كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

تاملات في القران الكريم ح35

 سورة آل عمران

بسم الله الرحمن الرحيم

 شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{18}

يشهد الباري عز وجل لنفسه , ويبين ان لا اله يستحق العبادة سواه , ويشهد على شهادته جل وعلا شهادتين مميزتين :

1-    (  َالْمَلاَئِكَةُ ) : خلق من خلق الله تعالى , لا يعصونه طرفة عين .

2-    (  وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ ) : وهم الانبياء (ع) وايضا الراسخين في العلم الذين ذكروا في الاية السابقة .                   

يروى لهذه الاية خواص كثيرة , ومنافع عجيبة , في الدنيا والاخرة , اذا قرأت دبر كل صلاة مفروضة .

 

إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ{19}

ان الدين الذي فرضه وارتضاه الله تعالى من خلقه , الايمان به وحده , والتسليم لاوامره عز وجل , واتباع كل ما جاء به الرسل والانبياء من عنده , فتثبت الاية الكريمة ان الدين الاسلامي ليس دينا جديدا اتى به النبي محمد (ص) , بل هو دين جميع الرسل والانبياء الذين سبقوه .

 

فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ{20}

تذكر الاية الكريمة خصمين لدودين للدين الاسلامي , كانوا من اشد اعداء الرسول الكريم محمد (ص) :

1-    (  لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ ) : وهم اليهود والنصارى  .

2-    (  وَالأُمِّيِّينَ ) : مشركي العرب .  

فتوجه الاية الكريمة النبي محمد (ص) ان يعرض عليهم الاسلام كما امره به عز وجل , ويخيرهم بين امرين :

1-    (  فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ ) .

2-    (  وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ ) .          

 

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ{21}

يروى ان اشد الامم فتكا بالانبياء والرسل كانوا بني اسرائيل , فتذكر الاية جوانب من افعالهم :

1-    ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ) : فقد كفروا بجميع ايات الله تعالى ( الكتب – المعجزات ) .      

2-    (  وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ ) : تروي الاية الكريمة انهم قتلوا أنبياءهم (ع) و قاتلوهم .

3-    (  وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ  ) : كما انهم لم يكتفوا بذلك , فقاتلوا وقتلوا الصالحين من الناس .    

يلتفت المتأمل في الاية الكريمة الى انها اختتمت بــ (  فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) , فقد اوردت العذاب بنحو البشارة , وفي ذلك استهزاء وتهكم بهم ! .     

 

أُولَـئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ{22}

كل انسان مهما كان فاسقا او فاجرا او كافرا , لابد وان يكون لديه بعضا من الحسنات واعمالا خيرية , فتشير الاية الكريمة الى ان كافة حسناته واعماله الخيرة قد ابطل ثوابها , ولن تعود عليه بالخير لا في الدنيا ولا في الاخرة ( او ربما ينال جزءا من ثوابها في الدنيا فقط ) , طالما وانه لم يؤمن بالله تعالى وكتبه ورسله ! .

الملفت للنظر , ان الاية الكريمة اختتمت بــ (  وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ) , في ذلك اشارة الى ان يكون الناصر والمحامي عن الانسان في عدة امور نذكر منها على سبيل المثال , لا على سبيل الحصر :

1-    الايمان بالله تعالى والملائكة والانبياء والرسل و الكتب المنزلة .

2-    الحسنات .

3-    كافة اعمال الخير .

4-    الاخلاق الحميدة        

 

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ{23}

يروى ان سبب نزول الاية الكريمة , تحاكم اثنين من اليهود بقضية زنى الى النبي محمد (ص) فحكم (ص) بالرجم , فأعترضوا على الحكم , ولما جيء لهم بالتوراة فوجدوا فيها حكم الرجم ايضا , اعتراهم الغضب وانصرفوا معرضين ! ( تفسير الجلالين , للامام جلال الدين السيوطي ) .

 

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ{24}

تروي الاية الكريمة سبب اعراض هؤلاء , وهو اعتقادهم ان النار لن يعذبوا بالنار الا اياما قليلة , حيث كان هذا الاعتقاد ناشئ من تلاعبهم وتحريفهم في امور الدين .

 

فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ{25}

تشرح الاية الكريمة للرسول الكريم (ص) , حال هؤلاء يوم القيامة , فتوفى كل نفس ما كسبت , وتتحقق العدالة الالهية , حيث لا يظلم احد , عندها سيكتشفون انهم لم يكونوا على صواب , ولن تمسهم النار اياما معدودة كما زعموا , بل سيخلدون فيها , لكن هذا سيكون بعد فوات الاوان ! .  

 

طباعة
2012/07/07
2,870
تعليق

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!