المواطنة الرقمية
مريم محمد حبانه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  مع ثورة الاتصالات الرقمية وما وفرته من تسهيل وسرعة في عمليات التواصل والوصول إلى مصادر المعلومات، ومع ما تحمله هذه الثورة من نتائج ذات آثار إيجابية على الفرد والمجتمع إذا تم استغلال وسائل الاتصال والتقنية الحديثة على الوجه الأمثل، فإن آثارها السلبية تبرز مع التمرد على القواعد الأخلاقية والضوابط القانونية والمبادئ الأساسية التي تنظم شؤون الحياة الإنسانية.
•  فإذا كنا سابقا نستطيع معرفة اهتمامات أبنائنا ومراقبة علاقاتهم بالآخرين، فقد أصبحوا الآن يتواصلون مع مجهولين رقميين يشكلون خطرا محتملا قويا، وقد يتصفحون مواقع مشبوهة خطيرة، وأصبح من شبه المستحيل مراقبة كل ما يشاهدونه من صفحات ومن يتصلون به من أشخاص مع انتشار الأجهزة اللوحية والكفية والهواتف الذكية المحمولة في كل زمان ومكان، خصوصا إذا استحضرنا أن الدراسات العلمية أثبتت أن معدل استخدام الأطفال والمراهقين لهذه الأجهزة قد يصل إلى ثماني ساعات يوميا، أي أكثر من الساعات التي يقضونها مع آبائهم وأمهاتهم ومعلميهم، إنها إذن بحق أقوى ما يؤثر في أبنائنا، ويبقى لنا أن نختار إما أن يكون هذا التأثير بالسلب حين لا نهتم ولا نوجه أبناءنا، أو بالإيجاب حين نعلمهم قواعد الاستخدام ونوجهم ونحميهم من الأخطار.
•  لذا فنحن في أمس الحاجة إلى سياسة وقائية تحفيزية، وقائية ضد أخطار التكنولوجيا، وتحفيزية للاستفادة المثلى من إيجابياتها. إننا لا نتحدث هنا عن سياسة جديدة يجب أن نكتب سطورها لأول مرة ولم يسبقنا إليها أحد، بل نتحدث عما يسمى في دول العالم المتقدم بمفهوم المواطنة الرقمية.

تعريف المواطنة الرقمية:
•  إن دولا متقدمة عديدة مثل بريطانيا والولايات المتحدة وكندا تدرس لطلابها في المدارس مواضيع خاصة بالمواطنة الرقمية في إطار منهج التربية الرقمية، كما نجد في نفس الإطار المشروع الذي وضعته أستراليا تحت شعار “الاتصال بثقة: تطوير مستقبل أستراليا الرقمي” والذي ينص على تعميم تدريس المواطنة الرقمية للطلاب مع تدريب الآباء والمعلمين عليها وفق خطة وطنية متكاملة، كما تخطط فرنسا لجعل موضوع المواطنة الرقمية قضية وطنية كبرى. المواطنة الرقمية هي مجموع القواعد والضوابط والمعايير والأعراف والأفكار والمبادئ المتبعة في الاستخدام الأمثل والقويم للتكنولوجيا، والتي يحتاجها المواطنون صغارا وكبارا من أجل المساهمة في رقي الوطن. 
•  المواطنة الرقمية باختصار هي توجيه وحماية، توجيه نحو منافع التقنيات الحديثة، وحماية من أخطارها. أو باختصار أكبر هي التعامل الذكي مع التكنولوجيا.
•  لا ينبغي أن نفهم من معنى المواطنة الرقمية أنها تهدف إلى نصب الحدود والعراقيل من أجل التحكم والمراقبة، بمعنى التحكم من أجل التحكم، الشيء الذي يصل أحيانا إلى القمع والاستبداد.
ضد المستخدمين بما يتنافى مع قيم الحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. 
•  فالمواطنة الرقمية إنما تهدف إلى إيجاد الطريق الصحيح لتوجيه وحماية جميع المستخدمين خصوصا منهم الأطفال والمراهقين، وذلك بتشجيع السلوكيات المرغوبة ومحاربة السلوكيات المنبوذة في التعاملات الرقمية، من أجل مواطن رقمي يحب وطنه ويجتهد من أجل تقدمه.
•  يمكن تعريف المواطنة الرقمية كذلك بأنها قواعد السلوك المعتمدة في استخدامات التكنولوجيا المتعددة، مثل استخدامها من أجل التبادل الإلكتروني للمعلومات، والمشاركة الإلكترونية الكاملة في المجتمع، وشراء وبيع البضائع عن طريق الإنترنت، وغير ذلك.
•  وتعرف أيضا بأنها القدرة على المشاركة في المجتمع عبر شبكة الإنترنت، كما أن المواطن الرقمي هو المواطن الذي يستخدم الإنترنت بشكل منتظم وفعال.
•  إن مفهوم المواطنة الرقمية إذن له علاقة قوية بمنظومة التعليم، لأنها الكفيلة بمساعدة المعلمين والتربويين عموما وأولياء الأمور لفهم ما يجب على الطلاب معرفته من أجل استخدام التكنولوجيا بشكل مناسب. 
•  فالمواطنة الرقمية هي أكثر من مجرد أداة تعليمية، بل هي وسيلة لإعداد الطلاب للانخراط الكامل في المجتمع والمشاركة الفاعلة في خدمة مصالح الوطن عموما وفي المجال الرقمي خصوصا.
•  ولا شك أن نشر ثقافة المواطنة الرقمية في البيت بين أفراد الأسرة وفي المدرسة بين صفوف الطلاب أصبح ضرورة ملحة، يجب أن تتحول إلى برامج ومشاريع في مدارسنا وجامعاتنا موازاة مع مبادرات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية، حتى نتمكن فعلا من تعزيز حماية مجتمعاتنا من الآثار السلبية المتزايدة للتكنولوجيا مع تعزيز الاستفادة المثلى منها للمساهمة في تنمية مجتمع المعرفة وبناء الاقتصاد الرقمي الوطني.

الموضوع للكاتبة مريم محمد حبانة ابراهيم


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مريم محمد حبانه

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/03/12



كتابة تعليق لموضوع : المواطنة الرقمية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net