الاكاديمي حين يتحول الى متفرج
ميثم عبد الكريم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ميثم عبد الكريم

نقد لدور بعض اساتذة الجامعات في تقويض الهوية والقيم
في الوقت الذي تواجه فيه الامة الاسلامية واحدة من اعقد معاركها الثقافية والفكرية، تتعرض هويتها الدينية والاخلاقية لحصار ناعم عبر بوابات الحداثة المفرغة من العمق، تتجه الانظار الى المؤسسات الجامعية باعتبارها خطوط التماس الاولى في تشكيل وعي الاجيال ومصانع القيادات القادمة
غير ان المتابع بانصاف يلحظ خللا مقلقا في اداء كثير من الاساتذة الجامعيين الذين بقصد او بدونه اصبحوا ادوات لتعطيل الهوية لا ترسيخها
الحياد القاتل باسم الاكاديمية
يختبئ بعض الاكاديميين خلف ستار الموضوعية او الحياد الاكاديمي ليتجنبوا اتخاذ موقف واضح تجاه قضايا الامة الكبرى وعلى راسها مسالة الهوية الاسلامية
لكن هذا الحياد المزعوم لا يكون الا انسحابا من الساحة وترك الطالب عرضة لتيارات العلمنة والتغريب التي تتسلل اليه من كل زاوية، في حين يفترض بالاستاذ الجامعي ان يكون عقلا ناقدا لا متفرجا على صراع الهوية والقيم
تاصيل القطيعة بدلا من تاصيل الذات
لقد تحولت كثير من الاقسام الاكاديمية الى منصات لتغذية العقول بنماذج معرفية غربية بالكامل دون ادنى جهد لربطها بجذورنا الفكرية والحضارية
وتناقش الدولة دون استحضار دور وراي المرجعيات على امتداد التجربة ، وتسرد مفاهيم التربية دون الالتفات الى منظومة الاسلام الاخلاقية
وهذا كله يسهم في انتاج عقل معزول عن هويته، يرى تراثه عتيقا ويغترب عن قيمه وهو لا يشعر
التواطؤ مع التغريب الناعم
ما هو اسوأ من الحياد، هو ان يتحول الاستاذ الجامعي الى مروج غير واع لاجندات تستهدف تفكيك بنية الاسرة او تسطيح القداسة او تصوير الدين كعقبة امام الحرية والتقدم
وهكذا يصبح الخطاب الجامعي اداة لتاهيل جيل يرى في الانتماء الديني عبئا، وفي التدين سذاجة، وفي القيم ضيق افق
المطلوب استاذ يحمل هم الرسالة لا هم الترقية
نحن لا نطلب من الاستاذ الجامعي ان يكون خطيب منبر، ولا داعية، بل ان يكون مثقفا مسؤولا يرى في موقعه العلمي جبهة دفاع عن الانسان وهويته وكرامته
ان لا يكتفي بالنشر في مجلات خارجية لتسجيل نقاط في سيرته، بل ان يسهم في بناء الوعي المحلي والهوية الحضارية للمجتمع الذي يعيش فيه.
ان صمت الجامعات عن قضايا الهوية وتواطؤ بعض اساتذتها مع موجات التفكيك، ليس موقفا حياديا، بل هو خيانة غير معلنة لدورهم التاريخي
واذا بقيت الجامعة مفصولة عن قيم المجتمع، فاننا لا نخرج علماء بل خرائط مفرغة تنتظر ان يملأها الاخرون بما يشاؤون.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat