صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

علماء السلطان في كل زمان.
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الاختلاف في الأحكام الشرعية، ليست قضية دينية بل تتبع سياسة السلطة أو مزاج الفقيه في انحيازه لمذهبه، فالسلطة تقوم بتجنيد جيش من علماء السوء ليُصدروا الفتاوى لإشغال الناس وشق صفوفهم. وهذا يشمل كل دين، فعلماء السوء يقلبون التشريع ويُخفونه تحت تفرعات فقهية تتراكم على مر السنين لتصبح مذهب له اتباع يتميز بفقه وتشريع يختلف من مذهب لآخر.

في الإسلام جرت محاولات على عهد رسول الله (ص) للتدخل في التشريع فقام مغضبا وقال (قد كثرت علي الكذّابة وستكثر بعدي فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار).(1)

على سبيل المثال يقول أبو حامد الغزالي: (قلب أبو حنيفة الشريعة ظهر البطن، وشوش مسلكها، وغير نظامها، وأردف جميع قواعد الشريعة بأصل هدم به شرع محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).(2)

ففي كل دين يحصل ذلك وهذه المسيحية التي تفرعت إلى أكثر من سبعين فرقة فقد أصبح لكل فرقة صيام خاص بها يختلف عن صيام الفرق الأخرى. سبب ذلك وبدايته هو كتابهم المقدس الإنجيل الذي لم يشر إلى صيام محدد معين ، ثم جاء بعد ذلك مجموعة من رجال دين يأتمرون بأمر السلطة وقع ضحيتهم عوام الناس الذين يثقون بهم ، فشرعوا لهم أصواما وصلوات لم يأمر بها الله ولا نبيه ولا كتابه.

فالمذهب الكاثوليكي يبدأ صيامه في منتصف الليل إلى منتصف النهار، ويبدأ من عمر السبع سنين ولكنه يسقط عندما تبلغ المرأة الخمسين والرجل الستين. يمتنعون فيه عن أكل اللحوم ومشتقات الحليب والبيض. ولكنهم يأكلون الفواكه والخضروات ويشربون الماء و الخمر ويُدخّنون.

والمذهب الأرثوذكسي الشرقي يصومون خمسين يوما ويُضيفون عليه خمس أيام وكذلك تنفرد هذه الكنيسة بصيام آخر هو صيام الميلاد ومدته أربعون يومًا ، وصوم (الرسل)، وتمارسه الكنيسة منذ عصر الرسل ليس عدد محدد من الأيام، وصوم العذراء، ومدته خمسون يومًا، صوم نينوى، ومدته ثلاثة أيام، ويعتقدون أن يونس عليه السلام قد بدأ هذا الصيام ببطن الحوت، وللكنيسة صيام آخر متفاوت بين اليوم والثلاثة، ويسمى صيام البراموت.

وفي المذهب البروتستانتي : فإن الكهنة تركوا مسألة الصوم للشخص الذى يقرر فيه الصائم لنفسه الصوم، وكيفيته، وفق رغبته الشخصية ، فإذا ما صام وأفطر يحل له أكل ما يشتهيه من المأكولات، فهو عندهم مستحب وليس بواجب.

وهكذا عندما تتدخل الدولة في إيمان الناس، فتصنع لهم إيمانا يقوده رجال دين لا يهمهم إلا المال، وهذا الدين الذي تصنعه الدولة سيُحولها من حكم بين الناس إلى حاكم عليهم وستحاكم معارضيها ومن يخالفها بهذا الدين فتكفرهم وتقتلهم وتسفك دمائهم. فتفرض بسلطتها الغاشمة سلطة الدين لتبقى على رقاب الناس. وفي العصر الحديث ابدلوا الدين بالدستور فلكل دولة دستورها وهذا الدستور قابل للتغير والشطب والتبديل ليخدم سلطة الدولة.

(يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به).(3)

المصادر:

1- الاحتجاج للشيخ الطبرسي ج 2 ص : 246.

2- قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٠ - الصفحة ٣٧٦. نقلا عن المنخول في علم الأصول، لأبي حامد الغزالي، صفحة: 613.

3- سورة النساء آية : 60.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/04/27



كتابة تعليق لموضوع : علماء السلطان في كل زمان.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net