ذي قار : تنفيذ عمليات أمنية واسعة لمواجهة النزاعات العشائرية

تنفذ وحدات خاصة تابعة للجيش العراقي، عمليات أمنية في ذي قار وذلك بعد مواجهات مسلّحة ذات طابع عشائري في المحافظة (350 كيلومتراً جنوبي بغداد)، استخدمت فيها الصواريخ المحمولة على الأكتاف وقذائف الهاون والقنابل، وتمددت إلى مناطق عدة في المحافظة، أبرزها مدينة الشطرة والغراف وضواحي الدوّاية، قبل أن تفرض السلطات العسكرية حظراً شاملاً للتجول منذ أول من أمس الأربعاء في تلك المناطق.

وتصبّ مواجهات ذي قار العشائرية في سياق طويل من الأحداث الأمنية الذي يسجّل فيها عجز الدولة عن ضبط السلاح المتفلت في يد أبناء العشائر، في محافظات حيوية لأمن البلاد، مثل البصرة وذي قار، فيما يشكل هذا السلاح عادة عامل قوة لعشائر متنافسة، لكن مدعومة من الفصائل المسلّحة والأحزاب النافذة.

مواجهات عشائرية متجددة في جنوبي العراق
وتأتي مواجهات ذي قار، بعد نحو 3 أسابيع من مواجهات مماثلة وقعت في البصرة وميسان، جنوبي البلاد، واستعملت وحدات الجيش في إحداها وحدات مدرعة، للتمكن من الدخول إلى منطقة المواجهات، وفضّ النزاع الذي خلّف ضحايا بين الجانبين.

وتعود أغلب أسباب تلك المواجهات إلى مشاكل اجتماعية ترتبط بقضايا الأراضي الزراعية وحصص المياه الخاصة بالسقي أو مشاكل مادية أو ثأر قديم.

وهذا الأمر ينطبق على النزاع الأخير الذي تعود أسبابه إلى تراكمات قديمة تمتد لعقود، بين قبيلتي بني زيد والعبودة، سرعان ما تدخلت فيه أطراف من حلفاء للقبيلتين على خطّ المواجهات أيضاً.

خلافات قبيلتي بني زيد والعبودة أجّجت مواجهات ذي قار
وتسببت مواجهات ذي قار، حتى يوم أمس، بمقتل وإصابة نحو 20 عراقياً، بينهم ضابط كبير برتبة عميد ركن، قتل وأصيب عددٌ من الجنود معه، خلال محاولته فضّ المواجهات.

ووصلت أمس الخميس إلى ذي قار، قوة عسكرية كبيرة آتية من العاصمة بغداد، بحجم 3 أفواج عسكرية، ونفذت عملية انتشار واسعة في عدد من مناطق المحافظة، بناءً على توجيهات صدرت عن رئيس الحكومة المنتهية ولايتها مصطفى الكاظمي، بتحريك قوات إضافية إلى المحافظة في محاولة لضبط الأوضاع هناك.

اعتبر ممثلو المحافظة في البرلمان العراقي، أن ذي قار تعيش وضعاً أمنياً مزرياً، بسبب امتلاك العشائر للسلاح الثقيل.

وأكد الناشط المدني محمد الزيدي، من مدينة الشطرة التي شهدت المواجهات الدامية، لـ”العربي الجديد”، أن “المدينة مُعطّلة منذ الثلاثاء الماضي، حيث نصبت متاريس وحواجز بين مناطق وأخرى قبل دخول الجيش ورفعها”.

وطالب الحكومة قبل تنفيذ العملية بـ”التحرك باتجاه قادة الأحزاب والفصائل المسلحة ومطالبتهم بالتبرؤ من المتورطين، كون أغلب المشاركين في المواجهات، يستقوون بمصدر آخر غير وجه العشيرة”.

فشل حكومي في حلّ معضلة الأزمات العشائرية
ولم تنجح جهود حثيثة للحكومة العراقية خلال العامين الماضيين في حلّ معضلة الأزمات العشائرية المتكررة في مدن جنوبي ووسط العراق، ومنها تشكيل لجنة برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، وأخرى برئاسة وزير الداخلية عثمان الغانمي، لتحقيق الصلح العشائري بين المتنازعين، عدا عن دخول رجال دين بارزين على خط فضّ الكثير من تلك النزاعات.

وقال المتحدث باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة، اللواء تحسن الخفاجي، لـ”العربي الجديد”، أمس، إن العمليات الأمنية في محافظة ذي قار مستمرة ومتواصلة لحين اعتقال كل المتورطين في المواجهات التي تسببت بسقوط الضحايا.

وبيّن الخفاجي أن “العملية الأمنية تتركز حالياً في مدينة الشطرة، وتمّ اعتقال العشرات من المتورطين مع مصادر أسلحة متنوعة”، معرباً عن اعتقاده بأن “العملية ستتوسع خلال الساعات المقبلة لتشمل مناطق أخرى من محافظة ذي قار ومحافظات أخرى مجاورة بهدف السيطرة والحد من النزاعات العشائرية التي تهدد أمن المدن وحياة وسلامة المواطنين”.

لكن مسؤولاً بارزاً في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، قال عبر الهاتف لـ”العربي الجديد”، إن “المواجهات قد تعود مجدداً بمجرد انسحاب الجيش من المنطقة، لوجود قتلى بين الطرفين”.

وأوضح أن “السلاح الذي تركه تنظيم داعش خلفه في شمال وغرب العراق، بات يستخدم في الجنوب والوسط وبغداد، بعدما سمحت حكومة حيدر العبادي السابقة بنقل الكثير منه من مناطق الحرب إلى مناطق آمنة، وتحول إلى تجارة بيد مسلحي الفصائل أنفسهم”.

وأكد أن “الجهات الأمنية لا تستطيع إطلاق حملات عسكرية كبرى ضد هذا السلاح، لأن هذا الأمر قد يدفع إلى مواجهة مسلحة كبيرة معها، ولهذا فإن التحرك الحكومي نحو السلاح المغطى بالعرف والثوب العشائري، دائماً يكون خجولاً جداً ولحفظ ماء وجه الحكومة”.

من جهته، حذّر النائب العراقي باسم الخشان، من أن “المواجهات في الجنوب باتت تشكل تهديداً أمنياً خطيراً على الأهالي”، معتبراً أن “الحدّ من النزاعات العشائرية يكون من خلال شنّ حملات أمنية حقيقية وليس إعلامية”.

ولفت إلى أن سلاح العشائر “باتت له حماية سياسية ومن فصائل وأطراف مسلحة متنفذة في محافظات مختلفة”، مشيراً إلى أن “بقاءه بهذا الحجم في المدن يعني استمرار حالة اللاأمن وسقوط ضحايا”.

وطالب الخشان الحكومة العراقية بـ”التحرك السريع نحو زعماء العشائر لتوقيع تعهدات تقضي بتسليم أي فرد من أي عشيرة يستخدم السلاح لحل أي خلاف عشائري”.

تفاقم أزمة الأمن في الجنوب العراقي
وتعليقاً على أحداث ذي قار، رأى الخبير الأمني، أحمد الشريفي، بدوره، أن “تفاقم أزمة الأمن في الجنوب العراقي بفعل المواجهات العشائرية، يعود إلى وجود حماية سياسية وحماية من أطراف مسلحة للسلاح الذي تمتلكه بعض العشائر”.

وبيّن الشريفي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “هناك خشية حكومية من التقرب من سلاح بعض العشائر، ولهذا فإن الحكومة لم ولن تتمكن من إطلاق حملات واقعية على سلاح العشائر”.

وحذّر من أن “استمرار النزاعات العشائرية دون الحد منها من قبل الدولة، ينذر بمشاكل أكبر تهدد الأمن والوضع الاجتماعي والاقتصادي في مدن نفطية مهمة، مثل ذي قار والبصرة”.

المصدر: العربي الجديد


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/22



كتابة تعليق لموضوع : ذي قار : تنفيذ عمليات أمنية واسعة لمواجهة النزاعات العشائرية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net