ايها الهلامي المنتفخ بشتى العقد والاوهام والادعاءات والذي تتَسَرْبَلُ بِغِشَاءِ العجب والكبر ... ؛ لَقَدْ رَصَدْتُ ظِلَّكَ الثقيل يَنْزَحُ مِنْ بَيْنِ طَيَّاتِ الصُّحُفِ المُسْتَهْلَكَةِ، وَيَنْفَجِرُ فِي فَضَاءَاتِ الْبَيَاناتِ الْهَشَّةِ والمواقع المؤدلجة ... ؛ و لَوْلَا الشَبَكَةُ الْعَنْكَبُوتِية الَّتِي تَحْبِسُ أَوْهَامَكَ، لَمَا عَرَفْتُ أَنَّ الْعَدَمَ يُمْكِنُ أَنْ يَمْتَلِكَ اسْمًا ورسما !
لَيْسَ هَذَا اِسْتِهَانَةً بك او استكبارا عليك ، بَلْ إِقْرَارًا بِأَنَّكَ مِنْ طَبَقَاتِ الهلاميين عديمي اللون والطعم والرائحة ؛ لذا حروفك لَا تَلْتَصِقُ بِالْأَسْطُرِ، و تَتَرَاقَصُ عَلَى حَافَّةِ الصحف والمواقع كبائعة هوى ؛ من دون ان تدرك معنى الحروف او تتبع هداها !
أَنْتَ كَالْبُخَارِ يَتَصَاعَدُ مِنْ فَمِ إِنَاءٍ مُغْلَقٍ، تَزْعُمُ أَنَّكَ تَبْنِي عَالَمًا، وَأَنْتَ لَا تَمْلِكُ إِلَّا فُقَاعَاتٍ تَنْفَجِرُ بِالْنصائح والارشادات والادعاءات ... ؛ تَتَكَلَّمُ عَنِ الْمَعْرِفَةِ كَمَنْ يَرْشُّ الْمَاءَ عَلَى نَارٍ، فَتَخْتَلِطُ أَصْوَاتُكَ بِصَرِيرِ الْأَقْلَامِ الْجَائِعَةِ... ؛ تَذْكُرُنِي بِحَكَايَاتِ الْجِنِّ الَّتِي تَسْرِقُ أَشْبَاحَ الْكَلِمَاتِ لِتَبْنِيَ مَمْلَكَةً مِنَ الْوَسَاوِسِ!
لَقَدْ قَرَأْتُ كَلِمَاتِكَ كَمَنْ يَسْقُطُ فِي بِئْرٍ مُظْلِمٍ، أَمَامِي صُوَرٌ مُشَوَّشَةٌ لِـ"مَعْرِفَتِكَ"، تَتَدَافَعُ كَأَشْبَاحٍ عَلَى جُدْرَانِ غُرْفَةٍ مَسْحُورَةٍ... ؛ أَيْنَ الْحَقِيقَةُ؟ أَيْنَ الْعُمْقُ؟ لَمْ أَجِدْ سِوَى صَوْتِكَ يَصْفَعُ صَمْتِي: "هَذَا أَنَا! هَذَا إِبْدَاعِي!"، وَأَنَا أَسْأَلُ: أَيْنَ الْإِبْدَاعُ وَالْكَلِمَاتُ تَمُوتُ قَبْلَ أَنْ تُولَدَ؟!
لَا تَظُنَّنِي أَحَدَ الْجَمَاهِيرِ الَّتِي تَسْتَغِيثُ بِالْأَوْهَامِ... ؛ أَنَا مِنْ صِنْفٍ يَبْحَثُ عَنِ الْجَذْوَرِ حَتَّى فِي قَاعِ الْبَحْرِ، وَيَسْأَلُ: مَاذَا تَخْبِئُ تَحْتَ قِنَاعِكَ؟
لَكِنَّكَ لَمْ تَكُنْ سِوَى مِرْآةٍ مُكَسَّرَةٍ تَرْفُضُ أَنْ تَعْكِسَ إِلَّا شَكْلَكَ الْهَشَّ.
وَالْعَجِيبُ أَنَّكَ تُحَاوِلُ أَنْ تَرْشُقَنِي بِسِهَامِكَ الْمَسْمُومَةِ، كَأَنَّنِي أَحَدُ الْأَشْبَاحِ الَّتِي تُحَارِبُهَا فِي مَنَامِكَ!
هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ الْحَقِيقَةَ لَيْسَتْ لُعْبَةَ أَقْلَامٍ؟ وَأَنَّ الْكَلِمَةَ الْجَوْهَرِيَّةَ تَخْرُجُ مِنْ صَمْتِ الْأَعْمَاقِ، لَا مِنْ صَخَبِ الْأَنْفُسِ الْفَارِغَةِ؟
اتْرُكِ الْأَقْنَعةَ لِلْمُمَثِّلِينَ، وَالْعَدَمَ لِلْأَشْبَاحِ , والنصح للواعظين ... ؛ فَالْحق يَبْدَأُ حَيْثُ تَنْتَهِي أَوْهَامُكَ.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat