امريكا والحوثي من الذي استسلم ؟؟
جبار عبد الزهره
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
جبار عبد الزهره

في خطوة قد تعيد تشكيل ملامح ممرات الشحن في المياه الدولية المتعلقة بالجغرافيا الاقتصادية البحرية، فقد أعلنت الولايات المتحدة عن اتفاق لوقف الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر، بوساطة عمانية. دون التشاور او الاتفاق لا بل دون تقديم أية معلومات للحليفة الموثوقة حبيبة امريكا اسرائيل وكان اغرب تصريح بخصوص انفراد امريكا وعدم اشراك اسرائيل في الإتفاق مع الحوثيين هو تصريح السفير ألأمريكي في اسرائي نفسها مايك هاكابي الذي قال :- أن "الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى إذن من إسرائيل لترتيب أي اتفاق يمنع الحوثيين من استهداف سفننا".
ولكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي رفع شعار (امريكا اولا) ثم شعار( انا احكم العالم ) لم يترك الأمر يمر باتجاه التوازن الانساني الذي يحفظ للطرفين الكرامة وماء الوجه فصرح تصريحا استفزازيا للحوثيين من نظرة فوقية متعالية تضع امريكا فوق الجميع فصرح بشكل عنجهي (لقد استسلموا ) ولكن هناك مؤشرات تؤكد بوضوح ان الحوثيين لم يستسلموا وانه ناقض الواقع بهذا التصريح فهناك وساطة عمانية بين الطرفين قربت وجهات النظر بينهما وفق ما تستدعيه مصلحة كل طرف من هنا ليس هناك أي استسلام من قبل جماعة انصار الله وإنما فرضت نفسها ندا لأمريكا بواسطة طرف ثالث وهو سلطنة عمان 0
فالحوثيون لم يذهبوا الى البحر ولم يصعدوا على ظهر باخرة امريكية ويوقعوا على وثيقة استسلام دون قيد او شرط كما فعل اليابانيون في الحرب العالمية الثانية بعد ضرب امريكا لليابان بقنبلتي هيروشيما ونكزاكي ، فهم مازالوا يشكلون خطرا على ممرات الشحن البحرية وبإمكانهم ان يعاودوا توجيه الضربات للسفن الامريكية بقوة واقتدار لذلك فان الخطر الحوثي ما زال ماثلا على السفن الحربية الامريكية والتجارية التي تحمل البضائع والسلع والأسلحة والذخائرالى اسرائيل في البحر الأحمر وفي باب المندب 0
إن الواقع الدولي والإقليمي الراهن يؤكد ان الولايات المتحدة هي التي استسلمت فهي لديها في البحار والمياه الدولية القريبة من اليمن حاملات طائرات وغواصات وسفن عسكرية كثيرة فضلا عن اسطول تجاري بحر ضخم من السفن كلها تقوم بخدمة الإقتصاد الأمريكي على الصعيد التجاري في الإستيراد والتصدير وتأمين الطرق البحرية لها وابعاد شبح الخطر عنها حاجة ملحة وضرورة اقتصادية مهمة للمصالح الآمريكية ومصالح الدول التي تتعامل معها 0
ويمكن القول ايضا إن الذي استسلم من ترك مصالحة حليفه في اطار ممرات الشحن المائية الخاصة بالجغرافية الإقتصادية البحرية الى مصير مجهول على يد الصواريخ والمسيرات الحوثية ولقد عبر عن ذلك وبخيبة امل بحليفته امريكا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريح قال فيه :- إن "هناك قاعدة واحدة تُرشدني، ستدافع إسرائيل عن نفسها في كل مكان ضد أي تهديد بمفردها".0
هذا علاوة على راي الشارع الإسرائيلي الذي بات اليوم يمثل الرأي العام في أيِّ بلد فقد عبر عن امتعاضه ورفضه للخطوة الأمريكية في ابرام اتفاقية احادية مع الحوثيين وعزل اسرائيل عنها وعدم التنسيق معها بشأنها 0
كما اعتبرت وسائل اعلام اسرائيلية ان قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف الضربات العسكرية الجوية والبحرية الأمريكية على الحوثيين وغياب التنسيق مع اسرائيل والتعاون معها يمكن اعتباره بمثابة التخلي عن اسرائيل وعدم الإعتماد عليها كحليف ستراتيجي وشريك قوي في تشكيل ورسم خارطة شرق اوسط جديد 0
ويؤكد ويعزز القول بان المستسلم في الصراع بين امريكا والحوثيين هو امريكا ، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق الجنرال في الإحتياط غيورا آيلاند الذي قال :- هذا انتصاركبير للحوثيين ، فواشنطن تراجعت عن مواجهة تنظيم ارهابي بحسب تعبيره المنحاز 0
فالحوثيون ليسوا بتنظيم ارهابي وإنما فصيل ثوري مسلح قرروا دعم واسناد اخوتهم في قطاع غزة والضفة الغربية واشترطوا في إيقاف استهادفهم لإسرائيل أن توقف اسرائيل حرب الإبادة التي تمارسها ضدهم والإرهاب ليس له هدف وليس له مبادىء وقيم فهو يقتل الناس بسبب عداوته للحياة الإنسانية بشكل عام ولهذا السبب لا يتوقف عند حد معين 0
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat