علي مباشرة في إطار من السرِّية التامّة، وعند الاجتماع يعقدون مناقشات أشبه ما تكون بالنقد الذاتي، ذلك لمحاسبة أنفسهم على التقصير الذي أظهروه إزاء الحسين[ع]، والتشاور على كيفية التكفير عن الذنب وغسل العار الذي لحق بهم نتيجة هذا التخاذل .فتزعّم التحرّك الشيعي حينئذٍ خمسة من كبار الزعماء الكوفيين المتقدّمين في السنّ، الذين ارتبطوا تاريخياً بالحركة الشيعية، وهم: سليمان بن صُرد الخزاعي: وهو من أصحاب الامام علي [ع]شارك معه في حروبه.2ـ المُسَيّب بن نجبة الفزاري: تابعي، شهد القادسية، وحضر مع علي كل مشاهده .وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي. وعبد الله بن وائل التميمي. ورفاعة بن شدّاد البجلي. كلّهم من صحابة الإمام علي ومن المؤيِّدين له.
**أهداف الثورة :يمكن تلخيص أهداف ثورة التوّابين بالنقاط التالية:
1 إزاحة الأُمويّين من السلطة في الكوفة، وتحويلها إلى قاعدة للحكم الشيعي الذي ينبغي أن يسود في مختلف أقاليم الدولة.2ـ أخذ القصاص من المسؤولين عن قتل الإمام الحسين، سواء الأُمويّين أو غيرهم .3 تجسيد فكرة الاستشهاد، من خلال الجهاد من اجل العقيدة الشيعية. وتم ختيار سليمان بن صُرد زعيماً لهم؛ لسبقه في الإسلام وصحبته للرسول{ص}، وأوثقهم علاقة بالإمام علي وأبنائه، وله مكانته القبلية.
*** زيارة قبر الحسين :جمع سليمان بن صرد الخزاعي التوّابين في منطقة النخيلة في الخامس من ربيع الثاني سنة 63 او 64 ه، ثمّ سار بهم إلى قبر الإمام الحسين، وصار عددهم يقارب أربعة آلاف رجل، فما أن وصلوا إلى القبر الشريف حتّى صاحوا صيحة واحدة، وازدحموا حول القبر أكثر من ازدحام الحُجّاج على الحجر الأسود فما رؤي أكثر باكياً من ذلك اليوم، فترحّموا عليه، وجددوا العهد معه. تلك الفترة هل كان القبر مبنيا معروفا من خلال بناءه . او رصف عليه حجر فقط .لان السلطات كاوا يهدمونه بين فترة واخرى.ليمنعوا الزوار من الوصول اليه ويرى بعض المؤرخين أن المختار الثقفي هو الذي قام بتشييد البناء على القبر وبنى بيوت انصاره من حوله .مهما يكن من الأمر فإن البناء ظهر في الفترة التي حدث فيها انفراج نسبي للشيعة، أي منذ فترة موت يزيد وهروب عبيد الله بن زياد من العراق، وحتى تولي المختار قيادة السلطة في الكوفة، ثم فترة ما بعد المختار، أي في فترة ولاية مصعب بن الزبير على العراق، نعمت الشيعة بنوع من الحرية، أتاح لها زيارة القبر الشريف لسيد الشهداء{ع}وبقي هذا البناء طيلة الحكم الأموي وإلى قيام الدولة العباسية، كما يظهر من رواية صفوان الجمال، عن الإمام الصادق{ع}، أنه قال:
"إذا أردت قبر الحسين في كربلاء، فقف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر، ثم ادخل الروضة وقم بحذائها من حيث يلي الرأس، ثم اخرج من الباب الذي عند رجلي علي بن الحسين{ع} ثم توجه إلى الشهداء، ثم امش حتى تأتي مشهد أبي الفضل العباس فقف على باب السقيفة وسلم".نستدل من هذه الرواية بأنه كانت على القبر الشريف قبة، وعلى قبر أبي الفضل العباس سقيفة وباب، للولوج إلى داخل السقيفة.
