صفحة الكاتب : راجي سلطان الزهيري

ڤلّل للـ.......... وبيوت تجاوز للأبطال أيُ عراق هذا!
راجي سلطان الزهيري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لا عجب أن تُدهش حين ترى المشهد العراقي مقلوباً رأساً على عقب بمعاييره وقيمه وتضحياته فبلدٌ يمتلك من الإرث الحضاري ما يجعله في طليعة الأمم والحضارات ومن الثروات ما يمكنه أن يكون في مصاف الدول الكبرى لكن للاسف بات اليوم مسرحاً لمفارقات مؤلمة ومجتمعاً يئن تحت وطأة التناقضات.

في قلب العاصمة بغداد تمر سيارات فارهة لا تقلّ قيمتها عن مئات آلاف الدولارات تقودها نساء بمنحنيات سيليكونية يظهرن في البرامج التلفزيونية يتفاخرن بما يجنينه من أموال طائلة من دون أن يقدمن خدمة حقيقية للمجتمع بل أحياناً من دون أن يمتلكن مهنة واضحة. يُعرضن على الشاشات بلا خجل يتحدثن عن "نجاحهن" و"قصص صعودهن" الوهمية وكأن العراق بات منصة لتسويق الزيف والانحطاط الأخلاقي تحت ستار الحرية والشهرة والمنجز الكاذب.
في المقابل نجد آلافاً من الرجال الذين لبّوا نداء الوطن في أحلك الظروف ودافعوا عن العراق في سنوات الجمر لا يملكون سوى بيوت من طين أو تجاوز على أطراف المدن. أبطال عادوا من ساحات القتال ليواجهوا حرباً جديدة: الإهمال والفقر والتهميش. هؤلاء الذين كان من المفترض أن يُعاملوا كرموز للتضحية والوطنية يُتركون اليوم ليكافحوا الفقر وضيق الحال وحدهم من أجل لقمة العيش.
ليس الحديث هنا عن الحسد أو كره النجاح بل عن سؤال مشروع: ما هي المعايير التي تُكافأ على أساسها النساء والرجال في هذا البلد؟ كيف أصبحت الشهرة المبنية على التفاهة والسلوكيات المريبة طريقاً سريعاً نحو الثروة والرفاه بينما باتت التضحية والإخلاص طريقاً نحو النسيان والعوز!
المشكلة ليست فقط في الأفراد بل في النظام الاجتماعي والإعلامي والسياسي الذي يُكرّس هذه الصور. إعلام يلهث وراء الإثارة والفضائح وسلطة عاجزة عن إنصاف الأبطال الحقيقيين. والنتيجة جيل جديد يتيه في مفاهيم النجاح ويظن أن الطريق الأقصر هو التحايل ولو على حساب القيم.
إن هذا الواقع لا يُعالج بالتذمر فقط بل يتطلب مواجهة شجاعة من كل فئات المجتمع من المثقفين والإعلاميين والناشطين إلى أصحاب القرار. المطلوب اليوم أن يُعاد الاعتبار لمن قدّموا لهذا البلد دماءهم وأرواحهم وأعمارهم. وأن يُعاد تصحيح البوصلة القيمية قبل أن نفقد جيلاً كاملاً.
فالعراق لا يُبنى بالأموال المنهوبة ولا بالشهرة المزيفة بل يُبنى بسواعد المخلصين وصوت العقل وعدالة الإنصاف.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


راجي سلطان الزهيري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/05/20



كتابة تعليق لموضوع : ڤلّل للـ.......... وبيوت تجاوز للأبطال أيُ عراق هذا!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net