صفحة الكاتب : رجاء الانصاري

 اتسعت حدقة عينيها، وهي تجوس المدى، فطيور تذهب ونوارس تأتي، ولكن والدها لم يعد، فقلبها الرقيق أضناه طول الانتظار، يمر يومها على مضض ويخيم ليلها بغيوم تتسع رقعتها لليل آخر، ولكن هناك ثمة نجوم تجاهد للخروج من أسرها؛ لترسم لها غداً بلون أحلامها، تيبست شفتاها من كثرة التضرع والانتظار، لكن لسانها ويديها ما يزالان فارغين مثل جوفها، دموعها تتسارع في النزول، وشمعة الأمل أطفأها وشاح الريح، فبات منظرها من بعيد كأنه نخلة تتراقص، في ريح بسيط، وفي وقفتها تلك تنتظر والدها الذي طال غيابه، فلم تستطع أن تتمالك صرختها المكبوتة منذ أيام: أبه أبه، ارحم قلة حيلتي وضعف جسدي ورقة قلبي، هلا رجعت، قلبي لا يحتمل غيابك، صدى صوتها تموجات تشق صدر الزمان، وآهات تحرق جفون التاريخ، تمتزج دموعها بدموع الصبية التي فارقت روحها جسدها حزناً على والدها، انهارت قواها ولاذت بــحجر كان يقبع على حافة الطريق، الأمل يقودها إليه تفترش أحضانه، تتمايل ببراءتها حوله، تقبله، تتوعده أن يجلب لها شيئاً حين عودته.
لكن سرعان ما شعرت بصوت يحبس نبضات قلبها يجتاح وتينه، فحدسها لا يخيب، وأشواقها لن تغفو تحت ثرى الانتظار. 
أغمضت عينيها، ارتشفت نفساً عميقاً، شبح شيء يقبل، اتسعت حدقاتها أكثر من ذي قبل، تاركة إطرافها في جمود، لكن سرعان ما تربع الخوف على عرش قلبها، واتجهت نحوه تعدو، وهي تكتم صرخاتها، لقد عاد لقد عاد، أماه لقد عاد.
لكن عاد محمولاً على الأكتاف، هوت على ركبتيها كضرير أضل طريقه تهذي مستفهمة عمّا جرى، أ هي لعبة الغميضة التي كانت تلعبها معه، أم أمر آخر، انزلوا التابوت من اكتافهم الى الارض، يزينه علم العراق، كشفت التابوت عن جسده، وألقت نفسها على صدره، تجذبه تقبله، انهض ها قد وجدتك، لكنه صامت لا يتكلم نائم لا يستيقظ حدقت به طويلاً.
وضعت رأسها على خده، ولاذت بصمت طويل، لقد غادرت لتلتحق به، وتعانق الروح التي طالما اشتاقت لها وانتظرتها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رجاء الانصاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/05/17



كتابة تعليق لموضوع : حكاية شوق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net