معركة الطف القدر المحتوم بين إرادة السماء والأهداف المرسومة الجزء الأول
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تعد أوامر الله عز وجل صريحة في وجوب طاعة الرسول محمد (ص)، الذي أمرنا بمكافحة وجهاد الانحراف وحالات الفساد: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فان لم يستطع فبلسانه، وان لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، وذلك يبيّن مشروعية الإمام الحسين (ع) وصرخته المدوية بوجه الظالمين: {والله ما خرجت أشراً ولا بطراً.. وإنما خرجت للإصلاح في أمة جدي رسول الله (ص)..)؛ فكانت ملحمة الطف التي أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه عنها، فتواردت أخبارها كغيرها من الحوادث قبل وقوعها، لتثبت للبشر قدرة الله والمعاجز التي كانت تقف أمامها العقول متحيرة، لما فيها من مواقف بطولية غير مألوفة.
إن الراصد لواقعة الطف يستنبط مجموعة لاتُحصى من الدروس والعبر التي أرادها الله سبحانه وتعالى برهاناً على قدرته، وجعلها مناهج للصراط المستقيم الذي سيفوز به كل سلكه ابتغاء مرضاته وثوابه، وهو بالتالي اجتياز للامتحان الذي أعده الباري عز وجل لعباده في هذه الدنيا الفانية، مهما طال فيها عمره، ومهما تعرض له خلالها من مصائب وويلات، لينال النتائج في الحياة الأبدية الأخرى الباقية، تحت ظل عرش الرحمن وهي الخلود في جنانه الواسعة.. أما من خرج عن ذلك الصراط، فعقابه الخلود في جهنم وعذابها..
إن من الدروس المستنبطة من واقعة الطف، هي:
1 – إنها لم تكن حادثة آنية وقعت، لكنها حادثة فرضتها السماء بكل مجرياتها، لتأخذ الصورة التي ظهرت عليها، وتحقيق الهدف الذي أوجدت من أجله، وهناك الكثير من الأحاديث والتنبؤات بصددها.
2 - لقد أثبت العلم الحديث بأن ديمومة أي شيء في الكون يعتمد على تجديده، وهنا يتوضح لنا أحد الأهداف الرئيسة من حدوث معركة الطف التي يتجدد الدين الحنيف بإحياء ذكراها في كل عام في شهر محرم الحرام.
3 - إن لواقعة الطف الفضل الأول في ارتفاع صوت الأذان، وتطوير الدعوة الاسلامية التي انتشرت في كل البقاع، والتي كان تأثيرُها واضحاً حتى في الشعوب التي لا تعتنق الإسلام؛ كونها واقعة مرتبطة بانسانية البشر وليس فقط بمعتقده.
4 - إن معركة الطف قد اتسمت بمبدئية الموقف وبيان الأهداف، كما توضحت في صرخة الإمام الحسين (ع) الصاعقة لأعدائه، عندما طرحوا عليه المساومة على مبادئه مقابل بيعة يزيد، فجاءت مدوية ملجمة لأفواههم، مخيبة لآمالهم، مؤكدة بأن طريق الحرية لا يسلكه إلا الأحرار (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقرّ لكم إقرار العبيد.. والله إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما)، فرسم بذلك مناراً لأحرار العالم ونال الخلود.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat