صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثَّامِنةُ (٢) [بالعَصفِ الفِكري نَستوعبُ الذِّكرى]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لماذا لا نسمعُ شيئاً جديداً من خطبائِنا الكِرام وهُم يتحدَّثونَ عن عاشوراء؟!.

لماذا يُركِّز المِنبر الحُسيني على السَّرديَّات وقليلاً مَنهُ يخُوضُ في التَّفسيرِ والتَّحليل؟!.

لماذا تقَولبَ المِنبر بعددٍ من الرِّوايات رافضاً البحث في رواياتٍ أُخرى؟!.

لماذا ينقُل الرِّوايات من دونِ أَن يبذِلَ جُهداً ولو بسيطاً في التثبُّتِ منها مثلاً أَو مُناقشتِها والمُتحدِّثُ يعلمُ أَنَّ الكثيرَ منها ضعيفٌ ومِنها ما لا يجوزُ حتى ذكرَهُ على المِنبر؟!.

لماذا تتزاحم جلَّ المَنابر بثقافةِ التَّجهيل والتَّسطيح والتَّبسط التي تعتمد على ثقافةِ الأَحلامِ بشَكلٍ كبيرٍ؟!.

هل نسيَ الخُطباء [أَعزَّهم الله] أَنَّنا في القرنِ الواحد والعشرين؟! وفي زمنِ العَولمة والتَّكنلوجيا والإِنفتاح الفكري والثَّقافي وعلى مُختلفِ الأَصعدةِ؟!.

الزَّمنُ الذي يحتاجُ إِلى الإِرتقاءِ الفكري والثَّقافي أَميالاً وليسَ خطَوات.

هل يظنُّون أَنَّنا مازِلنا نعيش عالَم المحلَّة والشَّارع والزُّقاق الضيِّق والذي قضينا فيهِ عُمرنا لم نبرحْهُ إِلَّا صُدفة؟!.

إِنَّ واحدةً من وسائل وعي الذِّكرى هي أَن يبذل الخطيب والكاتِب والباحث والمُفكِّر جهدهُ المعرفي لصناعةِ ما يُطلق عليهِ بنظريَّة [العَصف الفكري] والتي تُساهم فيتحريكِ العقُولِ والدَّفعِ باتِّجاهِ التَّفكير في كلِّ ما نسمعُ ونقرأُ ونُشاهد.

والمِنبر النَّاجح هو القادِر على أَن يُشرِك المُتلقِّين بالتَّفكيرِ في الموضُوعِ المطرُوحِ للمُناقشةِ.

يُشركهُم في إِعادةِ النَّظر بوعيهِم وطريقةِ تفكيرهِم وكلُّ ما يُؤَثِّر في سلوكيَّاتهِم.

أَمَّا المِنبر الذي يصنع من المُتلقِّين [نسخٌ ولصقٌ] فلا يُساهمُ في نشرِ الوعي أَبداً.

وهذا هو الفرقُ بينَ المِنبر والأَعوادِ التي قصدها الإِمام عليُّ بن الحُسينِ السجَّاد (ع).

عاشوراء يُمكنها أَن تكونَ ذكرى تُساعِدُ في خلقِ هذهِ الفُرصة في المُجتمعِ، من خلالِ عمليَّة تحديثٍ تبدأ ولا تنتهي في نقلِ الرِّوايات المنطقيَّة المتينةِ وتفسير الأَحداثوتحليلِ الواقع والخَوض في مناطقِ اللَّامُفكَّرُ فيهِ من دونِ خَوفٍ أَو وجلٍ أَو تردُّد، ليُساهم المِنبر في عمليَّة توعيةٍ فكريَّةٍ وثقافيَّةٍ شامِلةٍ.

إِنَّ الإِكتفاء بظاهرةِ إِستنساخ المنابر والإِهتمام فقط بكُلِّ ما يستدرُّ العواطف والدُّموع من دونِ وعيٍ وإِدراك، إِنَّ ذلكَ لا يُساهمُ أَبداً في خلقِ الوعي المَطلوب.

أُحيِّي بهذا الصَّدد المنابِر المُتميِّزة والخُطباء المُجدِّدين الذين يبذلُونَ كُلَّ جُهدهِم لخلقِ فُرص التَّفكير الحقيقيَّةِ عِنْدَ المُتلقِّين، وقليلٌ ما هُم للأَسف.

أَمَّا بالنِّسبةِ للمتلقِّي فيلزمهُ أَن يبحث عن المنبر الذي يخلق عندهُ فُرصة التَّفكير هذهِ، فلا يكتفي بالإِلتزامِ بنظريَّة [حضور المجلس للثَّواب] فهذهِ لوحدِها لا تخلقُ وعياً.

ولو كانت عاشوراء فُرصتنا الحقيقيَّة لخلقَ [العصف الفكري] الذي يُحرِّض على التَّفكير والتدبُّر وتقليب الأُمور بإِزاء كلَّ ما نقرأَهُ ونتناقلهُ ونستلمهُ في وسائلِ التَّواصلالإِجتماعي، لما باتَ مُجتمعِنا اليَوم {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} يتناقل كلَّ تافهٍ ويُصدِّق كُلَّ كِذبةٍ، يُعلِّق من دونِ فهمٍ ويُناقش بِلا إِدراك ويُصدِّق بِلا تثبُّت، ويعبدُ الأَصنامويخلقُ [الطُّغاة] ويتَّبع الفاسِدَ والجاهِلَ والمُنحرف ويلهث خلفهُ وأَمامهُ هاتفاً [علي وياك علي]!.

أَيُّ مُجتمعٍ نحنُ اليَوم؟!.

كُنَّا نتساءل فيما مضى عن سرِّ الواقع الإِجتماعي الذي أَنتج عاشوراء، حتَّى إِذا دخلنا عالَم الإِنترنيت وغزتنا التَّكنلوجيا عرِفنا السِّر!.

ظننَّا أَنَّ عصر التَّكنلوجيا سيُساعدنا على المزيدِ من إِدراكِ الحقائق وفَهم الوقائِع واستيعابِ المعارف! إِذا بكُلِّ ذلكَ ينتكسُ ويتقهقر لأَنَّ التَّكنلوجيا حوَّلتنا إِلى [تنابل] لانُحسِنُ بذلَ أَيَّ جُهدٍ من أَجلِ مُناقشةِ ما نقرأ ونسمع ونرى، فباتت عقولنا تهضُم كلَّ شيءٍ بِلا تثبُّت كما تهضُم المِعدة ما يصلها من طعامٍ من دونِ اختيارٍ.

فنسينا قولَ الله تعالى {فَلْيَنظُرِ ٱلْإِنسَٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِۦٓ} أَي {علمهُ ممَّن يأخذهُ} كما يقولُ الإِمامُ المعصُوم (ع) في تفسيرهِ للآيةِ الكريمةِ.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/11



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثَّامِنةُ (٢) [بالعَصفِ الفِكري نَستوعبُ الذِّكرى]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net