الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يقطعان رزقا ولا يقدمان من اجل
بهلول المجتبى 

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دور مهم في إبقاء توحيد الخالق ووجوب عبادته في سلوك الناس ويعتبر من أعظم أركان الدين في شريعة الهدى عند المسلمين، وعند أي منعطف زماني تعم به الفوضى وتنتشر الرذائل وتظهر سرابيل المنكر واستيلاء الفاسدين على منابع الحكم يصبح لابد من ثورة تستنهض هذه القيم، ولأن هذه السمات العزيزة على الله تبارك وتعالى والتي اخبرنا عنها أينعت من ذاته الخالقة:(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل/90 ويصفها في آية أخرى للرسول (ص): 
(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} الأعراف/199 ويصفها في آية أخرى للمؤمنين: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) آل عمران/110 وآيات كثيرة تذم من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويقول الرسول (ص):
(أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر) يُقتل عليها صاحبها ويقول الإمام علي عليه السلام: (إذا لم يعرف القلب المعروف والعقل المنكر، ولم ينكر المنكر نكس) وسمي المعروف معروفا لأن القلوب تعرفه فلا تنكره، والعقل يشمئز من المنكر وينفره وينكره وبهذا نستدل على إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شامل لجميع أنواع الشريعة، وكلام شامل للظاهر والباطن من الاعتقادات والنيات وبالنظر إلى الأمر بالمعروف يتبين إن الأمر بالمعروف هو الأمر بإتباع الدين وما يقره العقل، ومعنى النهي عن المنكر طلب الكف عن فعل أو قول ما ويقصد منه السعي لزوال المنكر وردع الناس عنه. فثورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجسدت بأصدق صورها في شخصية مفجرها الإمام الحسين (ع)، لأن كل حركة يراد بها التصحيح والإصلاح لابد لمفجرها أن تكون له روح نضالية وقرار ذاتي لأجل الله تعالى وتثبيت قيمه وتعاليمه على الأرض الإيمانية الصلبة الثابتة، وعمله لم يأت جزافا إنما إيمانه بالمبادئ والقيم السماوية جعلته ينظر بمصداقية لهذه الحياة التي حاول الجاهلون العبث بها وترهيب الناس وترغيبهم بالمغريات الدنيوية، والابتعاد عن سنن الكون التي سنها المولى عز وجل وتعبئة الجماهير بالأحقاد والضغائن وتخدير عقولهم بحب الدنيا وملذاتها وقبولهم بالأمر الواقع دون الالتفات إلى الغد، وهذا ما نفذه النظام المرتد منذ نشأته واستمرت المهاترات والاستهتار بقيم الله عز وجل، (تاريخ دمشق ج66ص339) .
فالحسين (ع) كان يمتلك قوة إيمانية صلبة ثابتة هي أساس حركته ومسيرته البناءة، وله إيمانه وحرصه على تثبيت سنن الله وقيمه ومبادئه على الأرض، كانت الغاية التي يسمو إليها فنهضته لم تأتِ ارتجالا أو جزافا بل من منطلق إيماني فهو ابن أول مؤمن بالإسلام وصي النبي (ص) الذي لم يسجد لصنم، وقد نشأ وتربى في حجر جده الرسول (ص) ورضع لبن النبوة من بضعة النبي المختار سيدة نساء العالمين عليها السلام، وتعلم الحكمة والبلاغة والفصاحة في مدرسة وصي رسول الله أبوه الإمام علي (ع)، ليمتلك روح التقوى والصلاح في طاعة الله المطلقة بكافة العبادات ومنها الجهادية نتج عنها سلوكية ومنهجية ومسيرة نضالية، (مقاتل الطالبيين ص28) فيتسم إدراك التمايز داخل الجذر التكويني للثورة الحسينية معالم كل خطوة حياتية عاشها الحسين (ع) لكونها اختزلت نبوءات الرسول (ص) والإعداد التربوي لنشأته (المولد ـ البيت ـ الشباب ـ الثورة) لتصبح شواهدا لهدف يحمل كل هذه السمات المعطاءة التي تجلت في معظم مفردات الخطاب الحسيني: ( إنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وانهى عن المنكر) (حياة الإمام الحسين ص322)


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بهلول المجتبى 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/06/04



كتابة تعليق لموضوع : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يقطعان رزقا ولا يقدمان من اجل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net