عدي صدام والفترة المظلمة للرياضيين العراقيين
اسعد عبدالله عبدعلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اسعد عبدالله عبدعلي

مرت الكرة العراقية بفترة عصيبة مليئة بالهلع والاذلال, عندما استولى "عدي صدام" على اتحاد الكرة العراقي وكذلك اللجنة الاولمبية العراقية من عام 1984 ولغاية 2003, وهو ابن الرئيس صاحب الصلاحيات التي لا حدود لها, وهو سادي وعنيف، وخلال فترة سطوة "عدي" دخلت للرياضة امور غير معهودة، حيث كان الرياضيون العراقيون يتعرضون للتهديد والضرب والتعذيب بطرق مجنونة, وحتى الضرب بالعصا إذا خسروا مباراة, او السجن في غرف صغيرة جدا ليكون التعذيب نفسي شديد التأثير.
لقد كان "عدي صدام" شخصية غريب عرفت بسلوكياته العنيفة المضطربة خصوصا ضد الرياضيين, والتعمق في هذه الشخصية المريضة يدفعنا للقول ان بيئته هي السبب حيث تمتع "عدي" بالسلطة وحصانة كاملة لفعل كل ما يريد! مع علاقة غريبة مع أبيه! مما جعله محمل باضطراب نفسي يدفعه دوما السعي الى اذلال الاخرين اذا لم يرقوا الى توقعاته.
· سعد قيس يروي بعض الفضائع
سعد قيس هو احد نجوم المنتخب العراقي للفترة من عام 1987 ولغاية 1993, وتعرض سعد قيس للتهميش والابعاد للمنتخب فترة طويلة بسبب مزاج "عدي",
وقال اللاعب سعد قيس في تصريح إعلامي سابق: "كانت كرة القدم في عهد عدي فترةً مخيفةً ومرعبةً، ولم تخلُ من الضغوط النفسية السلبية على جميع اللاعبين والرياضيين - لقد كان وضعًا مُحبطًا بالفعل", وأضاف سعد قيس: "كنا نتعرض لعقوباتٍ مُهينةٍ ومُذلةٍ في حال الخسارة، مما أثر بشكلٍ كبير على أداء اللاعبين في معظم البطولات التي شاركنا فيها, وسُجنتُ ذات مرةٍ لمدة شهرٍ بعد هزيمةٍ، حيث تعرضتُ للتعذيب والضرب، بالإضافة إلى أساليب مُهينةٍ أخرى لا ينبغي أن يُعانيها أي إنسانٍ بسبب الخسارة".
والتحليل النفسي لشخصية "عدي صدام" يدفعنا للقول: ان دوافعه ناشئة من انخفاض الثقة بالنفس, والذي يحاول إظهار تفوقه على الآخرين لتعويض شعوره بالضعف أو النقص, وهو يظهر سلوكاً عدوانياً بسبب مشاعر الغضب أو الانتقام المسيطرة عليه, وهو يسعى لإثبات قوته من خلال إذلال غيره, وقد يكون السبب اضطرابات شخصية مثل النرجسية أو اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، التي تُمكن من السلوك العدواني أو الانتقامي.
وهو يعاني من مشكلات في التعامل مع الضغوط أو الإحباط, إذ قد يستخدم الإذلال كوسيلة لتخفيف مشاعره السلبية أو الشعور بالفشل.
· عدي والتلذذ بالتعذيب
ضرب اللاعبين لم يكن عقابا فقط بل رسالة بان لا احد فوق سلطته, وهو ينظر للخسارة الرياضية باعتباره أمر شخصي يخصه هو فقط, فيقوم بإسقاط غضبه على اللاعبين, بل ان تعذيب اللاعبين يعطيه شعور بالقوة والنشوة, وهناك كثير من التقارير التي تشير إلى ان "عدي صدام" كان مدمنا على الكحول وبعض ادوية الهلوسة, مما زاد من اندفاعه وعنفه وقلل من قدرته على التحكم بنفسه.
في تصريح اعلامي سابق يقول حسن جلاب، وهو احد لاعبي نادي النجف العراقي، إن "عدي كان رجلاً عدوانياً مع جميع اللاعبين ولم يعرف في حياته سوى العقاب والسجن، حتى الإداريين لم يسلموا منه".
كانت الانتهاكات والتعذيب وأساليب الترهيب الأخرى، مثل حلق رؤوس اللاعبين - وهي عقوبة شائعة - تُمارس بشكل رئيسي في سجن الرضوانية سيئ السمعة. وهو مكان يرمز إلى حقبة عدي المشؤومة وسيئة السمعة، والتي يتمنى الكثيرون ممن استسلموا لمعاملته القاسية وأساليبه أن يمحوها من ذاكرتهم.
وقد تراوحت العقوبات المفروضة على اللاعبين، وتلك التي أثارت غضب عدي، بين حلق رؤوسهم وعقوبات أكثر إهانة كالضرب بالعصا، وفي حالة حبيب جعفر - وفقًا لوليد جمعة - ركوب دراجة مرسومة على الحائط، وهو ما يلخص العذاب الذي عاناه اللاعبون ومن هم داخل اللعبة، والطبيعة السادية لابن صدام سيئ السمعة.
وفي تصريح اعلامي سابق قال وليد جمعة - لاعب عراقي متقاعد ومدرب لياقة بدنية الآن: "كان السجن أشبه بقاعدة عسكرية، كان مكانًا فظيعًا يُستخدم أساسًا للتعذيب, وكان أسوأ ما فيه هو القائمون عليه, حيث كانوا بارعين في التعذيب.
· قصة عباس عليوي مع الكابل الكهربائي
قصة النجم السابق عباس عليوي مؤلمة جدا توضح مدى جنون "عدي", فعندما سئل اللاعب عن تلك الفترة في حديث اعلامي قال والالم يعتصر في قلبه: هناك الكثير مما لا يُطاق يا أخي. لقد أعادتني إلى ماضيّ المؤلم. سُجنتُ ذات مرة لمدة 33 يومًا في الرضوانية، وكنتُ في حيرة من أمري، هكذا قال وهو يستذكر سجنه. ثم اضاف: "كان ذلك بعد مباراة ضد الطلبة، حيث كنتُ قائدًا لفريقي الجيش. كانت المباراة الافتتاحية للموسم, وكنتُ متوترًا بعض الشيء, في لحظة ما كان على الحكم أن يحتسب خطأً لفريقي، لكن بطريقة ما، قرر الاستمرار في اللعب، ونجح الطلبة في استغلاله. عندها واجهت الحكم طلبتُ منه الالتزام بقواعد اللعبة، إلخ، لكن ذلك أغضب الحكم، فطردني. غضبتُ بشدة لدرجة أنني بصقتُ في وجهه."
وهنا اخطاء اللاعب في انفعاله لكن لا يبرر العنف الشديد الذي قابله به "عدي" فيضيف اللاعب: "لسوء حظي، كان عدي حاضرًا، وقيل لي إنني مُنعتُ من اللعب لمدة عام كامل. لكن ذلك لم يكن كافيًا بالنسبة له: أخبرني أنني لست محترمًا وأنه يجب أن أُعاقب، فأعتقلني. وهناك، كنت أتعرض للضرب بكابل كهربائي من 50 إلى 70 مرة كل صباح على يد جلاديه الشخصيين.
· هروب اللاعبين خارج العراق من بطش عدي
بسبب عقوبات عدي القاسية التي فرضها على اللاعبين الذين لم يقتنع بها أو بعد الهزيمة، غادر اللاعبون وعدد لا يُحصى غير المشاركين في اللعبة - وهو أمر متوقع - بحثًا عن ملاجئ أفضل وأكثر أمانًا بعيدًا عن الاستبداد والقمع.
ان أساليب عدي في التعذيب والسجن أدت إلى هروب نجوم كرة القدم العراقية إلى أماكن مثل أمريكا ودول الخليج المجاورة, وكانوا يهربون من عدي وعشيرته، الذين عاملوهم بطريقة تفتقر إلى الأخلاق واللياقة. وكانوا في غاية القسوة لدرجة واعتزل الكثيرون مبكرًا بسبب هذه المعاملة، مثل اللاعب محمود حسين الذي اعتزل مبكرا بعد ان أصيب بطلقة نار من احد المقربين لعدي, لقد غمر الخوف والرعب اللاعبين, كل لاعب في المنتخب الوطني كان يعتقد ويشعر أن مصيره في الرضوانية قادم, لذلك كان الهروب لخارج العراق هو الطريق الوحيد للعيش بسلام وعزة نفس.
· اخيرا:
ومن الغريب بعد كل هذا ان نجد من يترحم على المجنون عدي, بل بعضهم ينسب كل انجازات اكرة العراقية لهذا السادي "عدي", واتذكر ذات مرة نشرت صورة وتعليق وكتبت كان "عدي" احمقا ومجنون, فانهال علي البعض بمختلف الشتائم مع كلمات التقديس والاحترام للأحمق "عدي", نعم مازال بيننا من يمجد تلك العائلة القذرة التي حكمت العراق بالنار والحديد والرعب, لذلك كتبت هذا المقال لكشف حقيقة الاحمق "عدي", عسى ان تفهم الأجيال الجديدة كيف كان ابن الرئيس يتعامل مع الرياضيين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat