اتفاقية خور عبد الله تعيد فتح ملف السيادة البحرية والجزر العراقية المسلوبة

كتابات في الميزان / اتفاقية خور عبد الله، التي أبطلتها المحكمة الاتحادية، فجّرت جدلاً واسعاً أعاد إلى الواجهة مطالبات شعبية وسياسية بمراجعة التنازلات الحدودية مع الكويت، بما يشمل الجزر الاستراتيجية وربة وبوبيان، وسط اتهامات لحكومات ما بعد 2003 بالتفريط بسيادة العراق البحرية تحت ضغوط دولية وتواطؤ داخلي.

في ظل تصاعد الجدل السياسي والشعبي حول اتفاقية خور عبد الله، تعود إلى الواجهة من جديد ملفات السيادة البحرية والحدودية بين العراق والكويت، وسط مطالبات عراقية بمراجعة شاملة للاتفاقيات التي وقّعت عقب حرب الخليج الثانية، والتي يراها كثيرون مجحفة بحق العراق.

الاتفاقية التي أبرمت عام 2012 وصادق عليها البرلمان العراقي، باتت موضع طعن دستوري بعد أن قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستوريتها، ما فتح الباب أمام نقاش أوسع حول السيادة العراقية المهدورة في تلك المرحلة.

ولا تقتصر المطالبات اليوم على ممر خور عبد الله البحري فحسب، بل تمتد لتشمل أراضي وجزرًا ذات أهمية استراتيجية، وفي مقدمتها جزيرتا وربة وبوبيان الواقعتان عند مدخل شط العرب، واللتان ظلتا ضمن الجغرافيا العراقية الطبيعية قبل التعديلات الحدودية المفروضة بعد عام 1991 بضغط من مجلس الأمن الدولي.

ويرى مراقبون أن إعادة فتح ملف هاتين الجزيرتين بات ضرورة وطنية، لا سيما في ضوء تغير المعطيات السياسية والقانونية، واستمرار العراق بعدم الاعتراف الصريح بتلك التعديلات، التي جرى فرضها في ظل الحصار وليس بموجب توافق سيادي حر.

خرائط تثبت عراقية الأرض

لا يحتاج العراقي إلى دليل أو وثيقة جديدة ليدرك أن خور عبد الله وجزيرتي وربة وبوبيان تمثلان امتدادًا طبيعيًا وتاريخيًا للأرض العراقية، فالتاريخ والجغرافيا والسيادة جميعها تؤكد انتماء هذه المناطق إلى العراق.

هذه الأرض لم تحدد هويتها عبر قرارات أممية صيغت في لحظة انهيار سياسي بعد 1991، بل خُطت معالمها بدماء العراقيين، ووُثقت في خرائط رسمية عثمانية وبريطانية كمناطق عراقية تابعة لولاية البصرة.

خور عبد الله، الشريان البحري الوحيد للعراق، يمثل منفذه الأهم إلى الخليج العربي والعالم، وهو الممر الرئيسي نحو ميناء أم قصر، حيث تمر غالبية التجارة البحرية، وهذا الخور الذي يمتد بين شبه جزيرة الفاو العراقية وجزيرة بوبيان، ظل طوال تاريخه تابعًا إداريًا للبصرة، إلى جانب مناطق الزبير وسفوان والفاو، قبل أن تبدأ الكويت ببسط نفوذها عليه بعد انتهاء حرب الخليج الثانية.

ويشير مراقبون إلى أن القرار الأممي رقم 833، الذي أقرّ في ظل الحصار والتعبئة الدولية ضد العراق، مثّل ذروة التعدي على السيادة العراقية، إذ جرى بموجبه ترسيم الحدود البرية والبحرية لصالح الكويت دون الرجوع إلى إرادة الشعب العراقي أو مؤسساته، ما يجعل شرعيته القانونية والأخلاقية محل طعن دائم، كونه يتناقض مع مبادئ القانون الدولي التي ترفض فرض الحدود تحت الإكراه أو في ظروف الاحتلال والضعف.

جزر وربة وبوبيان.. امتداد سيادي وتاريخي للعراق

جزيرة وربة، على وجه الخصوص، تقع أقرب إلى الساحل العراقي منها إلى أي نقطة كويتية، وتشير الوثائق العثمانية الرسمية إلى استخدامها من قبل ولاية البصرة كموقع عسكري ومركز مراقبة في بدايات القرن الماضي.

تمثّل جزيرتا وربة وبوبيان أكثر من مجرد نقاط جغرافية متنازع عليها، بل هما جزء لا يتجزأ من الأرض والسيادة العراقية.

جزيرة وربة، على وجه الخصوص، تقع أقرب إلى الساحل العراقي منها إلى أي نقطة كويتية، وتشير الوثائق العثمانية الرسمية إلى استخدامها من قبل ولاية البصرة كموقع عسكري ومركز مراقبة في بدايات القرن الماضي، أما جزيرة بوبيان، الأكبر مساحة، فكانت مأهولة بصيادي البصرة لسنوات طويلة قبل أن تستولي عليها الكويت خلال الحقبة الاستعمارية، بدعم وتسهيل بريطاني واضح.

تشير الخرائط القديمة، والمراسلات الرسمية العثمانية والبريطانية، إلى عراقية هذه الجزر والخور المحيط بها، والتي جرى اقتطاعها في لحظة ضعف سياسي بعد 2003، بتواطؤ بعض الحكومات العراقية، إمّا خوفًا أو مجاملة أو رضوخًا لضغوط خارجية.

ويرى مراقبون أن الصمت الرسمي العراقي إزاء تحوّل وربة إلى قاعدة عسكرية كويتية، وقبول الخنق البحري عبر السيطرة على خور عبد الله، هو تفريط خطير بمقدرات العراق ومستقبله الاقتصادي. فالأمر لم يعد خلافًا حدوديًا، بل امتدادًا لمحاولة إغلاق العراق بحريًا.

وثيقة تعود للحقبة العثمانية

وكشف محلل سياسي عراقي عن وثيقة تاريخية نادرة تعود إلى الحقبة العثمانية، يمتلكها مواطن عراقي، وتثبت بحسب ما ورد ملكية جدّه لجزيرة وربة، الواقعة على الحدود البحرية بين العراق والكويت، والتي كانت ولا تزال محور جدل سياسي وجغرافي بين البلدين.

وأظهرت الوثيقة، المصنفة كسند ملكية عثماني رسمي، أن الجزيرة كانت تحت ملكية خاصة لجده في أواخر العهد العثماني، ما أعاد تسليط الضوء على الخلاف الحدودي القديم بين بغداد والكويت، خاصة في ظل تعقيدات السيادة الإقليمية في منطقة الخليج.

واثار الكشف عن السند موجة تفاعل على منصات التواصل الاجتماعي، حيث دعا بعض المستخدمين الجهات الرسمية العراقية إلى التحقق من الوثيقة ومتابعة الأمر قانونياً ودبلوماسياً، فيما شكك آخرون في إمكانية اعتماد وثائق عثمانية كأساس لمطالب سيادية في العصر الحديث.

ويذكر أن “جزيرة وربة، إلى جانب جزيرة بوبيان، تعد من أكثر المناطق حساسية في العلاقات العراقية–الكويتية، خصوصاً بعد حرب الخليج الثانية وما تبعها من ترسيم للحدود برعاية الأمم المتحدة.

إلغاء الاتفاقية غير كافي للسيادة على الخور

وفي خضم التصعيد السياسي المتزايد حول اتفاقية خور عبد الله، برزت مواقف برلمانية تنبّه إلى خطورة الانجرار وراء ما وصفته بـ”الشعارات الشعبوية” التي تتجاهل التعقيدات القانونية والواقعية للملف، فقد أكد النائب باسم خشان، أن إلغاء الاتفاقية، رغم كونه أمرًا واردًا داخل مجلس النواب، لن يكون كافيًا لاستعادة السيادة العراقية الكاملة على الخور أو على الجزر المحيطة به، محذرًا من أن بعض الأصوات التي ترفع شعار “الخور عراقي 100%” لا تقدم حلولاً عملية، بل تسعى لتسجيل مكاسب سياسية في موسم انتخابي محتدم.

وأشار خشان إلى أن الاتفاقية باتت بيد مجلس النواب، ويتطلب إلغاؤها تصويت ثلثي الأعضاء، وهو أمر مرجّح بحسب المعطيات الراهنة، لكن ما بعد الإلغاء لا يزال غير واضح. فهل ستمنع السفن الكويتية من الوصول إلى جزر وربة وبوبيان؟ وهل سيطالب أصحاب الخطاب المتشدد باستعادتها سلماً أو حرباً؟

كما أشار إلى أن السيادة البحرية لا تحسم بالشعارات، بل بخطوط قانونية متعارف عليها مثل خط المنتصف أو “خط التالوك”، وكلاهما يمنح الكويت جزءًا من الخور، مما يتعارض مع الطرح القائل بالسيادة المطلقة. وختم خشان بالتأكيد على أن الشعبوية الانتخابية لا تبني دولًا، بل تصنع ضجيجًا موسميًا ينتهي بانتهاء التصويت.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/07/13



كتابة تعليق لموضوع : اتفاقية خور عبد الله تعيد فتح ملف السيادة البحرية والجزر العراقية المسلوبة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net