صفحة الكاتب : محمد الحسن

اسباب ثورة العشرين ووقائعها..!
محمد الحسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 نعتزّ كثيرا بتلك الثورة التي انطلقت من رميثة المثنى  ضدّ الاحتلالالانجليزي للعراق التابع للدولة العثمانية التي حكمت الارض طيلة خمسةقرون، بيد أنّ العاطفة والاشعار غير قادرة على بناء البلدان ولا يمكنالارتكاز عليها في قراءة التجارب، فما هي ثورة العشرين، وهل المحتلالانكليزي كان يستهدف العراق كوحدة سياسية، وما هي نتائج تلكالثورة؟! 

حرب الامبراطوريات..!  

دخل الانكليز الاراضي العراقية بوصفها ارض تابعة للدولة العثمانيةالمحتلة للبلاد، ودخولهم كجزء من معارك الحرب العالمية الأولى بينالحلفاء ودول المحور التي تضم الامبراطورية العثمانية، فالشعوب التيتعيش على ارض العراق غير معنية بتلك الحرب، كونها معارك بين احتلالقديم متخلّف، وغازٍ جديد يريد ازاحة القديم وتقليم مخالبه وانهاء سطوتهالمستمرة لقرون عديدة، فالعراق لم يكن دولة اساسا؛ انما ارض محكومة منقبل الاستانة وكل خيرات البلد تذهب الى الباب العالي، فضلا عن طائفيةالحكم والاضطهاد الذي كان يعانيه مكوّن الاغلبية. 

قبل الثورة..! 

في بدايات الحرب العالمية الاولى، وعند طلائع الدخول الانكليز الى العراقعن طريق البحر في عام 1914 شكّل شيعة العراق مجاميع جهاديةلمواجهة الغزو، وكانت تلك المجاميع مدعومة من قبل المرجع الاعلى السيدكاظم اليزدي الذي كان ولده العلامة الشهيد السيد محمد اليزدي مقاتلاوأحد قادة تلك المجاميع، وقد كان للسيد الحبوبي والامام الحكيم دورابارزا في تلك المواجهات. موقف المرجعية الدينية في النجف الاشرف كانينطلق من منطلق وحدوي  فضلا عن بقاء فكرة الغزو الصليبي عالقة فيالاذهان، فعلى الرغم من التمييز الطائفي الذي كان يمارسه قادة الدولةالعثمانية ضد الشيعة، الّا انّهم وقفوا بوجه الغزو الانجليزي في بداياته. وهناك من يخلط بين تلك المواجهات التي خاضها الشيعة وبين ثورةالعشرين، ولكن الامر مختلف، فالمواجهات بدأت قبل الثورة بستة سنواتولم تستمر؛ انما حدث بعض الاحتكاكات التي لا ترتقي الى تصنيفهاكمواجهة. 

بعد الغزو..! 

بعد اكتمال الغزو الانجليزي وهزيمة الجيش العثماني ودخولهم الىبغداد في آذار من العام 1917، فضّل السيد اليزدي وهو المرجع الاعلى،المقاومة السلمية والمطالبة بالاستقلال عبر المفاوضات. موقف المرجعالاعلى هنا كان مبنيّا على اعتبارات عديدة ابرزها أنّ المعركة ليست معركةالعراقيين؛ انما هي حرب بين احلاف لا دخل للعراق بها. وايضا كان المرجعالاعلى ناقماً على السياسة العثمانية والتمييز الطائفي ضد الشيعةواضطهادهم، وبالتالي ليس من مصلحة العراقيين التفريط بفرصةالاستقلال. وهذا الموقف ينطلق من مبدأ فقهي يعود الى العلّامة السيد ابنطاووس الذي يرى "الكافر العادل خير من المسلم الجائر". 

الفتوى.. هجوم ام دفاع؟! 

توفيّ المرجع الاعلى السيد كاظم اليزدي في عام 1919 واصبح بعده الميرزامحمد تقي الشيرازي مرجعا عاما للطائفة الشيعية. في عهد السيد اليزديلم يصدر موقف او فتوى تحثّ على التوسل بالقوى لطرد الانكليز، وكمااشرنا سابقا كان اليزدي في بدايات الحرب عام 1914 يحثّ العشائر علىمواجهة الغزو وارسل نجله لجبهة الكوت والبصرة، ولكن بعد الاجتياحكان موقف المرجع هو المقاومة السلمية. ولم يختلف موقف الميرزا الشيرازيكثيرا عن موقف سلفه، بيدّ أنّ طبيعة الظرف الزماني فرضت متغيرا جديدا،ربما لو كان السيد اليزدي حاضرا حينها لم يختلف موقفه عن موقف خلفه. فبعد احتدام المواجهات بين عشائر الرميثة بقيادة شعلان ابو الجونوتوسع دائرة المعارك، ذهبت الناس الى المرجع الاعلى لمعرفة الرأيالشرعي بخصوص تلك المواجهات، فكان جوابه هو: "إنّ مطالبة الحقوقواجبة على العراقيين، ويحق لهم ضمن مطاليبهم رعاية السلم والامن،ويجوز لهم التوسل بالقوة الدفاعية إذا امتنع الانكليز عن قبولمطاليبهم.." من نصّ الفتوى تتضح منهجية المرجعية في الخوض بهكذاامر خطير، فكانت الفتوى او عمادها هو المطالبة بالحقوق واجازةاستخدام القوة الدفاعية في حال رفض الانكليز الاستجابة للمطالب، فهيليست فتوى تحريضية بقدر ما هي سعي وراء الاستقلال بالطرق السلميةواستخدام القوّة المشروطة عند عدم تحقق المطالب. 

 نص الفتوى يظهر الوعي المتقدم الذي كان يمتاز به المراجع، والحرصالكبير في الحفاظ على الدماء والامن والسلم، وهذه اشارة تدل على رغبةالمرجعية في بناء دولة مستقلة يحكمها اهلها بعيدا عن فلول العثمانيين! 

تحريم الانتماء..! 

ومن يسعى لبناء دولة، لا يمكن ان يحرّم العمل الحكومي او الوظيفي الذيتم حرمان الشيعة منه فيما بعد، ودعوة الميرزا الشيرازي ومن قبله السيداليزدي الى الحصول على الاستقلال وتحقيق المطالب، بها اجازة ضمنيةفي العمل الحكومي والوظيفي، غير انّ الشيخ مهدي الخالصي ذو الميولالعثمانية اصدر فتوى حرّم فيها قبول الوظائف الحكومية، ومن جهة ثانيةكان عبد الرحمن النقيب وبعض الوزراء يرفضون قبول الشيعة فيالوظائف الحكومية، التي بقيت حكرا على بقايا الدولة العثمانيةالطائفية، وبالتالي ووسط الانشغال الشعبي الشيعي بالقتال، استحوذالآخرين على جلّ المواقع ووجد الشيعة انفسهم خارج المعادلة سوى بعضالاستثناءات التي حصلت فيما بعد. 

الاسباب والنتائج..! 

هناك بعض الاسباب المباشرة وغير المباشرة التي ادت الى قيام الثورة ضدالانكليز، ومنها الرأي العام القادم من سوريا التي كان يحكمها فيصلالاولى ويدير بعض مواقعها ضباط عراقيين، فضلا عن الدعاية القادمة منتركيا التي كانت تشجّع العراقيين على الثورة ضد الانكليز. ومن الاسبابالمباشرة هي الممارسات التي كان يمارسها الحكام الانكليز، وعدم تنفيذوعود الاستقلال، بالاضافة الى بعض الاحتكاكات المباشرة التي جرت بينالعراقيين في الوسط والجنوب وعساكر الانكليز. ومن النتائج انّها عقّدتالموقف على الانجليز، الامر الذي جعلهم يؤسسون اسس المملكة العراقيةالتي سوف يحكمها ملك مستورد من عالم آخر لا ينسجم كليا مع الواقعالعراقي. 

معادلة العقود السبعة! 

ولعل من النتائج غير المباشرة للثورة، تأسيس معادلة حكم استبعدالشيعة منها تدريجيا، فبين طائفية عبد الرحمن النقيب  وساطع الحصريوغيرهم، وفتوى الخالصي وقتال الانكليز، وجد الشيعة انفسهم كرقمهامشي منعدم التأثير في معادلة الحكم والقرار السياسي ولغاية سقوطالنظام البعثي في نيسان 2003. 

من الجدير بالذكر انّ الانتداب البريطاني بقيّ قائما لغاية 1932 حينما تمقب


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/07/01



كتابة تعليق لموضوع : اسباب ثورة العشرين ووقائعها..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net