العمارة الإسلامية رسالة حضارية في حركة الزمن (2)
د . نضير الخزرجي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . نضير الخزرجي

تأريخ أمة....
ربما يتبادر الى الذهن، أن البحث خاص بعمارة المرقد الحسيني، بوصفه من المعالم الإسلامية الشاخصة، الذي يترجم نبوءة السيدة زينب بنت علي (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وهي تحدث شريكها في الأسر الكربلائي، الإمام علي بن الحسين السجّاد (عليه السلام): (لقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة، لا تعرفهم فراعنة هذه الأمة، وهم معروفون من أهل السماوات، أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة، فيوارونها وهذه الجسوم المضرّجة، وينصبون لهذا الطف علماً لقبر أبيك سيد الشهداء لا يُدرس أثره، ولا يعفى رسمه، على مرور الليالي والأيام، وليجتهدن أئمة الكفر، وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلا ظهوراً وأمره إلا علوا).
ولكن تاريخ المرقد الحسيني، بما أتى به الشيخ الكرباسي، إنما يحدث عن تاريخ امة، سكنت العراق وما جاوره، وما حلّ بها عبر القرون، بوصفها أمة تتنازعها الولاء مرة لأهل البيت (عليهم السلام)، وأخرى للحاكم الذي يغيظه انصراف الناس عن مبتنياته السياسية أو المذهبية، فيطال اعتداؤه على الأمة اعتداء على مقدساتها وما تحب، ولذلك فان قراءة تاريخ المراقد هو في حقيقة الأمر قراءة لتاريخ امة تمركزت في العراق وتشظـّت عبر البلدان الإسلامية، بكل تفاصيل حياتها من اجتماع واقتصاد وسياسة وثقافة وعلوم وغيره، وهي ما بين مد وجزر من شؤون حياتها اليومية، وبخاصة شرائح المجتمع المسلم التي توطنت واستوطنت مدينة كربلاء المقدسة.
وتاريخ المراقد في احد أوجهه سيرة ذاتية للشخصيات البارزة التي اتخذت من مدينة الحسين مسكنا أو مدفنا أو محلا للعلم، أو مرت عليها لائذة من ضنك الحياة ومخالب الظلمة، أو أنها غدت عليها معتدية، لاسيما وان المصنف يتابع دقائق الأمور باليوم والشهر والسنة، وبالتالي هو تطواف في عالم الحوادث وشخوصه، وقراءة متأنية في وقائع الأيام، مع تشخيص لما آل إليه كل قرن، وما حل على مدينة الحسين، ملخصا أوراق الزمن خريفها وربيعها بعبارات جزيلة ومفيدة تقدم عنها صورة عامة، فعلى سبيل المثال، فان الدكتور الكرباسي عندما يتحدث عن عموم مدينة الحسين والمرقد الشريف في القرن الخامس الهجري الذي ابتدأ به الجزء الثاني من تاريخ المراقد يشير الى انه: ازدهرت كربلاء في عهد البويهيين ازدهاراً واسعا فنشطت فيها التجارة والصناعة والزراعة كما نشط الجانب العلمي والفكري والأدبي فبرع فيها الشعراء والعلماء والأدباء والمفكرون وتفوقت مركزيتها الدينية والعلمية.
وعندما يتحدث عن كربلاء في عهد دولة الخروف الأبيض، يكتب: وبقي الحائر في عهد سلطنة السلالة التركمانية آق قويونلو (دولة الخروف الأبيض) التي حكمت ما بين (874-914 هـ)على حاله إذ ليس لهذه الدولة من أعمال تستحق الذكر في كربلاء بل كان جل أعمالها محصورة في الحروب والسياسات العامة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat