المس "بيل" الهيكل السري للمخابرات المركزية البريطانية في الشرق الاوسط
ا. غالب الحبكي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ا. غالب الحبكي

غيرترود بيل، مهندسة مدينة وباحثة ومستكشفة وعالمة آثار بريطانية، لم يدرك العرب مع أي امرأة من أخطر النساء الغرب هم يتعاونون، وأي مسؤولية حملتهم،واي عهداً أخذت عليهم تلك المرأة الفارعة الجميلة، التي دخلت مضارب ديارهم عنونتاً تستمع، وتتبادل الآرتء وتستمع الحديث، تكتب و تدوّن كل معلومة ترد لما لها من أهمية تترجم الأحاديث بحرفية، بالرغم من اختلاف اللهجات العرب، ما بين الشام والجزيرة والعراق، تحدد الحدود،و ترسم الخرائط بكل بكفاءة عالية ، وتلتقط الصور ذات قيمة اعتبارية، وتكتب التقارير السرية بكل معلومة وتفاصيل وترسلها الى المخابرات المركزيةالبريطانية في لندن ، استمالت شيوخ القبائل وزعماءها بالسخاء المال وقوة والتسليح ، حتى أعلنوا الولاء والاستعداد التام لتقديم المساعدة، والتعاون المشترك لبريطانيا، كانت "المس بيل" تقدم الهدايا الى شيوخ القبائل وزعمائها ، وكانت الهدايا تأتي على شكل أسلحة نارية أو أموال أو مساعدات غذائية وغيرها.
المس "بيل" بين دهاليز السياسة وترتيب هيكل المخابرات
دخلت المس "بيل" الشرق الأوسط، وكانت مهمتها التنسيق تحت ذريعة السياحة والبحث عن الآثار، تنقلت بين الشام والجزيرة العربية والعراق، لكنها سرعان ما إنضمت على وجه السرعة بعد نشوب الحرب العالمية الأولى، و بعد أن أحتلت الجيوش الإنجليزية "البصرة"، أُلحقت على الفور بمكتب القيادة العسكرية عام 1916، وأصبحت من دعائم مكتب "السير برسي كوكس" في بغداد. ساهمت "بيل" في إنشاء شبكة من العلاقات السرية المعقدة عبر سكان الصحراء والمدينة، وكانت النواة الأولى لجمع وتبادل المعلومات السرية في الشرق الاوسط، كان العملاء السريون يتنقلون عبر الصحراء، مما جعل التعاون المشترك في نقل المعلومات والاتصالات يتم بشكل سري وعلى وجه السرعة، وبذلك أصبحت مضارب العرب أشبه بالمراكز الاستخباراتية السرية البريطانية.
للأسف، لا نستطيع اليوم كشف تلك الخيوط السرية نظراً لصعوبات الحصول على الوثائق وندرتها، خصوصاً الوثائق السرية البريطانية، وتلك التي تكشف دهاليز ملفات العالم السري المخابراتي.
المخابرات الملكية تمنع المس "بيل" من كتابة مذكراتها..!
لم تكتب المس "بيل" مذكراتها أسوة برفائقها الذين كتبوا مذكراتهم ، مما صعّب الطريق أمام الباحثين للحصول على الوثائق السرية و اختفائها . والسبب يعود إلى أنها لم تدوّن مذكراتها كما فعل رفاقها الذين كتبوا ووثّقوا تلك الحقبة الماضية، وكان لذلك الدور الكبير في بيان الأحداث السياسية في الشرق الأوسط وتقباتها واحداثها ، لما لها من قيمة تاريخية ،ومع ذلك، لا نستطيع الحديث عن المس "بيل" إلا عن طريق واحد فقط، وهو من خلال الرسائل التي كانت على شكل مراسلات بين "المس بيل" وزوجة ابيها، فهي الخيط الوحيد الذي نستطيع من خلاله العودة إلى الأحداث وتلك الايام .
لا نعلم الحقيقة فعلياً، عن عدم كتابتها لمذكراتها، لكننا "نجزم بأنها أجبرت على عدم كتابتها لتلك الحقائق السرية نظراً لما تحمله من وثائق بالغة الخطورة تتجاوز الى هذه الساعة، ما جعل الكشف عنها مستحيلًا.
لذا نعتقد أن الرسائل التي كانت ترسل الى لندن كانت تخضع للرقابة الصارمة والفحص الدقيق بمنتهى الدقة والسرية التامة، لضمان خلوّها من أي معلومات حساسة تتسرب.
كما يُرجّح أن إنكلترا أجبرتها على عدم الزواج أيضا، إضافة الى التدخلات الاستخباراتية البريطانية التي ربما لعبت دوراً في كبير في تدبير حادثة انتحارها المحيرة، التي تركت وراءها الكثير من الأسئلة .
رحلت المس "بيل" في 12 يوليو 1926، بسبب تناولها جرعة زائدة من الدواء. شُيّعت جنازتها بشكل مهيب، حيث شارك فيها الملك فيصل الأول، الذي اعتكف بعد وفاتها أربعين يوماً وحزن عليها كثيراً، دُفنت في مقبرة الإنجليز في باب المعظم وسط بغداد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat