بغداد تتجمّل لـ «القمة».. من ورشة إعمار إلى وجهة سياحية عربية

كتابات في الميزان / بينما تتهيأ بغداد لاستضافة القمة العربية في أيار المقبل، تنبض بغداد بحيوية استثنائية، إذ تتحول إلى ورشة عمل كبرى تعيد رسم ملامحها الخدمية والعمرانية.

تشهد بغداد تحولا جذرياً في بنيتها التحتيَّة والخدميَّة بالتزامن مع استعداداتها لاستضافة القمة العربيَّة في السابع عشر من أيار المقبل. المدينة التي عانت لعقودٍ من الإهمال والتجاوزات العمرانيَّة تتنفسُ اليوم هواء جديداً من خلال سلسلة مشاريع تنمويَّة طموحة تواكبُ اختيارها عاصمة للسياحة العربيَّة للعام 2025، إذ تتسارع وتيرة العمل في الشوارع وتجري عمليات إزالة التجاوزات وإعادة تأهيل الطرق الرئيسة والجسور.

المساحات الخضراء التي كانت مهملة تشهدُ هي الأخرى عمليَّة تطوير شاملة، بينما تتحول مناطق التسوق التقليديَّة إلى وجهاتٍ سياحيَّة جاذبة تحافظ على أصالتها مع مواكبة متطلبات العصر الحديث.

استعدادات

المتحدث الرسمي باسم أمانة بغداد، عدي الجنديل، أكد أنَّ العاصمة تشهدُ حالياً عمليَّة تطويرٍ شاملة في بنيتها التحتيَّة منذ سنوات، إذ تعمل الفرق الفنيَّة على مدار الساعة لتنفيذ 84 مشروعاً تنموياً متكاملاً.

وأوضح الجنديل أنَّ هذه المشاريع تشملُ جميع جوانب الخدمات البلديَّة والبنى التحتيَّة، بدءاً من إعادة تأهيل الطرق الرئيسة وانتهاءً بتحسين المنظومة الخدميَّة للمواطنين.

وأضاف أنَّ أمانة بغداد تولي اهتماماً خاصَّاً بتطوير الشوارع الرئيسة، إذ تجري حالياً إعادة تأهيل شارع حيفا بشكلٍ كاملٍ يشمل البنية التحتيَّة والإنارة والأرصفة والمساحات الخضراء، بينما اكتملت أعمال إكساء شارع المطار ويجري الآن تركيب أنظمة إنارة حديثة وتزيين الشارع ليكون بوابة مشرقة للعاصمة.

كما أشار إلى أنَّ مشاريع التطوير تشمل توسعة شارع السدة وإعادة إكسائه بالكامل، فضلاً عن إزالة الكتل الكونكريتيَّة من شارع 14 تموز وتوسعته أمام مقر مجلس الوزراء.

ولفت الجنديل إلى أنَّ هذه المشاريع لا تقتصر على الطرق فقط، بل تشمل أيضاً تطوير المنطقة الخضراء وتهيئتها لاستقبال الوفود، مع تنفيذ حملة تشجيرٍ غير مسبوقة تغطي أحياء العاصمة كافة، وزراعة المساحات الخضراء على جانبي الطرق الرئيسة، وتركيب لوحاتٍ إرشاديَّة موحدة في أنحاء المدينة.

وأكد أنَّ هذه الجهود تهدفُ إلى إحداث نقلة نوعيَّة حقيقيَّة في البنية التحتيَّة والخدميَّة لمدينة بغداد، تتجاوز مجرد التحضيرات المؤقتة للقمة العربيَّة.

وأوضح المتحدث الرسمي أنَّ نسبة كبيرة من هذه المشاريع في مراحلها النهائيَّة، ومن المتوقع إنجازها خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مشيراً إلى أنَّ هذه الأعمال تأتي في إطار خطة استراتيجيَّة شاملة لإعادة إعمار العاصمة وتأهيلها، وليس فقط للاستعداد للقمة العربيَّة.

واختتم الجنديل تصريحاته بالتأكيد على أنَّ هذه المشاريع ستمثل نقلة نوعيَّة في واقع الخدمات البلديَّة في بغداد، وتسهمُ في إعادة المدينة إلى مكانتها التاريخيَّة كواحدة من أبرز العواصم العربيَّة، خاصة بعد اختيارها عاصمة للسياحة العربيَّة لعام 2025.

أعمال تأهيل

المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان، المهندس نبيل الصفار، أكد من جانبه أنَّ الوزارة قامت بإعادة تأهيل الجسور الرئيسة العابرة لنهر دجلة في بغداد ضمن استعدادات القمة العربيَّة، إذ شملت أعمال التأهيل جسور الجادريَّة والجمهوريَّة والسنك والأحرار و14 رمضان والأئمة والمثنى مع تنفيذ أعمالٍ فنيَّة شاملة تضمنت تعزيز البنى الإنشائيَّة وترميم الأضرار وتركيب أنظمة إنارة حديثة وإعادة طلاء الهياكل الفولاذيَّة.

كما أوضح الصفار أنَّ الوزارة تنفذ أعمالاً متوازية داخل المنطقة الخضراء تشمل إعادة تأهيل الطرق الداخليَّة عبر قشط الطبقات الإسفلتيَّة المتضررة وإكسائها من جديد، علاوة على تطوير الأرصفة الجانبيَّة مع تركيب بلاطاتٍ جديدة وطلاءٍ وتأثيثٍ بالمناظر الطبيعيَّة،

مؤكداً أنَّ هذه المشاريع تأتي ضمن خطة متكاملة تهدفُ إلى رفع جودة البنية التحتيَّة في العاصمة وتسهيل حركة الوفود خلال القمَّة مع ضمان إدامة هذه التحسينات لخدمة المواطنين بعد انتهاء الفعاليات.

برنامج سياحي

مدير عام دائرة المجاميع السياحيَّة مهدي الساعدي قال: إنَّ “لدينا لجنة تمَّ تشكيلها من مدراء عامين في هيئة السياحة أو المشاركين فيها من قبل الهيئة، لغرض إعداد برنامجٍ سياحيٍ وآثاريٍ متكاملٍ بخصوص الزيارات المتعلقة بالوفود، كذلك بالنسبة للاستعدادات على مستوى الفنادق والمرافق السياحيَّة فهي جاهزة لاستقبالهم”.

إنارة الطرق

من جانبها تبذل وزارة الكهرباء جهودها لإنجاح مؤتمر القمة العربيَّة، وقال مدير قسم العلاقات والإعلام في الشركة العامة لتوزيع كهرباء بغداد سلام سلمان الازيرجاوي : “بعد توجيهات وزير الكهرباء المهندس زياد علي فاضل، ومتابعة من قبل مدير عام توزيع كهرباء بغداد المهندس جسام كاظم الساعدي، أطلقت الشركة العامة لتوزيع كهرباء بغداد حملة واسعة لإنارة وتأهيل جميع الشوارع الرئيسة في العاصمة بغداد، ومقتربات الطرق المؤدية من وإلى مطار بغداد الدولي، وتأهيل جميع الطرق الرئيسة والفرعيَّة في مناطق الكرخ والرصافة، وكذلك التعاون مع الجهات الحكوميَّة والدوائر الساندة، من أجل إظهار العاصمة بحلة مميزة”.

تنشيط القطاع السياحي

ممَّا لا شك فيه إنَّ انعقاد مؤتمر القمة العربيَّة في بغداد سيكون من العوامل الداعمة والدافعة لتنشيط القطاع السياحي، لا سيما أنَّ الشخصيات السياسيَّة والدبلوماسيَّة القادمة على مستوى عالٍ جداً، الأمر الذي يولدُ انطباعاً وانعكاساً حقيقياً وإيجابياً لمكانة بغداد وقيمتها الحضاريَّة والتاريخيَّة، وأيضاً من الناحية الأمنيَّة والسياسيَّة والاجتماعيَّة، وفقاً لنقيب السياحيين العراقيين د. محمد عودة العبيدي،

وقال : “ذلك له انعكاسات كبيرة على الجانب السياحي، باعتبار أنَّ هذه الشخصيات بالغة الأهميَّة في الوسط العربي والعالم، لهذا ستكون هناك التفاتة إيجابيَّة من قبل جميع السياح، وتسليط للضوء على المرافق السياحيَّة داخل العاصمة، والتأكيد على أنَّ بغداد تتمتعُ بمقومات الجذب السياحي، بما فيها وسائل الإقامة والبنى التحتيَّة المختلفة”.

وبين العبيدي أنَّ كل ذلك سيشجع الكثير من البلدان العربيَّة والأوروبيَّة على زيارة العراق، لممارسة بعض النشاطات والفعاليات السياحيَّة، وبالتالي من المهم أنْ نقومَ بعمليَّة التسويق لمختلف الجوانب السياحيَّة، ومنها منشآت الإقامة التي ستقيم فيها الوفود العربيَّة، وستبدأ الخدمات وتقييمها ابتداءً من مطار بغداد الدولي، واستقبال الضيوف بالطريقة اللائقة، وتقديم مختلف الخدمات التي تتمتعُ بالحداثة، من خلال التسهيلات المقدمة في دخولهم، عن طريق التأشيرات والفيزا والباصات أو السيارات المجهزة لنقلهم، وضمن مواصفاتٍ معينة، ومن ثمَّ وصولهم إلى أماكن إقامتهم، وتقديم الخدمة اللائقة لهم بالسرعة الممكنة، وستكون جميع الغرف جاهزة.

مناطق العاصمة السياحيَّة

وأشار العبيدي إلى أنَّه يمكننا استثمار هذه المناسبة على الأقل للوفود المرافقة للرؤساء أو ذوي المستوى الأول والثاني، لعمل رحلاتٍ داخليَّة لهم في بغداد، للترويج والتسويق لمناطق العاصمة السياحيَّة.

ولفت العبيدي إلى أنَّ “للجانب الإعلامي دوراً كبيراً في عمليَّة التغطية الكاملة لكل أجزاء هذا المؤتمر، وإيصاله إلى أبعد نقطة على مستوى العالم، ما يعطي ترويجاً مهماً وانطباعاً عالي الدقة للبلدان الأخرى، كما أنَّه من خلال انعقاد القمة يمكننا إجراء التفاهمات على جانب القطاع السياحي، عن طريق عقد اتفاقيات معينة، وفتح باب الاستثمار لتطوير هذا القطاع بمختلف مجالاته”.

وخلص العبيدي إلى أنه “على الجهات التنفيذيَّة السياحيَّة استثمار هذه المناسبة بالشكل الأمثل والحقيقي، من أجل تحقيق بعض المنجزات على مستوى القطاع السياحي”.

الموضوع السابق الحشد الشعبي ينفذ واجباً أمنياً شرق صلاح الدين

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat