صفحة الكاتب : جبار عبد الزهره

سياسة الفشل والعجز الإسرائيلية
جبار عبد الزهره

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عندما اعلنت الحكومة الإسرائيلية عن اهدافها في بداية شن هجومها البري والبحري والجوي على قطاع غزة اعلنت عن اهدافها المتوخاة من ذلك الهجوم وفي المقدمة منها هو القضاء على حركة حماس لكن واقع مسار حرب الإبادة ضد قطاع غزة أكد ويؤكد كادليل دامغ على عجزها في عدم تحقيقها ذلك الهدف وسواه من الأهداف الأخرى0

وذلك بعد مضي اكثرمن 130 يوما على هذه الحرب وكما قلت اعلاه لم تحصد اسرائيل أي هدف من اهدافها المعلنة وهذا يدل بالدليل القاطع على ان سياسة اسرائيل العسكرية على مستوى التعبئة والسوق وعلى مستوى التخطيط الأركاني للحرب وإدارة العمليات العسكرية سياسة عقيمة ومرتبكة وفاشلة وهذا ما يؤكد عليه اسلوب النار والحركة للجيش الإسرائيلي عند توغله داخل المدن الفلسطينية يدفعون خسائرا ولا يحققون انجازا عسكريا يوازي الخسائر التي قدموها ومن ذلك منجزهم في تحرير الأسيرين فهل مر وتم تحقيقه دون ان يدفع هذا جيش بعض الخسائر في صفوف منتسبيه وفي حجم معداته العسكرية فهذا امر لا يصدقه العقل 0

وهذا إن دل على شيء إنما يدل على ان الجيش الإسرائيلي لا يجيد حرب المدن مثلما يجيدها ويَّتقنها مقاتلوا حماس فقتال المدن ينقسم الى قسمين :-

اولا :- قتال البنايات :- ويستغل الجيش البناية لزرع القناصين لقنص افراد العدو وافضل مكان للقنص في البناية ذات الطوابق هو الطابق الأول والطابق الثاني لأنهما يشكلان اكثر الأماكن أمانا للقناص يعطيه فرصة كبيرة في البقاء على قيد الحياة خاصة عند تدمير البناية من قبل العدو بسبب ارتفاعهما المنخفض عن الأرض وفي الوقت ذاته يولد صعوبة امام العدو في توجيه ناره نحو القناص ويعطي للقناص ميزة التصويب على العدو بدقة لآنه مشرف عليه من فوق0

ثانيا :- قتال الشوارع :- وهذا بدوره ينقسم الى ضربين هما قتال المشاة الآلي والذي ينفذه الجيش المهاجم لأحتلال ارض العدو ومن ثم تسليمها للمشاة الراجل والتقدم الى امام ، وقتال المشاة الراجل واكثر ما تحتاجه الجيوش اثناء الهجوم في مقاومة القناصين وكمائن العدو الأخرى والتقدم نحوالأرض التي حررها المشاة الآلي ومسكها والبقاء فيها 0

وقد لاحظت من خلال مشاهدتي للفيديوهات التي تنشرها حماس وحتى التي ينشهرها الجيش الإسرائيلي من ان مقاتلي القسام لديهم خبرة في هذا الضرب من القتال افضل بكثير من خبرة الجيش الإسرائيلي لذلك تمكنوا من إيقاعه في كمائن اعدوها له مسبقا واوقعوا بين صفوفه خسائر كبيرة في المعدات والأفراد 0

اما من ناحية سياسة اسرائيل الإدارية في تحريك عجلة شؤون البلاد وتشغيلها بالإتجاه الإداري السليم ومن الممكن تقييمها على أنها سياسية تخبط وفشل وعجز حتى على مستوى اعلامها الرسمي فالسلطة الرابعة الرسمية والاهلية لها اثر كبير في استقطاب الراي العام لصالح الحكومة وحشد الجمهور لتأييدها 0

ومن الأدلة القوية على ذلك التخبط فقد حصل صخب وضجيج احتفالي يشبه الى حد ما قول الناس تمخض الجبل فولد فأرة عبر تحرير جيشها اسيرين فقط لقد كان هذا الإحتفال المريض يدل عن الفشل الكبير الذي تدور في فلكه الحكومة الاسرائيلية فهي تحاول عبر انجاز تحرير الأسيرين ان تقول للجماهير الأسرائيلية انها حققت هدفا مهما من الأهداف التي يبغيها الشعب الاسرائيلي من حرب غزة وهي تحرير الرهائن لدى حماس 0

بانتظار تحرير آخرين وهو لن يحصل ولن يحصل لأن المقاومة قامت بتوزيع الرهائن في اماكن متفرقة من الصعوبة الوصول إليها لبعد المسافات بينها ولأساليب الغش والخداع الحربي التي تستخدما فصائل القسام للتمويه على الجيش الإسرائيلي من جهة الوصول الى الرهائن ومن جهة اخرى هي تمثل كمائن للإيقاع به وتكبيده خسائر0

هذا الحادث تسبب بخسارة كبيرة لسمعة جيشها الذي لا يقهر علاوة على عجز جهاز الموساد (الاستخبارات) وجهاز الشاباك (الأمن القومي) عن الحصول على معلومات قيِّمة بخصوص المحتجزين ويتمظهر هذا العجز في مرور خمسة اشهر على الحرب والأجهزة الإستخباراتية والأمنية تبحث في كل مكان في غزة وتمسح اراضيها طولا وعرضا فلم تتمكن ولم تفلح من تحرير سوى اسيرين اثنين رغم ان ارض قطاع غزة ضيقة المساحة ومكشوفة امامهم وهو يرشح سعة افق العقل الحمساوي الذي يخطط لخوض المعرك ومنها طرق التمويه في اخفاء الرهائن ولحد الآن نجحت حماس في هذا الميدان نجاحا باهرا ففي مساحة ضيقة لا تزيد على 400كم2 وهي مساحة قطاع غزة تمكنت حماس وبكل اقتدارعلى الإحتفاظ بالرهائن الإسرائيلين رغم ان الجيش الإسرائيلي احتل ارض القطاع بالكامل ودمر ما يقرب من 80% من ابنيتها بقصفه البري والبحري والجوي والتي من الممكن تساعد في اخفاء الرهائن عن اعين الجيش جيش نتنياهو والاستخبارات استخبارات إيتمار بن غفير 0

في حين ان واقع الحال في القطاع المشارإليه هو في حقيقة معطياته يشتغل لصالح اسرائيل لكن القدرة العجيبة لمقاتلي حركة حماس في اخفاء الراهئن حولته ووظفته ليعمل لصالح المقاومة وانه لمن المخزي لدولة ومن العيب عليها وهي ذات جيش قوي واستخبارات دقيقة باجهزة الالكترونية المتطورة وهي التي ابتكرت نظام (بيغاسوس) الذي تمكنت من خلاله ان تتجسس على افراد وحكومات تبعد عنها آلاف الكيلومترات لا ادري كيف تعجزعن الكشف عن اماكن رهائن من مسافة ((صفر)) ؟؟؟ 0

فهم بين يديها وفي الأنفاق تحتها وعن يمينها وعن شمالها في هذه المساحة السكنية الصغيرة وقد دمرت ابنيتها وهجَّرت اهلها لذلك فهي مكشوفة امامها على مدى البصر ومن السهل عليها ؤبكل يسرعبر الإمكانيات البصرية والعضوية ان تهتدي الى اماكن الرهائن يا لخيبتها وخوار حولها وانهيار قوتها وإنه لأمر مضحك لم تتمكن بعد دخول الحرب في شهرها السادس لم تحررسوى اسيرين 0

ان الإحتفال بتحرير الهينتين هو عمل دعائي فاشل ومفضوح في الكذب يمثل محاولة دعائية هزيلة للتغطية على إخفاقات وخسائر الجيش الإسرائيلي ، الذي عجز عن تحقيق أهدافه في غزة، ولاسيما القضاء على القدرات العسكرية لـ”حماس” واستعادة أسراه من القطاع 0

والأخبار من داخل اسرائيل تقول ان هذه العملية المخلقة عبر تداعيات عقل مريض أثارت الجدل في الأوساط الإسرائيلية، لا سيما بعدما حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توظيفها لصالحه، باعتبارأن الضغط العسكري هو السبيل لتحقيق مجمل الأهداف والتي دلت على فشل مخطط نتنياهو في المراهنة على مواصلة القتال للوصول الى اهداف هذا الشعار العقيم او هذا الرهان الخاسر0

واكرر قائلا لم يفكر نتنياهو بالفترة الزمنية من الحرب التي هي خمسة اشهر والتي استغرقها جيشه ليحرر اسيرين (رهينتين ) فقط وبحسابات بسيطة فانه على هذا المنوال يحتاج جيش اسرائيل الى ما يقرب من مأئة عام ليحرر جميع الرهائن لدى حماس لذلك فإنه لمن المضحك ومن بواعث السخرية الإحتفال بهذا العمل الصغير الهزيل ومن الخير لرئيس الوزراء الإسرائيلي ان يقبل بشروط حماس للوصول الى هدنة في ايقاف اطلاق النار وتبادل الأسرى0

أمّا تحليلي أنا لها فلو كانت عملية تحرير حقيقية رغم ان من تم تحريرهم اثنين فقط ولا يستحق عمل تحريرهما كل هذا النفخ في ابواق المزيف والمفبرك من الأخبار وتسخير وسائل اعلام اسرائيلية لتناوله على انه حدث مهم له صداه على مستوى القتال الدائر بين اسرائيل وحماس 0

لما حصل جدال داخل اسرائيل حتى بين اروقة حكومة الحرب لعدم اهمية العملية على مستوى المنجزات الحكومية وبخصوص محولة نتنياهو تجييرها وتوظيفها لصالح خطته في الإستمرار بالقتال في غزة وتعبئة الجيش وسوقه باتجاه رفح وهذا واضح من قوله :- إن النصر الكامل في غزة مسألة أشهر فقط، مؤكدا رفضه لأحدث عرض من حماس لوقف إطلاق النار، مشددا على أن الضغط العسكري فقط هو من سيسمح بالإفراج عن المحتجزين وهذا تأكيد على ان نتنياهو يختلق احداثا بسيطة لتعميمها على انها الخطة الصحيحة والسليمة في تحرير الأسرى الإسرائيليين من طريق استمرار الحرب ولا خيار افضل من ذلك 0

واخيرا لدنيا مثل شعبي في العراق يقول (شاف ما شاف .... ؟؟) لمن يقوم بتهويل اصغر الأشياء واتفه الأمورالتي صنعها وتعظيمها لأنها بنظره كبيرة وهذا هو حال اسرائيل في تحريرها للرهينتين على افتراض انها صادقة 0

وفي مقابل الامر المشابه المقارن ذلك فإن روسيا بوتين سيطرت على اراضي واسعة ومدن كثيرة من اوكرانيا ولكنها لم تطبل ولم تزمر ولم تحتفل بذلك لأن رجالها اصحاب همم عالية وقدرات فائقة يتقدمهم الرئيس بوتين الذي سفَّه احلام امريكا والدول الأوربية في القضاء على روسيا الصاعدة عسكريا واقتصاديا باتجاه بعث الإتحاد السوفيتي من جديد 0

ولا يفوتني الإستشهاد بالبيت العربي للتمييزبين موقف القوي وبين موقف الضعيف في النظر الى المحيط بمكوناته :- ( البحر الطويل )

على قدر اهل العزم تأتي العزائم -- وتأتي على قدر الكريم الكرائم

وتكبرفي عين الصغير صغارها -- وتصغر في عين العظيم العظائم

وأعود لأقول إن تحرير اسيرين انجاز مخزي أمام طول فترة الحرب التي يرفض نتنياهو ايقافها ويحشِّد لأجتياح رفح فضلا عن تزايد خسائر اسرائيل البشرية والمادية فيها وتهدور اوضاعها الإقتصادية والأمنية من الرعب والهلع الذي تسببه مقذوفات حماس وكافة فصائل المقاومة في العراق ولبنان واليمن بين اوساط المجتمع الإسرائيلي


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جبار عبد الزهره
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/02/28



كتابة تعليق لموضوع : سياسة الفشل والعجز الإسرائيلية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net