ولصفوان الجمال أيضا حديث عن الإمام الصادق عليه السلام:"إذا أردت زيارة الحسين بن علي، فإذا أتيت الباب فقف خارج القبة، وارم بطرفك نحو القبر (وقل) ثم ادخل قدمك اليمنى وأخر اليسرى، ومن ثم ادخل الحائر وقم بحذائه". كلمة الحائر ما كانت في بداية بناء القبر الشريف.
في رواية أبي حمزة الثمالي عن الصادق{ع}قال: إذا أردت زيارة قبر العباس بن علي {ع}وهو على شط الفرات بجانب الحائر فقف بباب السقيفة .يتضح من الروايات وجود مسجد للحسين{ع} سقيفة، تظلها سدرة حتى الأيام الأخيرة للعهد الأموي. التي قلعها هارون العباسي.
هناك روايات عديدة تقول إن أول من بنى قبر الحسين (ع) هم بنو أسد بعد أن دفنوه وأصحابه وذلك عام (61هـ)[نزهة أهل الحرمين ص (14] ويستدل على ذلك أن التوابين عندما كانوا يأتون لزيارة قبر الحسين كان هناك قبراً مبنياً شاخصاً كما ذكر ابن طاوس في كتابه (الإقبال): (إنهم ــ أي التوابين ــ أقاموا رسماً لقبر الحسين بكربلاء يكون علماً لأهل الحق. ويدل خبر مجيء التوابين إلى القبر الشريف في سنة هلاك يزيد (63هـ) كان ظاهراً معروفاً ولا يكون ذلك إلّا ببنائه).بقي هذا البناء حتى عام (66هـ/680م) حيث أمر المختار بن أبي عبيدة الثقفي بتشييد بناء ثانٍ على القبر الشريف أوسع منه وبنى قرية صغيرة حوله من الطين وسعف النخيل, وقد وصفت المصادر هذا البناء بأنه يتكوّن من قبة من الآجر بنيت على القبر وبجانبها مسجد له بابان (2ــ تاريخ كربلاء المعلى ص10).
وبقي هذا البناء حتى انتهاء الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية التي مرّ على القبر الشريف في عهدها مراحل مختلفة وعديدة حاولت فيها محو آثار القبر وطمس معالمه لكن الله شاء أن يزداد رفعة وسمواً بعد كل محاولة كما قال الإمام زين العابدين (ع):(وينصبون بهذا الطف علما لقبر سيد الشهداء لا يدرس أثره، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام، وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا ظهورا، وأمره إلا علوا).يعلل الدكتور عبد الجواد الكليدار فترة ــ الهدوء النسبي الذي مرّ على القبر الشريف في العهد الأموي بالقول: (ولعل الفترة التي مضت على القبر المطهر من بعد وقعة الطف إلى أواخر الدولة الأموية كانت أهدأ دور مضى على الحائر لأنهم اكتفوا حسب الظاهر ــ بما اقترفوه من قتل وتمثيل [تأريخ كربلاء / ص 173] الأمويون كفّوا أيديهم عن القبر ليس ورعاً وخشية من الله، بل خوفاً من ثورة الرأي العام ضدهم خاصّة أنهم انشغلوا بإخماد الثورات العلوية وغيرها منها ثورة زيد بن علي وابنه يحيى الذي زار قبر الحسين مع أصحابه قبل أن يعلن ثورته، ومما يدل على ذلك أنهم أقاموا المسالح والمخافر المدججة بالسلاح لمطاردة الزوار وممارسة أقسى العقوبات بحقهم. اما اول تهديم للقبر الشريف كان على يد المنصور العباسي ..تشير المصادر أن المنصور العباسي هو أول من هدم قبر الحسين{ع} كما يشير مكن كتبوا تاريخ القبر الشريف لكنهم لم يحددوا السنة التي تم فيها هذا الهدم, غير أن الباحث الأستاذ يعقوب نعوم سركيس يقول: (إن المنصور هدم قبر الحسين سنة (146هـ). أي بعد وصول العباسيين للحكم بأربعة عشر سنة .
ولكن الشيعة كانوا يقومون ببنائه , فجعلوا عليه المسالح ومنعوا الزوار من الوصول اليه وتم منعهم تماما . ولكنهم كانوا يسيرون ليلا ويزورونه رغما على السلطات .وحصلت موافقة المهدي العباسي سمح للشيعة ببنائه وفسح المجال لهم بزيارته وذلك عام (158هـ) وقد بقي هذا البناء حتى عهد هارون الرشيد. الذي هدمه وقلع السدرة التي يستضل تحتها الزوار .وهدم جميع الدور التي بنيت حول القبر الشريف, لذلك يعتبرونه ابناء المذاهب انه شخصية مهمة في الإسلام السني، يُنظر إليه على أنه خليفة قوي وعادل، اشتهر بعهده المزدهر واهتمامه بالعلم والأدب والغناء. واول زائر هو عبد الله بن الحر الجحفي وهو القائل :
فَيا لَك حَسرَةً ما دُمتُ حَيّاً /// تُرَدِّدُ بَينَ حَلقي وَالتَراقي
حُسينٌ حينَ يَطلُبُ نَصري//عَلى أَهلِ العَداوَةِ وَالشَقاقِ
وَلَو أَنّي أُواسيهِ بِنَفسي///////لَنِلتُ كَرامَةً يَومَ التَلاقي
مَع اِبنِ المُصطَفى نَفسي فداهُ// فَيا للَّهِ مِن أَلَمِ الفراقِ
فَما أَنسى غَداةَ يَقولُ حزناً//أَتَترُكُني وَتَزمَعُ لانطِلاقِ
فَلَو فَلَقَ التَلَهُّفُ قَلبَ حَيٍّ////لَهَمَّ القَلبُ مِنّي بِانفِلاقِ
فَقَد فازَ الأُلى نَصروا حُسَيناً//وَخابَ الآخَرونَ أُولو النِّفاقَ
**الزائر الثاني سليمان بن قنة .. اما الزيارة المشهورة التي التقى فيها جابر بن عبد الله الانصاري مع الامام زين العابدين{ع} يقول:عطية العوفي خَرَجْتُ مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ زَائِرَيْنِ قَبْرَ الْحُسَيْنِ(ع) فَلَمَّا وَرَدْنَا كَرْبَلَاءَ دَنَا جَابِرٌ مِنْ شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ائْتَزَرَ بِإِزَارٍ وَ ارْتَدَى بِآخَرَ ، ثُمَّ فَتَحَ صُرَّةً فِيهَا سُعْدٌ فَنَثَرَهَا عَلَى بَدَنِهِ ، ولَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلَّا ذَكَرَ اللَّهَ ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْقَبْرِ قَالَ أَلْمِسْنِيهِ ، فَأَلْمَسْتُهُ فَخَرَّ عَلَى الْقَبْرِ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ ، فَرَشَشْتُ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنَ الْمَاءِ فَأَفَاقَ .َ قَالَ : يَا حُسَيْنُ ـ ثَلَاثاً ـ ثُمَّ قَالَ : حَبِيبٌ لَا يُجِيبُ حَبِيبَهُ .وأَنَّى لَكَ بِالْجَوَابِ وَقَدْ شُحِطَتْ أَوْدَاجُكَ عَلَى أَثْبَاجِكَ ، وَ فُرِّقَ بَيْنَ بَدَنِكَ وَ رَأْسِكَ ، فَأَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ النَّبِيِّينَ ، وَ ابْنُ سَيِّدِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ ابْنُ حَلِيفِ التَّقْوَى وَسَلِيلِ الْهُدَى ، وَخَامِسُ أَصْحَابِ الْكِسَاءِ ، وَ ابْنُ سَيِّدِ النُّقَبَاءِ ، وَ ابْنُ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ ، وَ مَا لَكَ لَا تَكُونُ هَكَذَا وَ قَدْ غَذَّتْكَ كَفُّ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ، ورُبِّيتَ فِي حَجْرِ الْمُتَّقِينَ ، وَ رَضَعْتَ مِنْ ثَدْيِ الْإِيمَانِ وفُطِمْتَ بِالْإِسْلَامِ ، فَطِبْتَ حَيّاً وَ طِبْتَ مَيِّتاً ، غَيْرَ أَنَّ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ طَيِّبَةٍ لِفِرَاقِكَ ، ولَا شَاكَّةٍ فِي الْخِيَرَةِ لَكَ ، فَعَلَيْكَ سَلَامُ اللَّهِ وَ رِضْوَانُهُ وأَشْهَدُ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ أَخُوكَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا . ثُمَّ جَالَ بِبَصَرِهِ حَوْلَ الْقَبْر وَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّتهَا الْأَرْوَاحُ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنَاءِ الْحُسَيْنِ وَ أَنَاخَتْ بِرَحْلِهِ اشْهَدُ أَنَّكُمْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ ، وَ آتَيْتُمُ الزَّكَاةَ ، وَأَمَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ نَهَيْتُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَ جَاهَدْتُمُ الْمُلْحِدِينَ ، وَ عَبَدْتُمُ اللَّهَ حَتَّى أَتَاكُمُ الْيَقِينُ ، وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ لَقَدْ شَارَكْنَاكُمْ فِيمَا دَخَلْتُمْ فِيهِ .قَالَ عَطِيَّةُ : فَقُلْتُ لِجَابِرٍ ، وَكَيْفَ وَ لَمْ نَهْبِطْ وَادِياً ، وَ لَمْ نَعْلُ جَبَلًا ، وَلَمْ نَضْرِبْ بِسَيْفٍ والْقَوْمُ قَدْ فُرِّقَ بَيْنَ رُءُوسِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَأُوتِمَتْ أَوْلَادُهُمْ ، وَأَرْمَلَتِ الْأَزْوَاجُ فَقَالَ لِي : يَا عَطِيَّةُ ، سَمِعْتُ حَبِيبِي رَسُولَ اللَّهِ (ص) يَقُولُ : " مَنْ أَحَبَّ قَوْماً حُشِرَ مَعَهُمْ ، وَمَنْ أَحَبَّ عَمَلَ قَوْمٍ أُشْرِكَ فِي عَمَلِهِمْ " والَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِيّاً إِنَّ نِيَّتِي وَ نِيَّةَ أَصْحَابِي عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ وأَصْحَابُهُ ،بينا هو يحدثني اذ طلع علينا سواد من ناحية الشام فقلت : يا جابر! هذا سواد قد طلع من ناحية الشام، فقال جابر لعبده : انطلق إلى هذا السواد وأتنا بخبره ، فإن كانوا من أصحاب عمر بن سعد فارجع إلينا لعلَّنا نلجأ إلى ملجأ، وإن كان زين العابدين فأنت حرٌّ لوجه الله تعالى.: فمضى العبد ، فما أسرع من أن رجع وهو يقول : يا جابر! قم واستقبل حرم رسول الله(ص)هذا زين العابدين[ع]جاء بعمَّاته وأخواته، فقام جابر يمشي ، حافي القدمين مكشوف الرأس، إلى أن دنا من زين العابدين فقال الإمام : أنت جابر ؟ فقال : نعم يا ابن رسول الله ، فقال : يا جابر! ههنا والله قتلت رجالنا ، وذبحت أطفالنا ، وسبيت نساؤنا ، وحرقت خيامنا . وعلا البكاء واللطم . واجتمع إليهم نساء أهل السواد ، فنادت زينب بصوت يقرح القلوب وا أخاه وا حسيناه يا حبيب رسول الله ، يا ابن مكة ، ومنى وا ابن فاطمة الزهراء وابن علي المرتضى.صارت تنادي.
بالله عليك مر بينا يحادي الابل //مر بحسين نشكيله الهظم والذل
ذل وهظم نشكيله وفرقه البين دلاها العليل ويهلّ دمع العين// يا عمة كبور اهالينا هذي وذاك قبر حسين//وهاي قبور اخوتج والاصحاب الكل
- يا جسم الربه إبحضن الزجيه//وابحضن طه المصطفى وحيدر وصيّه // تالي الجسم هذا تگطْعه اسيوف أُميّه/وخواتك تنسبي أو تمشي ويالجناب/ تنادي لو ينكشف يا حسين قبرك//أشگ اللحد وتمدد بكترك // يا ريت عمري قبل عمرك// وإنت اللي تكفني يا لحسين.. يا نازلين بكربلا هل عندكم ...خبر لقتلانا وما اعلامها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat