هكذا هي المضامين الخيرة في حكايات أهلنا، الحكايات التي تصنع فكراً، وتشغل عقولنا لمعناها، والمهم انها تبقى في دماغ طفولتنا، ونتفاعل مع مضامينها، ولكي لا نحتار، كان الأهل يبينون لنا المضامين في كل حكاية.
اليوم شاءت الصدفة أن أرى حصاناً، وقد علق في بالوعة من المجاري المفتوحة في اسواقنا، اجتمع الناس في السوق واستنهضوه، واستنهضوا معه حكاية الحصان الذي وقع في البئر، هي إحدى الحكايات الغاطسة في رأسي.
لا أتذكر ما فعله هذا الحصان حين وقوعه في البئر، اخذ الحصان يصيح مستغيثا وكان الفلاح يحاول التفكير في طريقة لتخليص حصانه، لكن البئر كانت عميقة جداً والحصان ثقيل ولا توجد وسيلة ممكنة لاستخراجه.
قال الفلاح للناس: ان الحصان صار عجوزا، ويمكن الاستغناء عنه، ولنحاول دفنه مادام لا فائدة من انقاذ الحصان، واجتمع اهل القرية لمساعدته في دفنه، وبدأوا يهيلون التراب عليه بمعولهم، حينها استنتج الحصان ما يحدث، ففكر بالأمر لابد الاستفادة من الموقف أي لنقل التصرف حسب متطلبات الموقف، تصرف ادهش الجميع، كان الحصان ينتفض ليرمي التراب الى اسفل قدمه، ويصعد خطوة خطوة الى اعلى، وبدل ان يدفنه الرمل، قام الحصان بدفن الرمل تحته، حتى وصل الحصان لحافة البئر، وخرج سالماً، بينما دُهِش الناس من ذكاء الحصان وحنكة تصرفه، هذه حكايات أهلنا المملوءة عبرة ومضامين خير في الحياة، وفكرة الخلاص من البئر هي ان لا يدع الانسان الاوساخ تدفنه جانباً، وتأخذ خطوة للأعلى.
كل مشكلة تواجهنا في الحياة هي حفنة تراب يجب أن ننفضها ونخطو فوقها. نستطيع الخروج من أعمق بئر فقط، يجب أن لا نتوقف ولا نستسلم أبداً، ونتذكر أن ننفضه جانباً، ونأخذ خطوة فوقه، لنجد نفسنا يوماً على القمة، مهما شعرت أن الآخرين يريدون دفنك حياً فقط لا تستسلم، فالقمة والنجاة هي الهدية التي تنتظرك رغم أنف كل من ألقى علينا يوماً حجراً لمنعنا من الوصول.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat