الأثر القانوني لعبارة (إجراء اللازم وحسب الضوابط )
د . محمد خضير الانباري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . محمد خضير الانباري

استوقفني هذا التعليق في أحد مواقع (ألفيس بك) والمقدم من الكروب باسم ( موظفي وزارة النفط) في 28 كانون الأول 2022 ما نصه: " عبارة اعتاد عليها أكثر المسؤولين في الإجابة على معظم الطلبات المقدمة لهم، وما لا يدركه البعض، فإن هذه العبارة هي في الأساس رفض مبطن للطلب، في نفس الوقت تبعد المسألة القانونية عنه في حال كان الطلب فيه شائبة مخالفة أو تصرفاً غير قانوني أو كان فيه حرج، وقد أصبح شبه عرف لدى أغلب المسؤولون أو اتفاق على عدم النظر بالطلب المهمش بهكذا عبارات متفق عليها مسبقاً من قبل أي موظف يعمل بمعية ذلك المسؤول".
اعتاد بعض المسؤولين في مؤسسات الدولة المختلفة عند تقديم الطلبات الشخصية لهم من قبل بعض الموظفين للنظر فيها، بمختلف مسمياتها، بالتهميش على الطلب بعبارة ( إجراء اللازم وحسب الضوابط)، أو بعبارة ( موافق حسب الأصول) والتي تعطي نفس المعنى.
فيا؛ ترى ما هو الأثر القانوني لهذه العبارة ؟ هل تعني الموافقة أو عدم الموافقة ؟ ولماذا لا يهمش لإجراء اللازم فقط دون ذكر مع الضوابط، أو بكلمة ( موافق) أو ( لا أوافق)؟ إذا كان يمتلك الصلاحية للنظر في الطلب المقدم اليه.
لو أجرينا التحليل القانوني للعبارة المذكورة، نجد أن المرفق الذي يديره المسؤول الأول في المؤسسة الحكومية قد خول الصلاحيات اللازمة لإدارة ذلك المرفق وفق التشريعات النافذة، في الجوانب الإدارية والمالية والقانونية، وعنما تقدم الطلبات الشخصية أو الرسمية اليه من قبل بعض موظفي دائرته للنظر فيها وفق الأصول أي بمعنى أوسع وأدق وفق القانون, ولعدم امتلاك البعض من المسؤولين الخبرة الإدارية الكاملة أو قلة معرفته بالتعليمات أو الصلاحيات المخول بها، أو الخوف من البت بها مباشرةً، لعدم التخصص، كما في الطبيب المكلف في إدارة مستشفى أو المهندس المكلف بإدارة شركة عامة، التي تحكمهما العديد من التشريعات القانونية النافذة خارج تخصصه المهني والفني، يقوم بالتهميش عليها بهامش ( لإجراء اللازم حسب الضوابط ) ليحول المسؤولية والتدقيق الى الموظف المختص في الأقسام الرقابية والتدقيقية والقانونية، للبت بها، وهذا ما يفسر من البعض أو من صاحب الطلب بالتهرب من المسؤولية وعدم تحمله نتائج قراره سواءً صائبا أو مخطئاً، وانه مصان من الخطأ في حالة حصوله، لكونه قد احاله الى الجهات التدقيقية والرقابية لتدقيق صحة الطلب .
تذكرني هذه العبارة بالقاعدة الدستورية العرفية في الدستــــــور العرفي البريطانــي، التي تنــص علـى: " The King Can Do no Wrong "، ومعنىاها " أن الملك لا يخطئ ".
وهذا ما يطلق على المسؤول بعبارة (غير مصان) مثل الملك في مسؤولياته الدستورية وبعدم تحمله أية أخطاء وإنه مصاناً منها، ويرمي المسؤولية على الموظفين الآخرين .
ولو حاولنا تحليل العبارة ( موافق حسب الأصول) ، فانها تقبل التأويل والتفسير الآتي:
1. الموافقة على الطلب .
2. عدم الموافقة على الطلب .
3. الموافقة على الطلب؛ بعد التدقيق من قبل الجهات ذات العلاقة سواءً كانت أقسام الرقابة أو التدقيق أو الاقسام القانونية أو غيرها.
إن الموظف المكلف بالتنفيذ عادة ما يفسر هامش المسؤول المذكور بعدم الموافقة على الطلب المقدم اليه أو ما يسمى ( الرفض المبطن ).
أما من الناحية القانونية، فيحول الطلب مع الهامش المذيل عليه من قبل المسؤول الى الأقسام القانونية والرقابية والتدقيقية، لتدقيقه وبيان مطابقته للقوانين النافذة وجواز تنفيذ الطلب من عدمه، وتكتب رأيها، وحسب الاختصاص، ويقدم ثانيةً الى المسؤول، ليعطي الموافقة النهائية من عدمها بعبارة ( موافق أو عدم الموافقة ) .
ومن كل ما تقدم؛ فإن عبارة ( موافق حسب الأصول) هي موافقة مشروطة بالتدقيق ومطابقتها للتعليمات النافذة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat