طريق التنمية.. محاذير وألغام الربط السككي بين تركيا والخليج عبر العراق
تزدحم المشاريع المشابهة لمشروع طريق التنمية في المنطقة بهدف ربط الشرق بالغرب وفيما يزداد الشغف التركي بإنشاء الربط السككي بينها وبين دول الخليج عبر العراق تزداد المخاوف على مستقبل ميناء الفاو الاقتصادي .
ووسط طرح الإيجابيات والسلبيات، فرض الجانب الأمني نفسه بقوة في هذا الربط، الذي سيحتم على العراق وتركيا ودول الخليج، التوصل لتفاهمات سياسية وأمنية بغية تأمين الربط السككي، وهذا يتحقق عبر تأمين الطريق المار فيه، الأمر الذي يجبر الدول الثلاث على حل كافة القضايا العالقة، وهذا لو تحقق، وفقا للمتخصصين فأنه “نجاح كبير”.
ويقول المستشار في اقتصاديات النقل الدولي زياد الهاشمي، إن “هذا النوع من مشاريع النقل العابر يتطلب تعاونًا وتنسيقًا واسعين بين الدول المعنية، ويجب دراسة وتقييم الجوانب الاقتصادية والتجارية للمشروع بعناية، وتحديد الفرص الاقتصادية المتاحة وضمان استدامته من الناحية الربحية والبيئية”.
مشروع طريق التنمية فرصة ذهبية لتركيا
ويتابع: “من خلال تقييمنا للمشروع من الناحية الاقتصادية، فإن مشروع طريق التنمية سيقدم فرصة ذهبية لتركيا لاختصار المسافة والوقت والوصول للأسواق الخليجية، وهذا ما سيجعل المنتجات التركية أكثر تنافسية، في حين لن يكون العراق إلا ممراً لعبور حركة التجارة التركية الخليجية، مع غياب الصناعات والصادرات غير النفطية العراقية، لذلك من الطبيعي أن تعتبر تركيا هذا المشروع ممراً ذهبياً يلبي طموحاتها واستراتيجيتها في توسيع قاعدتها السوقية الاقليمية”.
والأسبوع الماضي، زار وزير النقل التركي عبد القادر أورال أوغلو، بغداد والتقى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ووزير النقل رزاق محيبس، بشكل منفصل، وبحث معهما مشروع طريق التنمية، وجرى استعراض المتعلقات الفنية والقانونية والمالية له.
وخلال لقاء الوزيرين، تم تشكيل لجان مشتركة بين العراق وتركيا لمناقشة هذه القضايا والعمل على حسمها لبدء تنفيذ المشروع، كما أكد أوغلو دعم بلاده الكامل للعراق واستعدادها لتقديم المساعدة التي تعزز العلاقات والتعاون بين البلدين.
ويؤكد الهاشمي: “بطبيعة الحال يحتاج العراق للانفتاح تفاوضياً مع الدول الخليجية لترتيب عمليات الربط بين طريق التنمية وشبكة السكك الخليجية والتي ستساعد في تدفق المزيد من البضائع نحو دول شمال العراق، لكن لن يتمكن العراق من الوصول لتحقيق درجة الانتفاع القصوى من هذا الطريق إلا من خلال اطلاق المشاريع الصناعية والتنموية الوطنية والاستفادة من الطريق لتحريك الصادرات العراقية شمالا نحو تركيا وشرق أوروبا، وجنوباً من خلال ميناء الفاو نحو الخليج واسيا وأفريقيا”.
عوائق اقتصادية
ويضيف الهاشمي أنه “على الرغم من الفرص الكبيرة التي يمكن أن يوفرها مشروع طريق التنمية، إلا أن هناك عدة عوائق تواجهه، ومن أبرزها الجوانب الاقتصادية التي تتعلق بالطموحات العالية التي وضعتها الحكومة العراقية لهذا المشروع، كمسألة ربط تجارة آسيا مع أوروبا، رغم اصطدام ذلك مع محددات وضوابط النقل والتجارة الدولية، ومنها كذلك المعوقات المالية، والتي تتعلق بتعثر جهود الحكومة العراقية في الحصول على التمويل الاستثماري اللازم لهذا المشروع، ربما بسبب شكوك في جدوى المشروع الاقتصادية، كذلك هناك العائق الأمني والذي قد يكون سبباً في انهيار عمل المشروع مع اي توتر امني ميداني يحصل في العراق”.
يشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كشف في العاشر من أيلول سبتمبر الماضي، عن مشروع ممر تجاري كبير يربط تركيا بالسعودية والإمارات عبر محافظة البصرة في العراق، وذلك لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الهند.
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، كشف منتصف الشهر الماضي، عن بحث وزير النقل مع السعودية، لقضية الربط السككي، الذي سيكون مخصصا لنقل الحجاج، حسب تصريحه، فيما شدد على أن موقفه ما زال رافضا لأي ربط سككي تجاري.
وجاء إعلان السوداني عن بحث الربط السككي مع السعودية، بعد أيام من وضع حجر الأساس لمشروع الربط السككي مع إيران عبر منفذ الشلامجة الحدودي بمحافظة البصرة.
استقرار أمني
إلى ذلك، يبين الخبير الاقتصادي محمد أحمد سلمان، أن “مشروع طريق التنمية الذي يربط بين مدينة إسطنبول التركية ومدينة البصرة العراقية يواجه العديد من التحديات الرئيسية، تبدأ بالتكلفة الضخمة والحاجة إلى تأمين التمويل اللازم، حيث يعتمد نجاح المشروع على التعاون بين الحكومتين التركية والعراقية، والتعامل مع التحديات المالية بشكل مستدام”.
من ناحية أخرى، يعد سلمان “الأمن والاستقرار أمورا حاسمة لضمان سلامة المشروع، وتتطلب هذه القضية إستراتيجيات أمنية فعّالة وتعاونا أمنيا مشددا، ليس ذلك فقط، بل يجب أيضا مواجهة التأثيرات البيئية المحتملة للمشروع والعمل على الحفاظ على البيئة والاستدامة من خلال اتخاذ تدابير بيئية”.
تحديات سياسية
ويلفت إلى أن “التحديات السياسية تثير توترات محتملة بين تركيا والعراق والدول الأخرى في المنطقة، ويتعين على الأطراف المعنية بالمشروع التعامل بحكمة مع هذه القضايا والبحث عن حلول دبلوماسية لتجنب التوترات”.
مؤكدا أنه “إذا تم التغلب على هذه التحديات بنجاح، فإن مشروع طريق التنمية قد يكون له تأثير إيجابي كبير على الاقتصاديات والتجارة في تركيا والعراق فحسب، بل المنطقة بأسرها”.
وبحسب تقرير مفصل نشرته “العالم الجديد” في 25 تموز يوليو 2020، فان ميناء الفاو سيكون نقطة الربط بين شرق آسيا وبين أوروبا، وسيحول العراق إلى ممر للبضائع، تبدأ من ميناء الفاو وتمر بريا عبر خطوط حديثة إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، ما يختصر الفترة الزمنية لنقل البضائع إلى ساعات، بدلا من 20 يوما تقريبا عبر قناة السويس، وهي الممر الحالي الرابط بين شرق آسيا وأوروبا.
تفاؤل بتنفيذ طريق التنمية
من جانبها، تعرب عضو لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة النيابية، رقية النوري، عن تفاؤلها بـ”خطوة تشكيل اللجان المشتركة بين أنقرة وبغداد، فهي خطوة جادة نحو إيجاد فرص تنمية متعددة للعراق وتنفيذ مشاريع إستراتيجية مهمة”.
وفيما يتعلق بالملفات المالية والفنية والقانونية، تشير النوري إلى أن “هذه المسائل لا تعتبر عوائق حقيقية، حيث تم تشكيل لجان مختصة لتجاوز أية معوقات قد تظهر في هذا السياق”.
مشيرة إلى “الحاجة الملحة لتشكيل مجلس تنسيقي نظرا لدور العراق المتنامي كممر تجاري بين دول العالم”.
المصدر: العالم الجديد
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat