بحث مُستل من كتاب (بل عبادٌ مكرمون- دراسة قرآنية وحديثية في نقد الغلوّ) لكاتب المقال
بسم الله الرحمن الرحيم
أقوال العلماء في الغلوّ
رفض علماءُ الطائفة الغلوَّ تبعاً لكتاب الله تعالى وسنة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وأهل بيته سلام الله عليهم. وقد ألّفوا - خاصة القدماء منهم - كتباً في الرد على الغلاة[1] أو أفردوا أبواباً في كتبهم حول هذا. ومن الضروري ملاحظة أننا لا يعنينا في مسألة الغلو في بحثنا هذا الحكم الفقهي بحق المغالي، وإنما تشخيص الغلو وتنقية المذهب منه بغض النظر عن حكم قائله. وقد مرّ سرد أقوال علماء الطائفة في نفي بعض أسس الغلو، وفيما يلي أقوال أخرى تتعلق بالموضوع إما إجمالاً بنفي الغلو أو تفصيلاً بنفي بعض ما يُدّعى من صفات الغلو:
1) أفرد الشيخ الصدوق باباً في نفي الغلوّ والتفويض في كتابه "الاعتقادات" قال فيه: (اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنهم كفار بالله تعالى، وأنهم أشرّ من اليهود والنصارى والمجوس والقدرية والحرورية ومن جميع أهل البدع والأهواء المضلة، وأنه ما صغّر الله جلّ جلاله تصغيرهم شيء. وقال الله تعالى: ﴿ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤتِيَهُ اللهُ الكِتابَ وَالحُكمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِن دُونِ اللهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبّانِيِّينَ بِما كُنتُم تُعَلِّمُونَ الكِتابَ وَبِما كُنتُم تَدرُسُونَ * وَلا يَأمُرَكُم أَنْ تَتَّخِذُوا المَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرباباً أَيَأمُرُكُم بِالكُفرِ بَعدَ إِذْ أَنتُم مُسلِمُونَ﴾، وقال الله تعالى: ﴿لا تَغلُوا فِي دِينِكُم﴾)[2].
2) قال الشيخ المفيد: (والغلاة من المتظاهرين بالإسلام هم الذين نسبوا أمير المؤمنين والأئمة من ذريته عليهم السلام إلى الألوهية والنبوة، ووصفوهم من الفضل في الدين والدنيا إلى ما تجاوزوا فيه الحد، وخرجوا عن القصد، وهم ضُلّال كفار حكم فيهم أمير المؤمنين عليه السلام بالقتل والتحريق بالنار، وقضت الأئمة عليهم السلام عليهم بالإكفار والخروج عن الإسلام)[3]،
وقال عن الأنبياء والأئمة سلام الله عليهم: (والوجه أن نقطع على كمالهم عليهم السلام في العلم والعصمة في أحوال النبوة والإمامة، ونتوقف فيما قبل ذلك)[4]. وذكر أيضاً: (إن رسل الله تعالى من البشر وأنبياءه والأئمة من خلفائه محدَثون مصنوعون تلحقهم الآلام، وتحدث لهم اللذات، وتنمي أجسامهم بالأغذية، وتنقص على مرور الزمان، ويحل بهم الموت ويجوز عليهم الفناء، وعلى هذا القول إجماع أهل التوحيد. وقد خالفنا فيه المنتمون إلى التفويض وطبقات الغلاة)[5].
3) أفرد الشيخ الحر العاملي أيضاً باباً في إبطال الغلوّ والرد على الغلاة في كتابه "إثبات الهداة" قال فيه: (وأنهم "أي النبي صلى الله عليه وآله والأئمة سلام الله عليهم" كانوا يعترفون بالعبودية لله، وأنهم دُفنوا تحت التراب، وأنه كانت تعتريهم الأمراض والأسقام والخوف والحزن والفرح والسرور والجوع والشبع والرضا والغضب وغير ذلك مما ينافي قول الغلاة. ولم نستقص تلك الروايات لأن مضمون الباب غير مقصود بالذات، وإنما ذكرناه لوجهين: "أحدهما" أن من اطلع على المعجزات يُخشى عليه أن يميل إلى قول الغلاة، لأنه إنما دعاهم إلى الغلوّ الاطلاع على بعض المعجزات، فيتعين ذكر شيء مما يدفع تلك المفسدة، و"ثانيهما" أن النصوص عليهم وردت لمنع الناس من التفريط والتقصير في الاعتقاد فيهم، فلا بد من النصوص على بطلان الغلوّ لمنع الناس من الإفراط في ذلك الاعتقاد، فيكون ذلك من متممات النصوص)[6].
4) قال العلامة المجلسي: (اعلم أن الغلوّ في النبي والأئمة عليهم السلام إنما يكون بالقول بألوهيتهم أو بكونهم شركاء لله تعالى في المعبودية أو في الخلق والرزق أو أن الله تعالى حلّ فيهم أو اتحد بهم، أو أنهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى أو بالقول في الأئمة عليهم السلام أنهم كانوا أنبياء أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض، أو القول بأن معرفتهم تغني عن جميع الطاعات ولا تكليف معها بترك المعاصي. والقول بكل منها إلحاد وكفر وخروج عن الدين كما دلت عليه الأدلة العقلية والآيات والاخبار السالفة وغيرها، وقد عرفت أن الأئمة عليهم السلام تبرؤوا منهم وحكموا بكفرهم وأمروا بقتلهم، وإنْ قرع سمعك شيء من الأخبار الموهمة لشيء من ذلك فهي إما مُؤوَّلَة أو هي من مفتريات الغلاة)[7].
يلاحظ هنا عَدُّ القول بأن الأئمة سلام الله عليهم أنبياء هو من الغلو، وهذا ما ذكره أيضاً الشيخ المفيد كما مرّ، والسيد الخميني الذي كفّر القائل بهذا والسيد الصدر كما سيأتي أدناه. بينما نرى أهل الولاية التكوينية ووساطة الفيض قد أعطوهم ما هو أعظم بكثير من النبوة. بل جعلوا الأئمة سلام الله عليهم هم الواسطة بين الله تعالى وبين الأنبياء سلام الله عليهم.
5) قال الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء: (يجب على العاقل بحكم عقله عند الإمامية تحصيل العلم والمعرفة بصانعه، والاعتقاد بوحدانيته في الألوهية، وعدم شريك له في الربوبية، واليقين بأنه هو المستقل بالخلق والرزق والموت والحياة والايجاد والإعدام، بل لا مؤثر في الوجود عندهم إلا الله، فمن اعتقد أن شيئاً من الرزق أو الخلق أو الموت أو الحياة لغير الله فهو كافر مشرك خارج عن ربقة الاسلام)[8].
6) ذكر السيد محسن الحكيم عند الكلام عن نجاسة الكافر: (وكذا الحال لو أريد من الغلوّ تجاوز الحد في صفات الأنبياء والأئمة "ع" مثل اعتقاد أنهم خالقون، أو رازقون أو لا يغفلون، أو لا يشغلهم شأن عن شأن، أو نحو ذلك من الصفات. ولذا حكي عن ابن الوليد أن نفي السهو عن النبي "ص" أول درجة الغلوّ. فالنجاسة في مثل ذلك أيضاً مبنية على الكفر بإنكار الضروري. ودعوى القطع بعدم الكفر بمثل ذلك غير واضحة. وكأن وجهها إنكار كون مثل ذلك إنكاراً للضروري. ولكنها كما ترى، لوضوح كون اختصاص الصفات المذكورة به جلّ شأنه ضرورياً في الدين. نعم ما لم يبلغ اختصاصه حد الضرورة فالدعوى المذكورة فيه في محلها)[9].
7) ذكر السيد الخميني: (وأما الغلاة فإن قالوا بإلٰهية أحد الأئمة عليهم السلام مع نفي إلٰه آخر أو إثباته أو قالوا بنبوته فلا إشكال في كفرهم، وأما مع الاعتقاد بألوهيته تعالى ووحدانيته ونبوة النبي صلى الله عليه وآله فلا يوجب شيء من عقائدهم الفاسدة كفرهم ونجاستهم حتى القول بالاتحاد أو الحلول إن لم يرجع إلى كون الله تعالى هو هذا الموجود المحسوس - والعياذ بالله - فإنه يرجع إلى إنكار الله تعالى. بل يراد بهما ما عند بعض الصوفية من فناء العبد في الله واتحاده معه نحو فناء الظل في ذيه، فإن تلك الدعاوي لا توجب الكفر وإن كانت فاسدة، وكالاعتقاد بأن الله تعالى فوّض أمر الخلق مطلقاً إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فهو بتفويض الله تعالى إليه خالق ما يُرى وما لا يُرى، ورازق من ورى، وأنه محيي ومميت إلى غير ذلك من الدعاوي الفاسدة، فإن شيئاً منها لا يوجب الكفر، وإن كان غلواً وكان الأئمة عليهم السلام يبرؤون منها وينهون الناس عن الاعتقاد بها)[10].
8) قال السيد محمد باقر الصدر: (وأما المقدمة الثانية، فتوضيح الحال فيها: أن الغلوّ تارة: يكون بلحاظ مرتبة الألوهية، وأخرى: بلحاظ مرتبة النبوة، وثالثة: بلحاظ شؤون أخرى من الشؤون المتصلة بصفات الخالق تعالى وأفعاله.
أما الغلوّ بلحاظ مرتبة الألوهية، فيتمثل تارة: في اعتقاد الشخص بأن من غلا في حقه هو الله تعالى. وأخرى: في اعتقاده بأنه غير الله الواجب الوجود، إلا أنه شريكه في الألوهية واستحقاق العبادة، إما بنحو عرضي أو بنحو طولي. وثالثة: في اعتقاده بحلول الله أو اتحاده مع ذلك الغير. وكل ذلك كفر: أما الأول، فلأنه إنكار لله. وأما الثاني، فلأنه إنكار للتوحيد وأما الثالث، فلأن الحلول والاتحاد مرجعهما إلى دعوى ألوهية غير الله، لأنهما بالنظر العرفي واسطتان في الثبوت فينافي مع عقد المستثنى منه بحسب المدلول العرفي لشهادة أن "لا إله إلا الله" بل ينافي مع عقد المستثنى أيضاً، لأن كلمة "الله" في عقد المستثنى بحسب مدلولها الإرتكازي تشتمل على كثير من الصفات المنافية لأحوال من غلا في حقه كالمشي في الأسواق والأكل والشرب.
وأما الغلوّ بلحاظ مرتبة النبوة، فيتمثل في اعتقاد المغالي بأن من غلا في حقه أفضل من النبي وأنه همزة الوصل بين النبي والله أو أنه مساوٍ له على نحو لا تكون رسالة النبي بين الله والعباد شاملة له. وكل ذلك يوجب الكفر، لمنافاته للشهادة الثانية بمدلولها الإرتكازي في ذهن المتشرعة المشتمل على التسليم بأن النبي "ص" رسول الله إلى جميع المكلفين من دون استثناء.
وأما الغلوّ بلحاظ الصفات والأفعال بمعنى نسبة صفة أو فعل لشخص ليس على مستواهما، فإن كان اختصاص تلك الصفة أو الفعل بالله تعالى من ضروريات الدين دخل في إنكار الضروري على الخلاف المتقدم فيه وإلا لم يكن كفراً. ويدخل في الأول: ادعاء تفويض الأمر من الله تعالى لأحد من عباده، ونسبة الخلق، والإحياء، والإماتة، ونحو ذلك من أنحاء التدبير الغيبي لهذا العالم إلى أحد من الناس)[11].
9) قال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: (لا شكّ في أنّ الغالي كافر؛ إمّا لإنكاره أصل التوحيد، أو النبوّة، مثلاً لا يعتقد بألوهية غير علي عليه السلام أو لشركه؛ فيرى غير الله إلهاً، أو لإنكاره للضروري من الدين؛ أي كون أمر الخلق والرزق والإحياء والإماتة بيد الأئمّة عليهم السلام. ومن المؤسف جدّاً ميل الطباع إلى الغلوّ كثيراً؛ حتّى أنّ بعض الناس يرون الغلوّ دليلاً على معرفة الولاية والإمامة، وأنّ غير الغالي مقصّر في حقّهم، مع أنّهم عليهم السلام صرّحوا بأنّ الغالي والمبغض هالكان، وخارجان عن الدين، فاللازم على العلماء في كلّ عصر وزمان مراقبة العوامّ كي لا يخرجوا عن حدّ الاعتدال في الدين وعن الصراط المستقيم؛ فإنّ الجاهل إمّا مُفْرِط، أو مُفَرِّط. بل نرى - وللأسف - أنّ بعض من هو في زيّ أهل العلم، يكون في المسائل الكلامية كالعوامّ، وله ميل إلى الغلوّ)[12].
وقال أيضاً: (بديهي أنّ أحد العوامل التي شدّدت من فاعلية الفكر الوهابي بين بعض المسلمين، ظاهرة إفراط الغلاة وهم بعض الجهلة القشريين الذين عظّموا أولياء الدين إلى مرتبة الغلوّ وذهبوا في شأنهم إلى حدّ الألوهية وجعلوا منهم شركاء لله تعالى. هنا يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام: {هَلَكَ فِيَّ رَجُلانِ: مُحِبٌّ غالٍ وَمُبْغِض قالٍ}. ولا شك أنّ خطر هذه الطائفة ليس بأقل من خطر الوهابيين المتعصبين، ولولا هؤلاء لما وجد الوهابيون ذريعة لإفراطهم في أفكارهم وعقائدهم. ومن هنا ذهب الغلاة في عقائدهم وكلماتهم مذهباً لا ينسجم مع روح التوحيد الإسلامي ولم يرد شيئاً منه في الكتاب والسنّة، من قبيل: خالق السماوات والأرضين، وأرحم الراحمين وأمثال ذلك من الصفات الخاصة بالله تعالى، فلا ينبغي إطلاق مثل هذه العناوين والصفات على أولياء الله الذين ينكرون مثل هذه المعتقدات المغالية ولا يرضون بها. وبالتالي فهي لا تنسجم مع تعاليم الإسلام)[13]، ثم قال: (إنّ الخوارج والنواصب تسببوا في وجود طائفة الغلاة، والغلاة بدورهم تسببوا في تفعيل حركة الخوارج وتقويتها).
كلام في الغلوّ والروايات المدّعاة لتبريره
إن مشكلة الغلوّ الموجودة حالياً قد أخذت مدى خطيراً، وأصبح مُتبنّوها ذوي جرأة كبيرة وصوت عالٍ. وحجتهم أنهم إنما يُبينون مقامات أهل البيت صلوات الله عليهم. كما إنهم حينما يتكلمون عن الغلاة فإنهم يبرئون أنفسهم وينتقدون الغلاة، ويوحون للناس أنه لا غلوّ في أي شيء يقولونه ما دام يصب في مقامات وكرامات أهل البيت صلوات الله عليهم، لأنهم تمسكوا بروايات آحاد تبيح لهم - حسب فهمهم لها - أن يقولوا ما شاءوا في أهل البيت صلوات الله عليهم كما سيأتي بعد أسطر.
وتوجد شواهد كثيرة على ما يُسمى "الغلوّ في الصفات" الذي يترقى أحياناً إلى "الغلو في الذات" في زماننا الحالي ذكرنا أحدها فيما سبق، وهو دعوى أن الإمام العسكري سلام الله عليه محيط بعلم الله تعالى، وناقشناه في موضوع "دعوى علم أهل البيت صلوات الله عليهم بكل شيء"، وأيضاً قول بعضهم: (ان علوم الله هي فعلاً عند علي عليه السلام، واختزانها في علي على مستوى الفعلية لا الشأنية، يعني علي من حين ولادته الى شهادته كان خزانة علم الله تبارك وتعالى، يعني كان يعرف كل شيء من البداية للنهاية)[14]، ويجري على هذا الغلوّ نفس ما ذكرناه في الرد على سابقه. وقد توصل هذا القائل إلى نتيجة خطيرة جداً تُلَخِّص واقع غلاة زماننا بقوله: (فأين نحن وأين مكانة الإمام حتى نصل الى الغلوّ؟)، أي إن كل ما يقولونه في أمير المؤمنين سلام الله عليه ليس غلواً، فهو دون استحقاقه مهما قالوا فيه حسب زعمهم. وبهذا أراحوا أنفسهم من تهمة الغلوّ وأنهم ليسوا غلاة مهما قالوا، وتركوا كتاب الله تعالى وأحاديث أهل البيت صلوات الله عليهم الدالّة على خلاف كلامهم، واستندوا في هذا إلى رواية آحاد لا تفيد علماً هي: {نزهونا "أو نزلونا" عن الربوبية وقولوا فينا ما شئتم}، ولم يفسروها تفسيراً مقبولاً لا يخالف القرآن المجيد بأن أهل البيت معصومون من الخطأ ويمتلكون أحسن الصفات البشرية، وهذا ما أجاب به السيد الخوئي فيما نقل عنه في "صراط النجاة" ج 2: (سؤال 1421: "نزهونا عن الربوبية وقولوا فينا ما شئتم" هل أن هذه المقولة حديث؟ وإلى من تنسب من الأئمة الأطهار؟ الخوئي: لا يحتاج تنزيههم عن صفات الرب المختصة به واتصافهم بجميع ما عدى تلك من صفات الكمال التي يمكن أن تنالها البشرية في قدسيتها، كما هم منزهون عن ما لا يليق أن يتصف به المخلوق المعصوم عن الزلل والمعاصي لا تحتاج تلك إلى ورود رواية حتى نثبته بمضمونها إن كانت معتبرة، أو نطرحها إن كانت ضعيفة غير معتبرة، والله العالم).
إن هذه الرواية وضعت حداً واضحاً لا يمكن الوصول إليه وهو الربوبية، لكننا نجد أن غلاة زماننا الذين يستدلون بها لم يكتفوا بإعطاء الربوبية لأهل البيت صلوات الله عليهم، بل تجاوزوها فأعطوهم صفات الذات الخاصة بالله تعالى، أي اعتقدوا فيهم نوعاً من الألوهية. وهذا نتج عن سوء فهم كبير لهذه الرواية وأمثالها وعن خلل في مراعاة الأولويات العقائدية. فلو افترضنا أن هذه الرواية أو غيرها تدلّ فعلاً على ما يقوله الغلاة من صفات إلهية لأهل البيت صلوات الله عليهم فهذا يكشف عن أن الأئمة سلام الله عليهم قد ادّعوا ما لا يحق لهم، وحاشاهم، قال تعالى: ﴿ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤتِيَهُ اللهُ الكِتابَ وَالحُكمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِن دُونِ اللهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبّانِيِّينَ بِما كُنتُم تُعَلِّمُونَ الكِتابَ وَبِما كُنتُم تَدرُسُونَ * وَلا يَأمُرَكُم أَنْ تَتَّخِذُوا المَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرباباً أَيَأمُرُكُم بِالكُفرِ بَعدَ إِذْ أَنتُم مُسلِمُونَ﴾ [سورة آل عمران: 79-80]، وقال سبحانه: ﴿وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابنَ مَريَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَينِ مِن دُونِ اللهِ قالَ سُبحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَن أَقُولَ ما لَيسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلتُهُ فَقَد عَلِمتَهُ تَعلَمُ ما فِي نَفسِي وَلا أَعلَمُ ما فِي نَفسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلامُ الغُيُوبِ * ما قُلتُ لَهُم إِلا ما أَمَرتَنِي بِهِ أَنِ اعبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُم وَكُنتُ عَلَيهِم شَهِيداً ما دُمتُ فِيهِم فَلَمّا تَوَفَّيتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيهِم وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ﴾ [سورة المائدة: 116-117]، وعن الصادق سلام الله عليه: {ما أعجب أقاويل الناس في علي عليه السّلام! كم بين من يقول: إنه ربٌّ معبود، وبين من يقول: إنه عبدٌ عاصٍ للمعبود! ولقد كان قول من ينسبه إلى العصيان أهون عليه من قول من ينسبه إلى الربوبية}[15].
كما إنه لا بدّ أن يكون المقصود بعبارة (وقولوا فينا ما شئتم) ألا نقول فيهم بغير علم أو حجة لأنه حرام ... قال تعالى: ﴿وَلا تَقْفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولَئِكَ كانَ عَنهُ مَسئُولاً﴾ [سورة الإسراء: 36]، وعَدّ السيد السيستاني (القول بغير علم أو حجّة) من أعظم المعاصي في مسألة 30 من منهاج الصالحين، ج 1.
إن الروايات التي تتضمن تعبير {وقولوا في فضلنا ما شئتم} وما شابه كان بعضها موجوداً في المصادر الحديثية القديمة، ولم يفهم علماؤنا الأوائل قريبو العهد بزمن الأئمة سلام الله عليهم منها الغلوّ بسبب سلامة فكرهم المستند إلى كتاب الله وسنة أهل البيت صلوات الله عليهم وعدم تلوثه بالأفكار الصوفية والفلسفة اليونانية وغيرها التي تأثر بها بعض من تأخر عنهم.
وكنتيجة لتطور الغلو استعمل بعض المعاصرين تعبيراً خطيراً جداً بقوله: (كانت فاطمة مرآة لله، ذاتها مرآة لذات الله)[16]، وهذا يكشف المعتقدات الحقيقية لأمثال هذا من الغلاة في تصغير الخالق وتشبيه الخلق به سبحانه. ولسنا بحاجة إلى تبريراتهم السقيمة في استخدام هكذا تعابير. وإلا كيف يكون المحدود والفقير من كل جهة (وكل الخلق هكذا) مرآة لله الذي لا يحدّه شيء والغني من كل جهة؟ وما هي ذات الله حتى يمكن أن يقال عن عبد من عبيده سبحانه أنه مرآة لها؟ هل يمكن معرفة الذات الإلهية حتى يقاس بها أحد؟ وإذا لم يكن هذا تشبيهاً فما هو التشبيه حتى لا تنطبق عليه الآية الكريمة: ﴿لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [سورة الشورى: 11]؟ إن كلمة الغلوّ التي نطق بها هذا المتكلم ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخرُجُ مِن أَفواهِهِم إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً﴾.
إذا أريد نقاش الروايات التي يستدل بها البعض على الولاية التكوينية وأمثالها مما يرفع أهل البيت صلوات الله عليهم عن حدود البشرية التي أكد القرآن وضعهم فيها ويجعل لهم نوع ألوهية فإن النقاش قد يكون في متن هذه الروايات أو في سندها. أما مناقشة متونها فإن القرآن الكريم قد بيّن لنا بما تمت به الحجة لله علينا أنه سبحانه لا شريك له في الألوهية: ﴿وَلا تَدعُ مَعَ اللهِ إِلٰهاً آخَرَ لا إِلٰهَ إِلا هُوَ﴾ [سورة القصص: 88]، ولا في الربوبية: ﴿قُل أَغَيرَ اللهِ أَبغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيءٍ﴾ [سورة الأنعام: 164]، وأنه تعالى: ﴿لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [سورة الشورى: 11]، وهو خالق كل شيء: ﴿قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ وَهُوَ الواحِدُ القَهّارُ﴾ [سورة الرعد: 16]، وله مقاليد السماوات والأرض: ﴿لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالأَرضِ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ﴾ [سورة الشورى: 12]، والأمر كله له سبحانه: ﴿قُل إِنَّ الأَمرَ كُلَّهُ للهِ﴾ [سورة آل عمران: 154]، وهو الأول قبل كل أحد والآخر بعد كل أحد، أي لا يوجد قديم غيره سبحانه: ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظّاهِرُ وَالباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ﴾ [سورة الحديد: 3].
إن الآيات الشريفة قصدَت خلال عرض الحقائق تحفيز العقول كما في قول الله تعالى: ﴿أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيفَ خُلِقَت * وَإِلَى السَّماءِ كَيفَ رُفِعَت، وَإِلَى الجِبالِ كَيفَ نُصِبَت، وَإِلَى الأَرضِ كَيفَ سُطِحَت﴾ [سورة الغاشية: 17-20] وقوله سبحانه: ﴿قَد بَيَّنّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنتُم تَعقِلُونَ﴾ [سورة آل عمران: 118]. وما دام المكلف ذا عقل فإن الحجة تكون بالغة عليه. وبيّن أهل البيت صلوات الله عليهم كيفية التعامل مع الروايات التي تصلنا منهم ووضعوا قواعد لنعرف مدى حجيتها، ومن أهمها العرض على القرآن الكريم والسنة القطعية، فإن كانت الرواية موافقة للكتاب والسنة أمكن الأخذ بها، بخلاف ما إذا كانت مخالفة. وحذروا من أساليب الغلاة في التغلغل للمذهب كما مرّ في حديث الإمام الصادق سلام الله عليه: {لا تقبلوا علينا حديثاً إلا ما وافق القرآن والسنة، أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا صلى الله عليه وآله فإنا إذا حدّثنا، قلنا قال الله عزّ وجلّ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله}[17].
كما إن علمائنا الذين كانوا قريبي عهد بزمن الأئمة سلام الله عليهم قد بيّنوا عقيدة آل محمد صلى الله عليه وآله بما وصلهم - بوسائط قليلة - عن أئمة الهدى سلام الله عليهم، وتبعهم على هذا بقية علمائنا الذين ساهموا في حفظ هذا المذهب رغم التحديات الصعبة التي واجهوها على مرِّ العصور. ولم يكن هؤلاء العلماء ممن يغالي بأهل البيت صلوات الله عليهم ويرفع منزلتهم فوق ما وضعهم الله فيها مما ثبت من الكتاب والسنة، وقد ميّزوا الغلاة وانتقدوهم بشدة وخطّأوا معتقداتهم، إلى أن مرّت الأيام وتمكن بعض منتحلي التشيع ممن كانوا من الغلاة أو تأثروا بهم أو ممن تأثروا بالفكر الصوفي والفلسفة اليونانية من تأليف كتب سطّروا فيها أفكار الغلوّ، وتأثر بعض من جاء بعدهم من الشيعة بهم بعد أن أحسن الظن بهم ولم يتدبر في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وعترته الطاهرة سلام الله عليهم إلى أن أصبح فكرهم اليوم منتشراً ولهم قنوات مرئية ومكتوبة، وتأثر بهم العديد من الحوزويين والخطباء الذين يوجهون الناس ولهم قواعد جماهيرية. بينما أصبح المعتدلون الذين يمثلون نهج القرآن الكريم والسنة الصحيحة على وجل من تبيين الحقائق كي لا يواجههم الآخرون بأنهم ليسوا على خط ولاية أهل البيت صلوات الله عليهم، لأن الولاية قد حصروها بنهج الغلوّ في الصفات. وهذا ما نبّه له السيد السيستاني في كلامه عن الغلو الذي مرّ تحت عنوان "ما هو الغلو" بقوله: (فإنّ ذلك يؤدّي إلى ... وتراجع المتورّعين العاملين بالحجّة والمتوقّفين عند الشبهة).
ومما يلاحظ هو اختفاء الغلاة في القرون المتأخرة بعد أن كان علماؤنا المتقدمون يتحسسون بوضوح منهم، خاصة علماء مدرسة قم في زمن الصدوق وأساتذته. واختفاؤهم ليس حقيقياً، بل لأنهم اندسوا في علماء المذهب وأصبح بعضهم ذوي مدارس فكرية وفلسفية، ويُخشى أن يَصهروا المذهب في بوتقتهم المغالية. وهذا ذكّرني بالمنافقين الذين اهتم القرآن الكريم بأمرهم وقد اختفوا أو بالأحرى اندسوا في صفوف المسلمين زمن الخلفاء ثم أصبحوا قادة للمسلمين كمعاوية لعنة الله عليه. لذا فلا يصح تحسين الظن بكل من يتفوه بالغلوّ بحجة أنه من علماء المذهب أو من المبلِّغين وما شاكل.
إن الروايات التي يستدل بها غلاة زماننا ليست واضحة الدلالة على مزاعمهم كما مرّ في رواية {وقولوا فينا ما شئتم} وتفسير السيد الخوئي لها بخلاف ما يظنه الغلاة، وكما مرّ أيضاً في مناقشة روايات أخرى. وهكذا بقية الروايات التي توجد لأكثرها معاني مقبولة لا غلوّ فيها. وهذا الحال يضعف حججهم أكثر لأنه يجب أن تكون دلالة النصوص واضحة حتى تتم الحجة على الناس كما بيّناه سابقاً، لا أن يتحمل النص تفاسير ومعاني مختلفة. ولكن هؤلاء القوم يجعلون هذه النصوص هي المرجع ويفسرون كلام الله سبحانه ونصوص السنة الشريفة بما يتوافق مع تفسيرهم، أي إنهم يفكرون بطريقة معكوسة، فبدل أن يكون القرآن والسنة هما المرجعَ الأول، فإذا بهم يجعلون تفسيرهم لبعض النصوص الذي ينسجم مع بعض الروايات الضعيفة أو مع أهوائهم ومع بعض الفلسفة هو المصدر الأول لمعرفة حقائق العالَم ومَن له ولاية عليه.
أما مناقشة سند الروايات التي يستدلون بها فلا يلزمنا البحث عن صحة وضعف كل رواية لأننا لا نبحث أمراً فقهياً حتى نحتاج فيه لأحاديث معتبرة السند، وإنما نبحث عن أمور عقائدية وحقائق وجودية نحتاج حصول العلم بها لا مجرد ظن، وهنا - كما مرّ بيانه - لا تكفي روايات الآحاد حتى لو كانت صحيحة، لأن الرواية الصحيحة بحد ذاتها تفيد الظن وليس العلم. بل حتى لو ادّعى أحدهم تواتر معاني هذه الأخبار فلا يكفي احتجاجهم بها، لأن دلالاتها على ما يزعمون مبهمة، ولأنها معارِضة لكتاب الله تعالى والسنة القطعية، فيلزم حملها على محامل لا تتعارض فيها مع الكتاب العزيز والسنة المطهرة.
ويضاف لهذا أنه لا يصح في ادعاء التواتر المعنوي ضم روايات لا وجود لها في مصادرنا الحديثية القديمة كالكتب الأربعة ومؤلفات الصدوق والمفيد والمرتضى والطوسي وغيرها من المؤلفات الأساسية، ولا هي مسندة للمعصومين صلوات الله عليهم في الكتب الأخرى التي ثبتت وثاقة مؤلفيها وصحة نسبة الكتاب للمؤلف، وإنما وُجدت في كتب ظهرت للوجود في فترات متأخرة كالقرن العاشر الهجري مثلاً مع الشك في وثاقة مؤلفها أو نسبة الكتاب له أو دقة النقل والنسخ عنه أو كانت الروايات مسندة لغير المعصوم سلام الله عليه. ومما يُلاحظ أن بعض ما يُستشهد به في زماننا لا وجود له في مصادرنا مطلقاً أو لم يكن رواية أصلاً، وإنما هو قول لأحد العلماء أو الفلاسفة أو الصوفية وما شاكل. لذا لا يصح تسطير الروايات وملاحظة كثرتها بلا لحاظ لمصادرها، لأنه يمكن تكثيرها بمصادر غير معتبرة أو بمصادر ليست أصلية نقلت عن مصدر أصلي، كأن يروي عشرة أشخاص مثلاً رواية عن كتاب الكافي، وهذا لا يُعد إلا طريقاً واحداً وليس أحد عشر، لأن المصادر العشرة تنتهي جميعها الى مصدر واحد هو كتاب الكافي. ومع هذا فقد ناقش البعض مشكوراً أسانيد ومصادر هذه الروايات وبيّن مواطن الخلل فيها.
وللفائدة ننقل ما ذكره السيد الشهيد محمد باقر الصدر حول أحد أسباب الغلوّ، حيث قال: (وممّا يؤكد بطلان هذا المفاد انَّ رواة هذه الروايات توجد ظاهرة مشتركة فيما بينهم هي ظاهرة الباطنية ومحاولة تحويل النّظر من ظاهر الشريعة إلى باطنها، ومَن تتبعَ في أحوال المنتسبين إلى الأئمة عليهم السلام وجد انَّ هناك اتجاهين فيما بينهم: أحدهما - الاتجاه السائد في فقهاء الأصحاب الَّذي كان يمثل ظاهر الشريعة والَّذي هو واقعها أيضاً، وكان يتمثل في زرارة ومحمد بن مسلم وأمثالهم. والآخر اتجاه باطني كان يحاول دائماً أَنْ يلغز في القضايا ويحول المفهوم إلى اللا مفهوم، وفي أحضان هذا الاتجاه نشأ الغلو. وحيث لم يكن لهم مدارك واضحة اتجهوا إلى تأويل القرآن واستخراج بطون له، فمثل سعد بن طريف الواقع في سند هذه الروايات كان له اتجاه باطني، وقد قال انَّ الفحشاء رجل والمنكر رجل والصلاة تتكلَّم في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنهَى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ﴾ ونحو ذلك من الغرائب، وجابر بن يزيد الجعفي هو الَّذي ينسب إِليه انَّه يقول دخلت على أبي جعفر عليه السلام وأنا شاب فناولني كتاباً وقال هذا علم لك وحدك لا تظهره على الناس وإِلا كانت عليك لعنتي وكتاباً آخر لا أظهره إِلا بعد هلاك بني أُميّة. ونقل أيضاً عنه انَّه قد سمع من الباقر عليه السلام سبعين ألف حديث لا يمكنه أَنْ يقول شيء منها لأحد. ونحو ذلك من الأُمور التي تتجه إلى تركيز هذه المعاني، وهي كلّها أجزاء من قضيّة كلية حاولها الغلاة المنحرفون، وهي صرف الأنظار من ظاهر الشرع إلى باطن لا معنى له)[18].
[1] لاحظ موضوع "المصنفات الشيعيّة في ردّ الغلاة" في كتاب "الشيعة والغلو"، ص 69.
[2] الاعتقادات في دين الإمامية، ص 97.
[3] تصحيح اعتقادات الإمامية، ص 131.
[4] تصحيح اعتقادات الإمامية، ص 130.
[5] أوائل المقالات، ص 72.
[6] إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، ج 5، ص 373.
[7] بحار الأنوار، ج 25، ص 348.
[8] أصل الشيعة وأصولها، ص 219.
[9] مستمسك العروة الوثقى، ج 1، ص 386.
[10] كتاب الطهارة، ج 3، ص 339.
[11] بحوث في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص 305.
[12] أنوار الفقاهة في أحكام العترة الطاهرة - كتاب النكاح، ج 2، ص 459.
[13] على مفترق الطريقين، ص 125.
[14] مقال بعنوان: (ذو الحجة شهر علي عليه السلام) على شبكة المعلومات "الانترنيت".
[15] الأمالي للشيخ الصدوق، ص 165.
[16] محاضرة مكتوبة عنوانها "فاطمة ع مرآة لذات الله" على شبكة المعلومات "الانترنيت".
[17] اختيار معرفة الرجال، ج 2، ص 489.
[18] بحوث في علم الأصول، ج 4، ص 285.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat