صفحة الكاتب : سالم مشكور

سموم البعث وبقايا شخوصه
سالم مشكور

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أثار إعلان شمول أحد عشر دبلوماسيا مرشحاً لمنصب سفير بإجراءات المساءلة والعدالة، الكثير من التساؤلات عن استمرار وجود أمثال هؤلاء في أماكن حساسة مثل وزارة الخارجية.

شمولهم بإجراءات المساءلة والعدالة، يعني أنهم يحتلون درجات رفيعة في سلسلة مراتب ذلك الحزب، والقانون يحظر على هؤلاء تولي مناصب سيادية. ومن يصل إلى درجات عليا في تنظيم البعث يعني – في الغالب- أن أداءه الحزبي كان مرضيا لقيادته، والبعثي الجيد في عرف تلك العصابة، هو من يؤكد ولاءه للحزب بممارسات أقلها كتابة التقارير عن آخرين، والتسبب باعتقالهم وربما إعدامهم.

هنا يطرح السؤال: كيف بقي هؤلاء وغيرهم كثيرون في وزارة حساسة مثل الخارجية، رغم مرور أكثر من عشرين عاماً.

 لا يقتصر وجود أمثالهم على وزارة دون غيرها، فهم موجودون في كل مكان، وإن كانوا قد تخفّوا في السنوات الأولى بعد التغيير أو تستروا، بالانتماء إلى أحزاب «إسلامية» ولبس الخواتم واللحى، فإنهم باتوا خلال السنوات الماضية أكثر صلافة وأطول لساناً في التفاخر بانتمائهم، أو آبائهم لذلك الحزب المحظور.

 كل ذلك بسبب التراخي في تطبيق قانون تجريم حزب البعث، وتوفير الأحزاب والشخصيات السياسية الغطاء والحماية لهم بدوافع عدّة.  

عندما صدر قانون تجريم حزب البعث عام ٢٠١٦، انيطت مهمة مراقبة ومتابعة المروجين لذلك الحزب أو الباقين على انتمائهم وممارسة العمل الحزبي إلى لجنة، جرى ربطها بمفوضية الانتخابات، وهنا كان الخلل الكبير، ومع ذلك كانت ترفع دعاوى ضد من يروجون للنظام المقبور وحزبه المحظور، لكن الحكومة السابقة حجّمت الدائرة المعنية بمتابعة تنفيذ هذا القانون إلى قسم صغير، يرأسه شخص من إقليم كردستان العراق.

وحيث إن الإقليم يأوي الكثير من عتات البعض وأجهزته الإجرامية، ويوفر لهم الحماية، فقد تم تجميد عمل هذا القسم، ولم نسمع عن أي نشاط له لمتابعة وتقديم المروجين للحزب إلى القضاء.

لم يقتصر الأمر على وقف المحاسبة، بل بدأنا نشهد صعود الكثير منهم إلى مواقع قرار رسمي ونقابي، وبات التبجح بالانتماء أو كيل المديح لذلك الحزب المحظور علنيا، ودون أي رادع يذكر.

يسرّ أحدهم لجاره بالقول: «نعيش الآن مرحلة انتقالية ذهبية»، حالما بعودة الحزب، رغم أنها مستحيلة بحكم

القانون.

 لكن الأكيد أن سمومهم مستمرة في «شيطنة» النظام الحالي ونشر مقولات، يتلقفها ويرددها السذج من قبيل أن «الوضع أيام البعث كان أفضل»، وكذلك استهداف كل عناوين ضحايا نظام البعث، وتحويل مظلوميتهم إلى مادة اتهام أو سخرية، مثل «المجاهد» و»الرفحاوي» وغيره، والتحشيد ضد الأحزاب المعارضة للنظام السابق وشيطنتها، والتحريض ضد دول أخرى، خصوصا إيران وغيرها مما طبع منهج البعث في العراق على مدى عقود. ساعدهم في حملتهم هذه سوء أداء الكثير من الأحزاب وممثليها في المواقع الحكومية، سواء بسوء الإدارة والأداء أو بالفساد المالي واستغلال المواقع.

ساعدهم أيضا في نجاح حملتهم الترويجية للنظام السابق، عدم توثيق الجرائم التي ارتكبتها السلطة في ظل حكم ذلك الحزب منذ ١٩٦٨سنة، بل وحتى قبلها في انقلاب ٨ شباط ١٩٦٣. جرائم تلك العصابة لم توثّق إلّا بشكل بسيط وشهود تلك المرحلة وضحاياها، باتوا يتحاشون الحديث عن معاناتهم أو ما شاهدوه من جرائم وحشية، تحاشياً لاستهدافهم بحملة تسقيطية تقودها جيوشهم الالكترونية، بعدها نجحت في محاصرة الضحايا بمقولات «الزمن الجميل»، أو اتهامهم بـ»العيش في الماضي».

نعم، ضحايا حزب البعض باتوا متهمين، ومعارضة ذلك الحزب باتت مادة ادانة وتشكيك بالوطنية، وفي كل ذكرى سنوية لإحدى جرائم حكم ذلك الحزب وحروبه الحمقاء، تتحرك الصفحات العلنية والمزيفة بشن حملة مضادة، للدفاع عن المجرمين وتبرير فعلتهم وإدانة الضحايا.

بعض السياسيين من المحسوبين على الضحايا لم يفكروا في توثيق جرائم الحكم السابق، بل انشغلوا بالمواقع وصراع النفوذ، وجديدهم، الدخول في صفقات أعمال أو فساد مع سياسيين محسوبين على النظام المباد، فطمست تلك الجرائم لأجل المصالح الشخصية، فبات السجين المعذب سابقاً مستبعداً أو محجوراً عليه في دائرته، فيما البعثي أو ابنه يصول ويجول ويجري تعيينه دبلوماسيا ممثلا للعراق في عواصم العالم.

كل البلدان التي تخرج من حكم دكتاتوري متوحش، تقوم بتوثيق ممارساته عبر متحف وكتب وافلام ومسلسلات، ليس للبقاء في الماضي، انما لتحصين الأجيال المقبلة ضد تكرار تلك الممارسات.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سالم مشكور
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/09/05



كتابة تعليق لموضوع : سموم البعث وبقايا شخوصه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net