ضرورة التقنينات الراشدة بشأن الاختلاط في المستويات التشريعيَّة والإداريَّة والعرفيَّة والشخصيَّة
السيّد محمّد باقر السيستانيّ
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيّد محمّد باقر السيستانيّ

بقلم: آية اللّٰه السيّد محمّد باقر السيستانيّ.
أنَّه لا غنى للإنسان والمجتمع الإنسانيّ في شأن الاختلاط - أصله وحدوده - من تقنينات راشدة وحكيمة وملائمة فالتقنين هو الحدّ الذي يضمن المصالح العامَّة والخاصَّة ويقي المرء من الإفراط والتفريط.
وقد جاء التقنين الملائم في الدين من خلال تشريعاته الحكيمة والراشدة التي تلائم الفطرة وتنظر إلى الآفاق البعيدة والمزالق المتوقَّعة.
وتبقى مستويات أخرى ضرورية في شأن ذلك:
١- أنَّ على المتصدِّين لأمور الناس في الدولة في المستوى التشريعيّ الاهتمام بصيانة المجتمع عن الوقوع في مهاوي الخطيئة والخطأ وفق ما يُتاح لهم بحسب الظروف، من غير أن يجعلوا من الاهتمام بهذه الجهات غايةً سياسيّةً يتاجرون بها، أو يتساهلوا فيها تقرُّباً لشريحة من الناس، ومن جملة ذلك: حجبُ المواقع والقنوات الإباحيَّة والرقابة الملائمة على سائر الأمور الفاضحة في وسائل الإعلام أو وسائل التواصل أو في الملأ العام.
٢- أنَّ على المسؤولين التنفيذييّن في مختلف مراتبهم ابتداءً من الدرجات العليا إلى مدراء المدارس والمدرّسين فيها العناية برعاية مبدأ العفاف وصيانة الاختلاط عن المحاذير وفق صلاحيّاتهم التنفيذيّة والإداريّة.
٣- أنَّ على المجتمع العامّ الاهتمام بالأعراف الواقية عن الخطأ والخطيئة ممّا يتضمّن الرقابة المناسبة والحذر اللائق بهذا الشأن من خلال الأدوات الاجتماعيَّة العامّة، فإنَّ الأعراف الاجتماعيّة تسهّل رعاية المقاصد الصحيحة ويكون عذراً للفرد تجاه الإحراجات الشخصيّة.
٤- أنَّ على الشخص نفسه تقنين سلوكه في الاختلاط وقواعده والتزامه على نفسه بمبادئ يثبت عليها ولا ينصرف عنها حتَّى تصونه تلك المبادئ عن الوقوع في المحاذير المتوقّعة ويصل من خلالها إلى شاطئ الأمان في حياة أسريّة نقيّة وسعيدة ومطمئنّة بعيدة عن قلق السوابق الخاطئة والوساوس المؤذية والثبات على الالتزام بين المغريات، وهذا وإن كان صعباً بعض الشيء إلَّا أنه أحمدُ عاقبةً، وقلَّ شيءٌ مثمرٌ إلَّا وهو نتيجة الصبر والثبات كما قال سبحانه: (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِن عَزمِ الأُمور).
وليعلم الفتيان والفتيات أنَّ الذي يليق بالإنسان في مقتبل عمرِه هو أن يهتمّ بتكوين حياة أسريّة مبنيّة على العفاف والأخلاق والالتزام من دون خوض تجارب مختلفة وممارسة تعلّقات عابرة تزيل النقاء النفسيّ وتكون دائماً مصدراً لهواجس مقلقة ومؤذية تحول دون استقرار الحياة الزوجيَّة كما تدلّ عليه تجارب الحياة.
وكذلك يجب على هؤلاء الأفراد وتلك الجهات صيانةُ مواضع الاختلاط الذي لا مناصَ عنه من خلال القوانين والتعليمات عن المظاهر المغرية والعروض غير اللائقة لا سيَّما المدارس والجامعات التي يقضي فيها الأولاد أخطرَ فترة في تنشئة الإنسان وتربيته، وذلك عن طريق ما تتّبعه العديد من الدول المتقدمة في العلم والصناعة والاقتصاد من توحيد نمط الملابس وتحديدها على وجهٍ ملائمٍ لإبعاد أجواء العلم عن المؤثرات الغريبة ووقايتها عن أن تكون معرضاً لإثارة الغرائز ووقوع الخطيئة، مع مرونة ملائمة لأحوال الفقراء.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat