صفحة الكاتب : نزار حيدر

ملتقى اهل البيت الثقافي يستضيف نزار حيدر : قراءة في اتفاق الاطار
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ادناه، ملخص المحاضرة التي القاها نـــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، في ملتقى اهل البيت الثقافي في محافظة كربلاء المقدسة، مساء يوم الجمعة (13 نيسان 2012) الفائت، وبحضور نخبة من الشخصيات الفكرية والثقافية والاكاديمية والسياسية.

   في البدء، يلزم التنويه الى الحقائق التالية فيما يخص اتفاق الاطار الاستراتيجي الموقع بين بغداد وواشنطن:
   الحقيقة الاولى: هي ان هذا الاتفاق استراتيجي بكل معنى الكلمة، فهو ليس اتفاقية امنية كما يسعى البعض لتمرير هذه التسمية عليه من اجل افراغه من محتواه الحقيقي والتقليل من قيمته واهميته بالنسبة للعراق تحديدا، فبنوده تنص على تعاون مشترك وشراكة استراتيجية بين البلدين.
   انه اتفاق شامل يغطي مختلف الجوانب، يمكن العراق من حماية نفسه وتجربته الديمقراطية الفتية، وكذلك يمكنه من بناء مستقبله في آن.
   ان العراق، وكما نعرف، تحيطه انظمة ديكتاتورية وشمولية، عسكرية او وراثية لا فرق، خاصة نظام القبيلة الحاكم في دول الخليج، وهي انظمة مسكونة بالخوف من اية تجربة ديمقراطية في المنطقة، ولذلك فهي سعت الى تدمير العملية السياسية الجديدة في العراق منذ انطلاقتها في التاسع من نيسان عام 2003 ولحد الان، وان اتفاق الاطار بمثابة الحماية الدولية لتجربة العراقيين في الديمقراطية من وحش النظام السياسي العربي الفاسد.
   الحقيقة الثانية: ان من مصلحة العراق تفعيل العمل بنصوص الاتفاق باسرع ما يمكن، فهو الذي سيكون العامل المساعد الاول والاهم بالنسبة له لاعادة بناء نفسه وعلى مختلف الاصعدة.
   لقد هيأ الاتفاق للعراق الارضية المطلوبة للتوأمة مع دولة عظمى ومتطورة في هذا العالم، واقصد بها الولايات المتحدة الاميركية، فضلا عن مكانتها السياسية في المجتمع الدولي.
   يجب ان يستفيد العراق من هذه الفرصة، كما استفادت من فرص مماثلة دول اخرى في هذا العالم، منها المانيا واليابان وكوريا، والعديد من دول العالم الثالث.
   ان توأمة دولة عالم ثالثية مع دولة في العالم الحر، يعود بالدرجة الاولى، بلا شك، الى الدولة الاولى، لانها هي التي تحتاج الى ما عند الثانية وليس العكس، من علوم وتكنلوجيا وصحة وتعليم وغير ذلك.
   انه سيمكن العراق من ان يتواءم مع الولايات المتحدة طبقا لنظرية الاواني المستطرقة المعروفة، شريطة ان يعرف العراقيون كيف يوظفون هذا الاتفاق لصالحهم.
   الحقيقة الثالثة: ان العمل على تنفيذ هذا الاتفاق هي مهمة كل العراقيين، من كل حسب موقعه ودوره وقدرته، فمهمة تنفيذه والاستفادة من بنوده لا يخص مؤسسة بذاتها من مؤسسات الدولة العراقية، الحكومة مثلا، وانما تخص كل العراقيين، فمهمة تنفيذه مسؤولية جمعية وتضامنية.
   ان الولايات المتحدة الاميركية دولة كبيرة تحكمها وتديرها المؤسسات، فالبيت الابيض، مثلا، ليس كل شئ فيها، كما ان المؤسسات الرسمية هي الاخرى ليست كل شئ فيها، ولذلك فان امام العراقيين، كمؤسسات حكومية وشبه حكومية واهلية، فرصة الاستفادة من نصوص الاتفاق بما يخدم عملية النهوض والتنمية، كل من موقعه وفي اطار مهامه ومسؤولياته ودوره.
   يلزم العراقيين المبادرة الى التخطيط للاستفادة من الاتفاق، كل حسب حاجته.
   الحقيقة الرابعة: ولان العراق هو المستفيد الاول من تنفيذ بنود هذا الاتفاق، ولذلك فان عليه ان يهيئ كافة الظروف والمستلزمات التي تساعده على تنفيذه، والتي تقف على راسها الاستقرار السياسي والذي ينتج بالضرورة استقرارا امنيا.
   ان اية ازمة سياسية تعصف بالبلد تضر بمصالح العراق، لانها تعرقل عملية تنفيذ الاتفاق بشكل من الاشكال، ولذلك ينبغي على كل الفرقاء السياسيين الانتباه الى المصالح العليا للبلاد من اجل تجنب الازمات السياسية المتكررة، فاستراتيجية الازمة التي يتبعها البعض للبقاء في السلطة لا تنفعه دائما، كما انها لا تخدم البلد ابدا.
   ان الاستقرار السياسي هو الارضية المناسبة لبناء شراكة حقيقية واستراتيجية مع المجتمع الدولي،اما سياسة اثارة الازمات فلا تساهم في تحقيق ذلك ابدا، وعلينا ان نتذكر بان محيط العراق المعادي له يتمنى لو يبقى العراق قلقا سياسيا، فلماذا نساعده على تحقيق امنيته هذه؟.
   الحقيقة الخامسة: ان العالم مصالح متبادلة وعلينا، كعراقيين، ان نبحث عن مصالحنا في هذا العالم، من اجل ان ننهض ببلدنا ونؤمن مستقبل ابنائنا، الامر الذي يتطلب ان نقدم مصالحنا على مصالح الاخرين، بعد ان نضع الشعارات البراقة التي لم تغن او تسمن من جوع جانبا.
   لقد دخل العراق مع اشراقة شمس اليوم الاول من العام الميلادي الحالي مرحلة جديدة، فبعد ان تم انسحاب كامل القوات الاجنبية منه ولم يعد المواطن العراقي يشاهد اية مظاهر ومن اي نوع لمرحلة الاحتلال والغزو الاجنبي الذي سببته سياسات النظام الشمولي البائد، سقطت كل اوراق التوت التي ظلت جماعات العنف والارهاب تتستر بها تحت لافتات المقاومة والجهاد ضد المحتل وما اشبه، وهذا يعني ان كل من يستخدم السلاح اليوم انما يعمل على تقويض العملية السياسية حصرا ويسعى لافشال التجربة الديمقراطية، فهو ليس مقاوما وليس مجاهدا، وانما ارهابيا يسعى لقتل الحياة وتدمير كل ما يتعلق بحياة العراقيين ومستقبلهم.
   يجب ان نضع السلاح جانبا بعد ان انتفت حاجته، وسقط المبرر، كما يجب علينا جميعا ان نضع كل ما فرقنا فترة الاحتلال والغزو جانبا، لنستحضر ما هو مفيد في عملية البناء والنهوض الحضاري.
   ان علينا ان نسعى بكل جد ومثابرة من اجل توظيف بنود اتفاق الاطار بما يساعدنا على اعادة بناء البلد والنهوض به، من خلال العمل على حل المشاكل التي يعاني منها المواطن العراقي، خاصة على صعيد الخدمات، واخص بالذكر الكهرباء، فهي عصب الحياة وبها نعيد الحياة الى الكثير من النواحي الحيوية في البلاد كالزراعة والصناعة والطب والتعليم والبيئة وغير ذلك.
   ان استمرار الازمات السياسية تعصف بالبلد وبالعملية السياسية لا يساعد على تشجيع الاستثمار الاجنبي ابدا، وكلنا نعرف فان الاستثمار حاجة ضرورية وحيوية للنهوض بالبلد، واذا تذكرنا المقولة التي تصف راس المال بانه جبان، هذا يعني انه سوف لن يتوطن في العراق اذا لم يستقر سياسيا، فالبلاد القلقة سياسيا وغير المستقرة، لا يمكن ان تفكر بالاستثمار ابدا، وهو حال العراق اليوم، فكم من اتفاقيات وقعتها الحكومة العراقية مع جهات دولية عديدة، الا اننا لم نر شيئا ملموسا من راس المال الاجنبي الا النزر اليسير، وكل ذلك بسبب الازمات السياسية التي تعصف بالبلد بين الحين والاخر.
   كما ان الفساد المالي والاداري المستشري في كل مفاصل ومؤسسات الدولة هو الاخر يعرقل عملية الاستفادة من اتفاق الاطار الاستراتيجي، لان الاستثمار كذلك والتعاون مع المؤسسات الدولية والعالمية، وعلى راسها الاميركية، لا يمكن ان يتحقق الا اذا شعر المستثمر بان راس ماله مصون وانه سيستفيد منه ارباحا من نوع ما، اما اذا شعر المستثمر بان راس ماله مهددا بالروتين والفساد المالي والاداري وبالابتزاز فانه بالتاكيد سوف لن يفكر بالمجئ الى العراق، لان المخاطر المحتملة فوق اللازم وفوق المتوقع وفوق الطبيعي.
   30 نيسان 2012
راديو (نوا) يحاور نــــــــــزار حيدر بشان (المؤتمر الوطني):
الثقة تسبق الحلول
   اكد نــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، ان لا حل للخلافات المستعصية بين الكتل السياسية في العراق الا باشاعة الثقة والثقة المتبادلة بين مختلف الاطراف، فاجتماع الابدان لا يجدي نفعا اذا لم يسبقه بناء الثقة، ولذلك فان ما لم يستطع الزمن تحقيقه على مدى اكثر من (9) اعوام لا يمكن ان نتوقع تحقيقه باجتماع او اجتماعين تحضره الابدان وتتغيب عنه الثقة.
   ان العلاقة بين الفرقاء اليوم يمثل صورة واضحة لما تحدثت عنه الاية المباركة في قول الله عز وجل في محكم كتابه الكريم {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى} فاذا كان الامر كذلك وهذا هو الواقع، فكيف يمكن ان ننتظر من اي اجتماع حلا للخلافات؟.
   ان على الكتل السياسية ان تستبدل سياسة التربص ببعضها بسياسة الثقة المتبادلة والانسجام السياسي، لتتمكن من الاجتماع المثمر الذي ينتج حلولا وليس كلاما معسولا او مزايدات اعلامية فارغة لا تغني ولا تسمن من جوع.
   واضاف نـــــزار حيدر، الذي كان يتحدث للزميل محمد الكاظم في العاصمة العراقية بغداد الاسبوع قبل الفائت وعلى اثير راديو (نوا) مباشرة، معلقا عن امكانية ان يثمر (الاجتماع الوطني) المرتقب حلولا مناسبة للازمة السياسية التي تعصف حاليا بالعراق:
   ان مشكلة كل الاطراف السياسية هي انها تفكر بان تحصد من مثل هذه الاجتماعات كل شئ، من دون ان تفكر اي منها بالحلول النصفية، ان صح التعبير، فتاخذ شيئا وتعطي للاخرين شيئا، فان سياسة كل شئ او لا شئ لا يمكن ان تحقق وفاقا بين الاطراف ابدا.
   يجب ان تفكر كل الاطراف بسياسة الشراكة الحقيقية، من اجل ان لا تبحث عما يساعدها على الاستحواذ على كل شئ، من دون ان تترك شيئا للاخرين، فلقد جرب العراقيون سياسات الاقصاء والتهميش ونظريات مثل الحزب القائد والزعيم الضرورة والاوحد، فماذا انتجت سوى الدمار والحروب العبثية والتخلف وهدر المال العام؟.
   وبرايي، فان اس المشكلة الحالية التي تلف العملية السياسية، يمكن تلخيصها بعدة نقاط:
   اولا: التداخل الغريب بين السلطات لدرجة ان البعض بدا يشكك بفكرة استقلالية القضاء مثلا، او حتى عدم حيادية رئاسة الجمهورية التي تمثل صمام الامان والحارس الفعلي الذي يسهر على حماية الدستور، فلقد تحولت رئاسة الجمهورية الى جزء من المشكلة في الوقت الذي يجب ان تكون هي الحل او على الاقل العامل المساعد لحل المشاكل العالقة بين السلطات المختلفة في الدولة العراقية.
   ثانيا: مبدا المحاصصة سئ الصيت والذي انتج حكومة عرجاء غير منسجمة وتوافقية بامتياز، ليس في القرارات المصيرية والاستراتيجية فحسب وانما في كل شئ، ما ادى الى شل حركة الحكومة بدرجة مرعبة انتج كل هذا التوقف عن الاداء الحكومي الصحيح.
   ثالثا: وتاسيسا على النقطة اعلاه، فلقد انتج مبدا المحاصصة قاعدة (حكومة بلا معارضة) وبذلك الغيت احدى اهم مهام مجلس النواب الا وهي الرقابة على السلطة التنفيذية، لان كل من هو تحت قبة البرلمان مساهم في الحكومة، بشكل من الاشكال، فكيف ننتظر من مجلس النواب ان يراقبها ويحاسبها؟.
   لقد راينا مؤخرا تحت قبة البرلمان واحدة من اكثر المشاهد مهزلة عندما عجز مجلس النواب عن التصويت على سحب الثقة عن امين العاصمة من عدمها، بغض النظر عن الاحقية من عدمها، ولقد رايت بنفسي كيف نشطت حركة الاتصال بالهاتف بين الفرقاء ليلة التصويت من اجل تاجيل الموضوع، ولما لم يتفقوا على ذلك لجأ عدد منهم الى تعطيل الجلسة من خلال الانسحاب من الجلسة للحيلولة دون اكتمال النصاب القانوني لها ما اسقط شرعية اي تصويت.
   هذا نموذج واحد من عدة نماذج يحكي قصة الطريقة السيئة التي تدير بها الكتل السياسية عمل السلطة التشريعية في البلاد، ولقد راينا كيف ان النصاب يكتمل وان القرار يتخذ بالسرعة القصوى وربما بسرعة الضوء اذا ما كان القرار المعروض للتصويت يتعلق بمصالح وامتيازات الاعضاء، اما اذا كان القرار يتعلق بحقوق طبقة ضعيفة من طبقات المجتمع، كطبقة المتقاعدين، فالامر يختلف كليا، فلقد استغرق التصويت على مثل هذا القرار لحد الان اكثر من عامين كاملين، من دون ان نرى اي نور في نهاية النفق المظلم كما يقولون.
   ان اي استجواب يطرح اليوم تحت قبة البرلمان تقول عنه الكتل انه استجواب سياسي، لماذا؟ لان المساءلة والمحاسبة والرقابة البرلمانية اليوم عرضة للابتزاز وللبيع والشراء، والا، لماذا لا يكون الاستجواب مهنيا بحتا؟ واذا ظل الاستجواب سياسيا فمتى سينال المقصر جزاءه؟ انه يفلت في كل مرة لان الاستجواب والدفاع عنه سياسيا وليس مهنيا.
   ان هذه المشاكل الحقيقية وغيرها لا يمكن تجنبها ووضع حد لها الا بالقضاء على المحاصصة والاصطفافات الاثنية والمذهبية، وان مفتاح الحل، برايي، يكمن في تغيير قانون الانتخابات واقرار قانون الاحزاب الذي تنص مسودته من بين ما تنص على عدم قانونية تشكيل الاحزاب على اساس اثني او ديني او مذهبي.
   ان واحدة من اخطر المشاكل التي تهدد العراق الجديد، هو مشكلة الفساد المالي والاداري، والذي تحميه المحاصصة، ولا يمكن حل هذه المشكلة الا بالغاء المحاصصة بتغيير قانون الانتخابات واعتماد مبدا (صوت واحد لمواطن واحد) من اجل ان يحجز النائب مقعده تحت قبة البرلمان باصوات الناخبين وليس باصوات زعيم الكتلة، ما يمكنه من الجهر بمواقفه من دون خوف من زعيم الكتلة، ولي نعمته، او تردد.
   من جانب آخر، فان ضعف الهوية الوطنية وارتباط الكتل باجندات ما وراء الحدود، يساهم كذلك في اثارة الخلافات وعدم قدرة الكتل على حلها او على الاقل ايجاد الصيغ التوافقية للتخفيف من حدتها وغلوائها.
   كذلك، فان قانون الانتخابات الذي تنص مسودته على وجوب كشف ذمم الاحزاب ومصادر تمويلها، وكذلك علاقاتها خلف الحدود، سيساعد في ضبط توجهات الاحزاب والتقليل من التاثيرات الخارجية على توجهاتها واجنداتها.
   ان الكتل السياسية اليوم تواجه تحديا كبيرا ازاء علاقاتها مع بعض، فاما ان يجبروا انفسهم على التوصل الى حلول من نوع ما لخلافاتهم، سواء بطريقة التوافقات التي تشكلت على اساسها الحكومة الحالية، مع ما لها من سيئات جمة، او بالعودة الى الدستور، وما يمثل ذلك من مخاطر من نوع آخر، لاكمال المدة القانونية المتبقية لهذه الحكومة، لتمشية عملها وعدم التوقف والذي يضر بالعراقيين كثيرا، الى حين ان يحين وقت الانتخابات النيابية، وعندها، لكل حادث حديث.
   او انهم سيواجهون غضب الشارع الذي لم يعد يتحمل كل هذا الفساد والفشل والفوضى والعشوائية، فلصبر العراقيين حدودا، فاذا نفد ينفجر بركانا بوجه الكتل السياسية، وعندها سوف لن يسلم احد منهم، لانهم مسؤولون امام الشارع الذي منحهم الثقة ففشلوا.
   ان عليهم ان يتحلوا بالشجاعة فيتحملوا المسؤولية الملقاة على عاتقهم، اذ كفى العراق ازمات سياسية ما ان تنتهي واحدة حتى تتفجر اختها، فاذا كانت الكتل منشغلة بالازمات وكانهم رجال اطفاء يركضون يوميا خلف نار تشتعل هنا واخرى تشتعل هناك، فمتى سيعملون على بناء البلد وتحقيق الانجاز يا ترى؟. 
   29 نيسان 2012
نــــــــزار حيدر متحدثا لطلبة كلية الاعلام في جامعة اهل البيت(ع):
الاعلام..رسالة لا دعاية
      شدد نــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، على ان التعامل مع الاعلام كرسالة هو السبيل الوحيد لان يكون السلطة الاولى في العراق، اما اذا تم التعامل معه كوظيفة يؤديها الاعلامي في الزمان والمكان المحددين ولصالح جهة ما، شخصا كان ام مؤسسة، فان ذلك يحوله الى امر هامشي لا يؤثر في العملية السياسية ولا يترك بصماته في الحياة العامة.
      واضاف نــــزار حيدر الذي كان يتحدث لطلبة المرحلتين الثالثة والرابعة في كلية الاعلام، قسم الصحافة في جامعة اهل البيت عليهم السلام في محافظة كربلاء المقدسة:
      ان امامكم فرصة ذهبية وثمينة لترتقوا بالاعلام في العراق الجديد الى مستوى متميز يفوق ما هو موجود في عالمنا العربي، وذلك بالشروط التالية:  
      اولا: توظيف كل التقنيات العلمية والتكنلوجية في العملية الاعلامية.  
      ثانيا: التواصل مع الاعلام العالمي، والاستفادة من خبراته، ان على صعيد الوسائل او على صعيد الخطاب الاعلامي.
      ثالثا: الالتزام بالمهنية في اداء الرسالة الاعلامية، وعدم التحيز او الاصطفاف في الخنادق الحزبية او الاثنية او المذهبية او الدينية او المناطقية.
      رابعا: اعتماد نظرية الاعلام الاستقصائي في معالجة المواضيع، خاصة ما يتعلق باداء مؤسسات الدولة، لتحقيق مبدا الرقابة بافضل صورها.
      خامسا: كذلك اعتماد مبدا الحملات الاعلامية للتاثير بمجريات الامور وعلى وجه التحديد ما يتعلق بالكشف عن حالات الفساد او التقصير او الفشل في عمل مؤسسات الدولة.
      سادسا: السعي الجاد والمثابرة من اجل الابداع في الاعلام، ان على صعيد الاسلوب او الخطاب.
   وقبل ان ينجح الاعلامي في تحقيق هذه الشروط ،عليه اولا ان يحب مهنته، فلا ينخرط في مجال الاعلام كرها او فرضا، فان المجبر على شئ لا يبدع فيه ابدا، خاصة ما يتعلق بالشان العام كالاعلام، فهو بحاجة الى قناعة راسخة وايمان عميق برسالته قبل ان تتحقق الشروط اعلاه.
   ان في العراق اليوم فسحة كبيرة وواسعة من حرية التعبير والاعلام الحر، على الرغم من كل التحديات التي يواجهها الاعلاميون في مواقع الحدث والخبر، فبالاصرار والعزيمة ينجح الاعلاميون في بناء قواعد ثابتة وراسخة للاعلام الحر، شريطة ان لا يستسلموا للاغراءات التي تقدمها هذه الجهة الرسمية او تلك الاخرى الحزبية من اجل شراء ذمم وضمائر الاعلاميين الاحرار، فاذا ما تحول الاعلام الى بوق للمسؤول فان مهمته الحقيقية ستنتفي فلا يقدر على ان يكون سلطة، ومن اية درجة، في المجتمع.
   ان الاعلام يجب ان يكون صوت المواطن وصدى الواقع مهما كان مرا، وان لا يكون صوت المسؤول، من دون ان يعني ذلك بانه يتبنى سياسة المعاكسة لكل ما يقوله او ينجزه المسؤول، وانما يسعى من اجل ان يقول الواقع بلا تضخيم وتهويل او بخس لحقوق الانجاز ومن يقف وراءه.
   ان الاعلام رسالة يعتمد الحيادية والصدق والمعلومة الدقيقة والتقييم المنصف، انه حلقة الوصل بين الواقع والمسؤول، من جهة، والمتلقي والمسؤول، من جهة اخرى، ليتحمل المجتمع مسؤوليته ازاء الشان العام.
   انه ليس دعاية يعتمد التطبيل للمسؤول على لا شئ انجزه، مقابل حفنة من المال او منصب زائل.
   ان امام الجيل الجديد من الاعلاميين فرصة كبيرة اوجدتها التكنلوجيا المتطورة التي وضعت العالم بين اصابعهم، فبكبسة زر على الحاسوب يحضر العالم بين يدي الاعلامي الذي عليه ان يستغل الفرصة لتطوير نفسه وادائه ومعلوماته واساليبه وخطابه الاعلامي بما ينسجم وتطور عقلية المتلقي.
   لقد ولى زمن سياسات الفرض والاكراه التي كانت تستخدمها الانظمة الديكتاتورية لفرض اجنداتها السياسية ودعاياتها الرخيصة والمبتذلة على المتلقي، الشعب بكامله هنا، فبعد ان اصبح الفضاء حرا ووسائل الاتصال متوفرة للجميع من خلال شبكة الاتصال الدولية (الانترنيت) لم يعد بامكان احد ان يقمع رايا او يحاصر فكرة او يفرض معلومة او حتى يغيرها ويشوهها.
   ان جيل الاعلاميين الجديد، الناشئ، يمكنه بكل يسر وسهولة الافلات من رقابة السلطة والحاكم وجلاوزته، من خلال اعتماد شبكة الاتصال الدولية لنشر الراي والمقال والمعلومة والتقرير، فاذا كانت السلطة السياسية قادرة على مراقبة الاعلام المطبوع فان من المستحيل عليها ان تتابع وتراقب (الانترنيت) الذي اشاع الاتصال وطرقه، ما زاد من حظوظ حرية الاعلام والتعبير بدرجة كبيرة.
   كذلك، فان بامكان جيل الاعلاميين الجديد ان يفلت من قبضة الملاحقات الامنية للسلطة من خلال التواصل مع الاعلاميين في الخارج الذين يمتلكون متسعا كبيرا جدا للحركة الاعلامية الحرة وغير المحاصرة، من خلال تسريب المعلومة الى الخارج ليتسنى لهم التعامل معها بكل حرية، وهذا ما يساعد على تحقيق نظرية الاعلام الاستقصائي الذي يتابع المعلومة والحدث الى نهاية المطاف من دون ان يكون للحاكم اية سلطة عليه.
   نقطة مهمة اخرى على الاعلاميين ان ياخذونها دائما بنظر اعتبارهم وهم يؤدون رسالتهم الاعلامية، الا وهي استحضار الرقيب الذاتي عند التعامل مع الرسالة الاعلامية.
   ان عليهم ان يميزوا بين الفوضى والحرية المسؤولة، وبين انعدام الرقيب الحكومي وزبانيتها، وبين الانضباط الاخلاقي في التعامل مع الرسالة الاعلامية.
   ان حرية الاعلام والراي والتعبير لا تعني الفوضى ابدا، كما انها لا تعني انعدام الضمير والوازع الذاتي مطلقا، بل على العكس من ذلك، فكلما نجح الاعلامي الملتزم من الانفلات من ربقة سلطة الحاكم الديكتاتور الذي يسعى لتكميم الافواه ومصادرة حرية التعبير، كلما يجب ان يحضر الرقيب الذاتي ليكون هو الفلتر على ما يكتبه وينشره الاعلامي المسؤول.
   لقد سمعت من عدد كبير من الاعلاميين هنا في العراق بان بعض مؤسسات الدولة العراقية بدات تمارس القمع وباشكال مختلفة ضد حرية الصحافة، للحد من سلطة الاعلام الحر وبالتالي للانفلات من الرقابة المسؤولة التي يمارسها الاعلاميون في مختلف وسائل الاعلام، وبرايي، فان الطريق السليم لمواجهة مثل هذه الممارسات غير المسؤولة التي تلجا اليها بعض مؤسسات الدولة ضد الاعلام، هو ان يتشكل الاعلاميون جماعات وفئات، صغرت ام كبرت، من اجل تنفيذ الحملات الاعلامية الواسعة كلما تعرض الاعلام لمضايقة مسؤول، فالاخير ربما يمكنه ان يقمع صوتا الا انه لا يقدر على ان يقمع اصواتا في آن واحد.
   ان مقولة صوت واحد اكثرية، انما يتحقق اذا ما نجح الاعلاميون، كفئات وجماعات وليس كافراد مبعثرين ومشتتين، في تنفيذ حملاتهم الاعلامية ضد المسؤول المستبد والخائف من الاعلام.
   ان امام الاعلام في العراق الجديد تحديات كبيرة وعظيمة تتطلب الجلد والمثابرة من اجل التغلب عليها، اما اذا استسلم لضغوطات وتهديدات واعتداءات المسؤول وحماياته، فانه سيخضع له ولو بعد حين.
   يلزم على الاعلام قبول التحدي من اجل ان يتحول الى سلطة اولى ترعب المسؤول وتخيف الحاكم وتشجع المواطن على ممارسة الرقابة الشعبية على اداءات مؤسسات الدولة.
   ان الشجاعة والاستقلالية راس مال الاعلامي الحر، فبهما يصنع المستحيل، وبهما يحمي الديمقراطية من استبداد الحاكم، وبغير ذلك، سيتحول الى امعة تتسمر عيناه الى فم الحاكم وجيبه قبل ان يكتب وينشر.  
   28 نيسان 2012
نـــــــــزار حيدر لـ (الفيحاء) عن استضافة العراق لاجتماع (5+1):
لحماية نفسه اولا
 اعتبر نـــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، ان استضافة العراق لاجتماع (5+1) بشان الملف النووي الايراني، يعد دليلا قاطعا على نجاحه في العودة الى موقعه الاقليمي والدولي الطبيعي ليلعب دوره الايجابي المطلوب في الملفات الساخنة، لحماية نفسه من المخاطر المحدقة به اذا ما تفجرت مثل هذه الملفات الخطيرة.  
   واضاف نــــزار حيدر الذي كان يتحدث الاسبوع الماضي للزميل محمد الكاظم في برنامج (الملحق) من ستوديو (الفيحاء) في العاصمة العراقية بغداد وعلى الهواء مباشرة:
   لقد ورث العراق الجديد حصارا سياسيا، دوليا واقليميا، قل نظيره في التاريخ المعاصر بسبب سياسات نظام الطاغية الذليل صدام حسين وحروبه العبثية وطموحاته غير المشروعة.
   وبعد التغيير وسقوط الصنم في التاسع من نيسان عام 2003 سعت دول الجوار المسكونة بالخوف من الديمقراطية الوليدة في العراق الجديد، خاصة نظام القبيلة الحاكم في دول الخليج وعلى الاخص نظام اسرة آل سعود الفاسدة، الى ابقاء هذا الحصار على العراق بكل الطرق، للحيلولة دون عودته الى محيطه، خوفا من ان يلعب دورا ايجابيا في قضايا المنطقة والمحيط على حساب دورهم التخريبي المعروف ضد مصالح شعوب المنطقة، فسعت امنيا الى اثارة الرعب في ارجاء البلاد من خلال تجنيد الارهابيين وتحريضهم للذهاب الى بلاد الرافدين لممارسة القتل والتدمير، تدعمهم فتاوى التكفير والكراهية والطائفية المقيتة التي يصدرها فقهاء البلاط بالاضافة الى الاعلام الطائفي المضلل، فيما سعت سياسيا الى محاصرة النظام الجديد من خلال رفضها التعامل معه باية صورة من الصور فيما حرضت ما يمكن من الانظمة في العالم والمنطقة الى عدم التعامل مع العراق الجديد، في مسعى منها للابقاء على الحصار السياسي الذي ورثه العراق من النظام البائد، من اجل الغاء اي دور محتمل قد يلعبه العراق وبرؤية جديدة تختلف جذريا عن رؤية النظام البائد الذي ظل يبني سياساته على العدوان والحروب العبثية.
   ومع كل ذلك، فان العراق نجح بدرجة كبيرة في فك الحصار السياسي المفروض عليه وكسر العزلة الدولية والاقليمية التي عانى منها الكثير.  
   ولقد توج هذا النجاح بعقد القمة العربية الاخيرة في العاصمة بغداد، بغض النظر عن كل ما قيل فيها وعنها، الا انها دللت بما لا يدع مجالا للشك في ان العراق الجديد حقق نجاحا ملحوظا على صعيد فك العزلة عن نفسه.
   واليوم، وعندما يبدي العراق استعداده لاستضافة مجموعة (5+1) بشان الملف النووي الايراني، فانما يعني ذلك انه يحقق نجاحا آخر على صعيد السياسة الخارجية، وان سر هذا النجاح يكمن في:
   اولا: قدرة العراق على موازنة علاقاته مع محيطه (المتناقض) والمجتمع الدولي، فالعراق اليوم يتمتع بعلاقات جيدة مع الاعضاء الدائمين في مجلس الامن، كما انه يتمتع بعلاقات جيدة مع الجارة الاكبر الجمهورية الاسلامية في ايران، ما يمكنه من ان يدخل وسيطا محتملا بين الطرفين لحلحلة ازمة الملف النووي المستعصية.
   ثانيا: قدرته في ان يقدم رؤية ما بشان الملفات الساخنة ذات الاهتمام الاقليمي والدولي، ولقد راينا كيف انه نجح في ان يساهم في تقديم رؤية مغايرة بشان الوضع في الجارة سورية عندما امتنع عن التصويت في مجلس الجامعة العربية على خطتها التي انتهت اخيرا الى الفشل، لتاتي خطة المبعوث الاممي كوفي عنان مستوحية جوهرها من الرؤية العراقية.
   ان قدرة العراق على التعامل مع اجتماع (5+1) تنبع من اهمية الملف من جانب، واهمية الوسيط، من جانب آخر، ونحن هنا لا نتفاءل اكثر من اللازم في حتمية حل هذا الملف، فهو اعقد من ان يحله اجتماع او اجتماعين، الا ان مجرد قبول الطرفين المعنيين بالملف في وساطة العراق له دلالات كثيرة تشير الى اهمية العراق في المرحلة المقبلة على صعيد الملفات الاقليمية، خاصة في وقت يشهد فيه الجوار والعالم العربي عموما فوضى الربيع العربي والتحديات التي تواجه الانظمة الديكتاتورية الاستبدادية الشمولية بما فيها نظام القبيلة الحاكم في دول الخليج، ما يمكن اعتبار العراق في ظل كل هذه التحديات الاكثر ترشحا للعب الدور الاكبر والاهم في المنطقة والمحيط.    
   قد ياخذ البعض على العراق بانه ينشغل بهموم غيره على حساب همومه الوطنية، وهذا برايي قصر في النظر، فالعراق لا يعيش في جزيرة نائية ليتهرب من الملفات التي تؤثر فيه سلبا كان هذا التاثير او ايجابا، فالعراق هو جزء من محيط ساخن ومتناقض يحتم عليه موقعه ان يؤثر ويتاثر فيه رغما عن ارادته، ولا ننسى هنا بان العراق لا زال تحت طائلة البند السابع من ميثاق الامم المتحدة، ما يفرض عليه التزامات دولية من نوع خاص تختلف كل الاختلاف عن التزامات بقية دول المنطقة.
   ان هموم المنطقة هي جزء لا يتجزا من هموم العراق الوطنية، ولذلك فان اي تشنج تشهده ملفات المحيط الساخن تؤثر على العراق فورا، لانه جزء فاعل وحيوي في هذا المحيط، ولذلك لا يمكن ان نتصور عراقا مستقرا الا باستقرار كامل المنطقة، والعكس هو الصحيح، فلا يمكن ان نتصور محيطا مستقرا الا باستقرار العراق حصرا.
   ان العراق يدافع عن نفسه اولا عندما يسعى لحل مثل هذا الملف المعقد، لان النتيجة السلبية لبقاء الملف مفتوحا على كل الاحتمالات سيعرض المنطقة لخطر الحرب لا سامح الله، ومن الواضح فان العراق سيكون المعني والمتضرر الاول بمثل هذه الحرب اذا وقعت، ولذلك فعندما يبدي العراق استعداده لاستضافة المجموعة انما يسعى لابعاد شبح الحرب عن المنطقة وبالتالي عن نفسه، ولقد راينا، وعلى مدى نيف وثلاثين عاما، كيف كان العراق بؤرة التوتر والحروب بسبب سياسات النظام البائد، فلماذا لا يتحول اليوم الى مصدر لاشاعة الامن والاستقرارفي المنطقة والعالم؟ ان مثل هذه النتيجة يستفيد منها العراق قبل اي بلد آخر، فالعراق اليوم هو بأحوج ما يكون للاستقرار ليعيد بناء نفسه وينجح في الاستثمار وبناء ما خربته سايسات النظام الشمولي البائد وسياسات الانظمة الديكتاتورية التي دعمت العنف والارهاب.
   ليس امام العراق الا ان يختار الدور الايجابي في مثل هذه الملفات، اما دور المتفرج او اللاابالي، فليست من الخيارات الواردة امامه، مهما كانت ظروف العراق الداخلية، فاذا اراد العراق ان يسلم على نفسه، فان عليه ان يدفع ثمن دوره الايجابي، والا فسيعود معزولا تحاك ضده المؤامرات ويتدخل في شؤونه القريب والبعيد، فالعزلة تعني حديث الاخرين عنه بالنيابة، اما الحضور والدور الايجابي فيعني ان العراق يمنع الاخرين من الحديث بالنيابة عنه، وهي فرصته الوحيدة للتعبير عن نفسه بلسانه وليس على لسان الاخرين.
   هل يعقل ان العراق يتهرب من استحقاقاته التي كان الاخرون يدفعون الثمن الغالي من اجل تحقيقه؟ وهل يعقل ان العراق يتهرب من دور ايجابي في ملف يعنيه بشكل كبير وقد جاءته الفرصة ليكون له حضورا بشكل معين فيه؟.
   ان استعداد العراق للتدخل بمثل هذا الملف يساعده على حماية امنه واقتصاده وتبادلاته التجارية مع الجارة الجمهورية الاسلامية في ايران، فالعراق، كما هو معروف، يمتلك اطول حدود مشتركة معها، تقدر باكثر من 1200 كم، فكيف لا يريد البعض ان يؤثر ويتاثر بمثل هذا الملف الخطير والمعقد؟ هل يتصور هؤلاء بان العراق سيكون في مأمن من خطر احتمالات نشوب الحرب على ايران في حال لم يجد الغرب صيغة سلمية ما للتعامل مع الملف النووي؟ هل يتصور هؤلاء بان بمقدور العراق ان يتخذ دور المتفرج في حال اشتدت الازمة بين الغرب وايران ثم تطورت الى حرب لا سامح الله؟.
   ان العراق في بؤرة التوتر الاقليمي، ولذلك فهو من اكثر المتضررين من اية ازمة يشهدها اي بلد في المنطقة، ولذلك فهو يسعى دائما لدرء خطر الحرب عن نفسه عندما يدرءها عن الاخرين في المنطقة، ومن هذا الحرص بنى العراق رؤيته ازاء ما يجري في سوريا وفي البحرين واليوم بشان الملف النووي الايراني، انه دور لدرء الخطر عن النفس قبل ان يكون دور لدرء الخطر عن الاخرين.
   لماذا يحق لنظام القبيلة في الجزيرة العربية ان يتدخل عسكريا في البحرين ولا يحق للعراق ان يتدخل ديبلوماسيا وسياسيا في الملف النووي الايراني؟ ان تدخل آل سعود في البحرين ليس دفاعا عن آل خليفة، وانما دفاعا عن انفسهم، لانهم يعرفون حق المعرفة انه لو سقط نظام القبيلة في البحرين فسيسقط نظامهم بالتتالي، ولذلك فان تدخلهم دفاعا عن انفسهم بالدرجة الاولى وهو تدخل لدرء الخطر عن انفسهم اولا، وهكذا بالنسبة الى تدخلهم في اليمن عندما فعلوا المستحيل لاحتواء الثورة الشعبية بطريقة انقلاب القصر، ان كل ذلك هو للدفاع عن انفسهم، وهم اليوم عندما يتدخلون في الشان السوري وقبل ذلك في الشان الليبي، فانما هربا الى الامام لدرء الخطر عن انفسهم.
   هذا الدور التخريبي لنظام القبيلة الفاسد يقابله العراق بدور ايجابي لصالح شعوب المنطقة وامنها واستقرارها.
   ان كل نظام سياسي في هذا العالم يبادر الى ان يتدخل في اي ملف يرى ان له آثارا سلبية على وضعه الامني او السياسي او الاقتصادي، فالتدخل في هذه الحالة ياتي لحماية الامن القومي للبلاد قبل ان يكون لحماية الاخرين.
   ولن يشذ العراق عن هذه القاعدة ابدا، فهو يسعى لان يكون له دور ما في الملفات الساخنة التي تؤثر عليه لدرء الخطر عن نفسه، فتدخله بهذه الطريقة محاولة جادة وواعية لحماية نفسه اولا وليس لحماية الاخرين، ارايتم لو ان نارا نشبت في منزل الجيران، ترى هل سيقف صاحب الدار متفرجا عليها ام انه سيبادر للعمل على اخمادها؟ حماية لداره بالدرجة الاولى، لان النار التي تلتهم منزل الجيران قد تاتي على منزله فتلتهمه.
   اما اعتبار البعض بان مثل هذا الدور للعراق يزيد من حدة الخلافات بين الفرقاء السياسيين، فاقول، واي شئ لم يكن له تاثير على الخلافات بين الفرقاء؟ ان كل خطوة تتخذها الدولة لها، وللاسف الشديد، تاثير من نوع ما على خلافات الفرقاء، والسبب هو ان بعض هؤلاء الفرقاء يسعون لتوظيف اي شئ من اجل تاجيج الصراعات الحزبية والاثنية والمذهبية والمناطقية في اروقة الدولة العراقية.
   حتى قرار اصرار العراق على عقد القمة العربية في بغداد وظفه البعض لاثارة الخلافات بين الفرقاء السياسيين.
   والسبب في ذلك، برايي، يعود الى ان بعض زعماء الكتل والاحزاب السياسية يتعاملون مع كل الاحداث برؤية حزبية ضيقة، فهم لا يميزون بين ما هو استراتيجي يفرض عليهم موقفا وطنيا يترفع عن التوافه والامور الجانبية والمصالح الحزبية الضيقة، وبين ما هو تكتيكي يمكن ان يتاجر به فيكسب بعض المصالح الحزبية.
   ان على كل الفرقاء السياسيين ان يميزوا بين ما هو استراتيجي يخص الامن القومي للبلد وبين ما هو تكتيكي قابل للمتاجرة، اما ان يتم التعامل مع كل الملفات برؤية حزبية واحدة فهذا هو الذي يثير الخلافات بسبب كل قضية.
   عليهم جميعا ان لا يزايدوا على بعضهم بالوطنية، كما ان عليهم جميعا ان يقدموا المصالح الاستراتيجية والعليا للبلاد على كل المصالح الاخرى، فان المزايدات السياسية على الملفات الاستراتيجية يضعف دور العراق وموقعه في محيطه، وهو الامر الذي يتمناه النظام السياسي العربي الفاسد الذي يحتضر اليوم على يد ثورات الشعوب التي نهضت لتنفض عن نفسها غبار الديكتاتورية والاستبداد الذي جر عليها الويلات والتخلف والامية والمرض والتبعية.
   ان وحدة الموقف الوطني ازاء القضايا الاستراتيجية يزيد من قوة العراق، ولذلك لا ينبغي التفريط بذلك.
   27 نيسان 2012
نـــــــــــــزار حيدر لـ (العراقية) بشأن خلافات الكتل السياسية:
نشر الغسيل وقت الازمة..ادانة
   اعتبر نــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، ان تكرار عقد او عدم القدرة على عقد ما يسمى بالمؤتمرات الوطنية بين الكتل السياسية، دليل صارخ على عمق الخلافات بين هذه الكتل، على خلاف ما يدعيه المتحدثون باسمها، والا لامكن حلها بمؤتمر او مؤتمرين، او لامكن عقد المؤتمر المرتقب بسهولة ويسر، داعيا الى عدم التعامل مع المشاكل بطريقة تبويس اللحى او الطبطبة على الظهر، فان مثل هذه السياسة تفاقم الازمات ولا تساهم في بناء البلد، فضلا عن انها تعرقل تقدم عملية بناء الدولة العراقية.
   واضاف نــــزار حيدر الذي كان يتحدث في ستوديو النشرة الخبرية الرئيسية لقناة (العراقية) مساء يوم (3 نيسان 2012) المنصرم في العاصمة العراقية بغداد:
   كما ان التنمية والتقدم والتطور بحاجة الى خطط استراتيجية، كذلك فان حل الخلافات والمشاكل بحاجة الى خطط استراتيجية تعتمد الالتزام بالعهود والوعود المقطوعة اولا وعدم النكوص والتمرد على ما يتم الاتفاق عليه، ولذلك قيل ان السياسة، من بعض وجوهها، هي فن ادارة الازمات من اجل ان لا تنفجر، واحتوائها من اجل ان لا تتحول الى عائق في طريق التنمية والبناء.
   ان المشكلة لا تكمن في وجود الخلافات بين الفرقاء، فالعالم يعج اليوم بالخلافات وانظمة الحكم، حتى في البلاد الديمقراطية، تمتلئ بالخلافات بين الفرقاء، وانما في طريقة معالجتها وادارتها، فبينما يحرص الزعماء (المسؤولون) على ايجاد الحلول المناسبة لخلافاتهم في اطار الصالح العام واستراتيجية الامن القومي للبلد، لا يعير الزعماء (غير المسؤولين) اية اهمية لذلك، وربما يعملون على تاجيج حدة الخلافات للتصيد بالماء العكر، حتى اذا جاء ذلك على حساب الصالح العام، وهو ما نراه اليوم في العراق.
   لقد ثبت بالقطع واليقين بان مشاكل الكتل السياسية الحاكمة في بغداد هي مشاكل حقيقية، وليست عابرة او ثانوية ولذلك فاننا اليوم امام ازمات متتالية ومتكررة، وبرايي فان من المستحيل التوصل الى حلول حقيقية قبل اعتراف الجميع بهذه المشاكل من اجل التخطيط الاستراتيجي لحلها، اما ان يخرج علينا السياسيون بعد كل لقاء ثنائي او اجتماع (وطني) عام ليخبرونا بانهم حلوا (95%) من المشاكل العالقة ثم نكتشف بعدها بان اس المشكلة في الـ (5%) المتبقية التي تحرص كل الاطراف المجتمعة على ترحيلها الى المستقبل المجهول، وهكذا، فهذا يدل على ان الجميع لا يرغب في حل المشكلة الحقيقية، والتي اساسها الخلاف في الرؤية بشان القضايا الاستراتيجية التي تخص البلد فهي ليست مشاكل عابرة او طارئة وانما هي مشاكل تتعلق برؤية الاطراف بشان بناء الدولة والموارد الطبيعية والنظام الاداري والعلاقات الخارجية واصل النظام الديمقراطي وغير ذلك من الخلافات الاستراتيجية التي تخص الرؤية، ولذلك فان شخصنة الخلافات امر لا يعود بالنفع ابدا، بل انه يحجم الخلافات وهي كبيرة ويهمش الحلول وهي ترقيعية.
   لماذا لا نسمع بالحقائق ولا نطلع على الوثائق السرية الا عندما تشتد الازمات بين الفرقاء السياسيين؟ ان نشر الغسيل وقت الازمات ادانة لمن يبادر الى ذلك، وهو دليل على عدم جدية الطرف في حل الخلافات وانما البحث في تشديد الازمة وتفاقمها لحاجة في نفسه يريد قضاها بالازمات، الامر الذي يدمر العملية السياسية ويعرقل تقدم البلاد وتنميتها، فالتستر على الحقائق والوثائق ادانة ضد من يتستر عليها.
   ان الراي العام في العراق يتمنى ان يسمع، ولو لمرة واحدة، من الفرقاء وهم يتحدثون عن خلافاتهم لحظة فض الاجتماع وليس فيما بعد، ليعرف حجمها وحقيقتها وما اتفق عليه الفرقاء من خطوات ملموسة لحلها، اما سياسة التضليل التي يمارسها الجميع مع الراي العام فلا تزيد العلاقة بينهم وبين الشارع العراقي الا سوءا وتدهورا، وهي تزيد من الشكوك القائمة بين الطرفين بشكل مضطرد، ما يقلل، وقد يلغي، مصداقية الفرقاء عند الشارع العراقي، ان عاجلا ام آجلا.
   اذا كانت الكتل السياسية تعتقد باهمية اطلاع الراي العام على الخلافات المتفاقمة فيما بينها، ليكون هو الحكم، ويكون جزء من الحل، فان عليها ان تطلعه على التفاصيل اولا باول، ليواكب، الراي العام، تفاصيل الخلاف وتطوره فيكون بذلك قادرا على الحكم وربما المساهمة في حلها، اما ان يمارس الفرقاء سياسة التدليس والخداع والكذب والتضليل لتفاجئ الراي العام بالاسرار والوثائق السرية وقت اشتداد الازمة، فهذا ما يزيد من شكوك الراي العام بنوايا الفرقاء، الذي قد ياخذ الوثيقة السرية على محمل الجد اذا اطلع عليها في الوقت المناسب، اما اذا اطلع عليها وقد اشتداد الازمة فان ذلك يقلل من مصداقيتها ويزيد من شكوكه بالنوايا والاهداف، فهو بمثل هذه الحالة يعتبر نشر الغسيل هدفه تصفية الحسابات وليس لتنويره واطلاعه على الحقائق من اجل ان يحكم بين الفرقاء.
   ان تحدث المسؤول عن مشاكله في الوقت المناسب وبكل وضوح وشفافية وبالحقائق والارقام، يعد رقيبا ذاتيا عليه يساعده في تحقيق النجاح والانجاز الانسب، فمعرفة الراي العام بالحقائق تدفع بالمسؤول الى ان يصدق الحديث عندما يتحدث عن خططه ومشاريعه، لانه سيتذكر، اذا ما حاول ان يكذب او يبالغ او يضلل، بانه يتحدث لمواطن يعرف الحقيقة كاملة، وبذلك يكون قد صنع لنفسه رقيبا ذاتيا يجنبه التورط بالمشاكل، ويحثه على النجاح والانجاز بكل وضوح وشفافية، ما يساعد الراي العام على تفهم مشاكل المسؤول وربما اعذاره اذا اخطا او فشل.
   اما المسؤول الذي يتستر على الحقائق بانتظار نشر الغسيل ضد الاخر متى ما اراد ذلك عندما تشتد الازمة السياسية فيما بينهما، فانما يدين نفسه قبل ان يدين خصمه، لان التستر على الحقيقة تضليل يجب ان يحاسب عليه المسؤول الذي يوظفه لتصفية حساباته مع الخصم، فالى متى يظل الفرقاء في العراق يتحدثون بلغة الرموز للراي العام فلا يفصحون عن الحقائق الا وقت اشتداد الازمات؟.
   هل يتصورون بان مثل هذا الاسلوب سيزيد من مصداقيتهم لدى الراي العام؟ ام ان ذلك سيدين المسؤول الذي يلجا الى مثل هذا الاسلوب الابتزازي قبل ان يدين خصمه؟ لماذا لا يسمع الراي العام، بعد كل اجتماع يضمهم، الا لغة الاطراء والمديح التي يستخدمها الجميع، وكانهم (سمنة على عسل) على حد قول المثل المشهور، حتى اذا مرت ايام على ذلك الاجتماع اذا بالراي العام يطلع على الوثائق السرية التي يسعى كل طرف لكشفها امامه ومن على الشاشة الصغيرة؟ فاين كانت هذه الوثائق لحظة انتهاء الاجتماع (الوطني)؟.
   اذا كان الفرقاء جادون في حل خلافاتهم فان عليهم ان يبحثوا في صلب المواضيع وليس على هوامشها، كما ان عليهم ان يبداوا النقاش في كل اجتماع من حيث انتهوا في الاجتماع السابق، اما اللف والدوران واجتناب الخوض في صلب الموضوع، او السعي لحل الخلافات المتفاقمة بالاتصالات الهاتفية، فان كل ذلك لا يساهم في ايجاد اي حل ابدا، بل على العكس فان ذلك يفاقم المشاكل ويعقدها، وكل ذلك لا يخدم البلد ويعرقل عملية البناء والتنمية.
   هذا من جانب، ومن جانب آخر، فان العراقيين شبعوا كلاما معسولا عن الاتفاق المزعوم بين الفرقاء بعد كل اجتماع، وهم اليوم ينتظرون ان يسمعوا منهم كلاما حقيقيا يلامس الواقع بكل تفاصيله ليساهم في حل العقد بعد ان فشل المسؤولون في حلها على الرغم من مرور قرابة 10 اعوام على سقوط الصنم في بغداد وانطلاق العملية السياسية الجديدة في البلاد.
   ان العراقيين لا يريدون ان يسمعوا تصريحات اعلامية او كلام للاستهلاك المحلي او للمزايدات السياسية او للدعاية الانتخابية، وانما يريدون ان يسمعوا حديث الحقائق ولغة الارقام والوقائع، ليميزوا الخبيث من الطيب من المسؤولين والمناهج على حد سواء.
   العراقيون يرفضون، من الان فصاعدا، ان يتاجر المسؤولون بالوثائق السرية وقت اشتداد الازمات للتقرب من الراي العام، فالاصل عندهم هو الشك في النوايا حتى يثبت العكس، بعد ان تكررت الحالات.  
   26 نيسان 2012
نـــــــزار حيدر لصحيفة (البينة الجديدة) البغدادية:
الاحزاب الاسلامية على المحك
وامام اختبار مصداقية كبير
توطئة:
بتاريخ الرابع من نيسان الحالي، نشرت صحيفة (البينة الجديدة) البغدادية حوارا صحفيا شاملا، كان قد اجراه الزميل نوري صبيح، مع نــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن.
ولاهمية الحوار، يود المركز نشره لتعميم الفائدة:
مقدمة بقلم الزميل نوري صبيح:
الديمقراطية مفهوم حديث نسبيا في تاريخ البشرية، أخذ به على محمل الجد منذ ثلاثة قرون وهي ليست ثوبا يفصله المفكرون لتلبسه الشعوب لتسيير أمورهم السياسية والاجتماعية بشكل آلي، لانها  ليست شيئا (طبيعيا) يأخذ بها الناس للخروج  من ظلم الحكام، أو «كموضة» تؤخذ  من الآخرين لحل مشاكل الحكم في البلاد.
ان الديمقراطية مفهوم تكوّن من خلال التجارب الانسانية المتعددة، والمتعلقة بمصدر وشرعية السلطة السياسية، وهي فلسفة  سياسية للتعايش المشترك  في المجتمع بشكل سلمي، تتلخص باستقلالية الفرد وحريته وعقلانيته وسلوكه المتحضر مع بقية الافراد في مجتمع منظم.
هذه الثقافة الديمقراطية  تنمو  بشكل تدريجي  بالفكر والتجربة والتطبيق والمقارنة مع تجارب شعوب أخرى وصلت إلى مراتب عالية في الحياة الديمقراطية.
وبما أنها تجربة إنسانية حققت نجاحات كبيرة، عكست متطلبات الإنسان في هذا العصر الحديث، لذا يمكن الأخذ بها  للعيش في مجتمعات أكثر حرية والخروج  تدريجيا من نفق الديكتاتورية والاستبداد المظلم. 
وحول الثقافة الديمقراطية والتجربة البرلمانية العراقية قبل و بعد الانسحاب الأمريكي من العراق  والدروس المستفادة في ضوء معطيات الواقع العراقي واستشراف آفاق المستقبل العراقي التقت (البينة الجديدة) مدير مركز الإعلام العراقي  في واشنطن نزار حيدر وكان لنا معه هذا الحوار:
   السؤال الاول:
   الديمقراطية ليست نظام حكم فقط، بل هي طريقة حياة.
   ما مدى تطبيقها في الحياة السياسية العراقية بعد 9/4/2003؟
   الجواب:
   وقبل ذلك هي ثقافة، تعتمد، برايي، على اربعة اسس، وهي:
   الف: القانون
   باء: حرية التعبير  
   جيم: الراي العام
   دال: قاعدة الاقلية والاكثرية
   فاذا اردنا ان نطبق هذا التوصيف على حالة الديمقراطية في العراق، فيمكن القول بانها تقدمت بدرجة كبيرة، الا اننا لازلنا في منتصف الطريق وامامنا مشوار طويل.
   نحن غيرنا الدستور، والدستور مدونة، وغيرنا القانون، والقانون نصوص، وغيرنا طريقة وصول الحاكم الى السلطة، وهذا امر فني ونظري، اما الذي بقي علينا، وهو الاهم، فهو ان نغير العقلية التي نتعامل بها مع كل ذلك، وليس المقصود هنا بتغيير عقلية الحاكم فقط، وانما تغيير عقلة المواطن الفرد لنغير عقلية المواطن المجتمع.
   لقد تم تشويه الاسس اعلاه بدرجة كبيرة، فالقانون عندنا يسري على الضعيف ويفلت منه القوي، ولذلك كثر الفساد المالي والاداري لان الذين يتورطون فيه هم من (كبار) القوم المحميون بالمحاصصة، اما اذا سرق الضعيف لقمة عيشه لاطعام فقرائه فيطاله القانون بلا رحمة، او اننا نعتبر ان اي قانون هو تقييد للحريات العامة، ولذلك ترى الكثير منا يكره شئ اسمه قانون ظنا منه بان الديمقرالطية تعني الفوضى.
   اما قاعدة الاقلية والاكثرية التي ينبغي ان تؤسس على اساس البعد السياسي في الحياة العامة، الا اننا نطبقها على اساس الاقلية والاكثرية الدينية تارة والمذهبية اخرى والاثنية ثالثة، وهذا خطا كبير لا يساهم في بناء الديمقراطية ابدا، بل انه يشوه صورتها ويفرغها من محتواها وجوهرها وتاليا يدمرها من خلال ما تثير من ضغائن واحقاد طائفية او دينية او اثنية، وهذا ما نراه يوميا تقريبا من خلال الازمات السياسية التي تعصف بالبلد بين الفترة والاخرى.
   اما الراي العام فتراه اليوم يحتضر بسبب مرض عبادة الشخصية المزمن، وهو، المرض، الذي يلغي عقل الانسان ويتركه في اجازة الى اشعار آخر، لان عبادة الشخصية وتقديس الزعيم الرمز لا تدع المرء يفكر بحرية ولا تترك له المجال لابداء رايه او التعبير عن نفسه.
   واذا سالتني عن الحل لهذه المعضلة فساجيبك بان الحل يكمن في تاسيس احزاب وطنية معيار الانتماء الى صفوفها هو المواطنة وليس اي شئ آخر، اما الاحزاب الحالية التي تتصدر المشهد السياسي فهي اما دينية او مذهبية او اثنية، ولذلك تقسم البلد على هذه الاسس بعد ان غابت (المواطنة) والانتماء للوطن كمعيار وحيد عن الساحة.
   كما ينبغي ان نطق للناس حرية التعبير عن انفسهم بعيدا عن الخطوط الحمراء وعبادة الشخصية والمقدسات المزيفة للقضايا الخلافية خاصة والتي نحتاج الى ان نختلف عليها من اجل ان نتحاور فننتج الافضل من الاراء والافكار.
   السؤال الثاني:
   هناك سمات مشتركة لجميع أنظمة الحكم الديمقراطي.
   هل ترى وجود لهذه السمات في النظام الديمقراطي العراقي؟.
   الجواب:
   اذا اردنا ان نعرف الديمقراطية بانها:
   الف: الحرية  
   باء: المساواة
   جيم: الشراكة
   فانا اعتقد بان العراق يشهد تقدما ملحوظا باتجاه الوصول الى هذه المبادئ، وان كان هذا التقدم بطيئا.
   هناك اليوم في العراق الجديد مساحة واسعة من الحريات خاصة حرية الاعلام والراي والتجمع والتظاهر.
   كما ان هناك مساحة كبيرة من المساواة في الحقوق والواجبات على الرغم من تنامي ظاهرة الطبقية السياسية والاقتصادية التي سببها احتكار (الكبار) للعملية السياسية واثراء المسؤولين من المال العام وحرصهم على تحقيق اكبر قدر ممكن من الامتيازات على حساب حياة الفقراء والمعوزين من ابناء الشعب العراقي الصابر.
   السؤال الثالث:
   دسترة السلطة والحياة السياسية في النظم الديمقراطية تعني تنظيم التعايش والتوازن في السلطة والحرية في إطار الدولة.
   هل تحقق ذلك في العراق الجديد؟
   الجواب:
   لقد نص الدستور العراقي على الكثير من المبادئ التي تحقق مبدا التوازن في السلطة ما يحول دون تكرار تجارب الانظمة الاستبدادية والديكتاتورية، ولعل من ابرز هذه المبادئ:
   الف: فصل السلطات
   باء: اللامركزية
   جيم: النظام البرلماني
   الا انني اعتقد بان المشكلة الاساسية التي تحول دون تفعيل هذه المبادئ هو مبدا المحاصصة سئ الصيت والذي التهم بقية المبادئ الدستورية الاستراتيجية، فالمحاصصة سببت في تداخل السلطات بعض الشئ، كما انها الغت تقريبا مبدا الرقابة البرلمانية الذي يعد حجر الزاوية في نجاح او فشل اي برلمان في العالم، بالاضافة الى انها تسترت على الفساد الذي استشرى، تبعا لذلك، في كل مفاصل الدولة ما عرقل عملية اعادة البناء والاستثمار وغير ذلك.
   السؤال الرابع:
   كون جمهورية العراق بلدا ريعيا يعتمد بالكامل على إيرادات النفط في إعداد موازنة الدولة الاتحادية وبرامجها في ضوء الدستور (الاقتصاد الحر).
   هل يساعد ذلك على سيادة الأجواء الديمقراطية؟ أم هو مشجع لاستمرار الديكتاتورية عندما يرى الحاكم إن المال والجيش بيده؟.
   الجواب:
   لقد نص الدستور على ان النفط والغاز ملك للشعب وليس لفئة دون اخرى، ولا حتى للمصدر، اي المحافظة التي تنتجه، ولذلك فان موازنة الدولة في كل عام تعتمد مبدا توزيع دخل الثروة على جميع محافظات البلاد كل حسب حاجتها وعدد نفوسها، وهذا امر يحول دون تمركز المال العام بيد جهة معينة او شخص معين.
   ولذلك فكون دخل العراق القومي من البترول فقط لن يكون سببا لنمو ديكتاتورية جديدة، وانما تسبب احادية الدخل مشاكل اخرى للبلاد تقف على راسها ظاهرة الاتكالية، ولذلك فان المجتمع العراقي اليوم يعد من المجتمعات المستهلكة فان اكثر من 70% من الميزانية العامة تشغيلية اي للاستهلاك، فاين الانتاج في هذه الحالة؟.
   ان العراق يجب ان يخطط ليتحول الى بلد منتج ولا يمكن ان يكون كذلك الا بتنويع مصادر دخله، ولا يتحقق هذا الهدف الا بعد ان يتحسن عصب الانتاج واقصد به الكهرباء، فهي التي ستاتي لنا بالزراعة ومن ثم بالصناعات الغذائية وستاتي لنا بالصناعة وبناء المصانع والمعامل، وستحسن لنا الصحة والتعليم والبيئة والرياضة وكل شئ.
   السؤال الخامس:
   ما هو رأيك بالمجتمع المدني بوصفه منتجا للثقافة الديمقراطية؟.
   الجواب:
   ان الديمقراطية لا يمكن ان تنمو الا في المجتمع المدني، اما المجتمع (الديني) او (العسكري) او (العلماني المعادي والمحارب للدين) فانها لن تعيش فيه الديمقراطية.
   ان من ابرز سمات النظام الديمقراطي هو وجود منظمات المجتمع المدني التي تسير بموازاة مؤسسات الدولة، تراقبها وتحاسبها وتعمل على ترشيدها، فضلا عن انها الصوت الحقيقي المعبر عن اتجاهات الراي العام، فلولا منظمات المجتمع المدني لا يمكن ان نتصور نظاما ديمقراطيا ابدا.
   السؤال السادس:
   هل تفرض الديمقراطية بالقوة العسكرية (الاحتلال الأمريكي)؟ وما هي مضارها وسلبياتها؟.
   الجواب:
   الديمقراطية هي النقيض والعدو اللدود للديكتاتورية، ولذلك فان طريقة بنائها تتاثر كثيرا بطريقة اسقاط الديكتاتورية وازاحتها عن طريقها، والتي عادة ما تكون عنيفة وبالقوة الا ما ندر، لان من طبيعة الديكتاتورية انها لا يمكن ان تتعايش مع اي من قيم وادوات الديمقراطية مطلقا، ولذلك فان الاستبداد يتوجس خيفة من اية محاولة للسير باتجاه الديمقراطية.
   وللاسف الشديد فان الكثير من ديمقراطيات العالم الحديث قامت على انقاض الحروب وعمليات الغزو كما هو الحال في المانيا واليابان وغيرها من دول العالم المتحضر.
   ولان العراق ابتلي بنظام ديكتاتوري قمعي قل نظيره في التاريخ، ولكون التغيير في العراق كان يلقى معارضة شديدة من محيطه المسكون بانظمة ديكتاتورية مستبدة، عسكرية او قبلية لا فرق، ولكون التركيبة الاجتماعية فيه معقدة لدرجة كبيرة، تسبب باثارة حفيظة نظام القبيلة الفاسد الحاكم في دول الخليج خاصة في الجزيرة العربية، ولان التغيير كذلك كان سياتي على قواعد النظام السياسي الذي اقيمت على اساسه الدولة العراقية الجديدة التي تاسست في العام 1921، ولذلك جاء التغيير هذه المرة بالغزو الاجنبي المدعوم بقرارات دولية صادقت عليها المجموعة العربية المتمثلة في مجلس الامن الدولي.
   ان (الديمقراطية) عن طريق الغزو العسكري لم يكن خيار العراقيين ابدا، الا انها فرضت عليهم فرضا فما كان منهم الا ان يستغلوا الفرصة من اجل تحقيق رغبتهم الجامحة في بناء نظام ديمقراطي تعددي يعتمد مبدا التداول السلمي للسلطة.
   السؤال السابع:
   ما رأيك بالأحزاب الإسلامية  التي حصدت وتسيدت المشهد السياسي؟ وكيف خسرت الأحزاب العلمانية والليبرالية  جمهورها بعد أن ظنوا أنهم  زرعوا؟.
   الجواب:
   لقد ظلت الاحزاب الاسلامية تمثل المعارضة في البلاد العربية طوال اكثر من نصف قرن من الزمن، ولذلك ظلت هذه الاحزاب وكانها الامل الموعود والمستقبل المنشود بالنسبة للمجتمع العربي في كل البلاد العربية، على اعتبار ان كل ما راته الشعوب العربية من ظلم واضطهاد وتخلف وتبعية سببه النظام السياسي الحاكم والذي يقول بانه علماني الهوية فلذلك تحملت العلمانية مسؤولية كل اخطاء وجرائم النظام السياسي بغض النظر عن صحة او خطا هذه الفرضية، وفي المقابل ظلت الاحزاب الاسلامية في منأى عن ممارسة الظلم وكذلك التورط في الفساد المالي والاداري الضخم الذي تورط به النظام السياسي.
   ان الاحزاب الاسلامية هي اليوم على المحك وامام اختبار مصداقية كبير، وانا شخصيا بدات اتلمس منها بوادر فشل في مهمة بناء الدولة بعد ان راحت تكرر اخطاء النظام السياسي الذي سقط، وكذلك نراها اليوم تورطت بما تورطت به الديكتاتورية من قبل، خاصة على صعيد محاولات الغاء الاخر وتكميم الافواه والخشية من النقد والمعارضة وبطانة السوء وغير ذلك.
   السؤال الثامن:
   ما هي دروس التجربة البرلمانية العراقية بعد التغيير السياسي؟ وكيف يتم إصلاح عيوب التأسيس الديمقراطي؟.
   الجواب:
   لا شك بان تجربتنا الديمقراطية ثرية للغاية، الا انها مع ذلك بحاجة الى الاصلاح وباقرب فرصة ممكنة وقبل فوات الاوان.
   اننا بحاجة الى تفعيل الدور الرقابي للبرلمان ولا يمكن تحقيق ذلك الا بعد الغاء المحاصصة التي تعني اليوم مشاركة كل من هو تحت قبة البرلمان في السلطة التنفيذية فمن الذي سيراقب ويحاسب يا ترى؟.
   السؤال هو:
   كيف يمكن اصلاح هذا الخطا؟ وما هو السبيل لتغيير الواقع؟.
   اعتقد ان ذلك يمكن من خلال تغيير قانون الانتخابات، لنضمن وصول نواب لا يعتمدون على رصيد زعيم القائمة وانما على رصيدهم الشخصي ليكونوا قادرين على ابداء وجهات نظرهم في القضايا المطروحة، من جانب، ويكونون قادرين على تفعيل الدور الرقابي للبرلمان ضد كتلهم قبل الكتل الاخرى، من جانب آخر.
   ان القانون الحالي يضمن لـ (الكبار) ما يلي:
      اولا: احتكار السلطة، بعد ان تجمعت بين ايديهم؛
      السلطة *المال * الاعلام *الدعم الدولي لبعضهم والاقليمي لآخرين.
      ثانيا: السيطرة على نوعية المرشحين الذين سيساومونهم ويبتزونهم قبل قبولهم الانخراط في قوائمهم.
  .    ثالثا: كذلك، السيطرة على المقاعد التعويضية
      رابعا: استحكام قبضتهم على البرلمان وطريقة التصويت المعمول بها حاليا والتي اسميها بطريقة (شيخ العشيرة) الذي يصدر اوامره لاعضاء القائمة بحضور الجلسة او مقاطعتها وبالتصويت من عدمه بالرسائل القصيرة، او المكالمات الضائعة، بعد ان كان شيخ العشيرة يصدر اوامره بعصاه يرفعها او يهبطها
      ان المطلوب هو اجراء التغيير التالي في قانون الانتخابات، لضمان تحقيق الآتي:
   الف: صوت واحد لمواطن واحد، فلا يجوز التلاعب بالاصوات باي شكل من الاشكال
      باء: الغاء حصر الترشح ضمن القوائم، ليحق لكل مواطن ان يرشح نفسه للانتخابات سواء كان فردا او قائمة، وهذا الامر يتطلب الغاء نظام القاسم الانتخابي، واحتساب اغلبية الاصوات حصرا كمعيار للفائزين من المرشحين المتنافسين في الدائرة الواحدة.
      جيم: تقسيم العراق الى عدد من الدوائر الانتخابية يساوي عدد مقاعد البرلمان، مع التفكير الجدي بتقليص العدد الحالي والذي يكلف الدولة الكثير من الاموال الطائلة على حساب المشاريع الحيوية التي يحتاجها المواطن والبلد، خاصة وان ما لا يقل عن ثلث الاعضاء عادة ما يتغيبون عن جلسات مجلس النواب فلماذا يحجزون مقاعدهم تحت قبة البرلمان؟ الا ان يكون ذلك من اجل التمتع بالامتيازات فحسب.
      ان العدد االكبير لمقاعد البرلمان يعقد عملية الرقابة والتشريع بدرجة كبيرة، ولذلك سعت الدول المتحضرة التي يحكمها النظام الديمقراطي الى ان تقلل من عدد مقاعد برلماناتها قدر الامكان، ما يساعد المشرعين على انجاز عملهم التشريعي والرقابي بطريقة اسهل واسرع وافضل واكثر شفافية.
      ان مثل هذا التقسيم للدوائر الانتخابية يساهم في:
      الف؛ حصر الفساد الانتخابي، مثل عمليات شراء الاصوات وبيعها وعمليات التزوير وامثالها، في دوائر ضيقة، ما يمكن الراي العام من مراقبة المفسدين واللصوص بشكل افضل.
      باء؛ تقليل نفقات الحملات الانتخابية الى اقل مستوياتها، لان المرشح سوف لا يكون مضطرا لصرف الاموال الطائلة على الدعاية للوصول الى عدة ملايين ناخب لتعريفهم ببرنامجه الانتخابي، فالدائرة الواحدة، حسب الدستور العراقي، ستتكون من مئة الف ناخب فقط، من السهل على المرشح ان يصل اليهم واحدا واحدا ولذلك فسوف لن يضطر لصرف الاموال الطائلة للوصول اليهم.
      اعرف احد المرشحين، وهو نموذج، صرف مبلغ نصف مليون دولار عدا ونقدا، ليحصل على مقعد تحت قبة البرلمان، ومع ذلك فشل في مسعاه، واذا تساءل المواطن، من اين له كل هذه الاموال ليصرفها على حملاته الانتخابية؟ لاجاب انها من مريديه، فيما ينفق آخرون من اموال الدولة التي يتحايلون عليها بطريقة او باخرى، اما القسم الثالث فيحصلون على اموال الدعاية من (دول صديقة) من الجيران او من غيرهم لا فرق، طبعا معجونة باجنداتها السياسية الخاصة.
      ان تقسيم العراق الى دوائر انتخابية بعدد مقاعد البرلمان سيقضي على كل هذا الفساد، كما انه يساعد الناخبين على حسن الاختيار بشكل افضل، لان من السهولة عليهم ان يحسنوا اختيارهم لمرشح واحد فقط، وهو العدد المطلوب منهم التصويت له في كل دائرة، اما ان تطلب منهم ان يختاروا عشرة مثلا او اكثر من خمسين، كما هو الحال في العاصمة بغداد التي يعدها القانون الحالي دائرة واحدة، فانه امر عسير.
      كما ان مثل هذا النظام سيساعد الناخب على مراقبة ومحاسبة النائب بشكل اكثر فاعلية.
      انه سيضطر القوائم لتقديم مرشح واحد فقط في كل دائرة، وليس عدة مرشحين، ما يجبرهم على المفاضلة، واختيار الافضل والاحسن والاكفا والاحرص على الخدمة العامة.
      لم نسمع في كل دول العالم المتحضر والديمقراطي، ان حزبا ما قدم اكثر من مرشح في دائرة انتخابية واحدة، ليتنافسوا فيما بينهم، الا في العراق، وهي من الاشياء المضحكة في ديمقراطيتنا، لان الدوائر الانتخابية واسعة جدا، ولان الحزب او الكتلة مشتتة غير قادرة على التحكم بمرشحيها
     ان حصر كل قائمة مرشحيها بعنصر واحد فقط لكل دائرة، سيساهم كذلك في التقليل من صرف الاموال على الحملات الانتخابية، وكذلك في التقليل من الفساد. 
      ان نظام القائمة المفتوحة بالكامل، بلا لف او دوران، سيساعد على ايصال مرشحين الى مجلس النواب يتميزون برصيدهم الشخصي، من جانب، وانهم سيحجزون مقعدهم تحت قبة البرلمان بارادة الناخب حصرا وليس بارادة زعيم القائمة التي هي في الاصل متعددة الاهواء والولاءات كونها لم تتشكل من حزب وانما من احزاب تكون في اغلب الاحيان متصارعة فيما بينها
      ان المرشح الذي يحجز مقعدا بارادة الناخب يظل يشعر بانه مدين للمواطن حصرا ولا دخل لزعيم القائمة في نجاحه، ولذلك تراه يبذل كل جهده من اجل ارضاء طموحات الناخب، حتى اذا جاء مسعاه احيانا على حساب مصالحه الشخصية او مصلحة الحزب الذي ينتمي اليه.
      ان الكثير من اعضاء مجلس النواب، وبدورتيه الحالية والسابقة لم يحجزوا مقاعدهم الا بسبب ولائهم لهذا الزعيم او ذاك، وفي احيان كثيرة بسبب العلاقات الاسرية، ولذلك فان النائب لا يفكر ابدا في ان يتجاوز (الزعيم) الضرورة باي شكل من الاشكال لانه يشعر بانه ولي نعمته وانه صاحب الفضل عليه في الوصول الى البرلمان، ولطالما شكى لي نواب من عجزهم عن ابداء آرائهم بحرية او التصويت او الامتناع بحرية، خوفا من بطش (زعيم) القائمة او زبانيته، الذي يمارس سياسة تكميم الافواه كلما احس بخطر.
   ان تغيير قانون الانتخابات سيتيح للمرشحين الاكفاء ولذوي الشخصية القوية القادرة على انتاج الافكار والمشاريع والشجعان في قول كلمة (لا) لاي كان عندما تقتضي الضرورة لمحاربة فساد او الكشف عن عجز، الوصول الى البرلمان، اما الان فان الكثير من النواب امعات، لم نسمع لهم حسيسا، لا يرفعون ايديهم للتصويت الا باشارة (الزعيم) فهم خائفون طوال الوقت من (الزعيم) الذي اذا غضب على احدهم فسيخسر النائب حضوته في حضرته وبالتالي فقد يخسر الكثير من امتيازاته التي كان يحلم بها فيما مضى من الايام.
      لماذا لم نسمع من نائب، اي نائب، انتقادا يوجهه ضد زعيمه مهما اخطا او فشل او تجاوز؟ لماذا لم نسمع ان احدا منهم انتقد قائمته مهما اخطات؟ انهم كفرق الكومبارس يصفقون متى ما طلب منهم الزعيم ويهبون هبة رجل واحد دفاعا عنه اذا ما تعرض لانتقاد او دعي لمساءلة او وجهت له تهمة.
      ان وصول مثل هذه النماذج من (النواب) هو الذي شل عمل البرلمان، خاصة على صعيد الرقابة والمساءلة، فضلا عن العقاب اذا ما اقتضت الضرورة.
      وان برلمانا يخضع لزعماء الكتل، يعجز عن محاسبة احد، فاذا كان كذلك اضاع احد اهم مهامه الدستورية الا وهي مهمة الرقابة على الاداء.
   ختاما: شكري الجزيل والوافر للزميل نوري صبيح ولـ (البينة الجديدة) لاتاحتهم لي هذه الفرصة الثمينة.
   25 نيسان 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/05/03



كتابة تعليق لموضوع : ملتقى اهل البيت الثقافي يستضيف نزار حيدر : قراءة في اتفاق الاطار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ************** ، في 2012/10/08 .

**************






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net