صفحة الكاتب : زينب آل غزوي

فاعلية السر المستودع والمعرفة الغيبية (السَّر الأقدس )
زينب آل غزوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 حين تكون الهدية خاصة جدًا ويكون المُهدي هو أكرم الأكرمين، ويكون المُهدى إليه هو سيد الخلق وأفضلهم على الإطلاق، فلا بد أن تكون الهدية بأعلى مستويات الكمال، لا بد أن تكون خلقًا متفردًا في كل جوانبها، تلك هي فاطمة. 

مخلوقةٌ لا يمكن لعقلٍ بشريٍّ قاصر أن يقترب من معرفتها بحقيقتها، تحدثنا الروايات الواردة أن نُطفتها من أعلى ثمار شجرة طوبى، الشجرة التي لم يغرسها مَلك، بل غُرست في أعلى عليين بيد القدرة، فهي إذن جسمٌ ملكوتيٌّ بامتياز لا يليق بهِ روحٌ أقلُّ قداسة لذلك، كانت روحها من نور عظمة الله.
كل هذا الفيض من الأنوار أعظم بكثير من أن يحيط به البشر، فهي سرٌّ مكنون وكل ما يتعلق بها هو سر، مكانتها، حقيقتها، منزلتها، القدرة الممنوحة لها من السماء، بل حتى قبرها، كل ذلك مجهول.

وأما السر فيها فمهما يكن، وأي احتمال وضع لمعناه، سواء كان مُحسِنُها، أو مهديها، أو مِصحفها، أو عدا ذلك من الاحتمالات، فهو يبقى سرَّ الخالق المستودع بحكمته في أَمَته، الذي له الأثر البالغ في هذه النشأة الدنيا.
أولا.. يفسر بعض العلماء هذا السر بأنه المحسن السقط.. الشهيد الأول في طريق الدفاع عن الإمامة، سبطٌ ثالث للنبي وأخ للحسن والحسين يُذكر أنه حين أُسقط كان مكتمل النمو.. هذا الشهيد له شأن عظيم عند الله سبحانه وتعالى، ليس فقط لأنهُ من أعظم بيت على وجه الأرض، وليس لأنه فقط سبط الرسول "صلى الله عليه وآله"، أو لأنه قُتل قبل أن يفتح عينيه على هذه الدنيا، بل أيضًا لأنه قُتل بطريقة في غاية البشاعة، ودون أي مبرر للقتل، ولا يشكُّ عاقل من أنه أعظم من فصيل ناقة صالح. 
ولولا أن هذه الأمة مرحومة لحلَّ بهم كما حلَّ بثمود، فمظلوميته وخفاء قبره "كأمَّهِ فاطمة " بلا شك حدَثٌ غيَّر وجه التاريخ.

ثانيا.. إن كان السر هو مُصحفُ فاطمة ذلك الذي طالما كان مثيرًا للجدل.. فهو مواساةٌ من الملأ الأعلى، لقلب فاطمة الفاقد والمجروح، نزلت به الملائكة وأملَتْهُ فاطمة، وكتبهُ علي عليهما السلام، به ما كان وما يكون وما هو كائن، كتاب كهذا لا بد أنه سرٌّ بالغ العظمة، كتاب يرسم للمطَّلعينَ عليه معالم الطريق بوضوح، ولقد اطَّلع عليهِ أمير المؤمنين، وأطلع بعض من أصحابه (ممن يتسعُ وعاؤهُ) على بعض علومه.. كما مع ميثم التمار وحبيب بن مظاهر وغيرهما.. 
لقد كان لهذا الكتاب أثر بطريقةٍ ما على ثبات هؤلاء على الطريق الصحيح، وإثبات ذلك للآخرين، بل وحتى إثبات إمامة أمير المؤمنين واتصاله بالسماء

ثالثا.. المهدي "عجل الله تعالى فرجه" فهو بلا شك من أعظم أسرار الخالق سبحانه، والمُخَلِّصُ الذي تنتظره البشرية منذ نشأتها، لِيُحقِّقَ وعد الله بالدولة الموعودة، المُنتظر الذي لولا وجوده لساخت الأرض بمن عليها، ولولا دعاؤه ورعايته لحلَّ بنا البلاء، إن بركات وجوده "سلام الله عليه" تكاد لا تعد ولا تحصى، أو ليس أنَّا إذا استشعرنا وجوده نما فينا الأمل، وانقدحت فينا شرارة الحماس للتمهيد لدولته، وصغُر في أعيننا ما نكابد من مصائب في بُعده، فهو أمان أهل الأرض، وأمنية سكان السماء.
شعورنا بوجوده، وأملُنا بظهوره، 
إن فاعلية وجود إمامنا الغائب (مع غيبته) لهي فاعلية عظيمة تؤثر على كل جوانب الحياة وتفاصيلها 
في الختام أقول.. ربما يكون أيٌّ من هذه الاحتمالات هو سرُّ فاطمة المستودع، وربما ليس شيء منها، وربما هي مجتمعة، ومعها غيرها مما نعلمهُ أو نجهلهُ هو ذلك السر المستودع.. 

لابد أن نعلم يقينًا أن فاطمة مخلوقة متفردة، كلما زدنا شيئا يسيرًا في معرفتها زدنا يقينًا بمدى جهلنا بها، وأن جميع ما يتعلق بهذه المقدسة هو سر إلهي مستودع من الله فيها، ربما سنعرفهُ في عرصات القيامة، وربما تركيبنا كبشر يجعلنا عاجزين عن ذلك حتى في تلك النشأة. 
ولا بد إن نكون على ثقة تامة أن لكل سرٍّ في فاطمة قوة مؤثرة وفاعلة جدًا في حياتنا سواء الآن في هذه الدنيا أو في الآخرة.
أو ليست هي أول من يدخل الجنة، أو ليست أول من يفتتح المحكمة الإلهية ويفتح ملف الظلامات؟ أو ليست المرأة الوحيدة التي تأتي إلى عرصات القيامة تزفُّها الملائكة؟
وهي من تلتقط شيعتها ومحبيها من أرض المحشر لِتدخلهم إلى الجنة؟
وإن لها لقدرًا أكبر من ذلك ولا شك، فهي فاطمة، فليكن وِردُنا الدائم (إلهي بحق فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها)


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زينب آل غزوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/06/03


  أحدث مشاركات الكاتب :



كتابة تعليق لموضوع : فاعلية السر المستودع والمعرفة الغيبية (السَّر الأقدس )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net