ظاهرة التسول تتسع نطاقًا في العراق والسيطرة عليها باتت صعبة

ظاهرة التسول تتسع نطاقًا في العراق لأسباب مختلفة مما يجعل السيطرة عليها صعبة رغم قيام الداخلية والقضاء الأعلى بحملة لمجابهة الظاهرة.

وشبّه نواب ومتخصصون التسول بـ”إدمان المخدرات”، بعد أن أقروا بصعوبة السيطرة عليه والحد منه، رغم إشادتهم بحملة وزارة الداخلية ومجلس القضاء الأعلى، لكنهم كشفوا أن المتسولين يتبادلون الأماكن.

فمن يسكن بغداد يتسول في إحدى المحافظات وسكنة المحافظات يأتون لبغداد، وفيما بنيت وزارة العمل أن أغلبهم مشمولون بالرعاية الاجتماعية، حذر باحث من خطورة التسول على الفتيات وخاصة اللواتي يبلغن سن الرشد وهن في الشارع ما يؤدي لسهولة سقوطهن بالانحراف الأخلاقي.

ويقول عضو لجنة متابعة البرنامج الحكومي النائب محمد البلداوي، إن “وزارة الداخلية ومجلس القضاء الأعلى أدركوا بشكل واضح خطورة موضوع التسول، فاليوم أصبحت تجارة تستغل فيها الطبقات الهشة والضعيفة والمعدمة من قبل أصحاب النفوس الضعيفة، حيث بدأوا يتاجرون بالأطفال والنساء وخاصة في المناطق البعيدة عن الوعي والثقافة والعلم”.

ويضيف البلداوي أنه “مثلما توجد هنالك تجارة خطرة تدعى تجارة المخدرات هنالك أيضا تجارة تدعى تجارة البشر، وليس فقط تجارة الأعضاء البشرية فقد ألقى الأمن الوطني والأجهزة الأمنية القبض على أكثر من حالة يقومون ببيع الأطفال وعصابات تسرق الأطفال وتنقلهم إلى مناطق اخرى لغرض التسول والاستغلال كما ان هناك من استغل الفقر المدقع وقلة الثقافة من اجل استثمار هذه الحالة واستغلال مشاعر الناس وخاصة في أيام شهر رمضان فقد أصبحت تجارة يستغل فيها الإنسان وتمتهن كرامته”.

ويلفت إلى أن “موضوع التسول يجعل من الإنسان عاهة مستديمة على المجتمع، فمن يدمن على عملية التسول لا نستطيع علاجه فهو أشبه بمدمن المخدرات”.

مشيرا إلى أن “اجتثاث المسؤولين عن هذه العصابات حالة ايجابية ويجب على المجتمع أن يتعاون لفسح المجال للمحتاجين فعلا”.

ويتابع البلداوي أن “ما تقوم به وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والمنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني والمرجعيات الدينية التي تعيل الملايين من العوائل الضعيفة والهشة المتعففة، عمل كبير ومع ذلك هناك من يستغل بعض العوائل والأطفال من اجل تجارة رائجة، بالتالي نحن نقف مع القضاء ومع وزارة الداخلية ومع المجتمع ومع العشائر والشيوخ من اجل مكافحة هذه الظاهرة”.

حملة كبرى لمنع التسول في عموم العراق

وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الداخلية عن بدء حملة كبرى لمنع التسول في عموم العراق، بإشراف اللجنة العليا لمكافحة الاتجار بالبشر ومن خلال قسم مكافحة الاتجار بالبشر في مديرية مكافحة الجريمة المنظمة بوكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية.

وتسربت وثيقة تحمل توجيها من رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، إلى محاكم الاستئناف، بشأن حملة مكافحة الاتجار بالبشر وإنهاء ظاهرة التسول، لما تشكله من خطر على أمن المجتمع، كما ورد في الوثيقة.

وتعج طرقات وتقاطعات العاصمة بغداد بمئات المتسولين، بينهم أطفال ونساء ورجال كبار في السن، وأعدادهم ترتفع بصورة مستمرة، وخاصة الأطفال والفتيات بأعمار المراهقة، من دون أن يكون هناك أي رد فعل حكومي تجاه تنامي هذه الظاهرة.

وبالتوجه لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، يوضح المتحدث باسمها نجم العقابي، أن “الوزارة لا تمتلك قاعدة بيانات تخص المتسولين، ولكن الكثير منهم مشمول براتب الرعاية الاجتماعية من كبار السن وغيرهم وكانت لدينا حملات كبرى سابقا على المتسولين وأخذنا تعهدات منهم بعدم العودة للتسول مرة أخرى”.

وعن الحلول التي تقدمها الوزارة، يوضح العقابي “بالنسبة للأطفال إذا كانوا مشردين يوجد لدينا دور خاصة لإيوائهم، أما المتسولون فمن مهام جهات أخرى إضافة إلى أنهم من ضمن عوائل، فإذا كانت عائلة المتسول مطابقة للشروط الخاصة بالرواتب الاجتماعية فبالتالي يتم شمولهم”.

ويرى أن سبب إطلاق حملة للتصدي لهذه الظاهرة هو “انتشار المتسولين في التقاطعات والخطورة على حياتهم هو ما دفع وزارة الداخلية بالإضافة إلى جهات ساندة، لاسيما أن هذه الحملات تنظم من جهات عدة وليست وزارة بذاتها”.

مؤكدا أن “المتسولين يتبعون نظاما في انتشارهم، فأهل المحافظات يأتون لبغداد وسكنة بغداد يذهبون إلى المحافظات”.

وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا، كشف سابقا، عن وجود ثلاثة أنواع من المتسولين: النوع الأول هم المتسولون المحتاجون، وهم الأشخاص الذين يكونون تحت خط الفقر، ويقومون بالتسول لتوفير أدنى مستوى من احتياجاتهم الفعلية، أما النوع الثاني فهم الأشخاص من الجنسيات غير العراقية ومن بينهم الهنود والسوريون، والنوع الثالث وهو متعلق بعصابات الجريمة المنظمة، التي تستغل المتسولين.

إلى ذلك، يبين الباحث الاجتماعي محمد المولى، أن “هنالك فرقا كبيرا بين الأطفال المتسولين وبين التسرب المدرسي، فحينما نتجول بالقرب من المتسولين وتحديدا الأطفال نسمع الكثير من القصص يمكن من خلالها تمييز من هم هؤلاء، وعلى الحكومة أن تتخذ القوانين المناسبة في ما يخص هذا الأمر”.

ويشير إلى أن “التسرب المدرسي هو حالة منتشرة لأسباب كثيرة منها اقتصادية واجتماعية وعائلية وعلى الدولة أن تأتي بقانون لرعاية الأسرة العراقية على أن يشمل هذا القانون جميع الأسر العراقية في التعداد لتكون هناك رؤية حقيقية للوضع الاقتصادي والوضع العام، فمن غير هذه الرؤية الإستراتيجية ستبقى هذه الظواهر موجودة في المجتمع ولن نستطيع معالجتها لأنها متشعبة وليس لها قاعدة بيانات ولذلك نشدد على أن تكون هنالك قاعدة بيانات مع عمل تعداد عام للسكان ضمن الهيئة المقترح وجودها أو ضمن هذه الرؤية داخل الدوائر الساندة وهذا هو الطريق الصحيح”.

ويشدد المولى على ظاهرة خروج الفتيات للتسول في عمر صغير، لافتا إلى أن “هذه الشرائح مهددة بالخطر، ويجب أن تتابع لأنها نواة عانت الفقر والحرمان فتكون معدة لكل الانحرافات، وهنا تكون جميع الأجناس مهددة بالانحراف وقد تكون بعيدة عن السلوك الأخلاقي”.

وينص قانون التعليم الإلزامي في العراق رقم 118 لسنة 1976، النافذ لغاية الآن، على: أن يعاقب بغرامة لا تزيد عن 100 دينار، ولا تقل عن دينار واحد، أو بالحبس لمدة لا تزيد عن شهر واحد، ولا تقل عن أسبوع واحد، أو بكلتيهما، ولي الولد المتكفل فعلا بتربيته، إذا خالف أياً من احكام هذا القانون.

وكان الجهاز المركزي للإحصاء، كشف في 2019 أن العام الدراسي 2017 – 2018، هو أكثر الأعوام تسرباً للطلبة من المرحلة الابتدائية، حسب إحصائية أجراها على جميع المحافظات، واتضح أن أغلب المتسربين من المدارس الابتدائية دون سن 15 عاما، بواقع 131 ألفا و368 طالبا، نسبة الإناث منهم 47 بالمائة، فيما كان عدد المتسربين للعام الدراسي 2016 – 2017 هو 126 ألفا و694 طالبا.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/27



كتابة تعليق لموضوع : ظاهرة التسول تتسع نطاقًا في العراق والسيطرة عليها باتت صعبة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net