صفحة الكاتب : نزار حيدر

الدولة العميقة وفشل الدولة
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

١/ إِنَّ الدَّولة العميقة في العراق تتميَّز عن غيرِها في كُلِّ دُولِ العالَم بِما فيها في عهدِ الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين بثلاثِ صفاتٍ؛

أ/ إِنَّها تعمل ضدَّ الدَّولة ومُؤَسَّساتِها فلا تحمي أَيَّ عنوانٍ يرتبِطُ بها، أَمنيٌّ كانَ أَو إِقتصاديٌّ أَو إِداريٌّ أَو على أَيِّ صعيدٍ كان، فهي تُعرقلُ بناء الدَّولة لأَنَّ قوَّة الدَّولة تأتي على حسابِها، ولذلكَ فإِنَّ الدَّولة العميقة لا تُريدُ للعراق أَن يتمتَّع بدَولةٍ قويَّةٍ بمُؤَسَّساتِها لأَنَّ ذلكَ يُضعِفُ من شَوكتِها فالعلاقةُ بينهُما عكسيَّةٌ.

ب/ قرارها مُرتبِطٌ بقُوى خارجيَّة فهي تعملُ لصالحِ أَجنداتٍ لا تُريدُ الخَيرَ للعراق ولذلكَ فهي ردَّةُ فعلٍ داخليَّةٍ لصالحِ أَجنداتِ مَن وصفتهُم المرجعيَّة الدينيَّةِ العُليا بـ [الغُرباء].

ومن المعلُوم فإِنَّ أَيَّة قُوَّة خارجيَّة [إِقليميَّة أَو دَوليَّة] لا تُحبِّذ ولا تتمنَّى أَن يقف العراق كدَولةٍ على قدمَيهِ على حسابِ مصالحِها الوطنيَّة والإِقليميَّة والدوليَّة.

ج/ وهي محميَّةٌ بسلاحِ الفصائلِ المُسلَّحة [الميليشيات] ولهذا السَّبب فإِنَّ خطرها مُضاعفٌ على الدَّولة ومُؤَسَّساتِها.

٢/ رُبما خفَتَ الآن الحديث عن الدَّولة العميقة لأَنَّها هي التي تحكُم وتتحكَّم بمفردِها ولوحدِها منذُ تشكيلِ الحكُومةِ الحاليَّة، بل يُمكنُ القَول بأَنَّها أَصبحت الحُضن الدَّافئة للدَّولةِ، فكما نعرف فإِنَّ تراشُقات الدَّولة العميقة تتصاعَد عندما تختلف معَ ذاتِها إِن صحَّ التَّعبير، فكانَ تداوُلها في الإِعلامِ في أَوجهِ فترة الصِّراع السِّياسي بين التيَّار والإِطار من جهةٍ والصِّراع المُسلَّح بين الفصائلِ والسَّرايا من جهةٍ أُخرى.

أَمَّا بعد انسحابِ التيَّار من كُلِّ العمليَّة السياسيَّة واختفاءِ المُواجهات المسلَّحة بين الفصائِل المُسلَّحة فمِن الطَّبيعي أَن يختفي المُصطلح لتعملَ وتنشطَ تحتَ الماءِ كما يُقال فهي الآن نشاطٌ غاطِس لا يظهر منهُ شيئاً على السَّطحِ وفي الإِعلامِ بعد انسحابِ المُبرِّر من السَّاحتَينِ السياسيَّة والعسكريَّة.

٣/ برأيي فإِنَّ العراق سيظل مشرُوع دَولة فاشِلة مازالت الميليشيات تحتفِظ بسلاحِها خارج سُلطة الدَّولة وترفض الإِنضواء تحت عُنوان هيئة الحشد الشَّعبي التي شرَّعها البرلمان بقانُون.

فالمُعادلة الثَّابتة تقولُ أَنَّ الدَّولة، أَيَّة دَولة في هذا العالَم، التي ينتشر فيها السِّلاح خارج سُلطة الدَّولة هي دولةٌ فاشِلةٌ مهما حاولت أَن تُجمِّل مؤَسَّساتها أَو تُسوِّق مشاريعها أَو تتظاهر بالقوَّة والإِرادة.

لذلكَ فإِنَّ على حكومة السيِّد السُّوداني، إِذا أَرادت أَن تنجحَ في بناءِ دولةٍ بمُؤَسَّسات حقيقيَّة وقويَّة، أَن تُفكِّك الميليشيات وتبدأ العمل فوراً بتنفيذِ قانون هيئة الحشد الشَّعبي فهو كفيلٌ بحصرِ السِّلاح بيدِ الدَّولة دستوريّاً وقانونيّاً وكفيلٌ بإِعادةِ الإِحترام لسيادةِ وهَيبةِ الدَّولة كما وردَ ذلكَ في نصِّ الأَسبابِ المُوجِبةِ في قانونِ الهيئة.

ويبدو لي فإِنهُ يعمل على تحقيقِ ذلكَ ولكن بهدُوءٍ حتى لا يصطدِمَ بالدَّولة العميقة وسلاحِها فالمُهمَّةُ خطيرةٌ جدّاً ومُعقَّدة ولذلكَ يُشكِّكُ كثيرُونَ في قُدرتهِ ونجاحهِ في تحقيقِ ذلكَ.

٤/ إِنَّ الدَّولة العميقة المُتَّكِئة على سلاحِ الميليشيات هي التي تحمي الفَساد والفَشل وهي التي تعمَل على إِفشالِ أَيِّ مشرُوعٍ حقيقيٍّ تسعى الحكومة إِلى تبنِّيه وعلى مُختلف الأَصعدة، وهي، كذلكَ، تتحكَّم باتِّجاهاتِ السِّياسةِ الخارجيَّة للدَّولة، فكيفَ يُريدُ السُّوداني أَن يُنفِّذ برنامجهِ الحكومي وهو محكُومٌ بالدَّولةِ العميقةِ ومُحاصَرٌ بسلاحِها؟!.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/06/14



كتابة تعليق لموضوع : الدولة العميقة وفشل الدولة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net