مجلس القضاء: الفساد هو التحدي الأهم الذي تواجهه الدولة العراقية
فيما أشار إلى أهمية إصلاح منظومة التشريعات القانونية ذات الصلة بمكافحة الفساد، أكد مجلس القضاء الأعلى، اليوم الخميس (30 تشرين الثاني 2023)، أن هذه الآفة تمثل التحدي الأهم الذي تواجهه الدولة العراقية.
يأتي ذلك في حين أشار رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون، إلى السعي لشمول القطاع الخاص في العراق بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
جاء ذلك خلال احتفالية أقامتها بعثة الاتحاد الأوروبي في بغداد بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد.
ممثل مجلس القضاء الأعلى نائب رئيس محكمة استئناف بغداد الرصافة القاضي إياد محسن ضمد، أكد في كلمة ألقاها نيابة عن رئيس مجلس القضاء فائق زيدان خلال الاحتفالية أن “الفساد يؤثر سلبا على جميع مفاصل الحياة ويصيب الضرر مؤسسات الدولة كافة وأغلب شرائح المجتمع”.
وأضاف، أن هذه الآفة “تزيد معدلات الفقر والبطالة وتقوض فرص التنمية ويزيد المخاطر على السلم الفردي والاجتماعي وكذلك تعرقل عمل المؤسسات الديمقراطية وتقلل من فرص تمكين المرأة وحرية التعبير عن الرأي من خلال غياب المساواة والشفافية وتعرقل جهود فرص سيادة القانون”.
وأشار، إلى أن هذه الآفة “في الوقت الحاضر هي التحدي الأهم والأخطر الذي تواجهه الدولة العراقية”.
موضحا، أن “المجلس حرص على تعزيز الجهود كافة التي تبذل في مكافحة الفساد المالي والإداري سواء من خلال تشكيل المحاكم المركزية المختصة بمكافحة الفساد كمحكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية أو من خلال دعم جهود قضاة التحقيق لإنجاز القضايا في مرحلة التحقيق وجمع الأدلة وكشف المتورطين في سرقة المال العام تمهيدا إلى إحالتهم إلى المحاكم المختصة ومن ثم فرض العقوبات المحددة قانونا وتجلى واضحا من خلال القضايا التي نظرتها المحاكم والتي أصدرت لها قرارات إدانة وفرضت عقوبات رادعة”.
ولفت، إلى أن “مجلس القضاء الأعلى ومن خلال محاكمه المختصة وبالتعاون مع المؤسسات الرسمية كثف من جهود استرداد الأموال المتحصلة عن جرائم الفساد ومصادرها وإيداعها في الخزينة العامة، من خلال التنسيق العالي بين المحاكم وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية و محاكم مكافحة غسيل الأموال”.
مشيرا إلى أن “تلك الجهود تمخضت عن إصدار دليل بالتعاون الدولي في مجال استرداد أموال الفساد وكذلك إصدار دليل لإدارة الأموال المصادرة و إصدار دليل أيضا للتحقيق في الجرائم المالية يستعين به القضاة والمحققون من خلال التحقيق بملفات الفساد المالي والإداري”.
وتابع، أن” مجلس القضاء الأعلى يولي متابعة قضايا الفساد المالي والإداري أهمية قصوى ويؤكد على أهمية إصلاح منظومة التشريعات القانونية ذات الصلة بمكافحة الفساد والكسب غير المشروع وضرورة إجراء التعديلات بما يضمن تغطية الصور الجرمية كافة ويمكن من تعقب المتحصلات المالية واستعادتها ومعالجة كافة القصور في القوانين، وكذلك يؤكد على اتباع المنهجيات الحديثة في إدارة مؤسسات الدولة واستخدام نظم الإدارة الإلكترونية والربط البياني بين الدوائر وأتمتة المعلومات بما يمكن للمحاكم من الحصول على المعلومات المطلوبة لإنجاز التحقيقات بالسرعة اللازمة”.
وختم، أنه” لا بد من الثناء على الجهود الدولية كافة التي تقدم الدعم والمساعدة للدولة العراقية في مكافحة هذه الآفة من خلال المنظمات الدولية والإقليمية ونخص بعثة الاتحاد الأوروبي”.
معربا عن أمله أن يحقق التجمع هذا بمناسبة يوم الفساد الأهداف المرسومة له وأن تشهد السنوات المقبلة تحسنا في مجال تقييم الدولة العراقية على مؤشر مدركات الفساد بمنظمة الشفافية الدولية”
من جهته قال رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون، في كلمة له خلال الاحتفالية التي أقامتها بعثة الاتحاد الأوروبي بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، “إننا نستذكر اليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي يصادف 9 كانون الأول ونأخذ من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ثلاثة جوانب (الشفافية والمشاركة والتعاون الدولي) وهي خلاصة العمل لتحقيق النجاحات”.
وأضاف “عملنا منذ اللحظة الأولى على تنفيذ الالتزامات الدولية من خلال تشريع القوانين ومنها قانون حق الحصول على المعلومة الذي يمثل الشفافية وقانون استرداد عائدية الاموال المنهوبة وكذلك التعديل الثاني لقانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع والقوانين الاخرى ذات العلاقة إضافة الى الأحكام القضائية النافذة وإجراءاتها السريعة والجريئة”، مشيراً الى أن “الحكومة وضعت في منهاجها أولوية مكافحة الفساد إضافة الى مكافحة الفقر وتقديم الخدمات، وإذا لم نتمكن من مكافحة الفساد لا يمكن تنفيذ الملفات الأخرى”.
وأكد أن “الحكومة سعت الى دعم هيئة النزاهة وأجهزة إنفاذ القانون، حيث وجدت الهيئة المجال واسعاً أمامها لتقدم واجبها وقد حققنا واجبات كثيرة على مستوى دوائر الهيئة ضمن اختصاصاتها المتعددة وأولها الجانب الجزائي والردعي بالتعاون مع مجلس القضاء الأعلى الذي سعى لدعم المباشر لهيئة النزاهة”.
موضحاً “أننا حققنا على المستوى الردعي والجزائي إنجازات كثيرة، وكان للهيئة عمليات ضبط كبرى وكذلك فعاليات من خلال الفرق الجوالة والإعلامية والتحقيق في مختلف ملفات الفساد”.
وبشأن الجانب الوقائي، أكد حنون “أننا فتحنا باب (من أين لك هذا) في ما يخص الكسب غير المشروع وتضخم الاموال ومتابعة كشف الذمة المالية للمسؤولين بالتعاون مع القضاة وتم الحكم على الفاسدين واسترداد الأموال منهم”.
لافتاً الى “أننا عملنا على استرداد المتهمين والأموال سواء كان داخل أو خارج العراق واستفدنا من نجاحات الحكومة على المستوى الدولي إن كان من خلال علاقات رئيس الوزراء أو من خلال وزارة الخارجية”.
وذكر “أننا تمكنا من عقد مذكرات تفاهم مع العديد من الدول وحققنا استرداد الكثير من المتهمين ونسعى الى استرداد أموالنا من خلال التفاهم مع الدول لفتح الحسابات أمام هيئة النزاهة وأجهزة إنفاذ القانون في العراق وكذلك مكتب غسيل الأموال للتعرف على أماكن الأموال المسروقة والمنهوبة نتيجة الفساد والجريمة المنظمة”.
وبين أن “الهيئة عملت “على الستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي تعمل في كافة المؤسسات، ونسعى لشمول القطاع الخاص فيها”.
لافتاً الى “العمل على الحث على النزاهة وإدخال مكافحة الفساد ضمن المناهج بالتعاون مع وزارتي التربية والتعليم العالي”.
وأكد “أننا حققنا إنجازات كبيرة من خلال عقد مؤتمرات مع الجامعات ونسعى من خلال الأكاديمية العراقية لمكافحة الفساد لتكون نموذجاً للدراسة العليا وهي الدبلوم العالي لمكافحة الفساد”.
لافتاً الى “العمل على إشراك القطاع الخاص ضمن الاتفاقية الأممية بالتعاون ومشاركة العشائر والفعاليات المجتمعية والدينية وكافة قطاعات المجتمع والتعاون المستمر مع المنظمات غير الحكومية ومع المؤسسات الإعلامية”.
بدوره قال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي السفير توماس سايلر، في كلمة له خلال الاحتفالية ان “أول اجتماع عقدته مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اتفقنا فيه على المضي بإكمال مبدأ من سبقنا لتحسين وتعزيز إجراءات الحكومة والبرلمان والمؤسسات المعنية في مجال مكافحة الفساد والملفات المالية وكذلك مع المنظمات المدنية لينعم المجتمع العراقي بمزيد من الرخاء والأمان وبفرص عادلة أكثر”.
معتبراً أنه “تم إحراز تقدم بهذا الصدد”.
وأضاف “لدينا كم من المجالات العديدة للتعاون في الاقتصاد والتعاملات المصرفية والمالية، لكن أحد المجالات التي اتفقنا على التعاون بطاقة كاملة هو سيادة القانون وإنفاذه والشفافية والتشريعات القانونية والمجالات الاخرى التي يجب أن يؤخذ بها في الحسبان”.
مشيراً الى “أننا نتعاون للمضي قدماً في تعزيز سيادة القانون ودولة القضاء”.
وذكر “اتفقنا على المستوى الدولي على أن حكومة العراق تحترم الاتفاقيات وتنفذ الالتزامات الخاصة في مجال مكافحة الفساد وكذلك العنصر الوطني المتعلق بسيادة القانون لبناء المجتمع وتعزيز النظام المجتمعي الذي يسوده القانون لأن النظام الذي يحترم سيادة القانون هو أفضل الأنظمة للاستثمار والازدهار الاقتصادي والرخاء المجتمعي”.
لافتاً الى أن “الفساد يعد مشكلة اقتصادية اجتماعية ومالية معقدة وكذلك يؤثر في جميع بلدان المنطقة والعالم، حيث كافحنا الفساد في أوروبا لفترة طويلة وذهبنا الى مستويات عالية”.
وبين أنه “حتى في أوروبا لا يوجد شيء مثالي وهناك المزيد يتوجب علينا القيام به وبالنسبة لنا إن مكافحة هذه الآفة ليست مسألة مساواة فقط بل إنصاف وسيادة القانون”، موضحاً أنه “إذا كانت هناك مكافحة فساد فاعلة سوف يؤدي هذا الأمر الى التخلص من الفقر”.
وذكر أن “الفساد هو مصدر للجرائم المنظمة واستنزاف لموارد كثيرة”.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat